أصغي كثلج قبل أن يذوب

محيي الدين جرمة

في صحراء النوم

القاحل من الأحلام:

أراكِ بظهر مطعُونٍ

بنظرة الملايين المكبوتة للوراء
بكلمات كلماتي أراكِ
وأشرب عذوبة صمتك المسموعة
أصمت اخضراراً
ولشدّة فقدي أكاد أخلقكِ
ولستِ بعيدة
أراكِ تنفُساً
أدغدغني وأعجز أن أضحك
)
أدغدغ ريح ظلال أحلامك )
فينهض ماءٌ في يدي
بحجم الحياة
وتسمعينني بماء شَعركِ النهريّ
فأتسع صمتاً بكِ
في تراب الريح
وربيع الأزهار الشاهقة
في سقوط ورقة خرُافة


اِقترنت قصيدة هو مير بالملحمة

منذ ما قبل ميديا يو ريبيديس

أما ملحمة الشرق اليوم
فصارت تعني:
مكان الذبح
غير أن شفّاف صدركِ
أستوديوه طبيعةٍ مفتوحٍ
لم يكتشفه بعد:
لا أحد.

صدرُكِ الذي لا يقبل الشرح
يتّسع لجهات كثيرة
وسمواتٍ أخرى لم أكتشف لونها بعد

 

أعيشكِ

عشقاً رفيعاً
كخيط ماءٍ - لا أظمأ بعده-

 

أعاني كثيراً
من فرط المعنى
ووهم الالتئام

 

أحيا بحياة نظرتكِ
تكسر زجاج المسافة
وتدلق نعاس الماء المشتجر
مع فراسِكِ الحلم

 

وبشهي قُبلِكِِ الشهيّ
كمشمش الضوء بصيف بارد
أحيا بخيال خيالكِ المعصُور

كشَمّامٍ حلو

بلا سُُكّر في الدم

 

أحيا بحياة حبّكِ العصافيرية
أرتني يداكِ عروق ماء الضوء
لحظة مداهمة حلم
في نأمةِ يمام

 

القصيدة: شاعري المُفضّل.
وأنت القصيدة التي أعشق
بلا غزو
أو غزلٍ.

 

بحياتكِ
أمِيتُ حياة الموت

وُأقطِرُ عسل هواءٍ بلا حدود

 

بفرشاة مائكِ الذي يروي الماء
أحطّ على ريش نومكِ الهادىء

كمحيطٍ
خارج المحيط.

 

في زرقة عينيكِ السوداوين
أعلو كبرق أشرعة خفيفة
وأغفو

على ذهب أجنحة الفَراش.

بحرير سمائكِ أدفأ
يبلّلني كريستالُ ضوئك
ويتلفّعني بردٌ :
فارّاً من قسوة ِصفاتِهِ.

 

لا شفاهية أنتِ
ولا مُرتجَلة في فم  ٍ
يُطبق بثرثرته على عابرين
ويوصد الفضاء
ونوافذ منفوخة كخشب البالون

 

أكتبكِ لا لأكذب
لا...لأكونَ صادِقاً

 

لأصغي إلى حنو حنجرتكِ إذ تصمتين
لورد شجركِ الناعس في يقظته
لأعلن مروري في حقيبة الماء
التي تحملين

 

في حيرةِ صمتك المطلول
في إناء زهر إناءٍ يبتسم
كطينة ريح مغسولةً بالمشاع
والقُبلِ النظيفةِ

 

 أصمتُ

ولا أتشابه.

كطفل عينيك في استعارة المرايا.

أراني في نهدِ تنهُداتِكِ
أصلّي في ضلالكِ
وأسيرُ في ظِلالِكِ البعيدة
والأقربُ مما:

أتصوّر ي/ ن.

 

لشجر مُعطّر بخفّتِكِ
أسافِر

 

ألمِسُ حواف الريح في وريدكِ
وأصغي كثلج:
قبل أن يذوب.
أنفض غباراً عن - سطح العالم -
أمشي كشجر قُرب نوّار ظِلالهِ
ككلمةِ صامتةٍ
تتأمّل "بكاء الدموع".

 

وبفِمٍ لا سطحٍي

أبوسُ شِفاه صوتكِ
وقُبلكِ الطائرة

أروي نومكِ بآبار حلمي الجوفيّة
ليفيض عنب النبع
وتنمو زهور الصمت
في اختلاف الظلالِ
ويعشب الماء على رفّ كتاب الهواء

 

أعرف كثيراً أن صمتي سيُسرقُ
من غرفِ - حقوق الملكية -
سيسرقه استبداد جمهوريات الموز
بوفرة مؤخِّراتِها الفقيرةِ
ومن يكتبون على مرايا ليلهم

أنا الموقِّعُ أعلى هذا:
أكتبُ لأصمت.
لأتحدّى بلا أعصاب.
لتصغي إليّ الملائكة
و"شياطين الإنس"

ليصغي إليّ الإصغاء
في ضجيج السكاكين
والموتى

في عبورهم اليوميّ.

لتصغي إليّ البيوت الكائنة
في الحي الميّتِ /جوار المقبرة 

وتظلّين أنتِ عنوان الدليل
إلى نفسهِ
وكفّ رؤية الكفيف
لا المبصر الأعمى
مهندس الخطأ
وحضيض الأغاني.