لقد كان المؤلف واضحا منذ البداية في هدفه من الكتاب وهو مواجهة الكتابة التي تجعل من الحزب أو العقيدة أو القبيلة هدفها الوحيد، ومعنى هذا أنه أعلن عداؤه للثقافة النمطية التلقينية التي تنقل أكثر مما تعقل، وكنا نبحث بين ثنايا الكتاب عن الأدوات التي سيستخدمها من أجل نسف تلك الثقافة النسقية، بأدوات مختلفة، ومتجاوزة، لكن الكتاب ينتهي، والمؤلف غارق في التبشير بطريقة أخرى وكأني به عمل من حيث لا يحتسب على تكريس كتابة نسقية أخرى تختلف عن الاولى في الشكل لكن المضمون يبقى نسقيا في النهاية، فهو يقول في ثنايا الكتاب: ومن يلامس هذا النور الرباني المشرق يتحقق له الوجود ذلك هو مسعى ابن عربي والحلاج والشيرازي ونيتشه وهايدغر وفوكوو دوسوسير، وما نخشاه في النهاية أن الأدوات التي تستعمل في محاربة القوالب الجاهزة مع مرور الزمن تتحول إلى قالب جاهز في حد ذاته، لنكتشف في الأخير أننا نعيش المأساة السيزيفية، وهذا ليس سياق الحديث عن تلك المأساة.
khierchouar@gmail.com
"الحداثة وفكر الاختلاف للباحث الجزائري عبدالقادر بودومة: بين الكتابة النسقية والكتابة النسقية المضادة
الخير شوار