احمد الوردي
تشكل تجربة الفنانة التشكيلية المغربية دنيا بوهلال، واحدة من التجارب النسائية المغربية والعربية الواعدة، التي وقعت على ألوان من الرقة الإبداعية التي لامست في كثير من أحلامها مواضيع خصبة ومتنوعة، توزعت بين الوجودية والكونية والوطنية والعربية، فضلا عن كل ما يهم التراث والتقاليد والمورث الثقافي والفني والأصالة المغربية.
إن أعمال بوهلال الفنانة العصامية، التي تعلمت سحر الفنون على يد والدها عبد المجيد بوهلال الذي يعرض حاليا بالعاصمة مدريد، هواجس امرأة تتنفس بفوح الفنون الأنيقة في مفترق الطرق، وحين تستريح ترسم عناقا حارا للحلم في أفق المعنى، للوحاتها بلاغة السحر الأخاذ، ولرونق ألوانها وداعة التشكيل الراقي وإبهام، ورمزية الشعر ورقة اللون في الحياة والإبداع.
إن فتنة الألوان الجميلة عند بوهلال شبيهة بالحياة، مهما كانت خيالية وحالمة، وتراهن علي رسم ذاكرة فنية تسعي للعيش من جديد، إن نصوصها التي عرضت في العديد من المناسبات رفقة فنانين كبار في معارض فردية وجماعية، فيض أحاسيس، وكتابة خفية باللون، والحركة، اللون الدال علي التقاليد أحيانا، وأخري علي مشاعر الفنانة الراقصة مثل زهرة تتهادى في عمق البحار، لتعطي الانطباع إلي وجود حياة في العمق، العمق الإنساني والوجودي.
إن الرمز يأخذ في لوحات بوهلال طريقه السليم، حيث لغة الواقعية والتشخيص الرمزي، ولغة الحنان والطبيعة والأفكار النيرة التي ترسخها في كل لوحة كترسيخ جميل لكل قيم الحب والتسامح ونبذ العنف والسلم والابتعاد عن التطرف والمغالاة والحوار بين مختلف الشعوب.
ثمة إذن تظهر القيمة الفنية، لدى الفنانة في الاحتفاء بالسحر الإبداعي الذي يزهر من الطبيعة حينا، وحينا آخر من أحاسيس الرسامة المغربية التي تعرف بريشتها كيف تصنع احتفالا لونيا للجمهور في عدد من المناسبات.
إن دنيا بوهلال التي تستعد لتنظيم معرض جديد لها في إحدى المدن المغربية، والمشاركة في معرض جماعي سيقام خلال شهر مارس المقبل بمدينة تورينو الايطالية، عرفت كيف تشد الجمهور إليها، وذلك من خلال تنوع أعمالها وخصوبتها الفكرية والإبداعية، حيث في لوحاتها المنفتحة، على رونق الأفق ولون الشمس وصهيل الخيول، ورسم كل ما هو تراثي، ويرسخ لقيمة المعمار القديم وبخاصة في الجنوب، تستحضر بكل ما أوتيت من رقة الريشة ودقة في حركتها واختيار الألوان، العديد من البانورامات الرائعة التي تفصح عن أن التشكيل النسائي المغربي له الكثير من المقومات الإبداعية الجميلة. وهي بهذا تعد واحدة من الفنانات التي رفعت مشعل السحر الفني، لترسم لوحات طبيعية بهية ، هي في العمق قصائد شعرية مشبعة، بأريج النسائم، وبريح العمر وطيب الوجود أكلما تلاها المشاهد في خاطره أحس بالعصافير تغني من حوله مواويل العشق والأحلام والتراث والتاريخ والحضارة.
وقالت دنيا حول أعمالها "إن الفضل في ما وصلت إليه يعود إلى والدها الذي علمها أصول الفن التشكيلي، فضلا احتكاكها بعدد من الرواد والأسماء الفنية سواء على المستوى الوطني أو العالمي".
وأكدت أن الفنون التشكيلية بالنسبة إليها مزيج من أحلام ورؤى مستقبلية تحس بها كالسلام والأمن، سواء في المغرب أو في فلسطين أو في أي بلد آخر في العالم.
وأضافت أن كل فنان عليه أن يحتفي بقيم الجمال في بلده، سواء من خلال رسم الطبيعية أو رموز الأصالة والتراث الشعبي والفني العريق، موضحة أن الفن التشكيلي هو "حرية الفكر والعقل، وأنها ترسم بدون قيود من اجل تحقيق رغبات المتلقي المختلفة.
وناشدت الفنانة التي تعتبر الفن التشكيلي رسالة نبيلة، مختلف الفنانين والفنانات إلى تعزيز مزيد من التواصل والتعاون، وذلك من اجل تحقيق رسالة الرسم النبيلة التي تنبني على التواصل مع الآخر وترسيخ القيم الفنية والثقافية والحضارية ومبادئ التسامح والسلام والتعايش في شتى أنحاء المعمور.