ورشات تكوينية في المتخيل الاسباني والمغربي

محمد العناز


بتعاون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة عبدالمالك السعدي بتطوان، نظم معهد الدراسات عبر القارات INET ورشات تكوينية شاملة لقضايا حيوية بين الضفتين، وذلك بدعم من بلدية قرطبة وشراكة مع جامعة قرطبة قسم اليونسكو لحل النزاعات، ومختبر حوار الثقافات والبحوث في منطقة البحر الأبيض المتوسط على مدى شهرين، بهدف توطيد علاقات التعاون وتحسين صورة الآخر في كل من المتخيل الإسباني والمغرب.
وتضمنت هذه الورشات على مدى شهرين مشاركة نخبة من الباحثين وكبار الأكاديميين، وافتتحت بورشة التاريخ من عهد الحماية إلى أيام الأخوة بكلية آداب تطوان، أطرها محمد عبدالواحد العسري الذي استعرض في مداخلته أهم الأحداث التي واجهها البلدان من عهد الحماية إلى أيام الأخوة الحالية، ليناقش بعد ذلك مشكل الصحراء المغربية ومفهوم السيادة في مدينة سبتة ومليلية السليبتين. كما استعرض العسري في عرضه الرهانات والتحديات التي من شأنها أن تعرقل تقدم البلدين نحو مستقبل أفضل. بعد ذلك تناولت الكلمة فريدة بنعزوز، مؤكدة على أهمية الفهم الصحيح للتاريخ من أجل فتح نقاش حقيقي يسهم في بناء علاقة مندمجة بين الضفتين، يهدف إلى تطوير حركية التبادل الثقافي بين الشعبين. أما الورشة الثانية الهجرة وانعكاساتها في الضفتين فقد احتضنها المركز الثقافي بمدينة قرطبة الإسبانية، وتميزت بحضور مغربي لافت تمثل في مداخلة محمد الظاهري، الذي ناقش إشكالية الهجرة وانعكاساتها في الضفتين، متطرقا إلى أبعاد هذه الظاهرة بسلبياتها وإيجابيتها، ليخلص في الأخير إلى أن المهاجرين هم السبب الرئيسي في الازدهار الاقتصادي الذي تعرفه إسبانيا حاليا.
لينتقل بعد ذلك فيكثور غوثييريث إلى التأكيد على أن إسبانيا تدين للمهاجرين بالشيء الكثير، مذكرا إلى ضرورة إدماج حقيقي للمهاجرين قصد خلق تعايش يضمن حقوقهم وكرامتهم. أما الورشة الثالثة المخدرات والحدود فقد عقدت برحاب قاعة الندوات ببلدية تطوان، وافتتحت بمداخلة خوسي شاميسو دي لا روبيا المدافع الرسمي عن حقوق الشعب الأندلسي، الذي أفاض الحديث عن مافيات عالم رجال الاقتصاد والعمال وعلاقتها بظاهرة غسيل وتبييض الأموال وكل المشاريع المشبوهة التابعة للشبكات العنكبوتية العالمية، التي تستهدف الضفتين على حد سواء. وعملت إلينا ليماكايي على مقاربة حالة السجون في قرطبة في علاقتها بالمخدرات بوصفها سببا رئيسيا في تنامي الجريمة واكتظاظها.
أما الورشة الأخيرة الفن كوسيلة لتقريب الشعوب فقد اختتمت فعاليتها في قرطبة بمركز ألبيرغي، وتدخل فيها أنطونيو مانويل رودريجيث رامون، أستاذ القانون بكلية قرطبة، وشرح على مائدة الحوار قضايا أثارت نقاشا وجدلا حادا، ومن جملتها أن الفلامينكو تعني الفلاح المنكوب، وأن النشيد الوطني الإسباني ما هو إلا استهلال لبعض مقطوعات الطرب الأندلسي، كما طالب بتعديل قانون22-1 الذي ينص على حق ضمان الجنسية الإسبانية للمواطنين القادمين من دول كأندورا والبرتغال وغينيا الإستوائية وإبيرو أمريكا واليهود الصفرديم، شريطة أن يقيموا عامين دون انقطاع، ليطالب بإدراج الأندلسيين المسلمين المقيمين خارج إسبانيا في هذا القانون، لأن من الإجحاف والظلم إقصاؤهم.
وتطرق رامون في الأخير إلى أن الأندلسيين لا يزالون يحافظون على عادات وتقاليد إسلامية ويهودية دون أن يعلموا ذلك وأنها مازات حاضرة في شمال المغرب. وشارك في هذه الورشات ثمانية من الوفد المغربي: نور الدين البكراوي، عبدالحي الطيار، بيسان العسري، عادل المساري، عادل بن عبداللطيف، معاذ المجدقي، مريم الداوي، سامية المساري وحليمة حيون. ويشار إلى أن هذه الورشات تدخل في مشروع يهدف إلى تكوين أطر قادرة على توطيد روح التعاون والتواصل بين البلدين من أجل مستقبل مشرق كما يصرح بذلك محمد عبدالواحد العسري.