دعوة لمناصرة ناعوم تشومسكي وفضح الكيان الصهيوني

من توفيق أبو شومر

ليست هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يفشل فيها العربُ والفلسطينيون في استغلال حدث يستحق المتابعة ويستحق توجيه الرأي العام العربي والدولي له، فما نزال نحن العرب والفلسطينيين نعشق حالة البدء من الصفر، بعد أن أدمنا عمل «فورمات» للعقل العربي والفلسطيني في كل بضعة أيام!

بالأمس مُنع البرفسور ناعوم تشومسكي من دخول إسرائيل، أرض آبائه وأجداده كما يزعم المحتلون، ويبدو أن الحدث سيمرُّ مرور الكرام، ولن يستغله العرب والفلسطينيون كالعادة الاستغلال الواجب! والبرفسور ناعوم تشومسكي ليس فردا عاديا على الرغم من أنه بلغ الثانية والثمانين من عمره، وهو أيضا ليس سياسيا مبتدئا، ولكنه من أبرز فلاسفة علوم اللغة في MIT معهد ماساتسوستس للتكنولوجيا، أحد أهم المؤسسات الجامعية في الولايات المتحدة، ويقع في كامبردج ـ بوسطون. وهو صاحب نظرية توالد اللغات، ومن أبرز المفكرين السياسيين في العالم! وهوأيضا أحد أبرز الملتزمين بمبادئ الحرية والعدل والديمقراطية، وهو دائم النقد لسياسة أمريكا وإسرائيل، وقد قال عن إسرائيل: «إنها تقتل وتدمر  وتغزو اعتمادا على البطاقة الخضراء التي حصلت عليها من الولايات المتحدة الأمريكية، فهي العميل الأول لأمريكا في الشرق الأوسط» وقال: «تدعم أمريكا حكومات أمريكا اللاتينية التي تضطهد مواطنيها، فهي تنفق النقود على أكثر الدول انتهاكا للديمقراطيات!» وهو الذي أوحى لي بمقدمة المقال حينما قال: «إن أبرز أمراض عالم اليوم، هو مرض فقدان الذاكرة التاريخية، لا لأن هذا المرض يفسد الأخلاق ويدمر المبادئ، ويطيح بالعدالة، ولكن خطره الأبشع هو أنه يمهد لارتكاب جرائم جديدة، ضد الحريات والديموقراطيات، تضاف إلى سلسلة الجرائم السابقة!»

ففي يوم الأحد 16/5/2010 قرر وزير الداخلية إيلي يشاي أن يضع خاتم ممنوع الدخول على جوازي سفر ناعوم تشومسكي  وابنته عندما قررا دخول إسرائيل عبر جسر الملك حسين لكي يلقي البرفسور محاضرة في جامعة بير زيت، وقبلها بأيام أُجبر ممثل كوميدي أسباني على العودة، بعد أن هبط في مطار بن غوريون، وكان ينوي الاشتراك في احتفال فلسطيني في رام الله! وبعد مجزرة مخيم جنين 2002  زار وفد من الكتاب والأدباء وعلى رأسهم الروائي خوسيه ساراماغو الحاصل على جائزة نوبل وقال آنذاك: «إن الفلسطينيين يعيشون في الأوشفتس» ونجا من الطرد لأن إيلي يشاي لم يكن وزيرا للداخلية، ولكنه لم ينجُ من تهمة اللاسامية التي تطارد كل منتقدي إسرائيل! ومنذ سنوات أجبر آفي شلايم على المغادرة، ويستعد إيلان بابيه لحزم حقائبه، ويعيش الباحث تيدي كاتس مشردا هائما بعد أن كشف في بحثه العلمي لنيل درجة الماجستيرعن مذبحة «لا يعرفها» ضحاياها (للأسف)! ألا وهي «مذبحة الطنطورة»! وبعد أن منحوه لقب الماجستير عادوا وسحبوا اللقب منه! وبالأمس البعيد تم شطب مؤسس الجامعة العبرية الحاخام الإصلاحي يهودا ماغنس من سجلات الجامعة التي أنشأها لأنه قال الحقيقة: «ينبغي إنقاذ اليهود من أنفسهم ، بعد أن تحولوا من ضحايا إلى جلادين». فقام بمقابلة الرئيس ترومان ورجاه ألا يوافق على إنشاء إسرائيل حقنا لدماء اليهود، فقد تنبأ قائلا: «إن انتصار اليهود عام 1948 سيجلب عدة حروب على إسرائيل»، وطالب ترومان بفرض الوصاية على فلسطين، وتشكيل حكومة مؤقتة وليست يهودية، وقال أيضا قبل أن يموت عام تأسيس إسرائيل 1948: «نستطيع احتلال يافا وحيفا وطبريا، ولكننا في النهاية سنكون كما ألمانيا دولة احتلال». لأجل ذلك شُطب مؤسس الجامعة العبرية في القدس من سجلات إسرائيل، ونسيه الفلسطينيون أيضا. 

ما أوردته نماذج فقط من الذاكرة، ولن أتعرض للمنفيين الآخرين أمثال إسرائيل شاحاك الذي اتهم باللاسامية، وهو سامٍ من جذر سام، وتوفي ولا يعلم به أحدٌ! ودافيد لنداو، وشولاميت ألوني، ويوسي سريد وغيرهم ممن يعيشون في إسرائيل حياة النفي، ولكنهم يواظبون على النقد والحركة بالأقوال والأفعال. كتب اليوم 18/5/2010 أحد الصحفيين البارزين (بوعاز أوكون) في هارتس يقول: «إن منع دخول ناعوم تشومسكي يُنهي أسطورة إسرائيل كدولة ديموقراطية، فقد أصبحت الشرطة تلقي القبض على المتظاهرين ضد طرد الفلسطينيين من بيوتهم في الشيخ جراح، وتطرد امرأة غير يهودية حاملا حتى لا تلد طفلها في إسرائيل، لن أناقش من قال إن إسرائيل فاشية، غير أنها في الحقيقة تسير في طريق الفاشية»!!

لفتة رخيصة الثمن

إننا بحاجة ماسة وبخاصة المثقفين وأعضاء اتحادات الكتاب والصحفيين وأحرار العالم لأن نقف مع الفيلسوف ناعوم تشومسكي وأن ننصره حتى ولو كان نصرنا له بالكلمات، وما أكثرها، فلنوقع على عريضة تطالب المثقفين والأدباء بالوقوف في وجه (كمامات الحريات) في إسرائيل، وهذا أضعف الإيمان! وللراغبين في مخاطبة الفيلسوف ناعوم تشومسكيمباشرة فليرسلوا له رسالة تقدير وتحية وتعضيد على هذا البريد الإلكتروني :

admin@chomsky.info