يناجي الشاعر الفلسطيني المغترب بعضا من تفاصيل اغترابه، فلا قدرة له على تلمس تفاصيل الأمكنة، خصوصا عندما تكون بمنأى عنه، كل شيء يؤشر على الحزن ويرتبط به حتى أصبحت ذات الشاعر تعاني التشظي والاغتراب وتحاول التعايش عبر البحث عن حالة تجلي وانزياح من خلال كتابة القصيدة.

يا ثقل الوتر المفقود

حسن العاصي

 

1

في تلك البراري البعيدة
فقدت فراغ الأمكنة
والسفر الآتي
نوافذ مختنقة بالضياع
يتعرّى الغيم إلا من الصحو
كان الوقت كروم
تتدلّى خطى
والرؤية غواية تتناسل
حكايات عتيقة وخراب
كما أفق الإنتظار
واحتمال الرماد
تبسط أهداب هواجسها
كل غياب
للافق حالات
مثل حلم عنيد
يغفو على الشرفات
والأصيص وردة سوداء
نبضها رماد
ولافراشات تراقصها
أيها الراحلين بلا ماء بلا وجوه
لا شيئ في احتشاد الأسماء
يستدرج زهر الموت

2
أن تقبض على ضوء البحر
كي لا ينسدل من أخاديد العبور
شجر العمر
هذا الذي يدوّن يقين القلب
فوق سجّادة البصيرة
يتبعثر بين أصابعه ماء المغفرة
أن تكون ينبوعاً
يروي صلب الجذر
هذه الأشرعة فاتحة الغابة
منذورة لنور الشاطئ
أن تدرك رحيلك بمراكب غافلة
على صهوة التيه
يزاحم فيك الرمل
ارتعاش اليمّ
أشتهي أعود صدفة
لمراكب الورق
فلا رابعة
فوق قوارير نرجس الحزن
إلا وخامسة تلوّن الحلم
باحمرار الكروم

3
وقعتْ على الزهر الأخضر
لم ترى البحر
لكنها سمعتْ صدى ريش السماء
ما غفوتُ عنها في نور الوحي
لكن للنذر طقوس أربعين يوماً
وردة زرقاء غادرها الضوء
من بحر لاقاع فيه
كنتُ وجهاً حافياً
بدفتر وحيد
فهل أغمضت أحلامها طفرتها
كي توقظ عيون الرحيل
عسيرة لحظة النقاء
يعيقها بياض البريق
يوم ارتمت خلف صوت الحياة
اختمرت أبعاد الأسود
حتى تسطع الأوردة
ويوم يتسرب طيف المرارة
بطعم الحطب
يتراءى الغيث في مطر اللحظة
ناديت على المشهد المتقطع
التف خيط الاحتضار
حول عنق الذاكرة
يا ثقل الوتر المفقود
على صوتي
حين يحمل ظلي خريف الحياة
كل عام
والعصب المرابط في تقاطيع الحكاية
بخير.