إهداء: إلى ابني طه، ذكرى مشاكسات طفولية جميلة قبل الدخول في تفاصيل هذه المتاهات لا بد من تقديم ورقة تعريفية ببطلها عزوز: اسمه الحقيقي: عبد العزيز الرحماني، إلا أنه اشتهر بعزوز، لا نعرف متى تم ذلك التحوير ولا ملابساته. سنه: على التقدير ثلاث وستون سنة. مستواه الدراسي: حاصل على شهادة الباكالوريا. وضعه العائلي: متزوج وله أربعة أبناء؛ ثلاثة أولاد وبنت مهاجرة يقض غيابها مضجعه. وصفه: نحيل الجسم، أسمر البشرة، ما زال رأسه متمسكا بشعره المجعد وإن بدأ يغزوه البياض. من صفاته: السذاجة، سرعة التصديق، عدم الكتمان وسرعة الغضب. لكنه لم يحظ ولو بدقيقة قيلولة، فمباشرة بعد اتكائه تركت زوجته غسل الأواني وانتصبت أمامه سائلة بعنف: ـ عَاجْبَك الْْحَال تبْقَى هَكْذَا؟ سلّما لي على إخوتي وعلى كل الأحباب. ـ مَا غَادَاش تَرْسل شِي فْلُوس؟ ـ عْلاشْ جِيتي بكْري مَا كَايْن بَاسْ؟ ـ شْكُونْ؟ ـ قالت بأنها ستعود في الصيف المقبل. وقال آخر: ـ هي اليوم غَادِين نشَربوا القَهوة من فلُوس البِّترُول. وقال آخر: وقال آخر: عادت دقات قلبه إلى إيقاعها الطبيعي، حمد الله وجلس ينتظر آذان الظهر. ـ بَاغِي تْقُول شِي حَاجَة؟ مما جعل صاحبه يطرح السؤال بطريقة جديدة: أجابه مبتسما: فأجاب: فواجهه أحدهم بالسؤال: وحكت لها الخبر كما سمعته من ابنتها. اشتمت الأم رائحة الكذب في الخبر. وطرحت سؤالها المريب: * * * *
ـ ألو مَامَا مَا غَانْكَلمَكشْ حتَى تزَغْرتِي شي تْزغْرِيتَة طوِيلَة. * * * *
أما بالنسبة لوالدتها فقررت عدم إخبارها. حفاظا على مشاعرها وخوفا من إحراجاتها وكلماتها الجارحة. * * * *
* * * *
تهم بإطلاق زغرودة. لكن صوت ابنتها لم يشجعها. إضافة إلى خوفها على ابنتها من الحسد والعين. وتسألها: * * * *
ـ ..........
ـ مَا سَولتِيش عْلَى التَّقََاعُد؟
ـ ..........
ـ وَالُو..
ـ وَالُو...
ـ غِيرْ وَاحَدْ الرِّسَالة مَنْ عنْد سُعاد.
ـ بنادم عزيز عليه الزحام حتى لما كانش يدِيرُو.
ـ من فلُوس الخَدمة ديَال بنتُو سُعاد!
ـ وبَنتُو فَاش خدّامَة؟
وهو ما زاد من ارتكابه وكأنه أصيب بالصمم وعجز عن الكلام.
ـ كَايْن شِي اخْبار علَى بنْتك؟
ـ إيه كَايْن الجدِيد.
ـ لا، غتْزوج بالرجل اللِّي مْخدّمها...
ـ كِيفَاشْ، واقِيلا هذِي شِي كَذْبة جدِيدة..
ـ علاشْ؟
ـ حتََى تْزَغْرتِي.
في رواية الكاتب والباحث المغربي حوار بين صوتين سرديين: الأب والأم وهما يتعاملان مع جدلية الغياب والحضور، غياب الإبنة وحضور سيرتها التي تلوكها الألسنة، في واقع مبهظ ثقيل الوطء.
غابت سعاد (رواية)