ـ أما من رسالة لي؟ قال بعد تفكير قصير: إذن ستأخذين هذه بدل النقود. أنه حقيقة، لا ضير في ذلك، كل منا يلقى نصيبه في هذه الحياة، وهذا من نصيبها. ـ نعم وما زلت. وهمّ أن يبدأ بالغناء، فأشار له ألا يفعل فالمكان والوقت غير مناسبين. ثم أشرق وجهه قائلا: أجابه: ضع الورقة على المكتب ولا تنس من فضلك أن تغلق الباب عندما تخرج. ـ ربما كان يريد بذلك أن تعود المياه الى مجاريها. قلت مداعبا: وماذا عن وصولي أنا الى كولن؟ قلت لها: لم نعد نسمع عنك شيئا؟ وقفت فجأة وهي تقول أنها مضطرة للذهاب، وغادرت من دون أي كلمة وداع. فحركت شعرها: أنا من كنت أمرر الفيل من خرم الإبرة ومن أظهر قوس قزح في الليل، لكني ضللت طريقي. قال نوري: جثة جاءت الى هنا، أيها الشرطي قل كلاما آخر! قالت: رقم 7. رشفنا من قهوتنا رشفتين، وقلت بعد أن شددت الأنفاس وتصاعد الدخان، الفرق أن القبقاب مصنوع من الخشب. كان واضحا أنه لم يعد عندها القدر الكافي من قوة التحمل، فخرجت من الردهة حاملة معها عدتها. استمرت فروزه تذرف الدموع فقال لها بعضهم: اسكتي أرجوك من أجل الفقيد لئلا تقلقي راحته الأبدية. قالوا: عليك بالذهاب الى أفغانستان. صفق الجميع، فعادت فروزه الى وعيها. صدرت الرواية هذا الشهر في سلسة (آفاق عربية) عن هيئة قصور الثقافة بالقاهرة.
ـ لا، ما من رسالة اليوم، ربما غدا.
ـ أرجوك أنظر جيدا.
ـ أنا دائما أنظر.
ومد لها كفه التي كانت تحمل سلسلة مفاتيح، قال:
ـ صوتك جميل؟
ـ جرّبني، اسمعني واحكم بنفسك.
قالت: أريد أن أراك.
كانت تلك آخر مرة أرى فيها منى.
أخذ رشفة من الكوب وقال:لا، رقم 5.
يكتب القاص العراقي المرموق في روايته الجديدة تلك تجربة جديدة مع الغرب، وأوجاع الغربة العراقية في المنفى الألماني، واشتباكاتها مع الأوجاع العربية والأنسانية الأخرى في المنفى، ومع مأساة ألمانية خالصة أنتجها تورط ألمانيا في أوحال الحروب الأمريكية القذرة.
المقهى الأسباني (رواية)