من جديد تعود الشاعرة العربية الكبيرة د.سعاد محمد الصباح إلى قواعدها الشعرية ، فتصافح قراءها بديوان شعر جميل وجديد حمل عنوان "الشعر والنثر لك وحدك"..
شاعرة "كن صديقي" و"نحن باقون هنا" و"أعرف رجلاً".. و"فتافيت امرأة".. وشاعرة الحب والحياة والإنسان..
لم تكتفِ بالشعر رسول فكر وحب بينها وبين قارئها، بل طعّمت الديوان بمجموعة بديعة من اللوحات الفنية التي أبدعتها ريشتها لتتناغم الألوان مع الكلمات.. وتندمج روح الشعر بروح التشكيل في ثنائية رقيقة لا تخلو من غضب أحياناً.. ومن شوق دوماً وأبداً.
جاء الإصدار الجديد حافلاً بالتنوع في قضاياه وشجونه وأحواله.. ، فكانت أجواؤه متنوعة.. يكمل بعضها بعضا.
جاذ الكتاب في 207 صفحات من القطع المتوسط. واحتوى على تسعة فصول متنوعة، لم تبدأها الشاعرة بعناوين تقليدية للفصول تصنِّف من خلالها محتوى الفصل، بل افتتحت كل فصل بعبارة شعرية أو نثرية تلمح ولا تفصح.. فكأنها تقدِّم طيف المعنى ليتلقَّف القارئ بحدسه ما ترمي إليه الشاعرة، وبذلك تجعله شريكاً في كتابة النص.
احتوى الديوان قصائد طويلة، وتلكسات شعرية، وبرقيات وجدانية وزعتها في فصول الديوان بشكل يشبع نهم القارئ.
حافظت الشاعرة في الديوان على نسقها الشعري ومفرداتها الرقيقة وقضاياها الأثيرة، فكتبت عن أوجاع الأمة العربية.. وآلام المرأة العربية.. وكتبت عن الحب والطفولة والوطن والإنسان.
تقول سعاد الصباح:
لَن أُحاكِمَكَ لأنَّكَ أَخَذتَ
شَظايايَ وبَنَيتَ بِها وطَناً..
فَيَكفي العُشّاقَ أَن تَكونَ
أَحزانُهُم مُدُناً لِلعَصافير
تحتوي المجموعة الشعرية على قصائد اشتهرت للشاعرة خلال الفترة الماضية ، مثل: امرأة في عنق الزجاجة، باردٌ من دونك البيت كثيراً، وخذني إلى الفوضى إلى الطفولة.
جدير بالذكر أن هذا هو الإصدار الشعري الخامس عشر للشاعرة التي بدأت النشر منذ العام 1964، وأثبتت نفسها في صفوف عمالقة الشعر لتسهم في تأسيس ثقافة مغايرة، وتكوّن جماهيرية كبيرة أكدها حضورها المميز في الأمسيات الشعرية التي أقامتها على امتداد الوطن العربي وخارجه.. وهي التي تعد قامة من قامات الشعر العربي.. وعلامة فارقة في خدمة المنجز الثقافي مما أهلها للحصول على جوائز وتكريمات عالمية منها جائزة مانهي للأدب التي تعادل في الشرق جائزة نوبل في الغرب.. كما منحتها الملكة إليزابيث الثانية الوسام الملكي C.B.E"" وقلدها قادة عرب أوسمة رفيعة وحظيت بتكريمات عالمية تقديراً لمسيرتها الشعرية ولمساهماتها الثقافية
وهي الشاعرة التي أشعلت طوال مسيرتها الشعرية الكبيرة التي تفاوتت حولها ردود الفعل بين مؤيد ومعارض.
ويتزامن إصدار الديوان مع معرض الكويت للكتاب الدولي ومعارض أخرى خليجية وعربية تقام خلال الفترة المقبلة.
من أجواء الديوان:
يا مَن يُحَوِّلُني في ثَوانٍ..
إِلى قَصيدَةِ شِعر..
وقارورَةِ عِطر..
يا الَّذي اكتَشَفَ أُنوثَتي..
واختَرَعَني..
قَبلَ أَن يَختَرعَ الإِنسانُ
الصَّيدَ والنّارَ والحُبّ..
بَعدَ أَنِ انتَهى زَمَنُ المُعجِزاتْ..
أَنتَ مُعجِزَتي.
ومن أجواء الديوان:
كَرِهتُ حِوارَ المَرايا..
كَرِهتُ الجُلوسَ نَهاراً ولَيلاً، بِبَيتِ اللُّعَبْ
أُريدُ استِعادَةَ حَقِّ الصُّراخِ
وحَقِّ التَّحَدّي..
وحَقِّ الغَضَبْ
أُريدُ مَكاناً على الأَرضِ،
تَنبُتُ فيهِ القَصائِدُ مِثلَ دَوالي العِنَبْ
تَخَشَّبَ قَلبي، وأَصبَحتُ امرأةً مِن خَشَبْ
تَيَبَّسَ عَقلي، ولا أَتَصَوَّرُ عَقلي حَطَبْ
أُريدُ هَواءً نَظيفاً
وفِكراً نَظيفاً
وحُرّيَّةَ الرّيحِ بَينَ حُقولِ القَصَبْ..
***
كَرِهتُ استِدارَةَ وجهي..
ولَونَ عُيوني
كَرِهتُ قَناعَةَ كُلِّ الجَواري
كَرِهتُ طَعامَ السُّجونِ..
كَرِهتُ القَبيلَةَ..
حينَ تَكونُ القَبيلَةُ..
ضِدَّ الأُنوثَةِ والياسَمينِ..
كَرِهتُ ذُكورَ القَبيلَةِ
حينَ يَقولونَ أَحلى الكَلامِ..
لِكَي يأكُلوني..!
كَرِهتُ الخُرافاتِ تَنهَشُ لَحمي..
كَرِهتُ الحَليبَ الَّذي أَرضَعوني
خَرَجتُ على سُلطَةِ المَيِّتينَ..
وخالَفتُ كُلَّ الوصايا الَّتي عَلَّموني..
وقَفتُ بِوجهِ العَواصِفِ وحدي..
ولَم أَتَّخِذْ مِن صَديقٍ على الأَرضِ..
إِلّا جُنوني