حسونة المصباحي سفيه وكذاب

مثال لمثقف زمن الانحطاط

علي مصباح

يوم أمس كان لقناة الجزيرة لقاء مع الكاتب التونسي السيء الذكر حسونة المصباحي. فجأة أصبح الرجل مؤيدا للتغيير ويتحدث بكل وقاحة عن نظام بن علي كما لو كان من أكبر المتضررين منه والمناهضين له. في حين كتاباته الصحفية المنشورة منها في تونس أو خارجها تثبت عكس ذلك تماما. ومن يريد التأكد بنفسه فما عليه إلا أن يعود إلى أرشيفات جريدة الشرق الأوسط وجرائد تونسية وليبية، وربما آخرها جريدة الصباح بعد أن أصبحت أداة إعلامية في يد صخر الماطري. ولا أريد أن أطيل الكلام في ما جرى بيننا من نقاشات وخصومات في هذا الشأن عندما كان يتحامل على الناشطين الحقوقيين والمعارضين المقموعين من طرف بن علي وأعوانه. ولندع شتائمه لنا ونعتنا بالفوضويين واليساريين والمخربين، في حين كان يتبجح دون حياء بمنزلته كمثقف مسؤول لدى الأوساط الرسمية بالبلاد، متوهما في أغلب ما كان يدعي بطبيعة الحال كادعائه الذي كان يحب ترديده بشدقين منتفخين، بأن الصحف التونسية لها توصية مباشرة من "رئيس الدولة" (هكذا كان يحب أن يسميه دوما) بأن تفتح صفحاتها للكاتب الفذ حسونة المصباحي، وبأنه يحظى لدى الهيئات العليا للحزب الحاكم بمكانة محترمة، وكان لا يكف عن صمّ أذنيّ بالإطراء على "المثقفين المهمّين" من أمثال الصادق شعبان وصعاليك دنيئين من نوع واحد مخبر ذي صولات بوليسية نادرة يدعى رضا الملولي. سأذكره فقط بمكالمة هاتفية مع أحد أصدقائنا بميونخ، قبل يومين من سقوط سيده المجرم.

-ألم تكن حزينا (وهي عبارتك) بسبب ما يحدث من فوضى في البلاد، ملوحا بخزفك على أمنها واستقرارها، معتبرا الانتفاضة هرج رعاع وغوغاء ستضر بالبلاد و"تلقي بها لقمة في يدي الأصوليين" (كلامك)؟
أيها السفيه المحترف المتمرّس في قلب "الفيستة" بحسب تبدل المصالح وموازين القوى، يا ذيل الديك، أتريد أن تعيد علينا لعبة انقلابك على أولياء نعمتك العراقيين، وذلك بين عشية وضحاها؟
أتتذكر مكالماتك اليومية لي من ميونخ أثناء الحرب العراقية الأولى، وكيف كنت متحمسا لاجتياح الكويت، شاتما للرجعية والامبريالية الأميركية؟ كل يوم كنت تكالمني في الهاتف وأنا في برلين. ثم فجأة وبعد يومين فقط من تفتت القوى العسكرية العراقية أمام الهجمة الأميركية الساحقة، وكأن شيئا لم يكن، راح صوتك  يرتفع(وهو صوت مرتفع دوما، لأنه صوت واحد وقح قليل حياء وعديم الذمة) بسلسلة من الشتائم ضد نظام صدام حسين، وإذا أنت تقفز برشاقة من الصف العراقي إلى الخندق السعودي، وأنت تدرك بحدس الشحاذ المكدي والمرتزق المحترف أن الريح راحت تهب في الاتجاه المعاكس. وسال من بعدها حبر قلمك النتن على صفحات جريدة الشرق الأوسط، بينما بطنك مازالت لم تهضم بعد آخر وجبة لها من خبز البعثيين!
أما زلت تذكر الصادق الهيشري، الزعيم البعثي التونسي المقتول بصفة غامضة في بيته بنهج سيدي البشير؟
لقد كانت يده سخية بأموال البعث العراقي، أليس كذلك؟
أما زلت تذكره؟ بشيء من القلق؟ أم من الأفضل أن لا نذكرك به؟
والبقية للصمت...أفهمت؟
أتريد أن تلعبها معنا الآن، كما لو أننا أموات أو مغفلون؟
"
دوّيو!"  (أو هيهات إذا ما أردت ن ندع لسان العامة التي كانت إلى حد يوم أمس لا توحي لك سوى بالقرف والاحتقار)
ألبدْ في حجرك إذن، لأن فضائحك كثيرة وكبار الحومة لم يموتوا بعد كي يتسنى لك أن تتسلق إلى منزلة الشرفاء!
ألبدْ وكفّ لسانك عنا واعفنا من أكاذيبك وانقلاباتك المقرفة!
أغلق فمك حتى لا نختنق بإفرازات الروائح الكريهة لبطنك المنتفخة بأوسخ الأموال القذرة: من البعثية، إلى السعودية والليبية وانتهاء بفتات من مسروقات صخر الماطري.
اجلس في جحرك، والبدْ ولاتتحرك كي تظل نتونتك تحتك، وعليك ستر مما ستر الله.

ودمتَ سفيها إلى الأبد.

 

كاتب ومترجم تونسي يقيم في برلين