مجمع الكلام الجزء الأول من أنطلوجيا الزجل المغربي

الكلمة - المغرب

صدر في طبعة أنيقة الجزء الأول من أنطلوجيا الزجل المغربي مجمع الكلام للشاعرة والمبدعة نهاد بنعكيدا، يضم الجزء الأول نصوص وأصوات. إمكانية قراءة والاستماع للقراءة بأصوات الزجالين أنفسهم. وقد حصرت المبدعة نهاد بنعكيدا الجزء الأول من مجمع الكلام كل من: أحمد لمسيح، إدريس بلعطار، مراد القادري، فاطمة شبشوب، نهاد بنعكيدا، محمد الراشق، الزهراء الزريبق، محمد الزروالي، عزيز محمد بنسعد.
ويتقدم كل شاعر ملخص سيرة، مرفق بنصين زجليين. ويعتبر هذا العمل التوثيقي الذي تحملته المبدعة نهاد بنعكيدا خطوة أولى في إطار سلسلة من أجزاء ستصدر لحاقا لمجمع الكلام، بادرة تسد الفراغ الذي يعانيه الباحث في الوصول لمثون هذا الجنس الإبداعي في الوقت الذي زاد فيه البحث الأكاديمي وانفتاحه على هذه المثون الشعرية. خصوصا وأن السنوات الأخيرة قد عرفت حضورا لافتا للتجربة الزجلية في المغرب سواء من خلال اللقاءات التي تنظم أو عبر الإصدارات التي بدأت تؤثث الخزانات المغربية.
في وقت كنا نعاني شحا حادا في تتبع مسارات تشكل هذه التجربة المغربية، ولعل الحراك الزجلي السنوات الأخيرة قد أعاد تقعيد لصورة حضور القصيدة الزجلية في المشهد الإبداعي وأعاد للزجال صفة المبدع التي استلت منه في غفلة من مسارات تشكل المشهد الثقافي بالمغرب.
يقدم مجمع الكلام صورة مصغرة للقصيدة الزجلية الحديثة، من خلال طبيعة الحضور لأسماء حملت من خلال نصوصها مغامرة الحضور اليوم في المشهد الإبداعي المغربي. الحضور الذي اندرج في سياق ما عرفته الثقافة المغربية السنوات الأخيرة من انفتاح واعتراف بقوة حضور للثقافة الشعبية، سواء من خلال الفرجات أو الموسيقى. هذا الاعتراف تزايد مع انفتاح الكتاب والنقاد المغاربة على هذه المثون واستحضارها في أسئلة البحث، لتتحول من مسارات المصالحة مع الذاكرة الى فتح جسور للتلقي والقراءة والتواصل. أمكن معه للقصيدة الزجلية أن تنعتق من شرنقة الأنماط المألوفة، وهو النهج الذي أسسه الزجال أحمد لمسيح وإدريس المسناوي عندما جعلا النص الزجلي يساءل نفسه، من خلال سؤال الكتابة ومجازا الحرف.
ليواصل هذا الاشتغال مع أسماء من جغرافيات مختلفة، رضوان أفندي، مراد القادري، نهاد بنعكيدا، إدريس بلعطار،...وأسماء أخرى حولت القصيدة الزجلية نحو أنفاس بلاغية جديدة وأنماط مركبة غير مألوفة، إذ يكفي أن نتأمل اليوم تجربة الهايكو الزجلي عند المبدعة نهاد بنعكيدا، كي نستخلص المسارات الجديدة لتشكل القصيدة الزجلية اليوم في المغرب.
ولعل التحول من مستوى الإلقاء الى تقعيد لدوريات النشر، وإغناء المكتبات المغربية بنصوص وتجارب مطبوعة كفيل بجعل الزجل يستعيد وضعه الطبيعي الأجناسي وأن لا يظل دوما صوتا من لا صوت له. يغيب في ترنيمات الشفوي وينتهي في الحفظ. أو عند سفوح الجبال.
إن تجربة الاحتفاء بالذاكرة المغربية وبلسان المغاربة المزدوج يجعل من حضور القصيدة الزجلية اليوم في المغرب، حضورا اسثتنائيا وأفقا مطلوبا لهذا المغرب المتعدد، الغيري. لكن، تظل تجربة المبدعة نهاد بنعكيدا مقصورة في حضورها على الذات، وتحتاج هذه الغربة لدعم مؤسساتي يدعم التجربة وأفقها، خصوصا أن العديد من الأسماء لا زالت تنتظر خطوها في مجمع الكلام كي يتحول المشروع في النهاية الى سلسلة مجامع لا تنتهي، وفي ذلك انتصار للذاكرة المغربية، ولثقافتنا المتعددة.