تُنبئ أساطير الأولين
أن المَعاوِزَة
من خلف جبل المطر
تماماَ من قيعان الصَفْصَاف
حيث تنام سعف الألواح
حول عنق الحجر
وحيث الأرض تتطهّر بغبارها
كانوا يأتون عُشاراً
عبر الغابة الكئيبة
بين الوعد المغلق
والصرخة الأولى
تتواتر قطعانهم
يهرعون نحو حقول الخبز
حفاة ونصف عراة يعبرون
تحرسهم يد الله
نوراً من مطر
على الوجوه الرمادية
قهر بلا مأوى
أجسادهم مقيّدة فوق النذر
والعيون وقت يهبط ويضيق
كانت أقدامهم خواصرَ
تمتد شوكاً بلا أبواب
المسافة حمم الجوع والظمأ
ليس سواهم
وهذه الجهات تكتبهم نبوءة
إن سألتهم قالوا
أشجارنا أكلت الليل
وقمحنا أضحى هشيماً
والسواقي حطباً
هم عشاق الطريق
كانوا مازالوا ماء الصباح
يمتشقون فضة الحكاية
زعتر حاف على وجه النور
هكذا هم الفقراء
لا أسماء لهم ولا ملامح
لا شيء يظلّلهم
سوى حفنة أوجاع قديمة
مثل الصلاة
لكنهم حين يَشْكُرون
ويتعبّدون ويبتهلون
يشعلون حطب أرواحهم
ويصبح صوتهم
رماد بطعم التوت..