حوار مجلة "الكلمة" مع الروائي المغربي كمال الخمليشي

الكتابة حلم سعيد قلما أتدخل في مساره

عبدالرحيم العلام

س: هل ثمّة قارئ محدَّد تضعه في اعتبارك وأنت تكتب؟

ج: أنا لا أفكّر إطلاقاً في القارئ خلال عملية الكتابة، لأنّ الكتابة الإبداعية بالنسبة لي يجب أن تتمّ بدون تشويش، وإلاّ فقدتْ جماليتها وأصبحت تقريريّة مثل أيّ محضر إداريّ.. الكتابة يجب أن تتحقّق مثلما تتحقّق الأحلام (أي بمنأى عن التدخّل الإراديّ للحالم).

س: هل تضع تخطيطات مسبقة لنصوصك الروائية، على غرار ما يفعل بعض الروائيين؟

ج: لا أضع أيّ تخطيط على الإطلاق، فالكتابة، كما قلتُ، هي حلم سعيد قلّما أتدخّل في مساره. بطبيعة الحال هناك الحكاية والشخصيات والحبكة والأدوات الأخرى، فهذه كلّها تكون جاهزة مسبقاً في مخيّلتي، لكنّني لا أُكره عملية الإبداع ولا أعرقلها بأي مخطّط. وحتّى أولئك الذين يضعون مخطّطاً لرواياتهم بكيفية مسبقة، كثيراً ما يُدخلون عليها تعديلات أثناء كتابة العمل. ثمّ إنّ بعض الشخصيات تفرض نفسها على الكاتب لدرجة يتعذّر عليه إجبارها على القيام بما لا تريد هي القيام به؛ ولا أخفيك أنّني كثيراً ما أجد نفسي مضطرًّا إلى مسايرة شخصياتي، إذ لا نلتقي ولا نفترق إلاّ إذا شاءت هي، أمّا أنا فأصبح مجرّد مُوَثّق أو شاهد على ما تقوم به أو على ما يحدث لها.. هذا أمر قد لا يُصدّق، لكنّه كذلك بالنسبة لي.

س: ما هي نوعية الطقوس التي تصاحبك أثناء عملية الكتابة؟

ج: ليس لي طقوس صارمة أثناء الكتابة، لكنّني أتفادى الكتابة خارج المنزل، وأفضّل الكتابة في الصباح الباكر، قبل انشغال العقل بالمشاكل اليومية، كما أحبّذ أن أكون مصحوباً بمعجم عربي واحد على الأقل، لكي أعود إليه عند الحاجة، فأنا أهتم كثيراً بالتفاصيل في كتاباتي، ولا أسمح لنفسي إطلاقاً بترك كلمة مشكوك في معناها دون تدقيق.

س: كيف يتمّ انخراطك في كتابة النصّ الروائي؟

ج: لا أشرع في كتابة الرواية إلاّ إذا امتلأ وجداني بها، وأقصد هنا التصوّر لا التخطيط، فلقد قلت قبل قليل أنّني لا أخطّط لرواياتي. وبالتالي فإنّ الرواية تنمو في داخلي ـ ربّما لا شعوريّاً وربّما خلال سنوات ـ إلى أن تكتمل ويحين وقت المخاض، حينها أشعر برغبة ملحّة بل ومزعجة تدعوني إلى الكتابة، فأمسك القلم (أو الكمبيوتر) ولا أفارقه إلى أن تنتهي الرواية.

س: يعرف المشهد الأدبي في المغرب والعالم العربي انعطاف مجموعة من الكتّاب نحو كتابة الرواية تحديداً، قادمين إليها من مجالات تعبيرية مغايرة (مثل القانون والسياسة والطبّ والإعلام والنقد الأدبي والشعر، وحتّى من الحقل الديني)؛ فكيف تفسّر هذه الظاهرة، باعتبارك واحداً من الذين جاؤوا إلى الرواية من حقل القانون، وسبق أن أصدرتَ ثلاث روايات ممتعة تلقّفها النقد الأدبي باهتمام متزايد، هي: "الواحة والسراب" و"حارث النسيان" و"الإمام"؛ وهل يتعلّق الأمر بالنسبة لك بحاجة إلى كتابة الرواية، أم باستراحة المحارب، أم بشيء آخر؟

ج: سأبدأ بالشطر الثاني من سؤالك، وأقول بأنّني لجأتُ إلى كتابةِ الرواية لأنّها تُفسح لي المجال لِلِّقاء مع الذكريات، وبالخصوص الذكريات غير السعيدة (ربّما للتخلّص منها!)؛ أمّا الذكريات السعيدة فهي تُستهلك في حينها، ذلك أنّ السعادةَ هي في حدّ ذاتها هدفٌ، وينتهي وقْعُها الجمالي بمجرّد تَحقُّقها، وبالتالي فهي لا تهمّ كثيراً العملَ الروائيَّ، خلافاً للشقاءِ الذي يبقى باستمرار في حاجة إلى من يُحوّله إلى هدفٍ جماليّ. وهذا يقع حتّى بالنسبة للشاعر أو المغنّي الذي يتغنّى مثلاً بعذابه مع الحبيبة؛ فعذابُه يتحوّل، في النهاية، بفعل الكتابةِ أو الغناءِ إلى متعةٍ ذاتِ وقع جماليٍّ. لذا فكلُّ عملٍ جماليّ لابدّ له من أن يَنبع من انفعالاتٍ مؤلمة، على حدّ تعبير خورخي لويس بورخيس، الذي يؤكّد، فضلاً عن ذلك، بأنّ الكتابة الإبداعية لا تتحقّق بالذكاء وحده، بل يلزمها الانفعال أيضاً، وبدون انفعال لا يمكن للكاتب أن يُحقّق أيّ شيء؛ بدون انفعال مُسبق لن يكون هناك مبرِّرٌ لبناء أيِّ عمل جماليّ، بل ولن يتمكّن الكاتب حتّى من نقل القارئ إلى عالمه الإبداعي. لذا فلا يمكن أن يكون هناك انفعال حقيقي دون معاناة، وإذا طلبتَ منّي أن ألخّص لك ما قلتُه في كلمة واحدة فستكون هي: المعاناة؛ إذ إنّها هي كلمة السرّ لولوج عوالم الكتابة الروائية والإبداعية بصفة عامّة.

ثم، من ناحية أخرى، إنّني أكتب الرواية بسبب ما يتملّكني من إحساسٍ جامحٍ يُشعرني بالحاجة الملحّة إلى كتابتها، هذه الحاجة التي لا تخمُد جذوتُها إلاّ بفعل الكتابة، كما لو كانت هذه الأخيرةُ عنصراً من العناصر الأساسية للاستمرار في الحياة مثل النوم والماء والهواء.

وبخصوص الشطر الأوّل من سؤالك، أقول بأنّ ظاهرة الانتهاء إلى كتابة الرواية هي ظاهرة عالمية؛ فالأدبَ العالميَّ يزخَر بروائيين جاؤوا إلى الروايةِ إمّا من عوالمَ أخرى بعيدةٍ عن الأدب مثل الطبّ والهندسة والمحاماة والرسم والتجارة وغيرها، وإمّا من حقل أدبيّ مغاير كالشعر مثلاً. ولكلٍّ سببه في ذلك، لكن يبقى الحافز المشترك بين الجميع ـ في نظري ـ هو الرغبة في تفريغ كلّ ما تمّ اختزانه من قِبَل الوعي، وهذا لن يتأتّى إلاّ من خلال الرواية، لما لها من قدرة سواء على استيعاب مختلف الأحداث والمشاعر الإنسانية أو علىالتعبير عنهما بطريقة يكون لها وقعها الملموس في أوساط عريضة من المجتمع المتلقّي، وذلك أكثر من الشعر أو أيّ وسيلة إبداعية أخرى (بطبيعة الحال لا يجب أن يُفهم من كلامي هذا أنّ الشعر غير قادر على القيام بهذه المهمّة، كلّ ما في الأمر هو أنّ مجاله أضيق إنْ كتابةً أو قراءةً).

لكنْ ـ عودةً إلى مربط الفرس ـ رغم عدم انتمائي العمَلي إلى عالم الأدب، فإنّني مكثتُ على صلةٍ دائمة به منذ أن أصبحتُ واعياً بميلي لقراءة الأعمالِ الأدبيةِ، ولا أتذكّر أنّني تخلّفتُ عن قراءتها في يوم من الأيّام إلاّ لمرض أو سببٍ قاهر، ولعلّ هذا ما يؤكّد صدق من قال بأنّ «القراءة تنتهي بصاحبها إلى الكتابة».

س: على إثر ذكرك لمقولة بورخيس «القراءة تقود إلى الكتابة»، ما هي مرجعياتك الأدبية، سواء الروائية أو الشعرية أو النظرية؟ وما هو نصيب الآداب العربية والغربية في التأثير على تجربتك الإبداعية بشكل عام؟

ج: قد أفاجئك إذا قلت لك بأنّ مرجعي الأوّل هو الحياة، أو بالأحرى تجاربي في الحياة؛ وأقصد هنا التجارب الكبرى التي تخلخل وجود المرء، ولا يهم بعد ذلك أن تُكلَّل تلك التجارب بالنجاح أم لا، لأنّ الفشل بعد تجربة كبيرة يتحوّل في الغالب إلى عامل مؤسّس لأسباب النجاح خلال تجارب لاحقة (فكلّ ضربة لا تقصم ظهرك تُقوّيك كما يقال). وهو ما لخّصه جان بول سارتر في جوابه على السؤال الذي وجّهَتْه إليه فتاةٌ شابّةٌ كانت تريد أن يُرشدها إلى الوسيلة التي ستُمكّنها من كتابةِ الرواية، فقال لها:

«غامري وعيشي تجربةً كبيرةً، وحينئذ يمكنكِ أن تكتبي روايةً!». وبمعنى آخر ـ وكما سلف الذكر ـ إذا كان هناك من مرجعية ضرورية للروائي فهي المعاناةُ. ولعلّ هذا ما قصَده كاتبُ تلك الجملةِ التائهةِ في الأوديسية التي تقول: «إنّ الآلهةَ تَنْسُجُ النكباتِ بحياة البَشَر لكي تَجدَ الأجيالُ التاليةُ ما تتغنّى به»؛ أي أنّ الآلهةَ تَنسُج النكباتِ لأهدافٍ جماليةٍ، وهذا الكلام يلتقي مع ما سبق أن قلتُه قبل قليل من أنّ الشقاءَ هو الهدفُ الجمالي للإبداع.

ثمّ هناك مرجعية أدبية أخرى، لا يمكن إغفالها وهي الحكايات التي كنت أسمعها، وأنا صغير، سواء من جدّتي أو من والدتي أو حتّى من الحكواتيين الذين كنّا نتحلّق حولهم في الأسواق لسماع حكاياتهم العجيبة.

أمّا بخصوص قراءاتي، فهي متنوّعة: وقد أفاجئك، مرّة أخرى، بالقول إنّني شغوف لحدّ الساعة بقراءة القرءان الكريم، هذا الكنز الذي لا ينضب معينه. ذلك أنّ أوّل لقاء كان لي مع اللغة العربية ـ وأنا ابن خمس سنوات ـ تمّ من خلال حفظي لكتاب الله، ومن ثمّ فأنا مدين له بما أملك من ثروة لغوية (بما فيها الأسلوب وأنماط التركيب).

وبالنسبة للآداب العالمية، قرأت كثيراً لأدباء فرنسيين وإسبانيين ـ بلُغَتهم الأصلية ـ مثل سرفانتيس وأنطونيو ماشادو وبابلو نيرودا وبورخيس وسارتر وكاميو وبودلير ورامبو وفيرلين... وقرأت أيضاً بعض الترجمات بالفرنسية لكافكا وجيرترود شتاين وبول سيلان وإميلي ديكنسون ودوستويفسكي وأمبيرتو إيكو وإيطالو كالفينو وألبيرتو مورافيا وغيرهم.

ولا يجب أن أنسى ذكر قراءاتي العربية الأولى لبعض كتب التراث والسيَر مثل ألف ليلة وليلة وسيرة سيف بن ذي يزن وعنترة بن شداد وحمزة العرب الخ...، فضلاً عن الشعر العربي قديمه وحديثه.

س: ساد في السنوات الأخيرة قول مفاده إنّنا نعيش زمن الرواية وليس زمن الشعر؛ زعم يدافع عنه بعض الروائيين والنقّاد العرب، بل ويوجد من بينهم من أفرد له كتاباً خاصًّا مثل جابر عصفور وكتابه «زمن الرواية».. فما قولك في هذا، والحال أنّك كتبت الشعر أيضاً وأصدرت ديواناً بعنوان «خريف الأقنعة»؛ وهل نعيش حقًّا زمن الرواية، بعد أن تنازل الشعر عن الكثير من هيبته وتأثيره؟

ج: إنّ الشعر سيظلّ هو ديوان العرب بدون منازع، وسيظلّ من أسمى طرق التعبير على الإطلاق. كلّ ما في الأمر هو أنّ الرواية تُعبّر بشكل مباشر وواضح عن هموم الناس ومشاكلهم، وهو ما صيّرها أكثر قُرباً منهم. أمّا ما قلتَه بشأن تنازل الشعر عن هيبته، فلعلّ ذلك راجع إلى ما يسود الساحة الشعرية من ارتباك بسبب قصيدة النثر والشعر الحداثي عموماً، لكنّني أعتقد أنّ هذا الأخير سيفرض سطوته حين سيتجذّر في وعينا الثقافي، لا سيما بعد ذهاب الأجيال التي عايشت القصيدة التقليدية وظلّت وفية لها.

وبخصوص ديواني «خريف الأقنعة»، يتعيّن التوضيح بأنّني أكتب الشعر حينما أجد نفسي ملزماً لولوج ملكوته كيما يتأتّى لي البوح بما يُخالج وجداني من هواجس وأحلام يستعصي التعبير عنها من خلال النثر، وبالتالي يصبح الشعر هو لسانها الأنسب. ولعلّ هذا راجع إلى كون وظيفة الكلمة تختلف من الشعر إلى الرواية؛ فالشعر هو ابتكار دائم ومتجدّد للكلام، إذ يمتلك من الأدوات ما يمكّنه من اختراق الكلمة والنفاذ إلى أعماقها لكي يفتح لها واجهات ونوافذ جديدة وغير مألوفة، وهذا يتعذّر على النثر.

س: تساهم كذلك بحضورك الثقافي في مجال الترجمة الأدبية والنظرية من اللغتين الفرنسية والإسبانية، ولك في هذا الباب بعض الإصدارات، منها كتاب « الحداثة ونكبة المعنى »، وهو عبارة عن ترجمة لمجموعة مختارة من النصوص والحوارات النظرية والإبداعية لكتّاب عالميين هم كلود بانسون وميشيل بيتور وخورخي لويس بورخيس.. فماذا يمثّل هؤلاء بالنسبة لك؟

ج: ما من شكّ في أنّ الكاتب إذا لم ينفتح على الأدب العالمي سيبقى منغلقاً داخل جدران ثقافته القومية مثل منزل بلا منافذ. ومسألة الانفتاح هذه أدركتُ أهمّيتها، منذ الطفولة، بفضل الأساتذة الأجانب الذين تتلمذت عليهم خلال مرحلة التعليم الثانوي، وإذا كان بورخيس قد قال بأنّ « القراءة تؤدّي إلى الكتابة »، فأنا أقول بأنّ قراءة الأدب العالمي تؤدّي إلى ترجمته، خاصّة إذا تعلّق الأمر بنصوص جميلة ومفيدة مثل تلك التي جمعتُها في كتاب « الحداثة ونكبة المعنى »، وهي كلّها لكتّاب متمكّنين فيما يكتبون أو يتحدّثون عنه، ويمثّلون بالنسبة لي مرجعاً مهماً في حياتي الإبداعية، لا سيما بورخيس؛ هذا الكاتب العظيم الذي بهرني بالسحر الذي يسري عبر كتاباته (أنا أتكلّم هنا بصفتي قارئاً لبورخيس باللغة الإسبانية أي باللغة الأصلية التي كتب بها)، وأنا متيقّنٌ من أنّ أيَّ قارئٍ لأعمال بورخيس لن يبقى كما كان قبل قراءته لتلك الأعمال، ممّا يستتبع القول بأنّ قراءة أعمال بورخيس تُكسب الكاتب قيمة مضافة مركزية، وتفتح أمامه آفاق وعوالم جديدة ما كان ليَعرِفَها لو لم يكتشف بورخيس.. وفي نظري مَن عَمل بنصائح بورخيس وحيَلِهِ في الكتابةْ سينْجَح بِكُلّ تأكيدْ.

س: هل يمكنك أن تفيدنا ببعض تلك النصائح والحيل؟

ج: عن حيل الكتابة، مثلاً، يقول بورخيس « لستُ مالكاً لنظرية جمالية عن الكتابة. الزمن علمني بعض الحيَل، منها: تفادي المرادِفات، لأنّها تسيء بما تُوحي به للمخيّلة من فوارق؛ تفضيل الكلمات المعتادة على الكلمات الغريبة؛ إدراج ومضات ظرفية خلال السرد، فهي مطلوبة من طرف القارئ، أو بمعنى آخر إدراج التنويعات ـ الممتعة وغير المرتقَبة ـ التي تثير دهشة المتلقّي أو تدفعه إلى استرجاع ماض أو استحضار مستقبل ما؛ زرْع بعض الشكوك الصغيرة، إذ إنّ الواقع إذا كان دقيقاً فالذاكرة ليست كذلك؛ سَرْد الوقائع كما لو أنّها لم تـُستوعَب بالكامل. » (أرجو أن يتمعّن القرّاء الأعزاء في هذه الحيل لأنّها تنطوي بالفعل على سرّ نجاح الكتابة الإبداعية).

س: صدرت لك رواية ثالثة تنحو منحى مغايراً لروايتيك السابقتين، بالنظر إلى كونها تستوحي شخصية تاريخية مغربية مشهورة، هي شخصية المهدي بن تومرت، وذلك من منظور إبداعيّ يتداخل فيه التخييليّ بالتاريخيّ.

فما سرّ هذا الانتقال إلى التاريخ كفضاء تخييلي مرجعي لصوغ المتخيّل الروائي بالنسبة لك؟ وهل لك أن تقرّبنا من الفضاء الروائي العام لروايتك الجديدة؟

ج: هي في الواقع ليست رواية تاريخية بمعنى الكلمة، لأنّني ركّزتُ فيها على شخصية ابن تومرت خلال الرحلة التي قام بها إلى المشرق طلباً للعلم، وهي رحلة غير مُوثَّقة تاريخياً بالمرّة (وأظنّ أنّ هذا هو دور الرواية؛ أي ملء فراغ التاريخ). وبالتالي فهي رواية تدور في أجواء وفضاءات القرون الوسطى، وما عدا ذلك أعتقد أنّها انكتبت مثل سائر الروايات غير التاريخية التي تمتح من الخيال المحض، باستثناء ـ بطبيعة الحال ـ بعض الأحداث التاريخية التي استدعاها سياق الرواية أو بعض الأحداث المسرودة فيها.

أما بخصوص سؤالِكَ: لماذا العودة إلى التاريخ؟ فأنتَ تعلم أنّ الأمّة التي لا تاريخ لها لا مستقبل لها، وبالتالي فإنّ التنكّرَ للتاريخ أو إهمالَه هو في نظري نوعٌ من الانتحار. وهذا هو أحد أهداف روايتي الثالثة: أي أنْ تعرف الأجيالُ الصاعدة تاريخ الدولة العظيمة التي ينتمون إليها، ويعرفون أنّ إشعاع المغرب كان يملأ الأقطار قبْل حوالي ألف سنة من الآن.


باحث وناقد أدبي من المغرب