الدورة 23 من مهرجان شفشاون للشعر المغربي

محمد معتصم

الناقد الأدبي

كلفني الإخوة في جمعية أصدقاء المعتمد بتقديم وتنسيق الجلسة الرسمية الافتتاحية للمهرجان الوطني للشعر المغربي الحديث، وأنا أتأمل من نافذة غرفتي بالفندق المسبح، والقمم الشامخة، والبيت الواقع تحت ناظري، والذي سأضع صورة له، تدفقت مني هذه الكلمات التي أقدمها لكم جميعا أيها القراء الافتراضيون. وقد حضر المهرجان الوطني للشعر المغربي في دورته 23 عدد من الشعراء وهم على التوالي:

عبد الكريم الطبال، ثريا ماجدولين، أمينة المريني، مزوار الإدريسي، فاطمة الزهراء بنيس، مخلص الصغير، أحمد زنيبر، عبد الجواد الخنيفي، وأحمد بلحاج آية ورهام، مصطفى بدوي، محمد بن يعقوب، جمال الموساوي، يحيى عمارة، إيمان المنودي.

وحضر من النقاد: محمد معتصم (الناقد الأدبي) وأحمد زنيبر.

ورقة تقديم وتنسيف افتتاح المهرجان الشعري
ثلاث وعشرون دورة من عمر المهرجان الوطني للشعر المغربي الحديث بمدينة شفشاون، تاريخ حافل بالقول الجميل، وهو يواجه ذاته حينا ويوجه واقعه حينا آخر.

ثلاث وعشرون دورة من الوفاء للشعر والشعراء الذين رحلوا وتركوا نسغ حياتهم بيننا نتدثر به في قار ليالينا، والشعراء الذين ما يزالون بيننا سندا وسنديانا.

لست أستغرب إصرار مدينة شفشاون ومثقفيها وأهلها على التشبث بالقصيدة في الزمن العسير، منذ نعومة أظافرها، وهي تحاول ترسيخ البعد الرمزي للوجود الإنساني، وكيف أستغرب وأنا أشاهد هذه القمم العالية، الشامخة في أنفة وكبرياء. كما القصيدة المغربية المعاصرة، كما الشاعر المغربي وهو يشيد صروحا من الاستعارات الجميلة التي تؤرخ للقصيدة المغربية وتؤرخ لصراع ذائب من أجل إثبات الكينونة.

لست أستغرب هذا الإصرار رغم المعوقات وهي كثيرة، لأن المدينة تستلهم شبابها الدائم من هذه البيوت التي هندس معمارها شاعر: بياض كلبن الأمهات، وأزرق السماء الصافي، وقرميد يعلو هامة الشرفات الحابلة بالأسرار خلف الشبابيك العتيقة، وأقواس تنحني مستديرة، دون اكتمال لأن الزمن سيرورة تحول دون الانتهاء. البيت قصيدة لا تنتهي، أزهارها تميل مصغية لهسيس الريح العابر بين أوراقها وشفاه الشعراء.

لست استغرب هذا الإصرار رغم المعوقات وهي كثيرة، لأن المدينة تستلهم شبابها الدائم من هذه القمم التي لا تشيب، ولا تنحني. قمم خضراء شاهقة تهمس في آذاننا باستمرار: في الاستمرار لب الحياة، وفي القصيدة تزهر الكينونة. هلم أيتها الشاعرات أيها الشعراء لتجديد العهد، ومواصلة نداء الاستعارة.

شكرا لجمعية أصدقاء المعتمد، وشكرا لمندوبية وزارة الثقافة، وشكرا للمجلس البلدي، والعمالة والولاية بمدينة شفشاون الشاهقة الشاعرة العصية على بلادة الحس، ولعاب الأسواق الميالة نحو سنابل الأشواق. وشكرا للشاعرات وللشعراء على تلبية النداء، وشكرا للنقاد والباحثين، المخلصين للقول الجميل والاستعارة المستعرة جذوتها في القلم والفؤاد.


شفشاون المغرب
28/ 7/ 2008