دفع اتساع ظاهرة مسرح الشباب وتجاوز نصوص المئتي نص الباحث المغربي لتناوله من خلال تلك المقاربة العنوانية التي يتعرف عبرها على الكثير من ملامحه.

نصوص مسرح الشباب بالمغرب

موسم 2007- 2008 : (مــقاربة عنوانية)

جميل حمداوي

 

تمهيد:
تنظم وزارة الشباب والرياضة المغربية كل سنة ضمن تقاليدها الثقافية مهرجان مسرح الشباب، وقد ساهم هذا التقليد الفني الممتع في إثراء الساحة المسرحية بالمغرب، وتنشيط الفعل الثقافي وتحريك الطاقات المبدعة والمواهب الشابة للعمل والابتكار والخلق والمساهمة في بناء المغرب الحداثي مسرحيا وثقافيا. وهذه هي ميزة إيجابية تحسب لهذه الوزارة النشيطة ولوزيرتها الشابة نوال المتوكل ومدير الشباب والطفولة والشؤون النسوية السيد مصطفى بنرهو. هذا، وقد نظمت هذه الوزارة الفتية في عطاءاتها، والمشكورة على مبادرتها الشبابية، هذا الموسم 2007-2008م الإقصائيات الإقليمية لانتقاء الفرق المتميزة مسرحيا، والتي ستتبارى على المستوى المركزي ضمن المهرجان الوطني الخامس لمسرح الشباب.

وسنحاول في هذه الدراسة المتواضعة مقاربة مجموعة من النصوص الدرامية من خلال عناوينها قصد معرفة آلياتها الدلالية والفنية، وسنشتغل على متن مسرحي يتألف من 210 نص درامي، وهذا عدد كبير يصعب الإحاطة به سواء بالنسبة للوزارة أم الباحث الناقد على حد سواء. ونقترح على الوزارة المسؤولة  أن توثق إقليميا وجهويا ووطنيا العروض والنصوص الدرامية التي تقدمها الفرق المسرحية الشبابية، كما ينبغي على الوزارة أن تطالب لجن التحكيم بقراءاتها النقدية ومقرراتها التقويمية من أجل استثمارها وتحويلها إلى كراسات وكتب تنشر شهريا أو فصليا أو سنويا ليستفيد منها طلاب المسرح وشباب الدراما. ونرجو من الوزارة أيضا  أن تختار ضمن لجنة التحكيم على المستوى المركزي والمحلي والجهوي باحثين أكفاء متمكنين من آليات المسرح، ويفهمون العربية والأمازيغية واللغات الأجنبية الأخرى، فالتميز المسرحي لايكون فقط على صعيد الأدوات الركحية والسينوغرافيا المشهدية، بل يظهر حتى على مستوى النص والتجربة المضمونية والرؤية الدلالية والمرجعية. 

1 ـ المضامين العنوانية:
من يتأمل العروض المسرحية والنصوص الدرامية  التي تقدمت بها النوادي الشبابية الأمازيغية بالمغرب، فإنه سيجدها تتحدث عن الهوية الأمازيغية والثقافة البربرية، وتدعو الإنسان الأمازيغي إلى التشبث بأرضه وكينونته ووجوده، وتبين هذه النصوص الدرامية عبر رؤية تراجيدية وضمن مسرح أسود معاناة الإنسان الأمازيغي من جراء اليتم والإقصاء والتهميش والعزلة والاغتراب الذاتي والمكاني كما في مجموعة من العروض الأمازيغية، وهي:  "تشومعات"، و"يوميات مجانين"، و"تمورغي" ، و"داها"، و"تواث إمزراذ".

وفي المقابل، ثمة نصوص درامية تتغنى بالوطن وتشيد بأبطال المقاومة الوطنية، وتمدح المواطنين الغيورين على وطنهم،  وتعدد مناقب الرموز الوطنية المناضلة التي حررت الوطن من قبضة المستعمر، وتنبذ الهجرة وتعتز بالأرض كما في مسرحية "أولاد الوطن"، و"قطران بلادي ولا عسل البلدان"، و "وطني الحبيب"، و "هموم بلادي"، و "أرضي وأرض جدادي"، و "نداء سبتة ومليلية"، أضف إلى ذلك، فهناك نصوص مسرحية فانطاستيكية وخرافية أسطورية ذات ملامح رمزية انزياحية تعتمد على الامتساخ والتحول العجائبي الغرائبي والتخريف الدرامي  للتنديد بالإنسان الحي الذي تحول إلى كائن حيواني معلب ومشيإ كما في نص "الغول"، ومسرحيات: "عرس الرمال"، و "غفران الشمس"، و "ديوان الساحر"، و "عائشة قنديشة"، و "الغول في المدينة"، و "الشوافة"، و "عباءة مجنونة"، و "تاغونجة"، و "الفقرية كترفع الراس"، هذا، وثمة مسرحيات تحمل أبعادا إنسانية كالدعوة إلى الأخوة والتعايش السلمي والتسامح والتواصل والتعاطف ونبذ العدوان والصراع الجدلي والتنافر واستخدام العنف والإرهاب لمحاربة الإنسان والتنكيل به فكريا و دمويا كما في مسرحية "انتباه ـ قف ـ أيها الإرهابي".  ونلاحظ كذلك مجموعة من النصوص الدرامية التي تدعو إلى الاحتجاج والثورة وتكسير الصمت وإنقاذ الواقع من آفاته السلبية وتغييره نحو الأحسن والأفضل كما في مسرحية "لنكسر الصمت"، و "المواجهة"، "واحلو الباب"، و "خط اللقاء"، و "عز الخيل مرابطها"، و "الحل بين يدينا"، و "هواجس الضد". ولم تقف النصوص الدرامية إلى ماهو أمازيغي ووطني وإنساني، بل هناك نصوص اتخذت طابعا اجتماعيا من خلال التأرجح بين الكوميديا الساخرة والتراجيديا الصادمة، فشخصت عيوب المجتمع المغربي بصفة خاصة والمجتمع العربي بصفة عامة كمسرحية: "الشوماج طوطال"، و "المجانين"، و"تمشي وتوالي"، و "الدار الكبيرة"، و "الليلة الأخيرة في أحلام السيد"، و "لاهنا ولا لهيه"، و "الغريب"، و "سوق الصبر"، و "رد البال"، و "ياسلام على الوظيف"، و "اللي فرط يكرط"، و "العاطل"، و "الفلوس غير سباب الهم"، و "منسيون"، و "معاناة امرأة"، و "أطفال... أطفال"، و "جنون البشر"، و "المرأة تتهشم"، و "قسم المشاغبين"، و "مهماز الشر"، و "حراكة بوزندكة"، و"لست أنت جارا"، و "الطمع طاعون"، و "الأحمق"، و "فات الفوت"، و "المعاناة"، و "الجنة تحت أقدام الأمهات"، و "دنيا"، و "الحانة"، و "الخبز المر"، و "السعد"، و "الروينة في الكوزينة"، و "ذكريات في القمامة" ...

وهناك مسرحيات سياسية تنتقد الأوضاع السياسية الداخلية، وتستشرف غد الحرية والنور والأمل والإشراق كما في مسرحيات: "الجبروت"، و "القفص"، و "الصمطة"، و "عش لحمام"، و "الحرية". وتتميز بعض النصوص الدرامية ببعدها التراثي والتناصي عبر تشغيل التراث والتاريخ والمقتبسات والمستنسخات التضمينية قصد خلق خطاب حواري إيحائي استنساخي عن طريق إسقاط محور الماضي على محور الحاضر والعكس صحيح أيضا، كما في مسرحية "مشاهد من الحكواتي الأخير"، و "شهرزاد"، و "أنا غودو"، و "علي واللصوص"، و "السيرك"، و "كركوز وعيواظ"، و "حلاق درب الفقراء"، و "رحلة حنظلة"، و "مسيلمة الصديق"، و "كاليولا"، و "عشاق الطهارة في المدينة العاهرة"، و "زمن الأخطاء"، و "للايطو"، و "عمايل جحا"، و "دائرة"، و"تسقط أثينا". ويلاحظ القارئ كذلك أن للتربية والتعليم حضورا في مسرح الشباب لوجود الكثير من النصوص المسرحية التربوية التي تصور عالم الدراسة والمدرسة وعلاقة التلميذ بالمدرس والإدارة والمجتمع الذي توجد فيه هذه المدرسة كما في مسرحية "التلميذ المشاغب"، ومسرحية "العلم الضائع" .

ومن أهم أنواع النصوص الدرامية الأخرى الحاضرة في المتن المدروس النصوص الميتامسرحية ( المسرح داخل المسرح) التي تشيد بوظيفة الفن، وتعتبره سبيلا للتغيير وآلية حقيقية لفهم الحياة فهما حقيقيا. فالفن ليس لعبا تافها ونشاطا زائدا، بل يحمل رسالة مجتمعية وإنسانية، يحرر الإنسان من الذل والعبودية، ويخرجه من الخنوع والجهل المطبق نحو التغيير والممارسة والفعل الإنجازي البديل كما في مسرحيات: "غير بالفن"، و "الكواليس"، و "وجوه وأقنعة"، و "رقصة الممثل الأخير"، و "أقنعة الظل"، و "مسرحية... ولكن"، و "تمرين"، و "صراع"، و "الهواة"، و "فرجة"، و "العرض الأخير"، و "الخشبة الفارغة"، و "السيرك"، و "الحكواتي الأخير" ....

وتتخذ بعض المسرحيات طابعا تراجيديا وملمحا مأساويا،  فتتغنى بالنهاية والانتحار والفاجعة البشرية والإنسانية والموت المحتم كما في مسرحيات: "نهاية عجوز"، و "الانتحار"، و "الريح"، و "لا أبكي... لأنك تموت"، و "الرمح المكسور"، و "النزيف"، و "رقصة الموت"، و "قبور الأحياء"، و "جثة وسط الرماد"، و "صوت من وراء الصمت"، و "هل قتلت أحدا؟"، و "اللعنة"، و "سمفونية الصمت"، و "حوار المقابر"، و "الراكد"، و "ليس هناك وقت للموت"، و "القدر المشؤوم"، و "نعيش على أجنحة الزمن"، و "على والو"، و "المصير المجهول"،، و "عبدة الصمت"، و "مرض العصر"، و "سوق المسالمين"، و "السراب"، و "المرضى في الدوار"، و "غرفة العمليات". ونجد نصوصا مسرحية صوفية عرفانية تشيد بالروح والتأمل الوجداني الصوفي، وتنقر لوحاتها على ضوء قبسات نورانية ومشاهد عرفانية لدنية كما في مسرحيات: "ضجيج الروح"، و "الحجرة"، و "ضمير ومصير"، و "رجوع الروح"...

ونلفي أيضا مسرحيات البحث والتحقيق وكشف مكائد المؤامرات والأحداث المحبكة كما في مسرحيات: "التحقيق في سجل أسود"، و "تحقيق أبيض"، و "من القاتل؟"، و "محاكمة العدو"، و "الكعكة الجريمة"، و "ارتكبت جريمة هذيان"، و "شكون أنت فيهم؟"، و "بطاقة تعريف". ويمكن أن ندرج بعض النصوص المسرحية في إطار ماهو رومانسي وجداني؛ لأنها تتغنى بالحب والعشق والمقامات والأحوال العاطفية، كما في مسرحيات: "عشق وهم وجنون"، و "مجنون ليلى"، و "من وحي البحر"، و "الليلة المظلمة"، و "حلم"، و "أحلام بلا حدود"، و "العطار بنت السلطان"، و "تفاح العرصة"، و "سبعة خناجر وقبلة"، و "الغابة"، و "مدن العشق السادي"، و "النصف الآخر"، و "بنت السلطان" ...

وتحيل بعض المسرحيات الدرامية على وسائل النقل والعنونة المكانية وعالم الأشياء، بيد أن هذه العناوين تتخذ أبعادا رمزية دالة على قضايا اجتماعية وأخلاقية وبشرية وإنسانية وفكرية ووجودية كما في مسرحيات: "محطة القطار"، و "سفينة"، و "البئر الآخر"، و "الطريق تقتل"، و "سفر مجاني"، و "مرايا" ،

ونلتقي مع نصوص مسرحية أخرى  فكرية وفلسفية ذات أبعاد تصورية مفتوحة، تطرح إشكاليات ذهنية وجوهرية عويصة تتعلق بالحياة الإنسانية والمصير البشري والحاضر المجتمعي في شكل تساؤلات وفرضيات استفسارية تتطلب أجوبة وحلولا كما في المسرحية الأمازيغية: "ماخ/ لماذا؟"، والمسرحيات الأخرى كمسرحية "وبعد"، و "إشكالية ونقاش"، و "تستمر الحياة"، و"لحظة تأمل"

2 ـ ملاحظات واستنتاجات:
نستنتج من هذه المقاربة العنوانية أن أغلب المسرحيات المعروضة تتناول مجموعة من القضايا والظواهر الاجتماعية ترتبط بالبطالة والهجرة والتهميش والإقصاء والمعاناة واليتم. كما تؤشر النصوص الدرامية الأخرى من خلال عناوينها على انتقاد التسلط والظلم والبؤس والتفاوت الاجتماعي وإقصاء الأمازيغيين.

لذا، يبقى الحلم بالهجرة عند البعض هو السبيل للتحرر من القهر والتخلص من الحيف والانعتاق من البطالة، بينما يذهب البعض الآخر إلى اختيار المواجهة وتكسير الصمت  ولو أدى الأمر إلى الموت والانتحار والنهاية المحتومة، بينما هناك من يختار طريق التكيف والتأقلم مع الواقع والتشبث بالأرض معتزا بوطنيته وبلده مهما كانت الظروف. أما الفنانون المثقفون فيرون أن التغيير لا يكون بالعنف والمواجهة والموت والمجابهة الراديكالية، بل بالفن المسرحي والدراما الركحية، إذ يمكن عن طريق المسرح توعية الآخرين وتغيير فئات المجتمع المستلبة. ويعني هذا أن تغيير المجتمع لا يتم إلا عبر المسرح واتخاذ الفن أداة للتغيير والتوعية كما كان يفعل المخرجون الألمان كبريخت ويسكاتور ويتر ?ايس.

ونستخلص من خلال تصفحنا لعناوين المسرحيات أن خطاب الموت والمأساة هو المهيمن على محتويات العروض المسرحية، كما أن الإيقاع الجنائزي و التراجيديا والبكائية من سمات مسرح الشباب، فالتفاؤل ضئيل جدا وباهت بالمقارنة مع خطاب التشاؤم والتيئيس، ويظهر لنا أن الشبان المغاربة  من خلال استخدام هذه العناوين المسرحية قابلون للاشتعال والمجابهة والمقاومة والانفجار على مستوى التخييل واللاشعور المماثلين للردات الفعلية الواقعية  في أية لحظة ممكنة ومواتية وفعل أي شيء للتخلص من أوضاعهم المتردية، ولو أدى  بهم  الأمر إلى الانتحار وارتكاب الأفعال المحظورة قانونيا واجتماعيا وأخلاقيا، مادامت الحياة بالنسبة لهم بمثابة سراب دامس وظلمة  قاتلة وأوهام زائفة  وصراع عابث.

وعلى الرغم من هذه النظرة السلبية، فهناك من يتغنى بالوطن ويعيش على أحلام رومانسية وآمال وردية ويتلذذ بمستقبل واعد. ولكن الفئة المتشائمة من الشباب هي الأكثر حضورا من الفئة المتفائلة من خلال عناوين ومحتويات العروض الدرامية، ويعني هذا بكل وضوح وصراحة أن الشباب المغربي مهيأ وجدانيا وذهنيا للانفجار والمواجهة في المستقبل، إذا لم نبادر بسرعة لاتخاذ مجموعة من المبادرات لإخماد كل فتيل ينذر بالعدوان والانفجار. ومن هنا، لابد للدولة أن تتفطن إلى هذه التيمات التي يعرضها مسرح الشباب  وأن يتفهمها جيدا؛ لأن الفن يعكس الذات والواقع على حد سواء. ولابد  للدولة من أن تأخذ بأيدي الشباب و تشبع رغباتهم و تحقق لهم  كل ما يطمحون إليه من تحفيز مادي وتشجيع معنوي وزرع الثقة  والوطنية الصادقة  في نفوسهم. وعليه، يبقى المسرح الآن هو الوسيلة  الثقافية الوحيدة التي من خلاله يتنفس الشباب، ويعبرون عن همومهم وأحزانهم وأتراحهم، ولكن إلى متى سيظل المسرح هو المسكن الوحيد الذي يوفر للشباب الراحة النفسية والعضوية، ويقدم لهم عالما ورديا بأحلام التغيير إذا لم يعضد بأنشطة ثقافية وفنية ورياضية أخرى؟!!! 

3 ـ المقومات الفنية والجمالية:
تتكئ هذه النصوص المسرحية  عبر قراءة عناوينها على توظيف  مجموعة من القوالب الدرامية كالقالب الكلاسيكي والقالب الرومانسي والقالب الاحتفالي وقالب المسرح داخل المسرح وقالب الفانطاستيك والتخريف الدرامي. كما تتضمن المسرحيات أبعادا اجتماعية ووطنية وتاريخية وتراثية وسياسية و صوفية وفنية وجمالية وإنسانية. وتستعمل هذه النصوص المسرحية اللغة الأمازيغية والعامية المغربية والفصحى الكلاسيكية والفصحى المعاصرة، بله عن لغات أجنبية يستعان بها في التبليغ والتهجين والأسلبة. وتتأرجح هذه النصوص المسرحية بين الكوميديا والتراجيديا، وتجمع بين الرؤية المتفائلة والرؤية المتشائمة، وإن كان المسرح الأسود والكوميك الصادم غالبين على معظم المحتويات الدرامية. ومن حيث التركيب، فقد صيغت مجمل العناوين المسرحية اسميا(كلمة واحدة، كلمتان، جملة بسيطة أو جملة مركبة). كما تزاوج هذه العناوين بين الخاصية التقريرية والخاصية المجازية، وتتخطى البعد الحرفي التقريري إلى تشغيل الانزياح والإيحاء والفانطاستيك والتعجيب والتغريب، وتوظيف خطاب التناص والمعرفة الخلفية واستلهام التراث.

لذا، تمتاز العناوين بعدة خاصيات فنية وجمالية كاستعمال الأمثال والحكم  والصيغ المسكوكة والمفارقة وتشغيل التهكم والسخرية والباروديا واللغة الجدلية وخطاب الإضمار والحذف والتلميح البلاغي والإيحاء المجازي والتناص والجمع بين الحسي والتجريد والارتكان إلى الرمزية الانزياحية. وتمتاز العناوين كذلك  بالجمع بين الجمل الخبرية( سفينة، والسمطة....)، والجمل الإنشائية ( لاهنا لا لهيه، لا ابكي لأنك أنت تموت، رد البال...)، كما تنماز بعض العناوين بالخاصية البلاغية التراثية من سجع واقتباس وتضمين ( قطران بلادي ولا عسل البلدان، وعشاق الطهارة في المدينة العاهرة). ونلاحظ أيضا أن هناك من الفرق والنوادي المسرحية   تعتمد في تقديم عروضها على إنتاجها الشخصي، وفي المقابل نجد النوادي الأخرى تعتمد على استلهام واستنبات ومغربة  نصوص الكتاب الآخرين المعروفين في الساحة المسرحية مغربيا وغربيا ودوليا، وهكذا تتكرر عناوين مثل: "حلاق درب الفقراء"، و "أنا ودو"، و "كاليولا"، و "مشاهد من الحكواتي الأخير"،  و: "دائرة"، و "الخشبة الفارغة"... 

خاتمة:
يتبين لنا من خلال عناوين هذه النصوص الدرامية أن مسرح الشباب المغربي ينصب حول عدة قضايا وطنية وسياسية واجتماعية وفنية وثقافية وتاريخية وتراثية. ويتأرجح بين الحياة والموت، وإن كان خطاب التشاؤم واليأس والبكاء هو المهيمن على العروض الركحية. ويعني هذا أن مسرح الشباب يعكس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة الواقع المغربي بكل تناقضاته الجدلية. كما يظل مسرح الشباب أسير ثنائية الموت والحياة، والداخل والخارج، والفردي والجماعي، والألم والأمل، والتفاؤل والتشاؤم، والثابت والمتحول، والساكن والمتحرك.

ويلاحظ  فنيا أن  مسرح الشباب يستند إلى توظيف مجموعة من النظريات كالنظرية الاحتفالية والمسرح الواقعي والمسرح التجريدي و تشغيل النظرية الميتاسردية، والمسرح البريختي.... كما يطغى على هذا المسرح ما يسمى  بالسينوغرافيا السوداء والكوميك الصادم و توظيف الخشبة الدرامية الحمراء المتوترة بالصراع الدرامي، بيد أنها أقرب إلى  خشبة الموت والذوبان الأزرق منها إلى  خشبة الاصفرار والأمل الربيعي المستقبلي. 


jamilhamdaoui@yahoo.fr