عيب يا فناني سورية، هذا شعبكم الذي يتظاهر ويموت من أجل الحرية، عيب حديثكم عن مؤامرة خارجية وعصابات مسلحة، وأنتم تعرفون أن المخابرات هي التي تعتقل وتعذب وتقتل..
عيب يا أستاذ دريد لحام، وأنت تعرف أن شبيّحاً من آل شاليش عام 1999 تعرض لعائلتك بأقذع الألفاظ، وأن اللواء زهير حمد استدعاك عام 2007 للتحقيق معك من أجل تصريح صحفي ولم يحترم قيمتك الكبيرة، التي يقدرها هذا الشعب الذي أحبك وساهم في صنع نجوميتك، ولايطالب بأكثر من حريته اليوم، وينزل بصدور عارية ليواجه أشرس آلة قمع في التاريخ..
عيب يا أستاذ باسم ياخور وأنت تعرف ما الذي فعلوه بعمك في ثمانيات القرن الماضي، وكيف عذبوه في المخابرات، وتعرف إلى أي حد ضايقو والدك خلال عمله الصحفي، وكيف خوّنوك بعدما صورت "أيام الولدنة"..
عيب يا أستاذ نضال سيجري، وأنت تعرف كم سنه قضى أخوك في سجونهم وبماذا اتهموه..
أنا لا أعتب على أمثال هشام شربتجي ووائل رمضان وسلاف فواخرجي وسيف سبيعي وأمثالهم، فكلنا نعرف أنهم لا يملكون شرفاً ليبيعوه، ولا أعتب على بشار اسماعيل وعلي الديك وزهير رمضان وأمثالهم فهؤلاء أقرب إلى الشبيحة منهم إلى الفنانين، ولا أعتب على أيمن زيدان وزهير عبد الكريم وأمثالهم فهؤلاء معتادون على الانتقال من حذاء إلى حذاء لتقبيله.
ولكني أعتب عليكم أنتم بالذات لأنكم لستم بحاجة لعطايا ومنح وهبات، ولأنكم تعرفون أن البلد أكبر من أي نظام ومن أي شخص، وأن ما يحدث هو ثورة بكل معاني الثورة. وارجعوا لكتب وموسوعات التاريخ، لتقرأوا وتقارنوا، كيف اتهمت كل الثورات بالعمالة، ثم أصبح الانتساب إليها مفخرة، وناقشوا بينكم وبين أنفسكم مواقفكم المشرفة من ثورتي تونس ومصر، ومواقفكم المخجلة من ثورة شعبكم. هل برأيكم لا يستحق هذا الشعب الحرية والكرامة؟ وهل عليه أن يعيش إلى أبد الآبدين تحت أحذية المخابرات؟ فكروا على الأقل في مستقبلكم الشخصي والمهني وموقفكم الأخلاقي والوطني إذا ما انتصرت الثورة، وهي ستنتصر، لأن هذا الشعب يريد الحياة الآن. ألم ترددوا بيت أبو القاسم الشابي عن الحرية، أم أنه حلال على تونس ومصر وحرام على سورية..
أنا ومن موقع الصديق، ولأني أعرفكم جيداً، وأعرف مواقفكم الحقيقية من النظام، وأعرف أنكم أصحاب مظالم، أطالبكم على الأقل بالصمت، إن لم تكن لديكم القدرة على مساندة هذه الثورة، بدلاً من شتمها وتخوين أشخاص يواجهون بصدور عارية وبشجاعة منقطعة النظير جهاز المخابرات الأفظع والأشرس في العالم. أشخاص يشرفونني ويعيدون لي كرامتي واعتزازي وفخري بهويتي كسوري.
فأنتم بالتأكيد تعرفون من خلال خبرتكم كممثلين كيف تفبرك مشاهد الاعترافات المزيفة، وتعرفون أنه لا يوجد أحد في العالم يذهب للموت من أجل فتوى شيخ مجهول، أو من أجل الحصول على خمسين ألف ليرة، أو لأن الشيخ القرضاوي أو بندر بن سلطان أو عبد الحليم خدام أو رفعت الأسد أو سعد الحريري طلب منه ذلك. وتعرفونه لا يمكن لأحد بما فيه الشيطان نفسه أن يجمع هذه الأسماء ويضيف إليها قنوات العربية والجزيرة والبي بي سي وفرانس 24 والحرة والأورينت وبردى ليدبر مؤامرة على سورية، ثم لو اجتمع كل هؤلاء مع سكان الأرض لتحريك مظاهرة صغيرة لن يستطيعوا، ما لم يكن للمتظاهرين مصلحة في ذلك. فكيف بهذه المظاهرات التي لم تهدأ طوال خمسين يوماً، وامتدت لتشمل أغلب الأراضي السورية؟
ألم تسألوا أنفسكم كيف تحوّل أمير قطر حمد بن جاسم والرئيس الفرنسي ساركوزي ورئيس الوزراء التركي أردوغان من أصدقاء وحلفاء لسورية بين ليلة وضحاها إلى أعداء؟!
أطالبكم من موقع الصديق أن تنظروا إلى مايحدث في سورية بضمائركم، فإن لم تستطيعوا ففكروا بعقولكم، فإن لم تستطيعوا فاصمتوا..
أرجوكم قولوا خيراً في هذه الثورة أو فاصمتوا..