الكتابة والسيرة المتفجرة في "أفول الليل"
مديحي عبدالرحيم
نظمت مكتبة كتاب وتواصل ، بتعاون مع فرع اتحاد كتاب المغرب بالقنيطرة حفلا استضافت فيه الكاتب الطاهر محفوظي، لتوقيع مؤلفه أفول الليل بمشاركة وتقديم الناقدين محمد أقضاض وعبد الرحمان غانمي. في بداية هذا الحفل أبرز كل من العربي بنجلون (كاتب فرع اتحاد كتاب المغرب) الذي ترأس هذه الجلسة و أمينة السيد ( صاحبة المكتبة ) ، أهمية هذه اللقاءات الثقافية، و الغاية منها خصوصا ما يتعلق بالإنتاجات المغربية و قيمة متابعة و مواكبة ما يصدر علميا و نقديا . وفي مداخلة بعنوان : أفول الليل للطاهر محفوظي السيرة المتفجرة، وقف محمد أقضاض عند ثلاثة أنماط ترتبط بالأتوبيوغرافيا :النمط الأول هو اليوميات،والنمط الثاني هو سيرة الطفل/السارد، والنمط الثالث هو رسائل سجنية يخترقها، نمط رابع هو التخييل الذاتي ،مشيرا إلى أن يوميات محفوظي تسجل أزمة شخصية فردية و أزمة اجتماعية عامة، أزمة المعتقل و السجن في صراعه مع الحلم الحر المتحرر، وتشكل صورة للأزمة عامة عانت منها نخبة من المناضلين اليساريين أواسط السبعينات، أزمة التحولات الشاملة في المغرب والمنطقة عموما، من هنا ــ يقول محمد أقضاض ــ هي يوميات إشكالية تقع بين ممارسة البطولة الذاتية وتدميرها السجني، وبين يوميات إشكالية وطنية ما زالت تبعاتها متحكمة في حاضرنا ، وهي تركيب تراجيدي لمرحلة مأساوية أفرادا وجماعات ومجتمعا و وطنا . المداخلة الثانية كانت لعبد الرحمان غانمي تحت عنوان: في ضوء السجن والكتابة، اعتبر فيها أن كتاب (أفول الليل) جاء عبارة عن نصيصات في شكل كتابة تحررية، تلامس مرحلة معينة من تاريخ المغرب الراهن، خصوصا ما يتعلق بالسجن، فجاءت الكتابة كتعبير عن هذا المعيش بوسائل تسجيلية و توثيقية كنزع نحو الواقعية ، تتغذى من آثار واقع الإعتقال و السجن و السجان، وتتخللها تفاصيل كثيرة في شخوصها و أشيائها و أسمائها و إشاراتها ،قبل أن يخلص عبد الرحمان غانمي إلى أن أفول الليل هو السيرة عن السجن، أو سيرة محفوظي الطاهر في السجن، أو سيرة حدثية لمناضلين قاسموا الكاتب الإيديوليوجيا والتنظيم، أو قاسمهم هو ما جرى ، أو تقاسموا كلهم بالتساوي أو التقسيط نفس الأوضاع بأحلامهم وذواتهم، كما رأى أن هذه النصيصات تلتجئ إلى السخرية و النظم الشعري و استنهار فضاء الطفولة ،لإبراز معاناة السجن . آخر متدخل، وقبل توقيع كتابه ، كان الطاهر محفوظي الذي ألقى كلمة بالمناسبة، أعاد فيها ذكر محطات نضالية وأسماء مناضلين بتضحياتهم، والذين لم تعرف أسمائهم، مركزا على معنى النضال والتضحية، وطنيا وقوميا،بكل الآلام والآمال. كما تحدث عن التصنيف الأجناسي لمؤلفه معتبرا أنه كتاب كباقي كتابات الإعتقال السياسي، وكتابات الحرية، كما سماها الرفيق توقيف بلعيد ضمن كتابة التاريخ للملاحم و النضالات، والفظاعات المتفرقة في حق المناضلين و حتى المواطنين العزل خلال عقود من طرف سلطة لا سلطة فوقها، تجاوزت كل الأعراف وحتى قوانينها نفسها، وأوضح أيضا أن الكتاب يروم الثأر الأدبي و الفكري وتمجيد الآلاف ممن قتلوا و عذبوا و سجنوا لأنهم قالوا لا ، وواجهوا الطغيان المدجج بالسلاح وهم عزل ... وفي الأخير ختم الطاهر محفوظي حديثه، بأن بعث بتحية خاصة لشعب فلسطين المحتل والمقاوم، وشعب العراق العظيم المقاتل عبر صوت شاعر العراق الخالد كنبوؤة صادقة، كتحد عنيد، في وجه الطغاة، كل الطغاة و على مر العصور.