بالرغم من أن مدينة خريبكة، تحضى بوافر من التظاهرات الفنية و الثقافية،منها مهرجان عبيدات الرما، والمهرجان الدولي للسينما الوثائقية، ومهرجان السينما الإفريقية، إلا أن مدينة بوجنيبة تعد هي الأخرى، إحدى مدن الإقليم التي تتميز بعاداتها وتقاليدها، ومؤهلاتها الفنية والإبداعية والتراثية.
ومن ابرز ما يميز المنطقة فعاليات مجتمعها المدني الفاعل، الذي ينشط في كثير من القطاعات الفنية والثقافية والاجتماعية، وهو ما يجعل دار الشباب، فضاء لإبراز مؤهلات العديد من شباب المنطقة، في الموسيقى والتشكيل والمسرح، والقصة والزجل وما إلى ذلك. وقد شكل المهرجان الثقافي الذي اقيم مؤخرا بالمدينة، وشاركت فيه المندوبية الجهوية للثقافة والمكتب الشريف للفوسفاط بمناسبة عيد العرش المجيد كرنفالا حقيقيا، للاحتفاء بالموروث الثقافي والفني الذي يميز المنطقة، وخاصة حب الفروسية والفانتازيا" التبوريدة".وكان المهرجان الذي نظمه المجلس البلدي بالتعاون مع فعاليات المجتمع المدني تحت شعار" بوجنيبة لنا جميعا"، أحد المحطات المهمة التي ساهمت بشكل كبير في الدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، وذلك من خلال نجاح المهرجان بكل المقاييس، بعد أن توقف لنحو 15 سنة، ليعود كمهرجان خصب في برامجه وأنشطة بكل القوة والاحتفالية.
واعتبر عبد الصمد خناني رئيس المهرجان بالمناسبة أن هذا المهرجان، شكل متنفسا حقيقيا لساكنة المدينة، التي وجدت فيه المفصل الفني الحقيقي للترويح عن النفس، ولفعاليات المجتمع المدني للعمل، وإبراز قدراتها الفنية والجمعوية في كثير من القطاعات.وأكد خناني الذي قال"رهاننا تطوير مختلف القطاعات والثقافة مكون أساسي للنجاح والتنمية" أن المهرجان الذي شهد عروضا رائعة لفن الفروسية التقليدية، وفقرات خصبة فكرية وفينة ورياضة لقي استحسان الجمهور، كما بلغت أنشطته إلى مختلف الأحياء، وهو ما جعل كل الساكنة تستفيد منه، ليكون الاحتفال احتفالا جماعيا، والعمل مشتركا، بهدف إعادة أمجاد المدينة، وتقوية البنى التحتية للمدينة في كافة المجالات التنموية.
ولفت إلى أن المهرجان الذي اقيم على مدى أسبوع، بدعم مالي كبير من طرفه، وهو يفتخر بذلك تأدية لواجبه، كمساهمة سخية تنم عن حب المدينة، والرهان على ازدهارها وتطورها، ضمن باقي مدن الإقليم، يسعى إلى إنماء المنطقة، بشكل عام، وإنعاش المجال الاقتصادي والتجاري للمدينة، فضلا عن جعل المدينة بوابة سياحية لاستكشاف تاريخ ومؤهلات المنطقة التراثية والفنية والإبداعية.
وأوضح أن المهرجان الذي عرف نجاحا مهما بدعم كبير من قبل عامل الإقليم محمد صبري، وتضحيات جسام من قبل الباشا عبد الرحيم عمر والخليفة محمد شكوفي، ومختلف السلطات المحلية، كان نقطة ايجابية لساكنة المدينة التي وجدت الاحتفال الراقي، بكل ميكانيزمات الفنون المحلية، تكريما للقيم التراثية الساحرة.وأشار إلى أن المهرجان عرف تنظيم فيض من الفقرات منها بالخصوص حفلا فنيا لتجسيد عرس منطقة ورديغة، حفاظا على الذكرة الشعبية والعادة والتقاليد، بكل حمولتها الفنية وطقوسها الجميلة.واعتبر أن تلك التظاهرة الكبرى التي شهدت بالمناسبة تقديم فيض من الأهازيج ومعرض للزيارات الملكية لإقليم خريبكة، ومعرض للبيئة واللوحات التشكيلية، إضافة إلى فقرات رياضية، واقصائيات في تجويد القران، ومعرض للصور الضوئية ورسم الجداريات، ومعارض للكتب ورسم الجداريات، بقي راسخا في ذاكرة ساكنة المدينة، وكل ما زار المدينة أوان المهرجان، وبخاصة مستعملي الطريق الرئيسية رقم 13 الرابطة بين الدر البيضاء وبني ملال، كتظاهرة فنية غنية بفقراتها التي لامست أيضا الإبداع الشعري والأشرطة الوثائقية وندوات فكرية منها ندوة حول تاريخ الحركة الوطنية بالإقليم، فضلا عن مسابقات ثقافية وورش متنوعة، وسهرات للأمداح النبوية والأغنية الشعبية، وغيرها.ثمة كان المهرجان ثمرة جهود عدد من أبناء المدينة الغيورين والمدافعين عن وهيبتها الثقافية والفنية والرياضية، ليضرب له موعد في السنة المقبلة، مع فقرات جديدة، وبرامج مهمة، أبرزها التركيز على إبراز مؤهلات المدينة التراثية والاقتصادية والفنية، والاهتمام بالإشعاع الإعلامي، وذلك من خلال إقامة إذاعة للمهرجان تغطي الفعاليات طيلة ايام المهرجان.
وعلى صعيد متصل، ومن أجل إعطاء الجانب الثقافي قيمة مهمة في المدينة التاريخية والمنجيمة التي شهدت تصوير مشاهد عدة، في المجال السينمائي، تتوفر المدينة على دار للشباب ودار للثقافة، يحتضنان عددا من الأنشطة المهمة، وكشف خناني بالمناسبة عن أن المدينة تراهن من اجل التميز، على التفكير جيدا في إقامة مهرجان سنوي لفن الزجل، وذلك بالنظر إلى قيمة هذا اللون الفني والأدبي الجميل في المدينة، والإقليم ووجود عدد من الزجالين والشعراء الذين ينتمون إلى المنطقة، كفضاء خصب للحكاية الشعبية والأمثال والأزجال، والذاكرة الشعبية التي تتغنى في العمق بالتاريخ المجيد للمنطقة، وزمان المقامة، ومواسم الأولياء والحصاد، فضلا عن مواضيع اجتماعية ووجدانية تجد في الطبيعة الساحرة للمنطقة، فضاء رومانسيا ووجدانيا لاستلهام أحلى الأزجال وأرقها على نفوس المتلقي والجمهور.