قصائد

بن يونس ماجن

مقاطع من مرثية طويلة
ادريسية
في العام المشؤوم

في الشهر المشؤوم

في اليوم المشؤوم

انطفعت شمعتي النيرة

 

في العام الأسود

في الشهر الأسود

في النهار الأسود

ارتحلت فراشتي الزاهية

 

في العام النحس

في الشهر النحس

في اليوم النحس

فاضت روح اميرتي الطاهرة

 

يا رفيقة عمري

لدي مخزون من الدمع

ما يكفي لنعيك

ولدي من الحزن

ما يفقد الليل سواده

والنهار بياضه    

 

يا معلمة الجيل

يا فاعلة الخير

يا مرشدتي

في السراء والضراء

ياللاة ادريسية

يا خير النساء

 

انا الآن واقف على حافة مثواك الأخير

وأدلو بدلو الأسى

من اعماق قلبي الاسير

ايتها المنون الغادرة

ما أقساك

 

للخنساء صخر

ولنزار بلقيس

ولي ادريسية

 

كلما ازداد الجرح غورا

اكتوى القلب

بجمرة الفراق

وهاجت مشاعري

ولم اطق صبرا

ولا أعير اهتماما لفتاوى الصبر

 

يا خالدة في قلبي

خاطري مكسور

ودمعي مسجور

وثوب حدادي مغموم

انا لله وانا واليه راجعون

راجعون

راجعون

راجعون

 

أراك في النهار

أراك في الليل

أراك في منامي

أراك في ترحالي

 

أراك في مقامي

هل حقا رحلتي عن عالمي الصغير 

يا ام سليمة وسمير

 

خدعنا الموت الماكر

يا زينة النساء

ياأعظم الأمهات

لست أدري كيف أنعيك

وهل الصبر دواء لعزائي

وهل فراقك سيدوم الى الابد

وهل يرتاح قلبي الدامي

وهل بالسلوان تندمل جراحي

 

كنت تبتسمين بسمة الملائكة

حين اناديك ب "الديس" أو ب "قدورة"

وما هي الا ألقاب حميمية

من زوج حميم

 

سلام على الوردة اليانعة

في جنة الخلد

سلام على النجمة الساطعة

في سماء المجد

سلام على الحبيبة الرافلة

في حنايا الوجد

 

ايتها النفس المطمئنة

حملت نعشك العاطر

من لندن الى مكناس

انت الآن جارة للابوين

فما أزكى الجوار بالجار

 

 

الثورة الكبرى ليست ضد الطغاة فحسب
أدخل في نقاش حاد مع ذاتي المتوترة

ولا أراهن  

في وضح النهار

أتسلق عمود الانارة

ولا أبالي بمصابيح  لا ترتعش في قبضة الريح  

ألعن الوقت البطئ

الذي يطل من ساعة  في معصم يدي

وكانه يجر أثقال الدهر

أنقب عن ذاكرتي الهشة

في تبن الحصاد المر

كغريق في مقبرة عائمة

أحرقت مركبي

وحملت جثتي الى الضفة الأخرى

على جواد أبيض ثائر

كدت أن أفقد صوابي

وأنا أتوهج في أتون الثورات العربية

 

الثورة الكبرى ليست ضد الطغاة فحسب

قرأت في يوميات مومس عربية

عن شيوخ الدعارة السياحية

وأمراء العهر

وسياح من فئة الشذوذ القذر

الوافدين الى بلدي

يأتون من كل فج لعين

 رائحة الروث النفطي تفوح من عبائتهم 

حان الوقت لقطع دابر هؤلاء الجرذان

المتخمة بالشره الشهواني الحيواني

وكذا الفاعل والمفعول به

 

بعد سقوط الأصنام الطاعنة في الحكم

لم يثور احدكم ضد الاستغلال الجسدي

لم يثور احدكم من اجل وردة غصبتها الأشواك

وأدمتها الأيادي القذرة

في حانات الليالي الحمراء

  يدخلون الوطن

 يدنسونه ويخرجون متى شاءوا وبلا رقيب

 

لا تكسروا زجاج نوافذكم بحجر الجيران

ان الريح ترفض ولوج البيوت من ثقب الحيطان

يا ساكني حاوية النفايات الماجنة

أعندكم نبأ من يمنح  هذه الجراثيم المعفنة

فيزا عبور الى أجواء بلادي

من علق الجرس  في عنق الشيطان

ورجم الموؤودة في مهد الغفران

فصمتكم هو رضاكم عن  الرذيلة

اتساومون على شرف وطنكم

اصيلا ووانتم تسبحون بكرة

هل لديكم نخوة يا اولي الالباب

يا ايها الصم البكم العمي يا تجار النذالة

لا تتركوا هذا الفيروس النائم ينتشر دون عقاب شديد 

وتشهدوا الزور على نزوات الجحيمّ

 

 

طوبى لمن يقرأ هذه السطور 
طوبى لمن ينتعل صهوة الضباب اللندني

ويتباهى بشمس الخريف المغربي

وصقيع منفاه غير قابل للذوبان

طقوسه لا تقاس الا برائحة المطر

المنسكب على الظل الجريح

 

طوبى لنبوءة كاذبة لشاعرمفلس

كتب قصائده على  بطن راقصة

باعت ضفائر خصلاتها

لزبون مخصي

يعاني القذف السريع

 

طوبى لشاعر يتلحف الرذاذ

لا يهاب المطر

ولا يهش على السراب

وينام على طاولة النرد

يفيق من ذائخته

ثم يغرف حفنة من رائحة البخور

فتذوب في غصن شجرة

يعتزل الشعر

ويتساءل:

كيف يصبح المرء شاعرا؟ 

وهل يصدق

ما قالته العرافة

محدقا في سقف لا سماء له

ليس كل ما كتب

يومض تحت وقع الحوافر

في اسطبل مهجور

 

طوبى لمن يحفر عقارب الساعة

في راحة كفه

ويقبض جمر العمر

ثم يطلق سراح الوقت المسجون

في غمرة الصيف القائظ

ولا ينشغل بموته المؤجل

وهو وشيك الغرق

 

طوبى للأطفال المنبوذين

الذين يتعلمون النشيد الوطني

ويركضون تحت رذاذ الصيف

الذي ياتي في غير أوانه

ويرون كيف

تتسرب خيوط الشمس عبر الغربال

فيمتلأ وعاء الظل في أحداقهم

 

طوبى لمن تجرع سم الحياة

وحضر تابينه

يمشي خلف نعشه

ولا يكترث بتعازي الموتى

السائرين في موكب جنازته

اسكرته تراتيل ناي يتيم

حتى صار لا يفرق بين نحيب النسوة وصياح الديكة

  فجعلته راسا على عقب

 

طوبى لمن يتحرش بقصيدة غجرية

ويتلاشى في ذوبان شمعة حزينة

ويرتوي بدموع وردة مطرزة  باشواك بلاستيكية

 

طوبى لمن يحمل سريره على كتفيه

وهو في قيلولة دائمة

يحلم بمنفى متنقل

وبقايا وطن مشرد

 

طوبى لمن يكتب وصيته الأخيرة للنوارس

ويسبح في ضفة النهر

لئلا يوقظ فرس الماء

الناعس في أحضان  حورية البحر

 

طوبى للولد الشقي

الجالس  القرفصاء فوق مرايا مكسرة

 يتخثر في ركن بليد

 يتسلى بالالعاب النارية

ويحلق بالطائرات الورقية

ويهبط بها على زبد البحر

او ليس هو من قاوم الذباب

 في حضيرة الخنازير؟

يوم كان يتلصص على أرجوحة بنت الجيران

 

 

ادريسية 6
رحلت قبل الآوان

فارفق بها يا رب

في ذلك المكان

الموحش الأركان

وأحسن خواتيمها

واجعل قبرها روضة

من رياض الجنان

 

رحلت قبل الآوان

لكنك حاضرة

 في الذهن والوجدان

بكيتك بالدمع الغزير

رثيتك بالشعر الحزين

وقصائدي عاشت مأساة الفقدان

 

رحلت قبل الآوان

يا صاحبة الصفاة الحميدة

والشيم النبيلة

والأخلاق السامية

والأعمال الخيرية

من كثرة الاحسان

ثقل الميزان

 

رحلت قبل الآوان

خالدة أنت في الأذهان

مهما طال الزمن

حرقة القلب

والجرح العميق

وصدمة الموت الغادر

شاهدون على مرثية الفراق

وسأكتبها على شاهدة قبرك

فان غيابك هو البرهان

وهو الدليل لمن لم يذق

مرارة الأحزان

 

 

ادريسية 7
هوالآجل

هو القدر

نصغي اليه ونلبي

ولا نعتذر

 

في حفل زفاف بنتنا سليمة وولدنا سمير

كنت ترفلين

يا عروستى

بابهى ابتسامة الياسمين

فمن كان يدري أنك سترحلين

 

هو الآجل

هو القدر

أين المفر

 

في حفل زفاف سليمة وسمير

كنت تلمعين

يا أميرتي

كالياقوت والمرجان

فمن كان يدري أنك ستغيبين

 

هوالآجل

هوالقدر

ذلك هو مصير البشر

 

في حفل زفاف سليمة وسمير

كنت ترقصين

كطفلة مدللة

بين الحاضرين

والعاشقين

فمن كان يدري أنك سترحلين

 

لقد فرقنا القدر المحتوم

وألم الفراق يمزق أعماقي

يا لوعتي على مصابي الجلل

 

المرض المزمن الذي أضناك

أبعدك عني

وحاصد العمر

لا يرفق بي

كيف انساك

فكل شيء في البيت

يذكرني بك

انها حقا فاجعة الدهر

عندما فقدتك فقدت كلى شئ

فكيف أعيش بدونك

 

يا ويح نفسي

ما لهذه اللوعة

لا تفارقني

تشتعل في قلبي

وتعصف في حنايا

أكاد أموت حسرة

واسى عليك

 

لندن