كانت مشاركة المحرر في المؤتمر الدولي لنادي القلم في بوجوتا بكولومبيا مناسبة للتواصل مع عدد من شعراء العالم وكتابه، واستكتابهم للكلمة، وهذه أولى ثمار هذا الاستكتاب الذي ننشر فيه قصائد لشاعرتين من فنلندا، أولاهما هي رئيسة نادي القلم بها.

شاعرتان من فنلندا

ترجمة براء عيشة

(1) ريتا داهل Rita Dahl
ريتا داهل من مواليد عام (1971)، كاتبة وصحفية ونائبة رئيس جمعية الكتاب الفنلديين (PEN). لديها ماجستير بالفلسفة والعلوم السياسية. نشرت الكاتبة ريتا داهل ثلاثة دواوين شعرية، وكتاب رحلة إلى البرتغال "سحر آلاف الأدراج" (مفتاح 2007) وأنتجت عمل حول الكاتبات النساء والرقابة ـ باسم "الفرن النهم". وقدم العمل في مؤتمر الكاتبات النساء في وسط آسيا في شهر آب/ أوغسطس 2007. والكاتبة ريتا داهل تعد وتترجم مقتطفات من الشعر البرتغالي الحديث إلى اللغة الفنلندية. وتترجم أيضاً إلى اللغة البرتغالية واللغة البرازيلية مقتطفات من شعر الشباب الفنلندي. هذه المقاطع الشعرية تم اختيارها من ديوان الحياة في لاغوس (ntamo 2008).

ترعرعت في طريق، منه بدأ وطن جديد
ترعرعت في طريق، منه بدأ وطن جديد
انقسمت إلى نصفين، مشاكل أبدية
ووطن بدون أرض، يحكمونها ملوك بدون إذن
عرفت الإنجيل بعقلي.
وأنا في أرض الملوك، مجرد مهرج
كان لابد من إيجاد، هذا الذي يناديك.

وردة نمت إلى المدينة
كل الأشياء أصبحت حمراء في الساعة الأخيرة من الليل
دعى الملوك المخلصين لهم بأسمائهم.
رمت الأوراق تويجاتها دون سابق إنذار
ومن النوافذ ولدت آفاق، كل منها على صواب
لابد من إيجاد مكان جيد، طريق، وشجرة في أعلاه.

كينيث كوش في المقهى، تسفيتايفا في البحر
يود كينيث كوش الجلوس أيام طويلة في المقهى في ساحة كاتدرائية فيسبي ويصنع ملاحظاته المهمة والمضحكة عن زملائه وتدخينه، وعن الحالة الروحية للأدب الأمريكي. إيفا ـ ستينا بيغماستار تختبيء في الغابة كالأرنب وتؤمن، أن الألم هو جزيرة عرائس النيل، التي يجب إيجادها في داخلنا. توا فورستروم تصرخ للشرطة بعد قضاء الليل مع الأحصنة لانقاذ الروح، التي تركها أحدهم، على الأغلب، الأم. الدراسة في الكلية الغريبة لم تعطها الإجابة الشافية ـ إلا أنها شاعرة والشاعر يمكنه طرح أسئلة غريبة عن المشاعر.

أرتور لوندكفيست هو أقلهم كلاماً واحتجاجاًً، يرمي الأعواد فتصيب الهدف مباشرة. إيفا ستروم تلبس طقماً وتستغرب، من أين حصلت إيديث سوديرغران على صور حبها وحزنها، وهي لا تعرف، لماذا سوديرغران ماتت شابة ووحيدة هكذا. كوش يؤيد الجميع بالضحك و(السخرية على نفسه)، وأعتقد أنني أفعل نفس الشيء، ولكن كما قال الشاعر البرتغالي: "الحياة أحياناً تكون شديدة الصعوبة، لدرجة تثير الإقياء أكثر مما تثيرالمرح". وماريا سفيتاتينا تعتذر في رسالتها إلى ريلكيل، لماذا لم تستطع من الكاتدرائية المطلة على البحر جعلها تعشق صديقها الذي تبادله الرسائل. أو لعلها تظن، أن الحب عبر الرسائل هو فقط للشعراء التائهين في قصائدهم: (لاتنسون أبداً، أن ما يبدو لنا هنا مستحيلاً، هو طبيعي جداً في العالم_ وهو على الأرجح ممكن الإدراك في عالم آخر).

النسر يلعب بالحمامة
النسر يلعب بالحمامة، والحمامة سعيدة

غير مدركة أنها تلعب مع الموت. عندما يسافر النسر إلى (إبارا) تدفعه الرياح إلى الأمام، هذا جيد، سوف يصل سريعاً إلى هدفه. إذا لم يرغب النسر بتشتيت سربه، فالسماء تتسع للكثير من الطيور بدون قتال.

رئيس النسور يمسك بالدجاجات المشاغبات، لكنه يدخرهم من الموت؟

"حصل هذا الأمر لي من قبل" هكذا قالت الدجاجة العجوز ومخالب النسر منغرسة في ظهرها: الحيوان الذي يتلفت هنا وهناك في الغابة، يقع سريعاً فريسة للصياد، وليس دور الصياد بالسهل، لأن القط الذي يصيد ضفدعاً يحصل على عينيه وأنفه. وأصحاب المئتي كلباً لا يستطيعون الإمساك بالفيل. الكلب يعرف كيف يستلقي على ظهره عندما يرى الفهد: على الصياد أن يطوي صفحة هذا اليوم ليكون صياداً ناجحاً أو يظل الأرنب طليقاً. الماعز حيوان حقيقي. والماعز يرغب بالتماثل مع زوجه لذا يطيل لحيته. والتيس يقول أن أمه أنجبته لذا سيكون لها زوجاً. كيف يعامل الماعز صاحبه: عندما يمرض يضحي بحيواناته، ولكي يشفى يضحي هو أيضاً، وهكذا تستمر الدائرة بين الماعز وصاحبه إلى اللانهاية.

لأن علاقات معينة تتشكل منذ الولادة؟ بالطبع ينظر الماعز إلى ذابحه كما لو أنه غير موجود على الإطلاق. الخالق لم يتذكر الضفدع الذي كان يجب أن يكون له جناحين، وبدل أن يحلي الحساء، فرد ذراعيه ورجليه وغاص في الحساء: هذه هي طبيعة الضفدع، ومع ذلك فالسمك يعرف النهر أكثر منه.

لا تظن أن السلحفاة لا تتنفس: من تحت الدرع يسمع صوت حفيف حين تسافر ويتبعها بيتها. الحيوانات تتعلم: فعندما تفتح السلحفاة فمها للأكل، ينفتح فم صغيرها وتتسائل السلحفاة: ألم تسمعوا أبداً عن كرمي؟ وماذا عن السحالي إذاً: تظل طوال اليوم ممددة على الأرض، من يعرف، إن كان أحدها يعاني آلاماً في البطن؟ والفئران: تنتظر سفر القط لكي تحتل البيت. والقرد يرمي جوز الهند هدية للأرض والإنسان، إلا أن الإنسان يظن أن أحداً ما يحاول إزعاجه فحسب. (كم هو صعب إدراك الفرق بين الصداقة والعداوة).

القردة أيضاً تجيد الرياء. وبعد قليل سوف تمزق ثيابها إرباً: يجب ألا ننسى، أن ترويض الكلاب استغرق أيضاً عشرات السنين.

(2) كاتارينا فوورينن Katariina Vuorinen
كاتارينا فوورينن من مواليد عام 1976، وهي شاعرة من مدينة يوفاسكولا في وسط فنلندا. أصدرت الشاعرة ديوانين شعريين الأول عام 2001 بعنوان (إيديث قبلني في الحلم) والثاني عام 2006 (الجبهة الباردة). وشاركت كاتارينا معنا في أعمال أنتولوجيا عديدة. كاتارينا فوورينن تعمل كمخططة ومساعدة مدير في جامعة يوفاسكولا، وهي أيضاً رئيسة مجلس الإدارة في جمعية كتاب وسط فنلندا.

موكب التعميد

(I)
لا تطلبوا منا النظر
فالأطفال يتعمدون،
لا تقربوا الأيادي العمياء من بعضها، فمنها
تتكون العظام والحبال.
أنبش من حقيبتي كؤوساً، أنبش علباً فارغةً
لتكون حامية للعيون، وصحوناً بلاستيكيةً لتكون خوذ،
أنظر من بين البيوض بسكينة إلى العناية
والبيولوجيا، الغربان في الحكاية، حيث يبدأ موكب من أعماق
الغابة باتجاه الشمس،
الطحالب والأشجار القزمة في المستنقع استسلمت،
أومؤ بكتفي من الألم

كان من الصعب نسيان نفسي.

(II)
يد المكنسة تجعلني أقف
في حديث المؤمنين.
إنهم يلفظون تعابيري كالمسعر وأشجار الدردار.
أفيض من الأعلى إلى أخمص القدم، أركب الجدران
بعينين نفاذتين، أدعك بورق الرمل
الأفكار السعيدة المنسلخة
من زاوية عيني أرى رسوم الشيطان، وبسرعة
أسدل البرداة.

أتمنى السعادة دون تفكير.
رويداً رويداً يبدأ الطفل بالحركة الإيقاعية،
المضارب والأبواط ترمى.
أصبح الكلام حاداً كالمسمار، والغضب كالمطرقة.
رويداً رويداً تمتزج الدماء
فمن الأقوى نستخرج المقص والقفاز
والصوف المحفوظ جافاً ونظيفاً
تم نسيانه في المطر أو أحد ما باعه.

الغضب ظل واقفاً على الفخار،
أحدهم رفع العلم المرتمي، وآخر ارتمى على أسنانه.
ومن أذنيه أو من حزنه نرفعه إلى الأعلى.

(III)
لن أبقى بين حدي البكاء والصراخ
أمسك بزمام اليدين المذعورتين,
أنظر إلى أعماق عيني الجليد، الأفضل من الدخان.

آخر أجناس البشر كان ظاهراً جداً.
نادراً ما نسحب من المحفظة الصورة المائلة.
حتى لا تكتمل الأعمال، زهواً، ومن الأسنان الخربة.
عند العلامة انقطع النوع ومن بعدها استمر الفاعلون الأولون.
لم يعد هناك أناس ينظرون إلى الفراغ والحصى،
الكلمات الأخيرة التي نحرقها من مسامات الرسائل، من الغرف
من ربطات العنق التي تشير إلى المساء.

ننتظر في الخمارة السرية، نخزن الفقاعات في العلب.
ولتفر دمائنا حيث تشاء، بكل أنانية.

الحزن يتدفق فوقنا
أو لنختار يوماً ملبداً بالغيوم.

المتزايدون يقولون: اذهبوا من أمامنا إلى الضباب.

الترجمة: براءة عيشة Kaannos: Baraa Eisha