نظرة فاحصة معمقة عبر سجلات التاريخ الحافلة بالأحداث وذكريات العطاء والمجد المشرق، نجد دور مؤثرا وعظيما حققته المرأة العربية عبر هذه النافذة، فكانت نموذجا مشرقا ومجدا من نور في جميع الأدوار المناطة بها داخل وخارج الأسرة؛ فهي المربية الماهرة، العالمة، الفقيهة، المرشدة، المعلمة، الشاعرة، الأديبة، والطبيبة التي تخيط الجراحات النازفة المرئية وغير المرئية، وصانعة أجيال أزهرت وأثمرت غراسا وأنضجت حضارة مشرقة في العديد من المراحل والعصور، وبرغم التحديات كافة، مازالت تسطر المرأة العربية عظيم الإنجازات وأعظم معاني التضحية في المجتمع. نراها ليلا ونهارا تكدح وتكد وتساهم بكل طاقة تمتلكها في رعاية بيتها وأفراد أسرتها، فهي الأم القلب النابض حياة في كل طريق نسلكه، الزوجة الصابرة، الأخت الحانية، القريبة المشاركة، الرفيقة المعلمة، والعنصر الفاعل حياة في المجتمع، مما يجعل الدور الذي تقوم به المرأة في بناء المجتمع لايمكن إغفاله أو التقليل من قيمته وخطورته.
لقد توقفت كثيراً عند اختيار عنوان يعطي للمرأة العربية والإسلامية مكانتها المتنامية وحقهاالمأمول، ويكاد من الصعب على فنان محترف مبدع أن يستطيع نقش مدى الصبر والعطاء والجمال اللامتناهي لعظيم دور المرأة العربية وتضحياتها، ولو أضفنا إلى ذلك الصبر الشامخ للمرأة في ظل التحديات التي تعصف بالأمة العربية والإسلامية لوجدنا أنفسنا أمام زهرة تنمية المجتمع، أيقونة العطاء، ميدان الحب والعطاء، روح المشاركة، أساس البنيان وقطاف الثمار، فالمرأة العربية في مجتمعاتنا هي الصورة الحقيقية الكلية للمجتمع، وهي المقياس الحقيقي للنظر إلى مدى التقدم والنهضة في المجتمع، فعند النظر إلى الرسالة المقدسة التي تؤدى من قبل المرأة العربية بكل معاني الصبر والأمل برغم عظيم الألم ومواجهة جميع التحديات وصولا لتأدية المهام الكبرى المتمثلة برسالة البناء والعطاء، من هنا نستطيع أن نقطف ثمرة بناء الأمة والمجتمع بشكل حقيقي تنموي، وبذلك يتكون الجيل الصاعد الجديد، وينشأ نشأة سليمة، فالمرأة التي تدرك حقيقة وعظيم دورها، وتلتزم بواجباتها على الوجه الأمثل، إنما تؤثر في حركة الحياة في وطنها تأثيراً بالغاً، يدفع به إلى فضاء التقدم والرقي والريادة الحضارية النشطة.
إذاً فالمرأة العربية هي الركيزة الأساسية داخل الأسرة، والمجتمع، ومن دون تعظيم دور المرأة والاهتمام بها لايمكن حدوث التنمية الفاعلة في المجتمعات، ومجمل التحديات التي تواجه المرأة العربية كالعنف، والظروف الاقتصادية وغيرها، يتوجب أن يتم العمل معها من منظور تنموي وبتعاون كامل من كافة الجهات القيادية وصناع القرا رومؤسسات المجتمع لمعالجة تلك التحديات كافة، وتوسيعا للدور التنموي للمرأة العربية داخل المجتمع، وعليه بإمكان المرأة النهوض بشكل أكثر فاعلية وتأثيرا اذا ما أعدت بصورة صحيحة للقيام بدورها المناط بها، لأجل المساهمة في بناء المجتمع بشكل قوي قادراً على التعامل مع متغيرا توظروف الحياة بشكل يحقق التنمية والمساهمة بكفاءة في عملية الإعداد والبناء، ومن هنا جاء سبق وتركيز الاسلام على بناء شخصية المرأة بشكل أصيل متكامل.
إن بروز المرأة العربية في العديد من المنابر الأكاديمية، التربوية، الاجتماعية والاقتصادية وغيرها يعد في حقيقة الأمر تتويجاً للنجاحات المستمرة التي يتم إحرازها حتى الآن في عملية الكفاح المتواصلة الهادفة إلى تطوير وبناء المجتمع والمشاركة الفاعلة الحقيقية في عملية التنمية الشاملة، من خلال وجود المرأة العربية كعضو فعال في المجتمع العربي عبرفتح بيئة خصبة لعملية تمكين المرأة، وهذه هي المرأة العربية التي تسطر يوماً بعد يوم ملامح الأفق الجميل، والمجد العظيم، والتضحيات التي تقوم بها بدءً من محيطها الأقرب أسرتها الصغير ةومروراً بمجتمعها الخارجي ووصولًا إلى العالم أجمع، لتشكل بصمات واضحة فيالإبداع والتفوق والريادة في كافة المجالات المجتمعية الثقافية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية.
لابد من التأكيد أن تعميق الاهتمام حول قضايا المرأة العربية في البحث العلمي يعتبر مقياسا حقيقيا ومركزيا لقياس تطور المجتمع من عدمه، فحدود تقدم مجتمعاتنا العربية والإسلامية مرهون بتقدم المرأة فيه، فلا يمكن تصور تقدم مجتمعاتنا تاركا ورائه نصفه الثاني في حال ةتخلف وضياع وتهميش، وقدأثبتت التجارب الواقعية ماقدمته المرأة العربية من تضحيات عظيمة، وإنجازات كبيرة في العديد من الميادين برغم كل العقبات والتحديات وضعف الإمكانيات، وكم تحملت وصبرت وكافحت من أجل أنتشار كفي صناعة حضارة مجتمعية مشرقة وتصنع جيل واع ييعزز ويقدر ويحترم المرأة ودورها العظيم في كل مرحلة من مراحل البناء والنهوض، ويمكنني القول بأن المرأة العربية هي الصورة المشرقة الكاملة عند النظر للمجتمع، ظروفها وأحوالها وخصائصها تنعكس فيها القيم الأساسية التي تحكم حركة المجتمع وتسير أموره، إنهاخط الدفاع الأول، وكلمة السر في البناء والعطاء، ومفتاح الأمان والدفء ومنظومة التربية، وكفي بالأمهات العربيات كنموذج أصيل من شعب رائع، يتحملن كل شيء، ويدركن أن الحزن والشدائد لا مفر منها ومستعدات لأن يغوصن فيها ليعبرن إلى الشاطئ الآخر بكل دفء وأمان.