هذه نخلتي..
غرَسَتْها الطبيعةُ في أرضيَ المُجْدِبَهْ.
هذه نخلتي..
تِهتُ..
وكدتُ أحضنها.
أتعبتني المسافاتُ أبحثُ عن كأسيَ المتعَبَهْ.
أزيحُ عن الهُدْبِ ذاكرةَ الأترِبَهْ.
وأبداُ..
أحضنُ صمتي؛
يفوحُ انْهمارُ المطرْ.
فأمسح خيطَ الدموع المدمَّى بعبرتيَ المُعْشِبَه.
أحرقني الطُّوْرُ..
وبدَّد عشقك ذاكرتي..
وانتظرتك.
كان الرحيلُ يقضُّ المضاجعَ..
أبدأُ..
دبَّ التعبْ.
أيا كأسُ ما لي وللعشقِ!؟
كنَّا هنا طعنةً قابلتْ طعنةً.
فتهشَّم قلبي كما كنتِ تستشعرين..
ونفسَكِ وسطَ رماد الهشيم.
بدأتُ.. وآهٍ من البدءِ إذ كان لا ينتهي..
وأوَّاهُ لا بدء لي أو نهاية.
بدأتُ..
وعاد النزيفُ يحاصر أوردتي..
أزهق الصمتُ دفءَ الكؤوسْ..
واشتهتني المواويلُ حزنًا..
تغنِّيه..
تلقيه فوق الرؤوسْ.
هذه رأسيَ الصامتَهْ..
أيْنَعَتْ في الأصيلْ.
وحان قِطافي.. وموت قصائديَ الخافتَهْ.
ربَّما كنتُ أصرخُ مُبْتَدِئًا..
ضيَّع البدءُ ذاكرةَ الموجِ..
وانتفخ الرملُ..
ألهمهُ تخمةَ العقلِ صمتي..
وانتضاه كَسَيْفٍ سرابُ العويلْ.
علَّمتْني الحضاراتُ أن أنحني؛
فشتمتُ النخيلْ.
والدساتير تكتب قانونَها من دمي..
إذ نسيتُ الحروفَ..
وجئتُ إليكِ..
تحاصرني نشوةُ الخبزِ..
يجتاحني حزنُ هذي القبائلْ.
وأحرقتُ فيك جميعَ السنابلْ.
فماهيَّةُ الشيءِ أوجعُ من قنبلَهْ!
يَسْبُرُ التعبُ المستديمُ المسوَّرُ بالثلجِ أغواريَ المقفلَهْ.
أتيتُكِ..
أقتلُ وحشةَ روحي..
امتزجتُ بهاجسِ ضوءِ المصابيحِ..
أوقظتُ كُهَّانَ روحي..
ومزَّقتُ قلبَ ستائريَ المُسْدَلَهْ.
أتيتُكِ.. أحرقتُ في خطواتي التعبْ
وأمزج بيني وبينكِ..
أخرج من أزمة الأرق المدلهِمِّ..
أحاصرُ أوردة الرمل..
أكتبُ بيتًا من الشعر..
انشطرتُ نواةً..
وخثَّرتُ فيَّ دمَ الأسئلَهْ.
أتيتُك..
عيناك سريٌ من البطِّ عند الأصيلْ
وعينايَ حزنٌ عتيقٌ..
وذكرى قتيلْ.
تذكرتُ أني انتبهتُ من النوم في غرفات الزفيرْ.
أحاصر أوجاعيَ البكرَ..
أكتَتِبُ الحرفَ..
أكثِّف أسئلتي..
وأعودُ لبدئي..
فأحضنُ لؤلؤةَ الروح.
أتيتُ:
المزاميرُ كانتْ معي..
ومراثي إرميا على كتفيَّ..
وأصبحتُ كعبَ أخيلْ.
عندما جاء موتيَ أشعلتُ سيجارتي..
وارتشفتُ الدخانَ كَمَهْرٍ لعطرِكِ..
حتى أضعتُ ختام الطريقْ.
حَبَوْتُ كطفلٍ..
فَرِحْتُ بما صرتُ فيهِ..
انتشيتُ كأنّي غريقْ.
كان وَهْمي يعلِّمني الاستقامةَ..
بعثرتُ لفظَ الصلاةِ..
سأتلو عليك هنا سورة التعب المستمر..
لأخرجَ من قوقعة.
فألثم دفءَ الطفولة في وجهكِ الغَضِّ..
أحاولُ أن أستبدَّ برأيي؛
فشَرْقِيَّتي ما تزال تعلِّمني أن أكونَ عنيدًا..
تعلمني الآن أن أنحني!
دمي لغةُ العَصْرِ..
والموتُ بدئي.
وحُبُّكِ لا شيءَ فوقَ
ولا شيءَ تحتَ..
وموجُ النهايات يحضنني كفنًا..
أو قِماطًا..
ولا شيءَ إلايَ يعرفُ حزنَ المسافاتِ.
أكتبُ مُسْتَجْدِيًا هذه الكلمات..
وأبدأُ..
هذا البَوَارُ يحيطُ المكانَ.
ووجهُكِ طعنةُ رمحٍ تعلمني انتصارَ الخضوعِ!
وعيناكِ درعي..
وصدرُكِ كان الوطنْ.
ربما كان وَهْمًا تصوُّرُ صدْرِكِ..
حتى بكيتُ دمًا أسودَ الروحِ..
حتى بكيتُ الدمَنْ.
تلك أطلالُنا يا امرأ القيسِ تعالَ..
وأوْقِفْ أُصَيْحابَ قلبي..
لكي يمسحوا ما تخثَّر من دمعيَ المتكوِّر طفلًا بصحراء روحي..
لأبدأ من طينتي..
أجتبيكِ رصاصةَ بدءٍ..
وطَلقةَ موتٍ بهذا المخاضِ..
فأعرفَ نفسي وحُبَّك.
أتيتُكِ مُنْخَذِلًا .. في دمي وحشةَ البدءِ والذكريات القتيلَهْ.
واشتهيتُكِ ريحًا تُعَصْفِرُ خَدَّيَّ..
تَعْصِفُ بي..
تحتوي وحشتي.
فيجسِّدُ كُلٌّ من الضائعين عويلَهْ.
وكنتِ انتظارًا طويلًا لهذا المخاضِ..
وجئتِ سفينًا لنوحْ.
فاحضني صدريَ المَيْتَ..
وارتعشي في جذوري.. بدءًا لأياميَ المقبلَهْ.
هنا كلُّ شيءٍ تحوَّل فيَّ إلى قنبلَهْ.
وماهيَّةُ الشيءِ أوجعُ من قنبلَهْ.
أتيتُكِ.. أمزج بيني وبينكِ..
كنتُ أُحاصرُ أوردةَ الرملِ..
أبصرُ وجهَكِ..
عَيْنَيْكِ..
أكتبُ بيتًا من الشعرِ..
انشطرتُ نواةً..
وخثَّرتُ فيَّ دمَ الأسئلَهْ.
سأحزمُ أمتعةَ الشعر..
أعلنُ حُبَّكَ بدءًا ..
لأياميَ المقبلَهْ.
بغداد 5/3/ 1997
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر وأكاديمي عراقي، وهذه القصيدة من مجموعة الشعرية المخطوطة (رماد ما بعد الطوفان) وقد حصلت على إشادة لجنة مسابقة الشارقة للإبداع العربي سنة 2001.