رسالة المغرب الثقافية
نداء قابس.. والاحتفاء بالكاتب والقراءة
نداء قابس المغاربي: شهدت مدينة قابس التونسية نهاية السنة الماضية، تنظيم أشغال الملتقى المغاربي للرواية المغربية ـ التونسية في دورته الثانية. بعد دورة فبراير 2007 بالدار البيضاء. وقد التئم نقاد من تونس حول أعمال روائية مغربية. نظم هذا اللقاء مركز الرواية العربية بقابس، ومختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء (جامعة الحسن الثاني/ المحمدية). وإلى جانب تكريم الباحثين التونسيين عبد الله الزرلي وبشير المؤدب. عرف ختام الملتقى تكريم الروائي المغربي مبارك ربيع لمكانته في ترسيخ جنس الرواية، وباعتباره أحد روادها بالمغرب، حيث ألقى كلمة بالمناسبة عبر فيها "عن الأفق المغاربي المتجدد الذي يؤسس له المثقفون والباحثون". ملتقى قابس شكل إحدى أوجه "دعم العمل الثقافي المغاربي المشترك في أفق تواصل دائم مستمر". وقد أصدر المشاركون في الملتقى بيانا أكدوا من خلاله رغبة كل من جمعية مركز الرواية العربية بقابس ومختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء لتأسيس تقاليد تبادل ثقافي مختص في مجال الرواية ومثمر بين تونس والمغرب" كما نوه المشاركون "بإتاحة الفرصة للباحثين والنقاد الشباب من المغرب وتونس لتقديم بحوثهم ودراساتهم حول المنتج الروائي التونسي والمغربي". لكن أهم ما حفل به البيان هو التأكيد على ضرورة توسيع آفاق العمل الثقافي المشترك بين البلدين كي يشمل كامل أقطار المغرب العربي. خاصة أن جمعية رابطة أهل القلم بسطيف الجزائرية وبعض الإخوة من مجلس الثقافة العام بالجماهيرية الليبية قد عبروا عن استعدادهم للانخراط في هذا العمل المغاربي المشترك حول الرواية، مما خلق أرضية لانبثاق "ملتقى الرواية المغاربية" ينظم دوريا كل سنة في أحد الأقطار المغاربية بالتناوب. ولهذا الغرض شكلت لجنة عليا للملتقى، من كافة الأطراف المنظمة، تسهر على إعداد الجوانب الإجرائية والعلمية للدورات المقبلة. وقد اتفق المنظمون على أن يحتضن المغرب في منتصف سنة 2009 الدورة الأولى لهذا اللقاء المغاربي بمشاركة كل الأقطار المغاربية. كما اقترح المشاركون أن يكون محور الندوة القادمة بالمغرب هو "اللغة في الرواية المغاربية." إن ميلاد فكرة تنظيم ملتقى سنوي دوري جاء تتويجا لدينامية مختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء. هذا المختبر العلمي الذي سهر طيلة السنوات السابقة والى اليوم على تنظيم ندوات محورية تهم بالأساس حقل السرد بأسئلته المركبة. لكن في نفس الآن، انصب الاهتمام على السرد المغاربي من خلال الندوة التي نظمت حول الرواية التونسية، والرواية الجزائرية في المغرب، وعلى بعض التجارب الإبداعية والمعرفية. حيث انصبت أشغال الندوات على استقصاء جوانب وإضاءات هذه الممارسة الإبداعية في جوانب تأطيرها العلمي والمعرفي. وعندما تتقاطع رغبة مختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك بالدارالبيضاء، ورابطة أهل القلم بسطيف الجزائرية، بأفق جمعية مركز الرواية العربية بقابس وبعض أعضاء مجلس الثقافة العام بالجماهيرية الليبية، فإن ترسيخ تقليد سنوي ثقافي كفيل بإعادة تحيين هذا الفعل الثقافي المشترك، في فضاء تتقاطع خلاله وشائج التاريخ واللغة والذاكرة والحضارة. وهذا الرهان يحتاج فعلا للدعم المباشر من كل الأطراف الفاعلة في هذا المشهد عبر امتداد جغرافيته من ليبيا الى موريتانيا الى المغرب الى الجزائر وتونس. وما عمق من استراتيجية هذا الفعل التشاركي، الندوات التي نظمت طيلة هذه الفترة الماضية. والتي عبرت من خلال أوراقها النقدية ومداخلات المشاركين فيها عن وعي خاص بفعل الكتابة، وعن تقاطع في طرق الاشتغال والتفكير، ورهانات التخييل. بل إن مستويات هذا التقاطع تصل الى حدود الوعي، الراهن اليوم، بالحاجة الى جعل الثقافي بوابة عبور فعلية لتجاوز جغرافيات وحسابات الساسة. ولعل انبثاق هذا الإطار التشاركي سيمهد الطريق أمام فعل آخر أكثر شمولية. احتفاءا بالكاتب: احتفت مدينة مراكش بالكاتب اسماعيل زويريق(19 يناير 2008)، وهو الاحتفاء الثالث عشر في مسيرته التي انطلقت منذ الستينيات من القرن الماضي. ويعتبر الشاعر والتشكيلي اسماعيل زويريق الأكثر إنتاجا على مستوى المنجز بل إن دواوينه الشعرية تمثل انعطافات مهمة لاستقراء كافة التمثلات والتجارب الشعرية التي مرت منها القصيدة المغربية الحديثة. فمن القصيدة العمودية الى شعر التفعيلة الى قصيدة النثر وانتهاء بقصائد المديح النبوي التي أفرد لها الشاعر ديوانين (على النهج) جزء1 وجزء2. وهما موضوع حفل التكريم الذي أقامه النادي الأدبي بمراكش بتنسيق مع مؤسسة البشير. ويأتي هذا التكريم مباشرة بعد احتفاء مدينة مكناس بتجربة الشاعر اسماعيل زويريق الإبداعية. وقد عرف الشاعر الى جانب كتاباته في الشعر، اشتغاله بالفن التشكيلي في تجربة فطرية خاصة تمتد الى أثون وحفريات هوياتية ذات مرجعيات عربية ـ إسلامية ـ وافريقية، كما عرف كفاعل ثقافي سهر منذ سنوات على خلق دينامية للفعل الثقافي بمدينة مراكش التاريخية، وقد ساهم فعليا في فكرة تأسيس مهرجان الشعر النسائي الذي كان ينظم سنويا بتنسيق مع مؤسسة العراقي..هذا إذا ما أضفنا الى هذا كله إصداراته الأخيرة الأنطلولوجية (100 شاعرة من المغرب) وكتابه عن الأمثال المغربية، وهو الآن منشغل بتنفيذ مشروع الأنطولوجي الجديد (1000 شاعر من المغرب). لقد كان حفل التكريم مناسبة ثانية لرسم مسارات هذا الكاتب المغربي الأصيل في لحظات إنسانية استثنائية، حولت حفل التكريم الى لحظة للاحتفاء بالكاتب المغربي، ودوره في إنتاج صيغ الجمال وفنون الحياة والتفكير. لكن ما يعمق من مجازية هذا التكريم للكاتب اسماعيل زويريق هو إعادة التأكيد على أن بعض الكتاب المغاربة يستطيعون أن يخلقوا الاستثناء في الهامش البعيد عن مركز "الثقافي". وباستطاعتهم تأكيد هذا المسار بل وخلق لحظات تحوله. الاحتفاء بالقراءة في راهن انحسار المقروئية: تنظم وزارة الثقافة المغربية الدورة 14 للمعرض الدولي للنشر والكتاب. وذلك ما بين 8 و17 فبراير 2008 بالدار البيضاء، تحت شعار "احتفال القراءة"، بمشاركة 460 دار نشر من 57 دولة من إفريقيا وآسيا وأوربا وأمريكا. وستكون فرنسا ضيف الشرف هذه الدورة. وقد تحول المعرض الدولي للنشر والكتاب الى محطة سنوية، ابتداء من سنة 2004. بعدما كان ينظم كل سنتين. ومن أهدافه الترويج الكتاب المغربي، التشجيع على القراءة، المساهمة في تنشيط الحقل الثقافي، تيسير سبل اللقاء بين مهنيي الكتاب المغاربة والأجانب. ويعد المعرض الدولي للنشر والكتاب تظاهرة ذات طابع ثقافي وتجاري، تتمحور حول النشر والكتاب وتهم المقاولات الوطنية والدولية التي تعنى بالقطاعات التالية: النشر، المكتبات التجارية، الصحافة، التوزيع، المكتبات العمومية، الفنون، المطبعة، التصوير الضوئي، الأجهزة المطبعية، الطباعة الحجرية، الورق، الحبر، الوراقة، التجليد، أدوات التوثيق، الإشهار، النشر الالكتروني، إنتاج وتوزيع المواد المتعددة الوسائط. وقد نظمت وزارة الثقافة المعرض الدولي الأول للنشر والكتاب سنة 1987 بناء على التوصيات المنبثقة من المناظرة الوطنية الأولى حول "الثقافة المغربية" والمنعقدة بمدينة تارودانت خلال الفترة من 13 الى15 يونيو 1986. ويمثل المعرض الذي يحتفي هذه السنة ب"القراءة" محطة أساسية لتحيين الأسئلة حول أسئلة القراءة وتداول الكتاب. في الوقت الذي بدأنا نقرأ فيه عن أرقام مفزعة تهم واقع تداول الكتاب في المغرب. وحين تفكر الوزارة الوصية في هذا المعطى، فإنه من الأجدى أن يتم التفكير في استراتيجية وطنية حقيقية، لإعادة انتشال الكتاب من هذا المأزق الكافكاوي الذي يعاني منه. وعبره يمكننا الحديث عن حضور الفعل الثقافي ومدى قدرة الإطارات المدنية المعنية بهذه الممارسة على خلق إمكانية تجاوز هذا المصير المأساوي. لقد أمكن للمغرب الثقافي أن يخلق عبر امتداد تاريخه شكلا لجغرافية منجزه الأدبي، لكن راهن تداول الفعل الثقافي اليوم يؤكد مجددا، على ضرورة التفكير العلني في الأفق الممكن على مستوى البنيات والفعل المباشر. على مستوى التربية والتعليم ووسائط الإعلام في قدرة هذا النسيج بكامله وفي مقدمتهم الفاعل الأول ـ المثقف ـ في جعل فعل القراءة، فعلا ممكنا، وممارسة يومية. إن معرض الدارالبيضاء الدولي للنشر والكتاب، مناسبة إضافية للتداول في هذا المأزق الذي أمسى مدولا، ولا يعني فقط المشهد الثقافي في المغرب لوحده بقدر ما يحتاج لإرادة جماعية يلتئم من خلالها الكاتب والناشر والقارئ في فضاء خلق أساسا لمتعة القراءة.
نداء قابس المغاربي: شهدت مدينة قابس التونسية نهاية السنة الماضية، تنظيم أشغال الملتقى المغاربي للرواية المغربية ـ التونسية في دورته الثانية. بعد دورة فبراير 2007 بالدار البيضاء. وقد التئم نقاد من تونس حول أعمال روائية مغربية. نظم هذا اللقاء مركز الرواية العربية بقابس، ومختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء (جامعة الحسن الثاني/ المحمدية). وإلى جانب تكريم الباحثين التونسيين عبد الله الزرلي وبشير المؤدب. عرف ختام الملتقى تكريم الروائي المغربي مبارك ربيع لمكانته في ترسيخ جنس الرواية، وباعتباره أحد روادها بالمغرب، حيث ألقى كلمة بالمناسبة عبر فيها "عن الأفق المغاربي المتجدد الذي يؤسس له المثقفون والباحثون".
ملتقى قابس شكل إحدى أوجه "دعم العمل الثقافي المغاربي المشترك في أفق تواصل دائم مستمر". وقد أصدر المشاركون في الملتقى بيانا أكدوا من خلاله رغبة كل من جمعية مركز الرواية العربية بقابس ومختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء لتأسيس تقاليد تبادل ثقافي مختص في مجال الرواية ومثمر بين تونس والمغرب" كما نوه المشاركون "بإتاحة الفرصة للباحثين والنقاد الشباب من المغرب وتونس لتقديم بحوثهم ودراساتهم حول المنتج الروائي التونسي والمغربي". لكن أهم ما حفل به البيان هو التأكيد على ضرورة توسيع آفاق العمل الثقافي المشترك بين البلدين كي يشمل كامل أقطار المغرب العربي. خاصة أن جمعية رابطة أهل القلم بسطيف الجزائرية وبعض الإخوة من مجلس الثقافة العام بالجماهيرية الليبية قد عبروا عن استعدادهم للانخراط في هذا العمل المغاربي المشترك حول الرواية، مما خلق أرضية لانبثاق "ملتقى الرواية المغاربية" ينظم دوريا كل سنة في أحد الأقطار المغاربية بالتناوب. ولهذا الغرض شكلت لجنة عليا للملتقى، من كافة الأطراف المنظمة، تسهر على إعداد الجوانب الإجرائية والعلمية للدورات المقبلة. وقد اتفق المنظمون على أن يحتضن المغرب في منتصف سنة 2009 الدورة الأولى لهذا اللقاء المغاربي بمشاركة كل الأقطار المغاربية. كما اقترح المشاركون أن يكون محور الندوة القادمة بالمغرب هو "اللغة في الرواية المغاربية."
إن ميلاد فكرة تنظيم ملتقى سنوي دوري جاء تتويجا لدينامية مختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء. هذا المختبر العلمي الذي سهر طيلة السنوات السابقة والى اليوم على تنظيم ندوات محورية تهم بالأساس حقل السرد بأسئلته المركبة. لكن في نفس الآن، انصب الاهتمام على السرد المغاربي من خلال الندوة التي نظمت حول الرواية التونسية، والرواية الجزائرية في المغرب، وعلى بعض التجارب الإبداعية والمعرفية. حيث انصبت أشغال الندوات على استقصاء جوانب وإضاءات هذه الممارسة الإبداعية في جوانب تأطيرها العلمي والمعرفي. وعندما تتقاطع رغبة مختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك بالدارالبيضاء، ورابطة أهل القلم بسطيف الجزائرية، بأفق جمعية مركز الرواية العربية بقابس وبعض أعضاء مجلس الثقافة العام بالجماهيرية الليبية، فإن ترسيخ تقليد سنوي ثقافي كفيل بإعادة تحيين هذا الفعل الثقافي المشترك، في فضاء تتقاطع خلاله وشائج التاريخ واللغة والذاكرة والحضارة.
وهذا الرهان يحتاج فعلا للدعم المباشر من كل الأطراف الفاعلة في هذا المشهد عبر امتداد جغرافيته من ليبيا الى موريتانيا الى المغرب الى الجزائر وتونس. وما عمق من استراتيجية هذا الفعل التشاركي، الندوات التي نظمت طيلة هذه الفترة الماضية. والتي عبرت من خلال أوراقها النقدية ومداخلات المشاركين فيها عن وعي خاص بفعل الكتابة، وعن تقاطع في طرق الاشتغال والتفكير، ورهانات التخييل. بل إن مستويات هذا التقاطع تصل الى حدود الوعي، الراهن اليوم، بالحاجة الى جعل الثقافي بوابة عبور فعلية لتجاوز جغرافيات وحسابات الساسة. ولعل انبثاق هذا الإطار التشاركي سيمهد الطريق أمام فعل آخر أكثر شمولية.
احتفاءا بالكاتب: احتفت مدينة مراكش بالكاتب اسماعيل زويريق(19 يناير 2008)، وهو الاحتفاء الثالث عشر في مسيرته التي انطلقت منذ الستينيات من القرن الماضي. ويعتبر الشاعر والتشكيلي اسماعيل زويريق الأكثر إنتاجا على مستوى المنجز بل إن دواوينه الشعرية تمثل انعطافات مهمة لاستقراء كافة التمثلات والتجارب الشعرية التي مرت منها القصيدة المغربية الحديثة. فمن القصيدة العمودية الى شعر التفعيلة الى قصيدة النثر وانتهاء بقصائد المديح النبوي التي أفرد لها الشاعر ديوانين (على النهج) جزء1 وجزء2. وهما موضوع حفل التكريم الذي أقامه النادي الأدبي بمراكش بتنسيق مع مؤسسة البشير. ويأتي هذا التكريم مباشرة بعد احتفاء مدينة مكناس بتجربة الشاعر اسماعيل زويريق الإبداعية.
وقد عرف الشاعر الى جانب كتاباته في الشعر، اشتغاله بالفن التشكيلي في تجربة فطرية خاصة تمتد الى أثون وحفريات هوياتية ذات مرجعيات عربية ـ إسلامية ـ وافريقية، كما عرف كفاعل ثقافي سهر منذ سنوات على خلق دينامية للفعل الثقافي بمدينة مراكش التاريخية، وقد ساهم فعليا في فكرة تأسيس مهرجان الشعر النسائي الذي كان ينظم سنويا بتنسيق مع مؤسسة العراقي..هذا إذا ما أضفنا الى هذا كله إصداراته الأخيرة الأنطلولوجية (100 شاعرة من المغرب) وكتابه عن الأمثال المغربية، وهو الآن منشغل بتنفيذ مشروع الأنطولوجي الجديد (1000 شاعر من المغرب). لقد كان حفل التكريم مناسبة ثانية لرسم مسارات هذا الكاتب المغربي الأصيل في لحظات إنسانية استثنائية، حولت حفل التكريم الى لحظة للاحتفاء بالكاتب المغربي، ودوره في إنتاج صيغ الجمال وفنون الحياة والتفكير. لكن ما يعمق من مجازية هذا التكريم للكاتب اسماعيل زويريق هو إعادة التأكيد على أن بعض الكتاب المغاربة يستطيعون أن يخلقوا الاستثناء في الهامش البعيد عن مركز "الثقافي". وباستطاعتهم تأكيد هذا المسار بل وخلق لحظات تحوله.
الاحتفاء بالقراءة في راهن انحسار المقروئية: تنظم وزارة الثقافة المغربية الدورة 14 للمعرض الدولي للنشر والكتاب. وذلك ما بين 8 و17 فبراير 2008 بالدار البيضاء، تحت شعار "احتفال القراءة"، بمشاركة 460 دار نشر من 57 دولة من إفريقيا وآسيا وأوربا وأمريكا. وستكون فرنسا ضيف الشرف هذه الدورة. وقد تحول المعرض الدولي للنشر والكتاب الى محطة سنوية، ابتداء من سنة 2004. بعدما كان ينظم كل سنتين. ومن أهدافه الترويج الكتاب المغربي، التشجيع على القراءة، المساهمة في تنشيط الحقل الثقافي، تيسير سبل اللقاء بين مهنيي الكتاب المغاربة والأجانب. ويعد المعرض الدولي للنشر والكتاب تظاهرة ذات طابع ثقافي وتجاري، تتمحور حول النشر والكتاب وتهم المقاولات الوطنية والدولية التي تعنى بالقطاعات التالية: النشر، المكتبات التجارية، الصحافة، التوزيع، المكتبات العمومية، الفنون، المطبعة، التصوير الضوئي، الأجهزة المطبعية، الطباعة الحجرية، الورق، الحبر، الوراقة، التجليد، أدوات التوثيق، الإشهار، النشر الالكتروني، إنتاج وتوزيع المواد المتعددة الوسائط.
وقد نظمت وزارة الثقافة المعرض الدولي الأول للنشر والكتاب سنة 1987 بناء على التوصيات المنبثقة من المناظرة الوطنية الأولى حول "الثقافة المغربية" والمنعقدة بمدينة تارودانت خلال الفترة من 13 الى15 يونيو 1986. ويمثل المعرض الذي يحتفي هذه السنة ب"القراءة" محطة أساسية لتحيين الأسئلة حول أسئلة القراءة وتداول الكتاب. في الوقت الذي بدأنا نقرأ فيه عن أرقام مفزعة تهم واقع تداول الكتاب في المغرب. وحين تفكر الوزارة الوصية في هذا المعطى، فإنه من الأجدى أن يتم التفكير في استراتيجية وطنية حقيقية، لإعادة انتشال الكتاب من هذا المأزق الكافكاوي الذي يعاني منه.
وعبره يمكننا الحديث عن حضور الفعل الثقافي ومدى قدرة الإطارات المدنية المعنية بهذه الممارسة على خلق إمكانية تجاوز هذا المصير المأساوي. لقد أمكن للمغرب الثقافي أن يخلق عبر امتداد تاريخه شكلا لجغرافية منجزه الأدبي، لكن راهن تداول الفعل الثقافي اليوم يؤكد مجددا، على ضرورة التفكير العلني في الأفق الممكن على مستوى البنيات والفعل المباشر. على مستوى التربية والتعليم ووسائط الإعلام في قدرة هذا النسيج بكامله وفي مقدمتهم الفاعل الأول ـ المثقف ـ في جعل فعل القراءة، فعلا ممكنا، وممارسة يومية. إن معرض الدارالبيضاء الدولي للنشر والكتاب، مناسبة إضافية للتداول في هذا المأزق الذي أمسى مدولا، ولا يعني فقط المشهد الثقافي في المغرب لوحده بقدر ما يحتاج لإرادة جماعية يلتئم من خلالها الكاتب والناشر والقارئ في فضاء خلق أساسا لمتعة القراءة.