رسالة السعودية: عزوف الجمهور عن الأندية الأدبية
بسبب غياب الخطط والفعاليات المكرورة وأشباه المثقفين
أنحى عدد من المثقفين السعوديين باللائمة على إدارات الأندية، في الدرجة الأولى، ومستوى ما تقدمه من فعاليات. وربط المثقفون الذين استطلعت آراؤهم بين مستوى أداء الأندية وحالة العزوف عن حضور أنشطة الأندية، في حين تحدث البعض عن بعد المكان وأثر فترة الصيف ونفى طرف ثالث أن تكون هناك ظاهرة عزوف عن حضور أنشطة الأندية من الأساس. الناقد محمد العباس ذكر أن المنابر بشكل عام لا تمتلك خطة ثقافية ما ينعكس على مستوى الموضوعات المطروحة ومستوى الأسماء المشاركة ذاكراً أن الأنشطة لم تعد سوى محاولة لسد الفراغ، وهو أمر لا يشجع المتلقي على التواصل كما أن أدوات العرض لا يتم تطويرها فالنشاطات لا تراعي الفارق بين الاجتماعي والثقافي فهي تؤدّى بما يشبه العرض المدرسي ولا تحاول إشراك المتلقي، الأمر الذي يقلل من قيمته ويشعره على الدوام بأنه مجرد متفرج كما أن تكرار الوجوه والموضوعات يشعر الجميع بالملل، خصوصاً حين يدفع بطابور من أشباه المثقفين إلى المنبر ويتم استعراضهم كنجوم مما يصيب المتلقي بالخيبة ولا يشجعه على التواصل. من جهة أخرى أكد القاص عبد الواحد اليحيائي على دور انشغالات المثقف بشأنه الخاص وسعيه اليومي لنفسه ولعائلته وانشغالاته بهمه الثقافي الخاص كالإعداد لكتاب أو كتابة مقالة أو الحديث مع مثقفين آخرين يقدّمون له زاداً ثقافياً أفضل بكثير مما تقدّمه له مشاركته في أمسية ثقافية فالمثقف لن يحضر في أمسية لا يشعر بأنه يستفيد ويفيد فيها. وتقاطع القاص فاضل عمران مع اليحائي في وجود أسباب لغياب المثقفين عن الأندية، لا تعود إلى التقصير في أداء الأندية كفترة الصيف التي تقلل عدد الحضور بشكل كبير، كما أن هناك حالة من التشبع بسبب كثرة الأنشطة التي لا يمكن متابعتها كلها، خصوصاً مع تكرار الوجوه وقلة المتميّز منها. إلا أنه عاد لإلقاء اللوم على الإدارات التي تحاول المحافظة على العادة في إقامة الأنشطة بشكل دوري أكثر من محافظتها على الجودة، كما ذكر أن خروج بعض الكوادر الفاعلة في تنشيط الفعاليات والإعلان عنها شكّل خسارة لحيوية الأنشطة وجاذبيتها. النخبوية ومعاناة المسافة الشاعر فاضل الجابر تحدّث عن المعاناة التي يلاقيها بسبب بعد المكان، باعتباره أحد القاطنين في مدينة القطيف ويحتاج إلى قرابة الساعة ليصل إلى أقرب نادي أدبي. مضيفاً أن معاناته تتضاعف بسبب عدم الالتزام بمواعيد بدء الفعاليات، وعدم وجود التسهيلات كمواقف السيارات، إلا أنه أضاف أن البعض قد يتّخذ موقفاً بمقاطعة الأندية لا لشيء سوى بدافع من التحزّب والشللية والعمل من أجل المصالح الخاصة. وركّز القاص خالد المجحد اهتمامه على التجديد في أساليب التواصل التي ينبغي على الأندية اتباعها لجذب المزيد من الجمهور مقترحاً إصدار جدول فصلي بالأنشطة ونقل فعاليات النادي للجمهور ليتمكن من التواصل في حال عدم قدرته على الحضور ودعا إلى ابتكار أساليب جديدة للإعلان غير الرسائل القصيرة وفتح صالات الفنادق للمناسبات الثقافية من أجل التنويع في المكان. أما الناقد محمد الحرز فقد كان رأيه مختلفاً عن معظم الآراء إذ شكك في وجود ظاهرة العزوف متسائلاً: "هل هي فعلاً ظاهرة؟ الحضور يختلف من ناد إلى آخر وليس مطلوباً أن يكون الحضور كثيراً لأن طبيعة الأندية أن تكون نخبوية" مؤكداً عدم وجود ما يسمّى بـ (عزوف) ومعرفاً العزوف بأنه "المرتبط بموقف من توجّه أو تيار معيّن" وهو الأمر الذي نفى أن يكون موجوداً فجميع التوجهات الإبداعية والنقدية ممثلة في جمهور الأندية. وتلتقي القاصة زهراء موسى مع الحرز في نخبوية الأندية مؤكدة أن الناس يميلون إلى الرياضة والترفيه، وربما الفن في أحسن الأحوال، وأنشطة الأندية ليست جذّابة بالنسبة لهم لأنها لا تعتمد الإثارة ولأن مادتها غزيرة وكثيفة. إلا أنها تحدّثت عن أسباب ابتعاد الأدباء عن الأندية مشيرة إلى أن فعاليات الأندية محفوفة بالضجيج والأضواء، في حين يؤثر الكثير من الأدباء هدوءه وسلامة نفسه، في حين يتحدّث البعض عن أن هذه الأنشطة لا ترضي طموحه. الكاتب أحمد سماحه قال إن الأندية يفترض أن يكون لها دور في الحياة الثقافية والأدبية وإذا وصل الأمر إلى عزوف المعنيين بهذا الدور عن المشاركة والتفاعل فهذا يعني أن هناك خللاً ما أدّى إلى ذلك. معدداً بعض الأخطاء التي وقعت فيها الأندية: كنمطية الفعاليات وضعفها أحياناً وسيادة الروح الفردية، وغلبة الرأي الواحد في فرض وتبويب الفعاليات، وتشابه الأنشطة وتداخلها والصراعات بين أعضاء مجالس الإدارات. وقد قرأنا بعضها في الصحف، سيادة منطق المجاملات وتبادل الدعوات بين أعضاء مجالس الإدارات وبينهم وبين الأصدقاء المقربين لهم ومحاوله صناعة أمجاد شخصية لا تتفق وجماعية العمل الثقافي. خاتماً بالقول "كل ذلك لا يحجب إيجابيات كثيرة لهذه الأندية شهدناها ولمسناها" ومنوّهاً بدور الدكتور عبدالعزيز السبيل في ترشيد وحل مشاكل العهد الجديد للأندية. الإعلامي فؤاد نصر الله لام الأندية على تقصيرها في رعاية المواهب الشابة لكي تصنع منهم أدباء ومثقفين لا أن تكتفي بالعناصر الجاهزة. مضيفاً أن على الأندية أن تضع بصمتها في مناطقها محدثة تغييراً ثقافياً يجعل من الثقافة زاداً مفضلاً لدى شريحة من المجتمع من خلال التواصل الدائم مؤكداً على أن النادي هو من يجب أن يسعى إلى المثقف في هذا الزمن الذي لم تعد فيه سلعة الثقافة سلعة مغرية؛ ومبدياً أسفه من أن الجيل الجديد من أعضاء إدارات الأندية الأدبية قد توارث الشللية، مع بقية الصفات السيئة الأخرى عبر جينات الأنانية والذاتية. ودعا نصر الله إلى مكافأة الأدباء الذين تستضيفهم الأندية على ما يبذلونه من جهد وتعب وسهر ومعاناة من أجل إنتاج أي عمل إبداعي أو أدبي. وختم بالسؤال: ما الذي سيضيفه النادي وهو يدعو ويتصل بنفس الوجوه التي تتكرر أسبوعياً، وقد خصص لكل مثقف كرسيه المعروف، كما لو كان في فصل دراسي حتى إذا غاب ظل مقعده شاغراً ينتظره في محاضرة قادمة. الكاتب عبد الله الملحم شبّه العلاقة بين المثقفين والأندية الأدبية بالطلاق العاطفي بين زوجين مع فقدان الثقة والتفاهم. مشبها المثقفين بعشاق آلة العود الذين يجبرون على الاستماع لعزف آلة القيثار التي لا يطربون لها. مضيفاً أن الحل لرأب الصدع معرفة عشاق كل فن، ليتم تمثيلهم في ناديهم خاتماً بالقول "إن من المؤسف أن تجد لكل سيارة أو آلة دليلاً للاستخدام، في حين لا تجد لأنديتنا دساتير تصف آلية عملها بدقة وتنظم أنشطتها." القاص محمد البشير قال إن القضية تعالج بالنظر لعناصرها الثلاثة (المثقف، المؤسسة، الفعالية) موضحاً أنه بالنظر للمثقف كعنصر مدعو لحضور الأنشطة لا بد من معرفة عدد المثقفين في محيط المؤسسة، ومعرفة ميولهم وتشعباتهم الثقافية، وقبل ذلك مزاج المثقف كإنسان متقلب، فاليوم ينادي بإقامة نادٍ أدبي، وفي الغد تراه أول المقاطعين! ولا بد من النظر للعوامل التي حدت بالمثقف لمقاطعة مؤسسته الثقافية مضيفاً أن المؤسسة ليس لديها حصر للمثقفين ومعرفة ميولهم الثقافية والعمل على عرض ما تستقطب به مثقفيها أولاً وليس لديها، ثانياً، أي نية لإشاعة الثقافة، واستقطاب أعداد جديدة، وضمهم لحلقة المثقفين. ولفت إلى أن المؤسسات تعودت على إطلاق الوعود وإخلافها، مما يسبب إحباطات وتراكمات لا تجلب غير النفور مؤكداً أن بعض المؤسسات الثقافية تفتقد الإحساس بالمسؤولية متسائلاً: ما معنى أن تقفل مؤسسة ثقافية أبوابها طوال فترة الصيف، في الوقت الذي ينبغي عليها تكثيف جهدها؟ خاتماً بأن ثمة تنافراً في النظرة بين المؤسسة والمثقف. فالمؤسسة تتعالى على المثقف وترى أنه بحاجة إليها في حين يرى المثقف أن المؤسسة بحاجة إليه، وكلتا النظرتين تعاني من التطرف والنفور. ورأى القاص حسين العلي أن ما يواجهه المتلقي من بيروقراطية وفرض وصاية إدارية تعيق كل تطلعات المهتم بالشأن الثقافي من إدارات النوادي الأدبية هو السبب الكامن وراء هذه الحالة. وأكّد الشاعر زكي الصدير على غياب العمل المؤسساتي المنظم وعدم ترك الأمور للظروف كما تحتاج الإدرات إلى الشفافية المالية داعياً الأندية إلى صناعة الحدث الثقافي وأن يكونوا فاعلين لا منفعلين ومتأثرين. وقال الشاعر جاسم عساكر إن الإنترنت قد سرق الجمهور من رتابة الأندية الأدبية التي لا تقدم جديداً. أما الكاتب حسن حماده فقد نحا منحى آخر إذ تناولت إجابته جانب حرية التعبير عن الرأي مؤكداً أن البعض يمتنع عن الحضور للأندية باعتبارها مؤسسات رسمية لا يسمح فيها للمثقف بأن يبوح فيها بما في نفسه من نقد للواقع القائم، بلا تزييف أو خديعة للذات، مضيفاً أن بعد المكان، وتزاحم الفعاليات، يؤثر على حضور الأندية خاتماً بالقول: "الحراك الثقافي في كل المجتمعات، هو صنيعة المثقف، وإن قل هذا الحراك أو ضعف، فليلم المثقف نفسه لخموله وتقصيره، ورضوخه للبيات الشتوي والصيفي معاً". الدمام
أنحى عدد من المثقفين السعوديين باللائمة على إدارات الأندية، في الدرجة الأولى، ومستوى ما تقدمه من فعاليات. وربط المثقفون الذين استطلعت آراؤهم بين مستوى أداء الأندية وحالة العزوف عن حضور أنشطة الأندية، في حين تحدث البعض عن بعد المكان وأثر فترة الصيف ونفى طرف ثالث أن تكون هناك ظاهرة عزوف عن حضور أنشطة الأندية من الأساس. الناقد محمد العباس ذكر أن المنابر بشكل عام لا تمتلك خطة ثقافية ما ينعكس على مستوى الموضوعات المطروحة ومستوى الأسماء المشاركة ذاكراً أن الأنشطة لم تعد سوى محاولة لسد الفراغ، وهو أمر لا يشجع المتلقي على التواصل كما أن أدوات العرض لا يتم تطويرها فالنشاطات لا تراعي الفارق بين الاجتماعي والثقافي فهي تؤدّى بما يشبه العرض المدرسي ولا تحاول إشراك المتلقي، الأمر الذي يقلل من قيمته ويشعره على الدوام بأنه مجرد متفرج كما أن تكرار الوجوه والموضوعات يشعر الجميع بالملل، خصوصاً حين يدفع بطابور من أشباه المثقفين إلى المنبر ويتم استعراضهم كنجوم مما يصيب المتلقي بالخيبة ولا يشجعه على التواصل. من جهة أخرى أكد القاص عبد الواحد اليحيائي على دور انشغالات المثقف بشأنه الخاص وسعيه اليومي لنفسه ولعائلته وانشغالاته بهمه الثقافي الخاص كالإعداد لكتاب أو كتابة مقالة أو الحديث مع مثقفين آخرين يقدّمون له زاداً ثقافياً أفضل بكثير مما تقدّمه له مشاركته في أمسية ثقافية فالمثقف لن يحضر في أمسية لا يشعر بأنه يستفيد ويفيد فيها.
وتقاطع القاص فاضل عمران مع اليحائي في وجود أسباب لغياب المثقفين عن الأندية، لا تعود إلى التقصير في أداء الأندية كفترة الصيف التي تقلل عدد الحضور بشكل كبير، كما أن هناك حالة من التشبع بسبب كثرة الأنشطة التي لا يمكن متابعتها كلها، خصوصاً مع تكرار الوجوه وقلة المتميّز منها. إلا أنه عاد لإلقاء اللوم على الإدارات التي تحاول المحافظة على العادة في إقامة الأنشطة بشكل دوري أكثر من محافظتها على الجودة، كما ذكر أن خروج بعض الكوادر الفاعلة في تنشيط الفعاليات والإعلان عنها شكّل خسارة لحيوية الأنشطة وجاذبيتها.
النخبوية ومعاناة المسافة الشاعر فاضل الجابر تحدّث عن المعاناة التي يلاقيها بسبب بعد المكان، باعتباره أحد القاطنين في مدينة القطيف ويحتاج إلى قرابة الساعة ليصل إلى أقرب نادي أدبي. مضيفاً أن معاناته تتضاعف بسبب عدم الالتزام بمواعيد بدء الفعاليات، وعدم وجود التسهيلات كمواقف السيارات، إلا أنه أضاف أن البعض قد يتّخذ موقفاً بمقاطعة الأندية لا لشيء سوى بدافع من التحزّب والشللية والعمل من أجل المصالح الخاصة. وركّز القاص خالد المجحد اهتمامه على التجديد في أساليب التواصل التي ينبغي على الأندية اتباعها لجذب المزيد من الجمهور مقترحاً إصدار جدول فصلي بالأنشطة ونقل فعاليات النادي للجمهور ليتمكن من التواصل في حال عدم قدرته على الحضور ودعا إلى ابتكار أساليب جديدة للإعلان غير الرسائل القصيرة وفتح صالات الفنادق للمناسبات الثقافية من أجل التنويع في المكان. أما الناقد محمد الحرز فقد كان رأيه مختلفاً عن معظم الآراء إذ شكك في وجود ظاهرة العزوف متسائلاً: "هل هي فعلاً ظاهرة؟ الحضور يختلف من ناد إلى آخر وليس مطلوباً أن يكون الحضور كثيراً لأن طبيعة الأندية أن تكون نخبوية" مؤكداً عدم وجود ما يسمّى بـ (عزوف) ومعرفاً العزوف بأنه "المرتبط بموقف من توجّه أو تيار معيّن" وهو الأمر الذي نفى أن يكون موجوداً فجميع التوجهات الإبداعية والنقدية ممثلة في جمهور الأندية.
وتلتقي القاصة زهراء موسى مع الحرز في نخبوية الأندية مؤكدة أن الناس يميلون إلى الرياضة والترفيه، وربما الفن في أحسن الأحوال، وأنشطة الأندية ليست جذّابة بالنسبة لهم لأنها لا تعتمد الإثارة ولأن مادتها غزيرة وكثيفة. إلا أنها تحدّثت عن أسباب ابتعاد الأدباء عن الأندية مشيرة إلى أن فعاليات الأندية محفوفة بالضجيج والأضواء، في حين يؤثر الكثير من الأدباء هدوءه وسلامة نفسه، في حين يتحدّث البعض عن أن هذه الأنشطة لا ترضي طموحه.
الكاتب أحمد سماحه قال إن الأندية يفترض أن يكون لها دور في الحياة الثقافية والأدبية وإذا وصل الأمر إلى عزوف المعنيين بهذا الدور عن المشاركة والتفاعل فهذا يعني أن هناك خللاً ما أدّى إلى ذلك. معدداً بعض الأخطاء التي وقعت فيها الأندية: كنمطية الفعاليات وضعفها أحياناً وسيادة الروح الفردية، وغلبة الرأي الواحد في فرض وتبويب الفعاليات، وتشابه الأنشطة وتداخلها والصراعات بين أعضاء مجالس الإدارات. وقد قرأنا بعضها في الصحف، سيادة منطق المجاملات وتبادل الدعوات بين أعضاء مجالس الإدارات وبينهم وبين الأصدقاء المقربين لهم ومحاوله صناعة أمجاد شخصية لا تتفق وجماعية العمل الثقافي. خاتماً بالقول "كل ذلك لا يحجب إيجابيات كثيرة لهذه الأندية شهدناها ولمسناها" ومنوّهاً بدور الدكتور عبدالعزيز السبيل في ترشيد وحل مشاكل العهد الجديد للأندية.
الإعلامي فؤاد نصر الله لام الأندية على تقصيرها في رعاية المواهب الشابة لكي تصنع منهم أدباء ومثقفين لا أن تكتفي بالعناصر الجاهزة. مضيفاً أن على الأندية أن تضع بصمتها في مناطقها محدثة تغييراً ثقافياً يجعل من الثقافة زاداً مفضلاً لدى شريحة من المجتمع من خلال التواصل الدائم مؤكداً على أن النادي هو من يجب أن يسعى إلى المثقف في هذا الزمن الذي لم تعد فيه سلعة الثقافة سلعة مغرية؛ ومبدياً أسفه من أن الجيل الجديد من أعضاء إدارات الأندية الأدبية قد توارث الشللية، مع بقية الصفات السيئة الأخرى عبر جينات الأنانية والذاتية. ودعا نصر الله إلى مكافأة الأدباء الذين تستضيفهم الأندية على ما يبذلونه من جهد وتعب وسهر ومعاناة من أجل إنتاج أي عمل إبداعي أو أدبي. وختم بالسؤال: ما الذي سيضيفه النادي وهو يدعو ويتصل بنفس الوجوه التي تتكرر أسبوعياً، وقد خصص لكل مثقف كرسيه المعروف، كما لو كان في فصل دراسي حتى إذا غاب ظل مقعده شاغراً ينتظره في محاضرة قادمة.
الكاتب عبد الله الملحم شبّه العلاقة بين المثقفين والأندية الأدبية بالطلاق العاطفي بين زوجين مع فقدان الثقة والتفاهم. مشبها المثقفين بعشاق آلة العود الذين يجبرون على الاستماع لعزف آلة القيثار التي لا يطربون لها. مضيفاً أن الحل لرأب الصدع معرفة عشاق كل فن، ليتم تمثيلهم في ناديهم خاتماً بالقول "إن من المؤسف أن تجد لكل سيارة أو آلة دليلاً للاستخدام، في حين لا تجد لأنديتنا دساتير تصف آلية عملها بدقة وتنظم أنشطتها."
القاص محمد البشير قال إن القضية تعالج بالنظر لعناصرها الثلاثة (المثقف، المؤسسة، الفعالية) موضحاً أنه بالنظر للمثقف كعنصر مدعو لحضور الأنشطة لا بد من معرفة عدد المثقفين في محيط المؤسسة، ومعرفة ميولهم وتشعباتهم الثقافية، وقبل ذلك مزاج المثقف كإنسان متقلب، فاليوم ينادي بإقامة نادٍ أدبي، وفي الغد تراه أول المقاطعين! ولا بد من النظر للعوامل التي حدت بالمثقف لمقاطعة مؤسسته الثقافية مضيفاً أن المؤسسة ليس لديها حصر للمثقفين ومعرفة ميولهم الثقافية والعمل على عرض ما تستقطب به مثقفيها أولاً وليس لديها، ثانياً، أي نية لإشاعة الثقافة، واستقطاب أعداد جديدة، وضمهم لحلقة المثقفين. ولفت إلى أن المؤسسات تعودت على إطلاق الوعود وإخلافها، مما يسبب إحباطات وتراكمات لا تجلب غير النفور مؤكداً أن بعض المؤسسات الثقافية تفتقد الإحساس بالمسؤولية متسائلاً: ما معنى أن تقفل مؤسسة ثقافية أبوابها طوال فترة الصيف، في الوقت الذي ينبغي عليها تكثيف جهدها؟ خاتماً بأن ثمة تنافراً في النظرة بين المؤسسة والمثقف. فالمؤسسة تتعالى على المثقف وترى أنه بحاجة إليها في حين يرى المثقف أن المؤسسة بحاجة إليه، وكلتا النظرتين تعاني من التطرف والنفور.
ورأى القاص حسين العلي أن ما يواجهه المتلقي من بيروقراطية وفرض وصاية إدارية تعيق كل تطلعات المهتم بالشأن الثقافي من إدارات النوادي الأدبية هو السبب الكامن وراء هذه الحالة. وأكّد الشاعر زكي الصدير على غياب العمل المؤسساتي المنظم وعدم ترك الأمور للظروف كما تحتاج الإدرات إلى الشفافية المالية داعياً الأندية إلى صناعة الحدث الثقافي وأن يكونوا فاعلين لا منفعلين ومتأثرين. وقال الشاعر جاسم عساكر إن الإنترنت قد سرق الجمهور من رتابة الأندية الأدبية التي لا تقدم جديداً. أما الكاتب حسن حماده فقد نحا منحى آخر إذ تناولت إجابته جانب حرية التعبير عن الرأي مؤكداً أن البعض يمتنع عن الحضور للأندية باعتبارها مؤسسات رسمية لا يسمح فيها للمثقف بأن يبوح فيها بما في نفسه من نقد للواقع القائم، بلا تزييف أو خديعة للذات، مضيفاً أن بعد المكان، وتزاحم الفعاليات، يؤثر على حضور الأندية خاتماً بالقول: "الحراك الثقافي في كل المجتمعات، هو صنيعة المثقف، وإن قل هذا الحراك أو ضعف، فليلم المثقف نفسه لخموله وتقصيره، ورضوخه للبيات الشتوي والصيفي معاً".
الدمام