رسالة الأردن
«معرض عمان الدولي للكتاب».. لأصحاب المعالي!
خيمة مغلقة نصبت على عجل في الكراج الخلفي لمبنى "كلية المجتمع العربي "الموجودة على تلة كبيرة، تقطع أنفاس كل من لا يملك سيارة، الخيمة تلك هي المكان الذي جرى فيه "معرض عمان الدولي الثاني عشر للكتاب". المعرض الذي يجري كل عامين، حاصرته المشاكل والاخطاء منذ يومه الاول، بدءا بالموقع غير الموفق، مرورا بأسعار الكتب المرتفعة، ووصولا الى ضعف الاعداد والتنظيم العام، الذي انعكس سلبا على شكل المعرض والاجواء التي احاطت به، بالرغم من اشتراك ثلاث مؤسسات كبيرة هي اتحاد الناشرين الاردنيين ووزارة الثقافة وامانة عمان الكبرى، الا أن ذلك لم يؤد إلى نجاحه بحسب بعض المثقفين من رواد المعرض.
"احتفى" المعرض هذا العام بـ "شخصية العام د. خالد الكركي" وهو وزير سابق ومن الشخصيات التي تقلدت مناصب حكومية كبيرة في الدولة، له نتاج أدبي، وهو الآن يشغل منصب "رئيس الجامعة الاردنية" ـ الجامعة التي يحرم طلابها من حق انتخاب مجالس الطلبة بشكل ديمقراطي، وعقاب من يروج الافكار داخل اسوارها اشد ممن يروج المخدرات! ـ فتساءل الكثيرون إن كانت الأردن قد "خلت من المثقفين والشعراء والكتاب البارزين محليا وعربيا"، و"هل تراجع المثقف والفنان الي الصفوف الخلفية ليحتل الامامية شخصيات رسمية ذات مناصب". وجاء الاحتفاء بشخصية المعرض، ليبرز سيطرة الجانب الرسمي على الفعالية واخرج عبارة "مثقف الدولة" لتطفو في اجواء المعرض، الامر الذي وجده البعض منسجما تماما مع تصرفات الرقابة تجاه المعرض، والتي قامت بمصادرت عدة عناوين من بعض دور النشر المشاركة كان من بينها دار "مدبولي" المصرية، ودار "الساقي" اللبنانية.
واشتكى العديد من الناشرين العرب مما أسموه "عدم المساواة" بينهم وبين الناشرين الاردنيين من ناحية تكلفة ايجار المكان لمن هو ليس بأردني. وطغى حضور الكتب الدينية والتعليمية والكتب البسيطة التجارية على كتب الفكر والادب والفن، فغابت دور نشر مهمة عن المعرض، وكان الجزء الاكبر من المعرض لدور نشر جاءت من الخليج العربي. كما وعانى المعرض من ارتفاع اسعار الكتب المعروضة، ففي الوقت الذي من المفترض ان تكون فيه الاسعار مخففة وتفضيلية، لاحظ الزوار ان بعض الكتب عرضت بأسعار تفوق السعر التي تعرض به في المكتبات العادية، كما افتقر المعرض الى دليل خاص به، يحوي أسماء المكتبات ودور النشر المشاركة وأي معلومات عن الفعاليات واماكن انعقادها.
واشتمل البرنامج الثقافي لهذا العام على نشاطات ثقافية عقدت على هامش المعرض كان بينها "حياة وتجارب روائيات عربيات" بمشاركة عربية، وأمسية شعرية بمشاركة زليخة أبو ريشة ولينا ابو بكر ونبيلة الخطيب، وندوات تكريمية وشهادات حول "د. خالد الكركي" (شخصية المعرض الفكرية). إضافة إلى حفل توقيع الأعمال الكاملة للشاعر "امجد ناصر".
الانتقادات للمعرض لم تخرج فقط من المثقفين والفنانين المتابعين، بل خرجت ايضا من داخل اللجنة المحضرة للمعرض، حيث اعترف البعض بوجود خلل واخطاء كثيرة حالت دون انجاح فعالية من المفترض ان تكون تظاهرة ثقافية كبيرة.
حال "معرض عمان الدولي للكتاب" لا يختلف كثيرا عن حال معظم معارض الكتب العربية، التي يعتبرها البعض انعكاسا حقيقيا لحالة ثقافية رخوة، واجواء مازالت تسيطر عليها السلطة القمعية والبترولية. يعلق شاعر سوري على المعرض ليقول "يدهشني كيف يسير الكون خطوات سريعة نحو آفاق العالمية على كافة الأصعدة، وعالمنا العربي ما يزال يزحف على بطنه مثل سلحفاة عجوز كأنه في عصر السير على الحطب! مع يقيني أننا لو وحّدنا جهودنا حطبياً لحققنا نجاحاً أكثر مما نحن عليه".