توجت الفنانة التشكيلية المغربية عزيزة العابدي بلقب أميرة الفنانين بفرنسا، وذلك خلال فعاليات الدورة ال 25 للمهرجان الدولي للفن الفطري(بان آر)، والذي احتضنه مدينة (اربيش) ضواحي ليون الفرنسية، من 14 الى 17 من شهر مايو الجاري.
وجاء هذا التكريم للتشكيلية المغربية التي كانت الوحيدة على الصعيد العربي والإفريقي، خلال افتتاح هذه التظاهرة الفنية الدولية، بحضور نخبة من المسؤولين في المجال السياسي والثقافي والفني والإعلامي، من ضمنهم عمدة المدينة ورئيسة التراث الفرنسي، تكريما لعطاءتها الفنية الراقية في المجال التشكيلي، واحتفاء بسحر لوحاتها، وتميز تجربتها الإبداعية النسائية التي تشكل احد الأنساق الإبداعية، التي رفعت رأس المغرب عاليا في العديد من التظاهرات العالمية.
وتشارك الفنانة المغربية في هذه التظاهرة، التي اختارت لها شعار الفن المغربي الفطري، تكريما للفن التشكيلي المغربي لأول مرة في تاريخ هذا المهرجان، الذي تقام خلاله عروض متنوعة، بعدد من صالات العرض والأروقة الفنية، ضمن مشاركة 100 فنانا محترفا يمثلون عددا من البلدان الأجنبية، ما يبرز قيمة الفن التشكيلي النسائي المغربي، الذي رسخ حضوره الدولي، بتوقيعه على مواضيع متنوعة غاية في الروعة، هي في العمق رسالة راقية تحمل في ثناياها عبير سحر فنون ممتعة، تنهل من معين التراثي الحضاري، وفيض القيم الحضارية والتاريخية والهوياتية التي تميز المغرب عن باقي بلدان العالم عادات وتقاليد وطقوسا.
وقدمت الفنان عزيزة بالمناسبة في رواق خاص، تكريما للفن التشكيلي المغربي كضيف شرف الدورة، 20 لوحة تشكيلية، مزجت فيها بين المسحة النسائية الرقيقة والإبداعية التي لا تخلو من سحر إبداع رقيق مشوق وممتع، وبين تقنية تشكيلية تلقائية، قاربت الفنانة في تيماتها، مواضيع عدة، وصور تشكيلية طبيعية تجسد لسحر المكان، ونخوة الزمان، وزهو التاريخ والتراث الحضاري، والعادات والتقاليد والمورث الشعبي والحضاري، الذي يميز مدينة مراكش على الخصوص، والعديد من مناطق المغرب تراثا وحضارة وهوية وجغرافيا.
في إحدى لوحات الفنانة العابدي المعروضة، يسافر المتلقي إلى الذاكرة التاريخية لمدينة مراكش بوابة الصحراء، المفعمة، برونق أخاذ مطل على جبال الأطلس الكبير، حيث تبدو (المنارة) شامخة شموخ التاريخ المغربي المجيد، والرياضات الزاهية بلون القصبات، فضاءات عتيقة حسان، تحكي قصصا عن الهوية والذاكرة المراكشية في أعماق التراث الحضاري المغربي الأصيل، فيما ساحة جامع الفنا، التي صنفتها منظمة اليونسكو تراثا عالميا إنسانيا، تفيض بسحر أسطورة تجعل من مراكش، مكانا استثنائيا وخارقا للعادة، يتعانق فيه السحر بالتاريخ، والأسطورة بالتراث الشعبي الذي ليس له مثيل.
في لوحة أخرى من فيض لوحاتها، تقدم الفنانة باكورة أعمال تفيض سحرا جذابا، فيها الكثير من الاشراقات، فيها رقة لا توصف، أحلام لا تنتهي، ملمس حرير، وفيها يسافر المتلقي بلا رجوع إلى ضفاف ليست كالضفاف. إنها واحدة من اللوحات التي تأملها الجمهور الفرنسي واستقبلها بحفاوة كبيرة، وانبهر لها، إذ كيف تستطيع أنامل فنانة تشكيلية مغربية رسم كل هذا الجمال الطبيعي والتلقائي الذي يحكي ألف قصة؟، جمال عكسته الفنان على العديد من المظاهر الاجتماعية كالعروس الفاسية، وأسطورة العشق الأبدي بين ايسلي وتسليت في منطقة املشيل، حيث بحرية البجع بموسيقاها الخارقة شاهدة على دموع معشوقة أحبت حتى الموت، بلباسها الامازيغي الجميل، الذي يفوح منه عبق القرنفل، وعاشق، صنع من طهر عشقه للمحبوب، مجدا شامخا، وشامة وجدانية، استوعبتها عزيزة العابدي، ورسختها تيمة موحية في لوحاتها، بالماء والورود، كأحلى صورة من تلك الذكريات، ومن عشق ذاك الزمان.
بالمناسبة أكدت عزيزة العابدي في تصريح خاص عن اعتزازها الكبير في تمثيل المغرب أحسن تمثيل في هذه التظاهرة العالمية، التي كرمت في العمق الفن التشكيلي المغربي النسائي، الذي يبرز قيم الهوية الوطنية وروح التراث الحضاري والشعبي، كإحدى الأنساق الفنية الراقية لقيم التسامح والتعايش بين مختلف الثقافات والفنون.
وأضافت العابدي التي احتفت بها الصحافة الفرنسية خلال هذا التتويج، انه ليس من السهل الفوز بلقب أميرة الفنانين في تظاهرة دولية من حجم هذا المهرجان، ما يبرز أن الفنانة التشكيلية المغربية في هذا الجانب واعية بأهمية المسؤولية الملقاة عليها، والرسالة النبيلة التي تضطلع عليها، فضلا عن أدوارها الثقافية والفنية الطلائعية، كصورة حقيقية من صور الدبلوماسية الفنية والثقافية، التي يجب أن تتوافر لدى أي فنان آو فنانة في هذا الإطار.
وشددت بالمناسبة على قيمة الفن التشكيلي المغربي، الذي ما يزال يشكل قيمة مضافة للفن التشكيلي العالمي، والتاريخ التشكيلي العالمي، يستذكر ذلك من خلال أسماء لامعة على سبيل المثال لا الحصر الفنان الشعيبية التي حلقت بالفن التشكيلي المغربي عاليا. معربة عن أملها الكبير في أن تصبح سفيرة الفن الفطري عبر العالم، وذلك من اجل نقل التراث المغربي لكل مكان في العالم بأحسن شكل.