منذ وفاة الجدة ، والكنَّة تصر، على أن أسداً في الليل يتجول في الحجرات.
أسدٌ بفروة صفراء مهيبة، وبعينين صامتتين، يدنو من النساء النائمات، يشمهن، قبل أن يعيد تغطية أجسادهن المكشوفة.
كان جائعاً، تقول الكنَّة، وأنها قدمت له كل ما في المطبخ، لحماً وخبزاً وأفراخ دجاج. لكنهُ اكتفى بأن دنى منها، وراح يشمها، كما يشم طفل أمه التي ضيعها في سوق النساء طول النهار.
لكن أحداً لم يصدقها، فقطعت الكلام ، وبقيت تقضي نهاراتها في فراشها، وقد استحال شعرها إلى فروة صفراء مهيبة .
بعد موتها، صاروا يستيقظون عند الفجر. يرفعون من على أجساد النسوة النائمات، شعرات صفراء .
في ليلة ما.. تحركت على عجل من أمام احد المنازل، شاحنة تحمل أغراضا، ونساء شاحبات، ينظرن إلى من كان يراقب من الجيران بعيونٍ تحدق بصمت، خلال فروات صفراء مهيبة.
في الصباح ، كان أطفال الشارع يتجولون في حجرات المنزل ، يستحوذون على ما تبقى من أغراض . وجدوا أمواس حلاقة ، وصقراً محنطاً ، وصندوقاً فيه ثياباً سوداء أُخفيَّ فيها مشطاً خشبياً وكسرة مرآة، وصرة فيها عيدان بخور ما أن فتحها الأولاد حتى سمعوا زئيراً قادماً من غرفة الضيوف .
ولأول مرة، شاهد الرجال الذين هرعوا للمنزل الإمام المبارك في الصورة المهملة في غرفة الضيوف دون أسد!.