أعلنت (الكلمة) في افتتاحية عددها الأول «في البدء كانت الكلمة! ومنذ البدء وللكلمة دور فعال في جل الثقافات الحية التي تحرص على تمحيص الكلمات وبلورتها، وتخليصها من اللبس والتزييف والغموض، ورد معانيها الدقيقة لها باستمرار. وطرح أسئلة الواقع الجوهرية عليها، كي تظل قادرة على التعبير عنه. لأننا لانستطيع الحياة كبشر جديرين بالانتماء للبشرية دون الكلمة الفعالة ذات الدور الناصع الوضوح. وقد كان للكلمة دور فعال في الواقع العربي، حينما كان للكلمة حراسها الأوفياء، الذين يدافعون عن شرفها بنزاهة، ويزودون عن حماها بكبرياء. ويدركون أن شرف الكلمة لا ينفصل عن شرف المثقف واستقلاله. ولكن هذا الدور بدأ يتعرض للتآكل والتضعضع والضمور. عندما فقد حراس الكلمة استقلالهم، واحتوتهم المؤسسة بأدواتها المعروفة من ترغيب وترهيب، ومن تهميش وتشويه لمن يرفضون الانصياع. وبدأ عدد كبير من المثقفين يتحولون إلى كلاب حراسة لأنظمة ومؤسسات تشوه الكلمة، وتلطخ شرفها من أجل الدفاع عن مصالح تفتقد في كثير من الحالات للمشروعية والمصداقية، وعن رؤى وأيديولوجيات تدعم وجود هذه الأنظمة، أو تكتسب الأنظمة أسباب وجودها من تبنيها لها، وتحقيقها لتصوراتها مهما كانت هذه التصورات معادية لمصالح الأوطان التي يحكمونها. وكلما اشتدت شراسة كلاب الحراسة وتعاظمت سطوتها، تنامى معها الخلط والتخليط في ساحة الكلمة، وصعب تمييز الغث فيها من الثمين، وعانت من انعدام الدور والفاعلية. وأزداد القارئ بلبلة وفقدانا للبوصلة الهادية التي يميز بها سكة السلامة من السكك الملتوية والمؤدية إلى التهلكة. وازدادت مع هذا كله الحاجة إلى منبر يسترد للكلمة شرفها ودورها وأصالتها ومصداقيتها، وينفض عنها أتربة التزلف والتشويه. وهذه الحاجة هي التي دفعتني إلى التفكير في إصدار هذه المجلة التي تسعى إلى أن تسترد للكلمة العربية شرفها، وتخلصها مما علق بها من أدران كلاب الحراسة ونجسهم. فهي من هذه الناحية مجلة لحراس الكلمة المدافعين عن نصاعتها وشرفها، وليست لكلاب الحراسة.»
وتحدد هذه الكلمات بوضوح منطلق (الكلمة) وأفق عملها، كمجلة للكلمة الحرة المستقلة، وللتوجه الوطني الذي يعلي من شأن القيم النبيلة التي سعت البشرية لتحقيقها عبر مسيرتها الطويلة: قيم الحق والعدل والحرية. فـ(الكلمة) مجلة تحرص على شرف الكلمة ونبل قصدها، وتسعى لتحقيق الوضوح وسلامة القصد وتبديد الخلط والتخليط. وهي كما يقول عنوانها مجلة للكلمة، باعتبارها المرادف الأسمى للإنسان في منطقة شهدت مهد الكتابة وألق الكلمة: من ألواح الطين والكتابة المسمارية، حتى أوراق البردي والنقش على الحجر، وصولا إلى رقاق الجلد والكتابة على الورق، ثم حافظت في مسيرتها الطويلة على دور الكتابة وألقها حتى وصلنا إلى الكتابة بالضوء على شبكة الإنترنت. لذلك فإن الحفاظ على قيمة الكلمة وشرفها من معايير التحرير الأساسية في هذه المجلة التي تجعل القيمة وسلاسة التعبير وشرف القصد هي المعيار الأساسي في النشر بها.
وهي مجلة أدبية فكرية شهرية تنشر على الإنترنيت، وليست موقعا إليكترونيا تتراكم فيه المواد كيفما اتفق وكلما تيسر، وهي مسجلة في لندن، ولها حقوق النشر الرقمية لكل ما ينشر فيها. يظهر عددها الجديد أول كل شهر، وينتقل العدد القديم بكامله، بجميع ما فيه من مواد وإعلانات، إلى قسم أعدادنا السابقة. وتطمح (الكلمة) إلى تقديم أفضل ما في جعبة الثقافة العربية المعاصرة والحرة والمستقلة، والمقصود هنا هي الثقافة المكتوبة بالعربية من المحيط إلى الخليج. كما تسعى إلى الحفاظ على تقاليد نشر المجلات الشهرية الأدبية والفكرية الرصينة، والتي تكرست في الثقافة العربية منذ مجلات (روضة المدارس) و(المقتطف) و(الهلال) وحتى (الآداب) و(فصول) و(الكرمل). وبالإضافة للحفاظ على القيمة الأدبية والفكرية، وسلامة اللغة، وجودة المادة التي كرستها هذه المجلات، تستفيد (الكلمة) من إمكانيات النشر الإليكتروني الواسعة، بما توفره من حرية ومرونة وقدرة على تخطي الحدود الجغرافية والرقابية معا، ناهيك عن الكوابح الاقتصادية التي سعرت كثيرا من المنتجات الثقافية خارج قدرة القارئ العادي الشرائية. وتسعى (الكلمة) لأن يكون معيار النشر الأساسي فيها هو القيمة الأدبية والفكرية، ونزاهة القصد، واستقلال الموقف.
أما قواعد النشر بالمجلة فهي في غاية البساطة، لأنها مجلة مفتوحة لكل من يحترم القيم التي انطلق منها مشروعها، والتي أعلنتها منذ افتتاحية عددها الأول. ترحب بالنصوص الأدبية والفكرية الجيدة، على أن ترسل لها مباشرة، أو لأي من محرريها في شكل ملف Word فمعيار الاختيار لديها هو جودة المادة وقيمتها الأدبية والفكرية، ومدى انسجامها مع مشروعها وتبويبها الثابت الذي يضم مختلف المجالات الفكرية والأدبية. لأن (الكلمة) ترحب بالنصوص الإبداعية الكاملة من شعر وقص ومسرح ورواية ـ فهي لاتنشر فصولا من روايات أو مسرحيات، لأن حدود الحيز التي كانت تفرضها المجلة الورقية، وتجعل من المستحيل نشر رواية كاملة دون أن يستغرق هذا الأمر معظم صفحات العدد، قد أزالها النشر الإليكتروني، وأزال معها مبرر نشر المجتزءات من فصول الروايات. وهي من هذه الناحية أول مجلة شهرية عربية تنشر رواية كاملة في كل عدد. وترحب (الكلمة) كذلك وكما يكشف تبويبها للقراء بالدراسات النقدية الجادة، والأعمال الفكرية الرصينة، ومراجعات الكتب والتقارير في شتى مجالات الإبداع العربي المكتوب وغير المكتوب من رسم وعرض وموسيقى. وتفضل المجلة المواد التي ترسل للنشر خصيصا فيها أولا، وغير المنشورة في أي منبر ورقي أو إليكتروني آخر. وتطلب من كتابها أن يبعثوا بالمادة التي يرغبون نشرها في شكل وثيقة أو ملف Word وأن يبعثوا معها إذا ما رغبوا بتعريف قصير بالكاتب، هذا فضلا عن إفادة عما إذا كانت المادة قد نشرت من قبل، وفي أي صورة من صور النشر.
وتحتفظ مجلة (الكلمة) لنفسها بحق النشر الأليكتروني/ الرقمي لكل المواد المنشورة فيها، بمعنى أنه من الضروري أن يعرف كل من يرسل لها مادة للنشر أنه يوافق سلفا على منح حقوق نشرها الإليكترونية لمجلة (الكلمة) أولا وأخيرا، ومن لديه اعتراض على هذا الأمر عليه ألا يرسل لنا أصلا أي مواد للنشر، لأن (الكلمة) تحتفظ لنفسها بكل حقوق النشر الإلكترونية / الرقمية لكل ما ينشر فيها من نصوص. ويستطيع كاتب المادة أن ينشرها في أي صورة أخرى مطبوعة كانت أو مسموعة، لكنه لا يستطيع نشرها إليكترونيا/ رقميا دون الرجوع إلى (الكلمة) التي تحتفظ لنفسها بهذا الحق، والحصول منها على إذن مكتوب بذلك. فكل حقوق النشر الرقمية لكل ما ينشر فيها، هي لها أولا وأخيرا.
ومع أن المجلة كانت تطمح إلى أن تقدم مكافآت لكتابها، لإيمانها بقيمة الكلمة، وبأهمية العمل الثقافي والفكري، لكن تعرض أرشيفها للسرقة ـ في الوقت الذي قررت أن تحيله إلى مصدر دخل لها تنفق منه على برمجتها ونشرها الإليكتروني، وتكافئ عبر ما سيدره من دخل العاملين فيها وكتابها ـ وجه لهذا القصد الذي خططنا له ضربة قاصمة. وردنا من جديد إلى نقطة البداية، حيث علينا أن نبني كل شيء من جديد. ومع أننا لن نستطيع أن ندفع أي مكافآت لكتابنا، لكننا نؤكد لهم أنه ما أن تحقق (الكلمة) دخلا ملموسا، سواء من الإعلانات أو من الأرشيف، حتى تدفع لكتابها والعاملين فيها.