كيف ينجب الموت أطفاله

صبحي موسى


أعرف الآن

بعد كل هذه الخطوات على الدرب الطويل

أين يذهب الأصدقاء

وكيف يتناسل الموتى

 

أعرف

أن البداية كانت برجل واحد

وساق وحيدة

ورزمة من الأوراق

وربما قليل من الوقت

لكن النساء تعجلن

وصدقن أن الجنة تفتح أبوابها للنعاج

والغارمين

وذوى اللحى.

 

أعرف أيضاً

أننا لم نخطئ

ولم نحش البنادق بالرصاص

أو فتيل الزيت المقدس

وأن كل ما حدث

محض مزحة

قالها رجل في الصحراء

وحين يأس من أمره

وضع يده على قلبه

ورحل

 

كل شيء مدون هنا

يمكنني أن أخرج لكم الصفحات

وأحصي الحروف والكلمات

أحصي أسماءكم وتواريخ الميلاد

حتى الأنفاس يمكنني 

أن أعدها عدا

لكن ما يعجزني

أنني

لست موقناً

حتى من وجودكم أمامي   

 

في البياض الكبير

كل شيء غائم

ومضبب

ولا يشبه إلا سواه

فما الذي يمكن لرجل

لا يقوى على أن ينقذ نفسه

من مرور الموت بين شفتيه

غير أن ينكس رأسه

ليمر قطيع طويل من نعاج

نحو حظيرة مظلمة

 

أنا الآن

أشبه نفسي

لا شيء في لا شيء

بياض في بياض

كعبور غامض

لمبتدأٍ ومنتهى

واحتراق عاصف

لميت

لم يولد من الأصل  

 

هل علمتم الآن

كيف ينجب الموت أطفالاً

لم يعرفوا الحياة ؟