صدر مؤخرا في ألمانيا كتاب بعنوان "سقوط العالم الإسلامي" للأستاذ الجامعي المصري الدكتور حامد عبد الصمد الذي يشخص فيه حجم المأساة التي تنتظر خلال السنوات الثلاثين القادمة العالم الإسلامي. ويتوقع الكاتب هذا الإنهيار مع شحّ آبار البترول نهائيا واتساع فسحات التصحّر واجتياح الجفاف لما بقي من أراض زراعية وغابات خضراء واشتداد حدة النزاعات الطائفية والعرقية والإقتصادية المزمنة والقائمة حاليا. كما سيرافق ذلك أكبر حركة نزوح سكانية للشعوب الإسلامية نحو الغرب، وبالأخص نحو أوروبا. يبدو أن الدكتور عبد الصمد بلغ فيه المطاف إلى هذه الرؤيا الكارثية بحكم معرفته العميقة بالواقع الإسلامي المتخلف فكريا والمتحجر اقتصاديا واجتماعيا والمؤدلج دينيا وسياسيا.
وقال الدكتور عبدالصمد أن إنهيار العالم -وذلك حسب رأيه - بدأ منذ أكثر من ألف سنة وانتقد الكاتب في كتابه الإسلام قائلا: الإسلام لم يقدم للإنسانية أي شيء جديد أو أي إبداع خلاّق.
وتوقع الكاتب عبد الصمد بلوغ هذا الإنهيار ذروة الشيخوخة والانحلال في العقدين القادمين، إن لم تحدث معجزة خارقة تنقذه من الموت المحتّم.
وطرح الكاتب المصري عدة أسباب من وجهة نظره للإنهيار القادم .
يذكر بأهمها بنوع خاص :انعدام وجود أي اقتصاد خلاّق، وغياب أي نظام تربوي فعّال، وانحسار أي إبداع فكري بناء. ويعتبر أن مثل هذه الآفات الكارثية لا تؤدي بطبيعتها إلا إلى تصدّع البناء بكامله،
واعتبر الكاتب "حامد عبدالصمد " أن هذا الهيكل بدأ فعلا بالإنهيار منذ فترة طويلة وهو الآن يعيش مرحلة التحلل النهائية.
وأضاف الباحث المصري أن الشعوب الإسلامية عرفت نوعا من النهضة في فترة من الزمن خاصة في القرون الوسطى عندما حصل انفتاح على الحضارات والثقافات التي احتكت بها. انفتحت عليها واستفادت من منجزاتها وعلومها. يقول مثلا، دون أي تحقيق أوتمحيص، بأن المسلمين ترجموا في فترة من الزمن أعمال الفكر اليوناني والروماني والمسيحي ونقلوه إلى الغرب، متنكرا تماما كون هذه الترجمات لم تكن إنجازا إسلاميا على الإطلاق بل في الحقيقة قام بها العلماء السريان والأشوريون الذين كانوا ينعمون بمستوى علمي رفيع عندما وصل الفتح الإسلامي إلى ديارهم. فجرى ذلك في عواصم الحضارة آنذاك في بلاد ما بين النهرين وبغداد ومنطقة أرض الشام. ولكن الإسلام الذي تبناها ونسبها لنفسه بقي عاجزا عن نقلها حتى إلى مهد انطلاقته في مكة والمدينة وباقي أطراف الجزيرة العربية.
وقال أن المسلمين فشلوا لأنهم لم يكونوا لا من أهلها ولا من مبدعيها.
وانتقد الكاتب المسلمون بقوله :أنهم ما زالوا حتى اليوم يتبجحون بأن الفضل يعود لهم في نقل حضارة الإغريق والرومان إلى الغرب، ولكنّه يتساءل: لو كانوا فعلا روّاد حضارة، لماذا لم يحافظوا عليها ويعززوها ويستفيدون منها. كذلك يتساءل ويقول: لماذا تتلاقح اليوم وتتنافس الحضارات كلها مع بعضها، تأخذ عن بعضها فتزدهر وتتقدم، إلا الحضارة الإسلامية بقيت متحجرة مغلقة على الحضارة الأوروبية التي ما زال المسلمون يتهمونها ويصفونها بحضارة الكفر، وفي الوقت نفسه يلتهمون كل منتجات حضارة الكفّار وينعمون بمختلف إنجازات الكفّار العلمية والتكنولوجية والطبية، دون أن يدركوا أن قطار الحداثة والتحديث الذي يقوده الكفّار قد فاتهم حتى أصبحوا عالة على العالم الغربي وعلى البشرية بكاملها.
ويرى الكاتب في كتابه عدم إمكانية الإصلاح في الإسلام، معتبر ذلك من المستحيل ما دام إنتقاد القرآن ومفاهيمه ومبادئه وتعاليمه أمرا محرّما يحول دون أي تحرّك، ويعقّم كل تفكير، ويقيّد كل مبادرة .
وهاجم الكاتب المصري بطريقة غير مباشرة "القرآن " قائلا أي إصلاح ينتظر من شعوب تقدّس نصوصا جامدة عقيمة لا فائدة منها، وبالتالي يعتبرونها صالحة لكل زمان ومكان. وبالرغم من كل ذلك، نرى شيوخ الإسلام يرددون بكل غرور وتبجّح بأن المسلمين هم أفضل أمة أخرجها الله وأن غيرهم رعاع لا يستحقون حتى الحياة. ما هذه الزكيزوفرانيا التي بليت بها هذه الأمة؟
وقال: كيف ستتمكن النخبة التنويرية العربية الإسلامية من مواجهة هذا الواقع؟ فرغم التشاؤم الذي يعيشه ويعاني منه معظم المفكرين الليبراليين المسلمين، فما زال هناك أمامهم بصيص أمل يدفعهم إلى المطالبة بمصارحة الذات بعيدا عن الكذب والنفاق والتقية والعنجهية والكبرياء، ثم المصالحة مع الاخرين واحترام تفوّقهم الحضاري والإعتراف بفضل انتاجهم العلمي والتكنولوجي الذي يغني الإنسانية جمعاء دون استثناء. عليهم أن يدركوا أولا مدى ضعفهم ويشخصوا أسباب تخلفهم وفشلهم وبؤسهم دون خوف أو حذر أو عقد دونية، كي يتمكنوا من إيجاد الدواء المناسب للعلل التي تقض مضجعهم.
ولا يرى الدكتور حامد عبد الصمد في كتابه أي حل سحري لهذه الأمة التي لا تؤمن إلا بشريعة واحدة تستعبد عقول أبنائها وتخدّرها وتعقّمها، وبالتالي تقسّم العالم بين مؤمن مسلم وبين كافر غير مسلم، وبين دار الإسلام ودار الحرب.ويرى الكاتب انه من المستحيل للأمة الإسلامية أن تتقدم وتبدع قبل أن تتحرّر من مآسيها وعقدها ومحرّماتها، وقبل أن تنجح في تحويل دينها إلى دين روحانيّ صرف يدعو الإنسان إلى علاقة مباشرة خاصة بينه وبين خالقه، وذلك دون تدخل أي نبيّ أو إنسان أو هيئة أو مؤسسة أو مافيا دينية في كيفية إيمانه وسلوكه ذلك كله بحسب ماجاء في كتابه الدكتور حامد عبد الصمد، انهيار العالم الإسلامي مؤلف الكتاب باحث وروائي مصري يقيم في ألمانيا ويدرّس في جامعة ميونخ، وهو عضو بمؤتمر الإسلام الذي تشكل عام 2006 في ألمانيا للبحث قي قضايا المسلمين.