كيف يكتب الشعر صدمة اكتشاف إنسان لهذا المرض اللعين ـ السرطان ـ هذا ما يفعله الشاعر السوري في هذه القصيدة التي يجمع فيها أمشاج ذكريات من هنا وهناك كي يطرح لحظة التحقق في وجه العدم.

هناك أو هنا؟

ثائر ثابت

في غربة الوجود تستوحشك الأرصفة الضيقة، الشوارع الحزينة، الوجوه العبثية، الأغاني الهادئة، عبورك البدائي في فراشي كغيمة زهر ندية. تستذكرك ذاكرتي بعنف تنهيداتك راكعا بين عالمي المنفرج. حرارة أناملك ما زالت تشعلني رغم عنوة التناسي، كل شيء يعيش في، فمنذ غيابك صاحبت ما كنت تهوى، الموسيقى والكتابة والقراءة، ثالوثك المقدس، حتى إنني لوحدتي المخيفة صادقت الجنون، فصرت أطيل التأمل في رسائلك الالكترونية، وكتبك الموقعة بعبارات رمزية، لا أعثر على قاموس؛ ليفكك سحرها المعقد كأنت. أحيانا تأخذني الأماكن إلى حيث تشاء، فأتخيلك تحدثني عن قسوة الغياب، ودفء الحنين، وقبلات الحب بعد دمعات الجسد المعمد بالدهشة. لا تلومني كأنثى أو كصديقة عادية تنشر ماضيها على حبل غسيلك، قطعة، قطعة، تفجعك اللحظة حين تكون القطعة الأخيرة سوداء، يؤلمني أن اجرح صفاء روحك. لكنني سأخبرك برسالتي هذه عن أمر تسلل إلي صدفة، مثلما كنت تقتحم صدري بفوضى طفولية، وتمضي. لا اعرف حقيقة المسمى، ولفظ حروفه المربكة، انه السـرطان، اهو مرض أم لعبة حسابية تعد فيها أيامك بسخرية ، وكأنك تنهزم بألم ، أو تنتصر بآمل ، وشتان بينهما .... وتختتم كلماتي برعشة وجع .. اشتياق .. لكن لا تبكي شفقة .. لأنني هنا أو هناك أبقى .... ولك ...!؟