عاش المغرب مع بداية العشرية الثانية من الألفية الثالثة مخاضا إعلاميا لم يشهد له مثيلا منذ صدور ظهير 18 أبريل 1942، وبعده ظهير 15 نونبر 1958 أيام حكومة أحد بلافريج في شأن الصحافة والنشر وما لحقهما من تعديلات. ذلك أن بداية الألفية الثالثة فرضت مستجدات كان من الضروري تحيين القوانين لتساير التطور في الميدان أمام عولمة الإعلام و تدفق المعلومات وبداية أفول الصحافة الورقية، وإقبال المستهلك على الصحافة الإليكترونية التي غدت رقما صعبا يستحيل تجاهله في الميدان الإعلامي وكان من تجليات ذلك المخاض:
- 10 مارس 2012 بالمعهد العالي للإعلام و الاتصال/ الرباط يوم دراسي وطني حول الصحافة الإليكترونية حضره أزيد من 500 شخص يمثلون أزيد من 250 موقع إلكتروني في المغرب.
- 8 مارس 2013 التوقيع على العقد البرنامج لتأهيل المقاولة الصحفية بين وزارة الاتصال والفدرالية المغربية لناشري الصحف والذي تضمن إدماج الصحافة الإليكترونية ضمن منظومة الدعم العمومي.
- أبريل 2013 صدور الكتاب الأبيض لتأهيل الصحافة الإليكترونية، تضمن فصلين في كل فصل محاور:
الفصل الأول : التحديات التي تواجهها الصحافة الإليكترونية: (التحدي التكنولوجي/ التحدي الاقتصادي/ تحدي تطوير المحتوى/ تجدي أخلاقيات المهنة/ تحدي التكوين)
الفصل الثاني: توصيل لتأهيل الصحافة الإليكترونية والنهوض بها: (توصيات من أجل التأهيل التكنولوجي / توصيات من أجل التأهيل الاقتصادي/ توصيات من أجل تطوير المحتوى/ توصيات من أجل دعم أخلاقيات المهنة/ توصيات من أجل تعزيز التكوين)
- منشور وزير العدل بتاريخ 9 أبريل 2013إلى وكلاء الملك بالمحاكم الإبتدائية حول طلبات التصريح بإنشاء مواقع إليكترونية إخبارية
- 18 أكتوبر 2014 طرح مشروع القانون الجديد للصحافة والنشر.
- يوم الثلاثاء 21 يونيو 2016 صادق مجلس النواب في جلسة عامة على قانون الصحافة والنشر بالمغرب متضمنا عددا من المواد المتعلقة بالصحافة الإليكترونية
- يوم 10 غشت 2016 وضمن العدد 6491 للجريدة الرسمية صدرت مدونة الصحافة والإعلام متضمنة ثلاثة قوانين هي :
- - قانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر يضم 126 مادة
- - قانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحفيين المهنيين يضم 31 مادة
- - القانون 90.13 القاضي بإحداث المحلس الوطني للصحافة يضم 56 مادة
وبصدور هذه القوانين تعززت الترسانة القانونية المتعلقة الصحافة بالمغرب، والتي تضمنت لأول مرة بنودا متعلقة بالصحافة الإليكترونية، وقد تباينت وجهات النظر بين من يرى في القوانين الجديدة (مشروعا واعدا وتطوّرا كبيرا ومتقدما جدا في إطار السياق الإصلاحي الذي يعيشه المغرب). بدعوى أن يعزز ضمانات الحرية في ممارسة مهنة الصحافة ويلغي العقوبات السالبة للحرية ويعوضها بغرامات مالية. ولأن القوانين استجابت لمطالب ظل الصحفيون يرفعونها منذ سنوات تتعلق بإلغاء عقوبات الحبس وإنشاء مجلس وطني للصحافة يعزز أخلاقيات المهنية ويعالج الإشكالات بين السلطات التنفيذية والقضائية والسلطة الرابعة، وتضمن حرية ممارسة الصحافة الإلكترونية، كقطب هام من أقطاب صاحبة الجلالة.
في المقابل تعرضت القوانين الثلاثة لنقد شديد من طرف من لا يرى فيه سوى "خطوة صغيرة للأمام، وكان بالإمكان أن يكون أفضل مما كان". وأن قانون الصحافة والنشر كرس "عقوبات حبسية ثقيلة تجاه جرائم المس بالثوابت حيث لم يحدد المشروع بشكل دقيق تلك الجرائم مما يعطي القضاء، وهو قضاء ليس مستقلا، سلطة واسعة في تكييف الجرائم" كما أن القانون أكثر من عقوبات الغرامات، بل لم يحدد سقف معظم تلك العقوبات مما قد يحوِّل القانون إلى أداة للترهيب لكن الأخطر هو صرامة القيود التي كبل بها القانون الصحافة الإلكترونية لدرجة قد يبدو للمتتبع وكأن القانون يتغيـى منع الصحافة الإلكترونية، أو الحد من تكاثرها، وتأثيرها على الأقل.
فعلى الرغم من كون القانون الجديد قد وظف مصطلح الصحافة الإليكترونية وحاول تسييجها فإن هذا النوع من الصحافة بالمغرب لازال يواجه عدة تحديات، ابتداء من فوضى المصطلح التي تطبعها، إذ ما يزال الجدل اليوم قائما حول،المفاهيم والمصطلحات المؤسسّة للحقل كتلك التي ترتبط بماهية الصحافة الإلكترونية، وتعريف الصحفي المهني الممارس في الحقل، وظيفة وخدمة الصحافة الإلكترونية. يضاف إلى ذلك تحديات البيئة التكنولوجية وتأهيل القطاع والنموذج الاقتصادي، وتحديات المضمون الرقمي، وناهيك عن تحديات أخلاقيات المهنة. و ما تتخبط فيه الصحافة الإلكترونية من مشاكل تتعلق بصعوبة الحصول على الخبر أو المعلومة، قلة الموارد المالية والبشرية، غياب قانون منظم للمقاولة الإعلامية الرقمية، ضعف التكوين الأكاديمي وندرة الدورات التكوينية والتأهيلية، غياب بطاقة مهنية خاصة بالصحافة الإليكترونية، إضافة إلى الإكراهات التقنية المادية المعلوماتية، كثرة ساعات العمل، احتقار الصحفي الإليكتروني أثناء ممارسته لعمله، غياب خط تحرير واضح لمعظم الصحف الإليكترونية، انتهاك حقوق الملكية الفكرية للمقال في المجال الإلكتروني في عوالم افتراضية لا حدود فيها، غياب الوعي برسالة الإعلامي الإلكتروني وعدم الالتزام بأخلاقيات المهنة. أمام كل هذه المشاكل وغيرها والتي كان من المنتظر أن يجد لها القانون مخرجا قانونيا ليشكل طوق نجاة ينظم القطاع ويعيد إليه اعتباره، بعد التطفل على الميدان من كل من هب ودب لدرجة تم تحويل الصحافة الإليكترونية مهنة من لا مهنة له، أو على الأقل وسيلة للابتزاز والتشهير. لكن يبدو أن بعض مواد القانون الجديد لم تزد الأفق إلا ضبابية، بل قد يبدو للبعض أن القانون ما جاء إلا ليغلق الباب في وجه الصحافة الإلكترونية؛ ويعمق مشاكل القطاع بطريقة تنبئ بمستقبل غير واضح المعالم لهذا النوع من الصحافة، لما يتضمنه المشروع من آليات قد تعرقل حرية التعبير والصحافة وترهب كل من يفكر في إنشاء مقاولة صحفية إلكترونية، ولتوضح بعض تجليات ذلك نقتصر على جانبين أساسيين هما تأسيس صحيفة ألكترونية، والعقوبات التي تنتظر الصحفي الإلكتروني من خلال مدومنة الصحافة والنشر وخاصة قانون قانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر.
أولا في شأن تأسيس صحيفة إلكترونية
يعرف هذا القانون الصحافة الإليكترونية بأنها (كل إصدار ... يجري تحيينه بانتظام ويتم باسم نطاق خاص بالصحيفة الإلكترونية ونظام لإدارة المحتوى موجه للعموم عبر شبكة الانترنت وعبر آليات التكنولوجية الحديثة التي تشكل امتدادا لها ينشر من خلالها شخص ذاتي أو اعتباري خدمة طبقا للتعريف الوارد في البند 1 أعلاه. تسمى بعده بخدمة الصحافة الإلكترونية ويدير هذا الشخص الخط التحريري للصحيفة الإلكترونية وفق معالجة مهنية ذات طبيعة صحفية)[i] وخصص القانون الجديد عددا من مواده لكيفية وشروط تأسيس صحيفة إلكترونية أو ورقية منها:
- في المادة 11 يشترط القانون أن يكون لكل صحيفة مدير نشر تقول (يحب أن يكون لكل مطبوع دوري أو صحيفة إلكترونية أو أية دعامة إلكترونية أخرى مديرا للنشر) ويعتبر هذا المدير هو المسؤول عن كل ما قد يصدر عن الصحيفة التي يديرها، ويفرض عليه القانون أن يتحقق من هوية أصحاب المقالات المنشورة، ومن الأخبار وحتى من التعاليق التي تدعم محتوى إعلامي، وأن يلتزم بالكشف عن هوية أصحاب المقالات لدى وكيل الملك عند الاقتضاء، وإلا اعتبر بمثابة صاحب هذا المقال، مع ما يقتضيه ذلك من مسؤوليات قانونية، ولا تتوقف مسؤوليته على المقالات، بل يعتبر مسؤولا عما ينشر في جريدته الإليكترونية من تعليقات وتفاعلات، ففي نفس المادة 11 من مشروع قانون الصحافة: «يسهر مدير النشر على ضمان التقيد بالأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بممارسة مهنة الصحافة من لدن الصحافيين العاملين بالمؤسسة ويتحقق كذلك، قبل النشر، من الأخبار أو التعاليق أو الصور أو كل شكل يحمل أو يدعم محتوى إعلاميا ومن هوية محرري المقالات الموقعة بأسماء مستعارة قبل نشرها. يلزم مدير النشر، عند البحث أو التحقيق في شأن مضمون مقال غير موقع أو يحمل توقيعا مستعارا، بالكشف عن هوية محرر المقال لوكيل الملك أو لقاضي التحقيق. ويعتبر مدير النشر كأنه صاحب المقال، عند عدم امتثاله لهذا الأمر أو في حالة ما إذا تبين أن الهوية المكشوف عنها غير صحيحة. يتعرض مدير نشر المطبوع أو الصحيفة الإلكترونية للمتابعات وذلك في الحالات ووفق الشروط وضمن الحدود المنصوص عليها في هذا القانون». وهو ما سيحول مدير الجريدة إلى محقق همه التحقق من هوية المتفاعلين مع جريديه أكثر من البحث عن كيفة تطوير مقاولته...
- القانون يفرض على مدير النشر التوفر على صفة صحفي مهني، وهو شرط لم يكن في القوانين السابقة، تقول المادة 11 من مشروع قانون الصحافة والنشر: يجب أن تتوفر في مدير النشر الشروط التالية:
ـ أن يكون راشدا ومن جنسية مغربية وقاطنا بالمغرب.
- أن يتمتع بحقوقه المدنية؛
ـ أن لا يكون قد صدر في حقه حكم نهائي من أجل جناية أو جنحة في قضايا الابتزاز والاحتيال والنصب والارتشاء واستغلال النفوذ أو صدر في حقه حكم بالحرمان من واحد أو أكثر من حقوقه الوطنية باستثناء من تمتع برد الاعتبار القضائي.
ـ أن يتوفر على صفة صحفي مهني وفقا للمقتضيات الواردة في التشريع المتعلق بالصحفي المهني.
وفي المادة الأولى من قانون الصحفي المهني نجد التعريف التالي «الصحفي المهني: كل شخص يزاول مهنة الصحافة بصورة رئيسية ومنتظمة يكون أجره الرئيسي من مزاولة مهنة الصحافة، في واحدة أو أكثر من مؤسسات الصحافة المكتوبة أو الإلكترونية أو السمعية أو السمعية البصرية أو وكالات الأنباء عمومية كانت أو خاصة التي يوجد مقرها الرئيسي بالمغرب»[ii]. وهذا التعريف سيحكم على ألاف الصحف الإلكترونية بالإعدام لأن معظمها يديره أناس أجرهم الرئيسي من مزاولة مهن أخرى غير الصحافة، كما أن عددا من الصحف الإليكترونية المهتمة بالمغرب مقرها خارج المغرب.
وعلى الرغم من كون القانون يميز بين أنواع من الصحفيين مثل الصحفي المعتمد والصحفي المتدرب، والصحفي الشرفي والصحفي الحر، فإنهم جميعا ينضون تحت النوع الأول الذي هو الصحفي المهني، والذي تشترط المادة رقم 6 «ان يحوز على بطاقة الصحافة المهنية»، وأن تكون «مهنة الصحافة هي نشاطه الرئيسي والمنتظم ومصدر أجره المهني الأساسي ... وأنه ليس أجيرا لدى دولة أو منظمة أجنبية» والأكيد أن شروطا كهذه كفيلة بأن تغلق باب معظم المواقع والصحف الإليكترونية، وتـجعل مهنة الصحافة الإليكترونية بيد فئة قليلة وفي ذلك لا محالة ضرب صريح لحرية التعبير.
وفي الوقت الذي تتنظم فيه الإدارة وتتجه نحو الشباك الوحيد، وتيسير المساطر سيجد أي راغب في تأسيس صحيفة إليكترونية بالمغرب في مواجه البيروقراطية إذ يفرض عليه التردد على أقبية عدد من الإدارات والمؤسسات العمومية : بدءا بالمحكمة الابتدائية، مرورا بالوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات في حالة الصحيفة الإلكترونية ثم الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، فالمركز السينمائي المغربي بالنسبة للصحيفة الراغبة في القيام بالتصوير الذاتي ذلك أن المادة 31 من قانون الصحافة تنص على «يجب التصريح بنشر أي مطبوع دوري أو صحيفة إلكترونية داخل أجل ثلاثين يوما السابقة لليوم الذي يتوقع فيه إصداره. ويكون هذا التصريح في ثلاثة نظائر لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية الذي يوجد فيه المقر الرئيسي للمؤسسة الصحفية ويتضمن البيانات التالية :
- اسم المطبوع الدوري وطريقة نشره وتوزيعه أو اسم الصحيفة الإلكترونية واسم نطاقها.
- الحالة المدنية لمدير النشر ومدير النشر المساعد عند الاقتضاء والمحررين إن وجدوا وكذا جنسيتهم ومحل سكناهم ومستواهم الدارسي الموثق بشواهد ووثائق رسمية وأرقام بطائقهم الوطنية أو بطاقة الإقامة بالنسبة للأجانب وسجلهم العدلي.
- اسم وعنوان المطبعة المعهود إليها بالطباعة أو اسم وعنوان مضيف مقدمي الخدمات.
بالنسبة للصحيفة الإلكترونية:
- اسم وعنوان المؤسسة الصحفية المالكة أو المستأجرة أو المسيرة للمطبوع الدوري أو للصحيفة الإلكترونية.
- رقم تسجيل المؤسسة الصحفية في السجل التجاري.
- بيان اللغة أو اللغات التي ستستعمل في النشر.
- مبلغ رأس المال الموظف في المؤسسة الصحفية مع بيان أصل الأموال المستثمرة وجنسية مالكي السندات والأسهم الممثلة لرأسمال المؤسسة .
تضاف البيانات التالية فيما يخص المؤسسات الصحفية المكونة على شكل شركات :
- تاريخ عقد تأسيس الشركة، والمكان الذي وقع فيه الإشهار القانوني؛
- الحالة المدنية لأعضاء مجلس الإدارة والمساهمين وبصفة عامة مسيري وأعضاء الشركة ومهنتهم وجنسيتهم ومحل سكناهم وكذا اسم الشركات التجا رية أو الصناعية أو المالية التي يعتبرون متصرفين أو مديرين أو مسيرين فيها .كل تغيير يطرأ على البيانات المنصوص عليها في هذه المادة يجب التصريح به داخل أجل60 يوما الموالية له لدى وكيل الملك بالمحكمة التي تلقت التصريح الأول . يجوز لمن يعنيه الأمر الاطلاع على التصريح لدى النيابة العامة».
تشترك في هذه الأمر كل الصحف والمجلات والدوريات وإذا كانت الصحيفة إلكترونية فهي ملزمة إضافة إلى كل ذلك بإيداع ملف بنفس البيانات السابقة مرفوقا بوصل التصريح لدى الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات كل ذلك لتستفيد من امتداد اسم النطاق الخاص بالصحافة بالمعرب (press.ma) كما تنص على ذلك المادة 20 من القانون.
أما إذا كانت الصحيفة الإلكترونية ترغب في بث مواد إذاعية أو تلفزية وتقوم بتصوير موادها فأنها تصبح اسم القانون الجديد ملزمة بأن تودع نفس الملف بنفس البيانات السابقة لدى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، كما تنص على ذلك المادة 31 : ( تودِع الصحف الإلكترونية التي تبث بصفة عرضية مواد إذاعية أو تلفزيونية عبر الإنترنت، لدى الهيأة
العليا للاتصال السمعي البصري، نفس ملف البيانات المنصوص عليه أعلاه ." لتجد نفسها ملزمة أيضا بأخذ رخصة للتصوير الذاتي صالحة لمدة سنة مسلمة من طرف المركز السينمائي المغربي إن هي أرادت تصوير فيديوهات أو مقابلات وألا تعرضت الصحيفة لعقوبات... فقد ورد في المادة 31 من مشروع قانون الصحافة: " تستفيد الصحيفة الإلكترونية التي استوفت شروط المادة 20 أعلاه، من رخصة للتصوير الذاتي، مسلمة من طرف المركز السينمائي المغربي، صالحة لمدة سنة، للإنتاج السمعي البصري الموجه لخدمة الصحافة الإلكترونية . يتعرض كل تصوير بدون رخصة للعقوبات المنصوص عليها في قانون الصناعة السينماتوغرافية .
ثانيا في شأن العقوبات ضد الصحافة الإلكترونية:
وإذا أضيفت العقوبات والغرامات التي تتعقب زلات الصحافة الإليكترونية إلى هذه العراقيل التي يعيشها القطاع عرف المتتبع للمشهد الإعلامي في المغرب أي مستقبل ينتظر الصحافة الإليكترونية بالمغرب، وهي عقوبات كثيرة نكتفي بالإشارة إلى بعضها:
- حسب المادته 24 يعاقب بغرامة مالية تتراوح بين 2.000 و 10.000 درهم مالك المطبوع الدوري أو المستأجر المسير له، وعند عدم وجودهما مدير النشر، وعند عدمه صاحب المطبعة، وعند عدمه موزع المطبوع الدوري، الذي لم يكن موضوع تصريح طبقا لمقتضيات المادتين 21 و 22 أعلاه، أو استند في إصداره على تصريح أصبح عديم الأثر طبقا لمقتضيات المادة 23 أعلاه. لا يمكن استمرار نشر المطبوع الدوري إلا بعد القيام بالإجراءات المنصوص عليها في المادة 21 أعلاه . في حالة الامتناع عن القيام بالإجراءات المذكورة، يعاقب الأشخاص الوا ردين في الفقرة الأولى أعلاه بالتضامن بغرامة قدرها 20.000 درهم يؤدونها عند كل نشر جديد غير قانوني، وتحتسب عن كل عدد ينشر ابتداء من يوم النطق بالحكم إذا صدر حضوريا أو ابتداء من اليوم الثالث الموالي لتبليغ الحكم إذا صدر غيابيا ولو كان هناك طعن . تتعرض الصحيفة الإلكترونية في حالة عدم التصريح بإحداثها لنفس العقوبة المشار اليها في الفقرة الأولى أعلاه وتتعرض كذلك للحجب إلى حين القيام بالإجراءات المنصوص عليها في المادة 21 أعلاه.)
- وحسب ما جاء في المادة 72من قانون الصحافة والنشر "يعاقب "بغرامة من 20.000 إلى 200.000 درهم كل من قام بسوء نية بنشر أو إذاعة أو نقل نبأ زائف أو ادعاءات أو وقائع غير صحيحة أو مستندات مختلقة أو مدلس فيها منسوبة للغير إذا أخلت بالنظام العام أو أثارت الفزع بين الناس، بأية وسيلة من الوسائل ولا سيما بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية و إما بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية و اما بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم، أو بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية أو الإلكترونية وأية وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرض دعامة إلكترونية..) وترتفع هذه العقوبة إلى (100.000 إلى 500.000 درهم إذا كان للنشر أو الإذاعة أو النقل تأثير على انضباط أو معنوية الجيوش) وهي نفس الغرامة المفروضة على كل المتهمة بالتحريض على ارتكاب الجرائم .... أو الإشادة بجرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، أو جرائم الإبادة الجماعية أو جرائم الإرهاب، أو التحريض على الكراهية أو التمييز )
- المادة 79 : يعاقب من 100.000 إلى 500.000 درهم كل من عرض أو قدم أو باع للأطفال دون 18 سنة النشرات ايا كان نوعها المعدة للبعاء أو الدعارة أو الإجرام، أو ترويج أو استهلاك المخدرات والمؤثرات العقلية أو الكحول أو السجائر
- وفي المادة 81 (يعاقب بغرامة من 100.000 إلى 300.000 درهم على المس بشخص وكرامة رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الشؤون الخارجية للدول الأجنبية، بواسطة إحدى الوسائل المنصوص عليها في المادة 77 أعلاه.
- وحسب المادة 82 من نفس القانون "يعاقب بغرامة 50000 درهم إلى 200.000 درهم على المس بشخص وكرامة الممثلين الدبلوماسيين أو القنصليين الأجانب المعتمدين أو المندوبين لدى جلالة الملك، بواسطة إحدى الوسائل المنصوص عليها في المادة 77 أعلاه.بغرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم عن القذف الموجه للأفراد بإجدى الوسائل المبينة في المادة 72 أعلاه
- وفي المادة 84 ( يعاقب بغرامة من 100.000 إلى 200.000 درهم، عن كل قذف يرتكب بإحدى الوسائل المبينة في المادة 72 أعلاه، في حق المجالس أو الهيئات القضائية أو المحاكم أو الجيوش البرية أو البحرية أو الجوية أو الهيئات المؤسسة أو المنظمة أو الإدارات العمومية بالمغرب، أو في حق وزير أو عدة وزراء، من أجل مهامهم أو صفاتهم أو في حق موظف أو أحد رجال أو أعوان السلطة العمومية أو كل شخص مكلف بمصلحة أو مهمة عمومية مؤقتة كانت أم مستمرة أو مساعد قضائي أو شاهد من جراء تأدية شهادته.
يعاقب بغرامة من5.000 إلى 20.000 درهم على السب والإهانة الموجه بنفس الوسائل إلى الهيئات والأشخاص المنصوص عليهم في الفقرة الأولى أعلاه).
- وفي المادة 89 من مشروع قانون الصحافة والنشر: " يعاقب بغ ا رمة من 10.000 إلى 100.000 درهم عن القذف الموجه للأف ا رد بإحدى الوسائل المبينة في المادة 85 أعلاه . ويعاقب بغرامة من 1.000 إلى 20.000 درهم على السب الموجه بنفس الطريقة إلى الأفراد.
هذه مجرد عينة من الغرامات والعقوبات- وغيرها كثير - التي تنتظر الصحف الإليكترونية، والمتهمون فيها حسب المادة 95 هم مديرو النشر كيفما كانت مهنتهم وصفتهم/ أصحاب المادة الصحفية إذا لم يكن هناك مديرون للنشر. (يعاقب بصفته فاعلا أصليا صاحب المادة الصحفية أو واضع الرسم أو الصورة أو الرمز أو بواسطة وسيلة إليكترونية أو طرق التعبير الأخرى أو المستورد أو الموزع أو البائع أو مقدمو الخدمات أو المضيف وذلك بحسب تراتبية المسؤولية المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة) وبتركيزه على العقوبة بالغرامات كان هذا القانون أقرب إلى قانون جنائي منه إلى قانون للصحافة والنشر لأن بعض البنون تتيح أمكانية أن يتابع الصحفي بالقانون الجنائي بل حتى بقانون الإرهاب وإن تم التخلي عن العقوبات الحبسية.
وينضاف إلى هذه العقوبات المالية عدد من المواد في هذا القانون التي تعطي الحق للدولة (السلطة القضائية) في إمكانية الحجب المؤقت أو الدائم للجريدة الإليكترونية ولا يتسع المجال هنا لسردها لأننا اقتصرنا على نقطتي التأسيس والغرامات. وهما نقطتان كفيلتان بإعادة القانون المشؤوم (كل ما من شأنه) ذلك أن شروط التأسيس والعقوبات القاسية تفتحان باب اجتهاد قد لا تنجو منه أية جريدة إلكترونية، فكتابة أي مقال حول تقصير مسؤول في أداء مسؤوليته، أو شططه في استعمال السلطة يمكن أن يؤول كتشهير أو قذف، وقد يتسبب في عقوبات مالية على جريدة إليكترونية لا يجني منها صاحبها شيئا.
ومن ثمة يمكن أن يرى البعض في هذا القانون تعارضا مع المعايير الدولية لأنه يشترط شروطا ستجعل الآلاف من الجرائد الإليكترونية النشيطة اليوم في خبر كان، كما أن الحصول على البطاقة المهنية ينبغي أن يكون معكوسا، فعلى المرء أن يكون صحفيا وصاحب مقاولة إليكترونية نشيطة في الصحافة ليحصل على البطاقة المهنية، وليس عليه الحصول على أن يحصل على البطاقة أولا ليؤسس مقاولته ويشتغل في الصحافة ... كما أن اشتراط الإجازة كحد تعليمي أدنى سيقضي على الأحلام الصحفية لعدد من نشطاء الميدان الذين لم تسعفهم الظروف على مواصلة دراساتهم العليا وربما هم الأكثرية ممن يمارسون في القطاع في ظل غياب معطيات دقيقة.
صحيح أن الكل كان ينادي بتنظيم مجال الصحافة ويرفض اعتبارها مهنة من لا مهنة له، والكل كان يطالب بإصلاح منظومة الصحافة والنشر بالمغرب، لكن القانون الجديد جاء متشددا بشكل يضيق على حرية الصحافة مقارنة مع كل الدول المجاورة للمغرب فالقانون التونسي في تأسيس صحفية بشير إلى إيداع تصريح بالتأسيس لدى رئيس المحكمة الابتدائية وتصريح لدى مصالح الوزارة المكلفة بالصحافة، ولا يشترط في مدير المسؤول أن يكون حاملا لبطاقة الصحفي المهني كما لا تشير إلى ضرورة أن يكون أجره الرئيس من ممارسة الصحافة، وهي نفس الشروط الموجودة في القانون الفرنسي تقريبا، وهو ما كان عليه الحال في القانون المغربي قبل قانون 88.13 الذي تنص مادته الرابعة على أن: «يكون لكل جريدة أو مطبوع دوري مدير للنشر . ويشترط في مدير النشر أن يكون راشدا وقاطنا بالمغرب ومتمتعا بحقوقه المدنية وغير محكوم عليه بأية عقوبة تجرده من حقوقه الوطنية». ولسنا هنا بصدد المفارنة بين القانون القديم والقانون الجديد وإلا سيطول شرحه.
ما يمكن استنتاجه هو أن قوانين مدونة الصحافة والنشر بالمغرب قد شددت الخناق على الصحافة، خاصة الصحافة الإليكترونية، ورسمت مستقبلا قاتما يهدد وجود ألاف الصحف الإليكترونية.
المراجع المعتمدة:
مدونة الصحافة والنشر المنشورة بالجريدة الرسمية العدد 6491 المتضمنة ل قانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر / قانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحفيين المهنيين ي/ القانون 90.13 القاضي بإحداث المحلس الوطني للصحافة عن موقع وزارة الاتصال (http://www.mincom.gov.ma/ar)
1 - الوثيقة الصادرة عن منظمة مراسلون بلا حدود بتاريخ 15 نونبر 2015، والمعنونة ب(ملاحظات مراسلون بلا حدود"
المتعلقة بمشاريع قوانين الصحافة المغربي"، والمنشورة بالموقع الرسمي لمنظمة مراسلون بلاحدود.
2 - مرسوم عدد 115 مؤرخ في 2 نونبر 2011 يتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر، المنشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ4 نونبر2011 عدد84