تقرير
من أجل خلق مرصد لثقافة السلم
"دور ثقافة السلم والتربية في الوقاية من التطرف الثقافي والديني" هو عنوان المنتدى الذي نظمته جمعية القنطرة لتنمية العلاقات بين المغرب وإسبانيا بمركز التكوينات واللقاءات التابع لوزارة التربية الوطنية بحي النهضة بالرباط خلال أيام 24/ 25 / 26 نوفمبر 2008، بمشاركة عدد من الشخصيات العلمية والدبلوماسية والجمعوية، نذكر منهم السيد سفير رومانيا وممثلين لسفارتي إسبانيا وبلغاريا وممثل الاتحاد الأوربي بالمغرب وعبد الحميد بن داود مدير التعليم العتيق بوزارة الأوقاف والأستاذ الزباخ نائب مدير الإيسيسكو، وبياطريث مولينا مديرة معهد السلم والنزاعات بجامعة غرناطة والأستاذة طاطيانا درونزينا من جامعة صوفيا ببلغاريا ود. محمد نوري رئيس جمعية القنطرة لتنمية العلاقات بين المغرب وإسبانيا. ويمثل هذا المنتدى ـ حسب تصريح اللجنة المنظمة ـ مرحلة من مراحل الأنشطة المبرمجة في إطار المشروع الأوربي الموسوم بـ "درس واتقاء التطرف، ودور المدرسة في ذلك، نماذج تحليلية من بلغاريا ورومانيا وإسبانيا والمغرب". ويعرف هذا المشروع إضافة إلى المشاركة الميدانية للدول الأربع الشريكة بلغاريا ورومانيا وإسبانيا والمغرب، مشاركة كل من ألبانيا وكازاخستان والمكسيك كَدُوَل مُرَاقِبة، وذلك بهدف خلق شبكة تفكير ونقاش وتبادل خبرات بين باحثين وخبراء من هذه البلدان حول دور المدرسة في الوقاية من التطرف الإيديولوجي والتدابير الكفيلة بتحويلها إلى فضاء للسلم والتسامح، وعلى خلق مرصد لثقافة السلم بالمغرب. أما أشغال المنتدى فقد افتتحت بمائدة مستديرة تناولت بالتحليل الكيفي للاستبيانات المنجزة في الدول الأربع الشريكة في المشروع تألقت في إدارتها الأستاذة نذيرة برقليل من جامعة محمد الخامس معتبرة أن هذا المنتدى هو حدث بالغ الأهمية، إذ ينبغي ألا نتلقاه بوصفه نشاط ثقافي عاديا، بل باعتباره فرصة للتفكير في ثقافة السلم، ومن هنا تأتي الدعوة إلى تعميق النظر النقدي في طبيعة هذه الثقافة. بعدها تناولت الكلمة طاطيانا درونزينا من جامعة صوفيا ببلغاريا وسمتها بـ "المدرسة البلغارية بين الهوية والمواطنة" عرضت من خلالها التجارب البلغارية التي تهم سياسات الهوية والمواطنة داخل المدارس والسلك التربوي عموما في بلد يعرف العديد من الأقليات ومن ضمنهم الأقلية المسلمة. كما استعرضت العديد من التجارب الناجحة في هذا المجال الذي تم تمويلها من طرف الاتحاد الأوربي في إطار التربية على المواطنة لخلق الانسجام بين الهوية العرقية والمواطنة علاوة على تحفيز الهوية ما فوق الوطنية كمكون جديد في الواقع السوسيواقتصادي والجيوستراتيجي الذي أفرزه انضمام بلغاريا إلى الاتحاد الأوربي. أما د. محمد الإدريسي من المدرسة العليا للأساتذة بتطوان، فقد قارب في مداخلة التي اختار لها عنوان "تمثل الغرب والإسلام لدى عدد من أساتذة بعض إعداديات شمال المغرب" ظاهرة الصراع الديني عند بعض المؤطرين التربويين عن طريق تفريغ لمعطيات استبيان وزع في مجموعة من الإعداديات والمؤسسات التربوية المتواجدة بجهة طنجة ـ تطوان، والتي توزعت بين التعليم العمومي والخصوصي، بهدف رصد تمثلهم للغرب، وكذا من أجل وضع اقتراحات للتدبير التربوي من شأنها أن تجعل التلاميذ يتبنون سلوكات أكثر انفتاحا على الآخر وبتحقيق فضاء تربوي مؤسس على أركان التعايش والتسامح بين الأديان والأجناس والأعراق. وركزت ورقة الباحثة ميخابيلا فرونزا من جامعة كلوج برومانيا "النتائج الكيفية للتحقيق المنجز حول الطائفة المسلمة برومانيا" على تحليل نتائج الدراسة الميدانية التي تم إنجازها بمدينة بوخاريست، كونسطانس وكلوج واستخلاص الملامح الخصوصية لوضعية التطرف في المدرسة الرومانية. ثم انتقلت للحديث عن حالة الانفصام أو التمزق التي تعيشها الجماعات المسلمة بين الخطاب العقلاني الليبرالي وبعض الخطابات المتطرفة الدخيلة على الإسلام المعهود في رومانيا والمتميز بالانفتاح وبالاعتدال. أما المائدة المستديرة الثانية والتي تميزت برئاسة د. رشيد الحضيكي من جامعة عبد المالك السعدي بتطوان ركزت على "ثقافة السلم في إطار العلاقات التثاقفية وكإطار لها" افتتحت بكلمة السيد داريو ماريمون المنسق العام لمؤسسة المتوسط للثقافات الثلاث بإسبانيا بموضوع: "السياسة الثقافية ودورها في دعم السلم و التسامح"، ثم تلتها مداخلة كارلوس إشفريا الموسومة بـ "وسائل مناهضة التطرف الإسلامي بإسبانيا خلال السنوات الأخيرة" أستاذ العلاقات الدولية ومستشار في السياسة الأمنية " UNED" بإسبانيا، استعرضت تجارب الإدارة الأمنية الاسبانية للوقاية من الحركات الراديكالية الإسلامية خاصة بعد تحول إسبانيا من ممر أو معبر في اتجاه أوربا الغربية وأرض تمد هذه الحركات المتطرفة بالدعم اللوجيستيكي، إلى معقل حركي كذلك وظهور الأندلس كإيحاء جديد لهذه الحركات، في حين انصبت ورقة الخبير في العلاقات المغربية والإسبانية الكاتب والصحفي محمد العربي المساري على موضوع: "ثقافة الحوار في أزمنة الأزمة"، ذ. محمد العربي المساري مستعرضا من خلالها بعض حالات الحوار التي عرفها الواقع السياسي المغربي إبان الاحتلالين الفرنسي والاسباني، والتي كانت تجري وظلت كذلك بين الوطنيين المغاربة وسلطات الاحتلال حتى في الحالات الأكثر عنفا التي عرفها المشهد السياسي في رحلة البحث عن الاستقلال. وفي مداخلته المعنونة "تحليل مؤشرات ثقافة السلم بالمغرب بين 1999 و 2007، التشخيص والرهانات" قام د. محمد نوري، (باحث في ثقافة السلم وتدبير النزاعات ورئيس جمعية القنطرة لتنمية العلاقات بين المغرب وإسبانيا) بتحديد ثقافة السلم وتحديد السياق الذي تم فيه اختيار ثقافة السلم كشعار للعشرية التي تمتد من سنة 2000 إلى 2010 من طرف هيئة الأمم المتحدة وبرنامجا عمليا إجرائيا يشمل مؤشرات ثمانية تتوزع بين التربية والتعليم مرورا بالمساواة بين الجنسين ودعم حقوق الإنسان والديمقراطية، وانتهاء بتأسيس علاقات دولية قائمة على التدبير السلمي للنزاعات. كما اهتم الباحث أيضا بتشخيص مؤشر التربية في المغرب على ضوء الإصلاحات التي عرفها قطاع التربية والتعليم وآخرها بالبرنامج الاستعجالي الممتد بين 2009 و 2012. مبرزا الرهانات المطروحة على هذا القطاع ودوره الحيوي في بناء ثقافة السلم والتدبير السلمي للنزاعات. وأخبرا تطرقت الأستاذة بياطريث مولينا، مديرة معهد السلم والنزاعات بجامعة غرناطة إلى "ثقافة السلم كآلية للحوار بين التقاليد اليهودية والإسلامية". أما المائدة الثالثة برئاسة د. محمد نوري رئيس جمعية القنطرة لتنمية العلاقات بين المغرب وإسبانيا تمحورت حول موضوع: " كيف نجعل من المدرسة فضاء للسلم والتسامح؟ الخبرات والآفاق"، وابتدأت بمداخلة د. عبد اللطيف ليمامي من جامعة محمد الخامس بموضوع: "الحس التسامحي في الأدب"، ثم تلتها كلمة ذ. عبد الحميد بن داود: مدير التعليم الأصيل بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مستعرضا مشروع وزارة الأوقاف الرامي إلى إعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب، مشيرا إلى الإصلاحات التي همت الفضاء التربوي والتعليمي بمؤسسات التعليم الأصيل سواء على مستوى المناهج أو على مستوى الموارد البشرية وصولا إلى الوقاية من الأفكار المتطرفة التي اعتبرها المحاضر دخيلة على المغرب وثقافته الدينية المتسامحة. أما سبسيان سانشيث المدير العام السابق بمستشارية التعليم بحكومة الأندلس فقد ركزت ورقته "إطلالة على مخطط الحكومة الأندلسية في ثقافة السلم واللاعنف، البلورة والتنمية والافتحاص" على تقديم وتقييم تجربة البرنامج الأندلسي للتربية على ثقافة السلم واللاعنف، مبرزا سيرورة هذا المشروع الذي ابتدأ منذ 8 سنوات والأدوار الهامة التي اضطلع بها السياسيون والفاعلون التربويون والاجتماعيون من أجل تحقيقه على أرض الواقع. ولعل مداخلة فرانسيسكو خمينيث "تبعات العنصرية وكره الآخر بمدارس غرناطة، الواقع ورسائل الوقاية" أنتروبولوجي بمعهد السلم والنزاعات بجامعة غرناطة، اهتمت بتحليل الأشكال التي تتكون من خلالها العنصرية والخوف من الآخر داخل النظام التربوي في مدينة غرناطة، مشيرا إلى وجود العديد من الأفكار الجاهزة حول المغربي والأسود، وإلى بداية تكون مثل هذه الأفكار حول المهاجرين اللاتينيين والأوروبيين الشرقيين، كما يركز على كيف صار الدين، والإسلام بصفة خاصة، أداة من الأدوات الرئيسية للإقصاء داخل المدارس. ثم تدخل بعد ذلك بلامين سوروجيسكي، عالم اجتماع ومدير المركز التربوي الوطني، وزارة التربية والعلوم ببلغاريا بموضوع: "تكوين الأساتذة المستمر في الكفايات التثاقفية"، ليعرف بأهداف هذا المركز الوطني الذي يضم 28 مركزا جهويا من تحديد وتقييم وتنظيم التكوين بالنسبة للأساتذة إضافة إلى ضمان تكوينهم المستمر من أجل اكتساب مؤهلات بين ثقافة تسمح بإدارة الاختلاف اللغوي والإثني والديني داخل المدارس والثانويات. أما إينماكولادا أليماني، أستاذة باحثة في التربية والديداكتيك، معهد السلم والنزاعات بجامعة غرناطة، فقد أشارت في ورقتها إلى تجارب الاندماج التثاقفي في مؤسسات التعليم الثانوي بمليلية، وكانت آخر مداخلة لساندو فرونزا، أستاذ باحث في الفلسفة والدين بجامعة كلوج برومانيا ورئيس الجمعية الأكاديمية للديانات والإيديولوجيات برومانيا بموضوع: "الحوار التثاقفي بالمدارس كبديل ضد التطرف". وتجدر الإشارة إلى أن المداخلات تلتها نقاشات رصينة خاصة من لدن الطلبة الباحثين بجامعة محمد الخامس الذين تفاعلوا مع المشروع، ساهمت في تمثل الحضور لثقافة السلم ولدورها في الاستقرار الفردي والجماعي. كما خصص الأساتذة الباحثون في المشروع الأوروبي يومي 26 و 27 نوفمبر2007. لاجتماعات عمل انكبت على بلورة التقرير النهائي واقتراح التوصيات. وقد رافقت هذا المنتدى طيلة أيام انعقاده أنشطة موازية نذكر منها معرضا للفن التشكيلي اتخذ له موضوع السلم والتسامح كعنوان وهو من إنجاز مجموعة التشكيلين الباحثين، ومعرضا آخر لمجموعة من المؤلفات حول حوار الثقافات والتدبير السلمي للنزاعات. مثلهم كل من عزام مذكور، ومصطفى نافي، وثريا بلكناوي، وعبد الرحمان لويداني وأمين بختي.
"دور ثقافة السلم والتربية في الوقاية من التطرف الثقافي والديني" هو عنوان المنتدى الذي نظمته جمعية القنطرة لتنمية العلاقات بين المغرب وإسبانيا بمركز التكوينات واللقاءات التابع لوزارة التربية الوطنية بحي النهضة بالرباط خلال أيام 24/ 25 / 26 نوفمبر 2008، بمشاركة عدد من الشخصيات العلمية والدبلوماسية والجمعوية، نذكر منهم السيد سفير رومانيا وممثلين لسفارتي إسبانيا وبلغاريا وممثل الاتحاد الأوربي بالمغرب وعبد الحميد بن داود مدير التعليم العتيق بوزارة الأوقاف والأستاذ الزباخ نائب مدير الإيسيسكو، وبياطريث مولينا مديرة معهد السلم والنزاعات بجامعة غرناطة والأستاذة طاطيانا درونزينا من جامعة صوفيا ببلغاريا ود. محمد نوري رئيس جمعية القنطرة لتنمية العلاقات بين المغرب وإسبانيا.
ويمثل هذا المنتدى ـ حسب تصريح اللجنة المنظمة ـ مرحلة من مراحل الأنشطة المبرمجة في إطار المشروع الأوربي الموسوم بـ "درس واتقاء التطرف، ودور المدرسة في ذلك، نماذج تحليلية من بلغاريا ورومانيا وإسبانيا والمغرب". ويعرف هذا المشروع إضافة إلى المشاركة الميدانية للدول الأربع الشريكة بلغاريا ورومانيا وإسبانيا والمغرب، مشاركة كل من ألبانيا وكازاخستان والمكسيك كَدُوَل مُرَاقِبة، وذلك بهدف خلق شبكة تفكير ونقاش وتبادل خبرات بين باحثين وخبراء من هذه البلدان حول دور المدرسة في الوقاية من التطرف الإيديولوجي والتدابير الكفيلة بتحويلها إلى فضاء للسلم والتسامح، وعلى خلق مرصد لثقافة السلم بالمغرب.
أما أشغال المنتدى فقد افتتحت بمائدة مستديرة تناولت بالتحليل الكيفي للاستبيانات المنجزة في الدول الأربع الشريكة في المشروع تألقت في إدارتها الأستاذة نذيرة برقليل من جامعة محمد الخامس معتبرة أن هذا المنتدى هو حدث بالغ الأهمية، إذ ينبغي ألا نتلقاه بوصفه نشاط ثقافي عاديا، بل باعتباره فرصة للتفكير في ثقافة السلم، ومن هنا تأتي الدعوة إلى تعميق النظر النقدي في طبيعة هذه الثقافة. بعدها تناولت الكلمة طاطيانا درونزينا من جامعة صوفيا ببلغاريا وسمتها بـ "المدرسة البلغارية بين الهوية والمواطنة" عرضت من خلالها التجارب البلغارية التي تهم سياسات الهوية والمواطنة داخل المدارس والسلك التربوي عموما في بلد يعرف العديد من الأقليات ومن ضمنهم الأقلية المسلمة. كما استعرضت العديد من التجارب الناجحة في هذا المجال الذي تم تمويلها من طرف الاتحاد الأوربي في إطار التربية على المواطنة لخلق الانسجام بين الهوية العرقية والمواطنة علاوة على تحفيز الهوية ما فوق الوطنية كمكون جديد في الواقع السوسيواقتصادي والجيوستراتيجي الذي أفرزه انضمام بلغاريا إلى الاتحاد الأوربي. أما د. محمد الإدريسي من المدرسة العليا للأساتذة بتطوان، فقد قارب في مداخلة التي اختار لها عنوان "تمثل الغرب والإسلام لدى عدد من أساتذة بعض إعداديات شمال المغرب" ظاهرة الصراع الديني عند بعض المؤطرين التربويين عن طريق تفريغ لمعطيات استبيان وزع في مجموعة من الإعداديات والمؤسسات التربوية المتواجدة بجهة طنجة ـ تطوان، والتي توزعت بين التعليم العمومي والخصوصي، بهدف رصد تمثلهم للغرب، وكذا من أجل وضع اقتراحات للتدبير التربوي من شأنها أن تجعل التلاميذ يتبنون سلوكات أكثر انفتاحا على الآخر وبتحقيق فضاء تربوي مؤسس على أركان التعايش والتسامح بين الأديان والأجناس والأعراق.
وركزت ورقة الباحثة ميخابيلا فرونزا من جامعة كلوج برومانيا "النتائج الكيفية للتحقيق المنجز حول الطائفة المسلمة برومانيا" على تحليل نتائج الدراسة الميدانية التي تم إنجازها بمدينة بوخاريست، كونسطانس وكلوج واستخلاص الملامح الخصوصية لوضعية التطرف في المدرسة الرومانية. ثم انتقلت للحديث عن حالة الانفصام أو التمزق التي تعيشها الجماعات المسلمة بين الخطاب العقلاني الليبرالي وبعض الخطابات المتطرفة الدخيلة على الإسلام المعهود في رومانيا والمتميز بالانفتاح وبالاعتدال.
أما المائدة المستديرة الثانية والتي تميزت برئاسة د. رشيد الحضيكي من جامعة عبد المالك السعدي بتطوان ركزت على "ثقافة السلم في إطار العلاقات التثاقفية وكإطار لها" افتتحت بكلمة السيد داريو ماريمون المنسق العام لمؤسسة المتوسط للثقافات الثلاث بإسبانيا بموضوع: "السياسة الثقافية ودورها في دعم السلم و التسامح"، ثم تلتها مداخلة كارلوس إشفريا الموسومة بـ "وسائل مناهضة التطرف الإسلامي بإسبانيا خلال السنوات الأخيرة" أستاذ العلاقات الدولية ومستشار في السياسة الأمنية " UNED" بإسبانيا، استعرضت تجارب الإدارة الأمنية الاسبانية للوقاية من الحركات الراديكالية الإسلامية خاصة بعد تحول إسبانيا من ممر أو معبر في اتجاه أوربا الغربية وأرض تمد هذه الحركات المتطرفة بالدعم اللوجيستيكي، إلى معقل حركي كذلك وظهور الأندلس كإيحاء جديد لهذه الحركات، في حين انصبت ورقة الخبير في العلاقات المغربية والإسبانية الكاتب والصحفي محمد العربي المساري على موضوع: "ثقافة الحوار في أزمنة الأزمة"، ذ. محمد العربي المساري مستعرضا من خلالها بعض حالات الحوار التي عرفها الواقع السياسي المغربي إبان الاحتلالين الفرنسي والاسباني، والتي كانت تجري وظلت كذلك بين الوطنيين المغاربة وسلطات الاحتلال حتى في الحالات الأكثر عنفا التي عرفها المشهد السياسي في رحلة البحث عن الاستقلال. وفي مداخلته المعنونة "تحليل مؤشرات ثقافة السلم بالمغرب بين 1999 و 2007، التشخيص والرهانات" قام د. محمد نوري، (باحث في ثقافة السلم وتدبير النزاعات ورئيس جمعية القنطرة لتنمية العلاقات بين المغرب وإسبانيا) بتحديد ثقافة السلم وتحديد السياق الذي تم فيه اختيار ثقافة السلم كشعار للعشرية التي تمتد من سنة 2000 إلى 2010 من طرف هيئة الأمم المتحدة وبرنامجا عمليا إجرائيا يشمل مؤشرات ثمانية تتوزع بين التربية والتعليم مرورا بالمساواة بين الجنسين ودعم حقوق الإنسان والديمقراطية، وانتهاء بتأسيس علاقات دولية قائمة على التدبير السلمي للنزاعات. كما اهتم الباحث أيضا بتشخيص مؤشر التربية في المغرب على ضوء الإصلاحات التي عرفها قطاع التربية والتعليم وآخرها بالبرنامج الاستعجالي الممتد بين 2009 و 2012. مبرزا الرهانات المطروحة على هذا القطاع ودوره الحيوي في بناء ثقافة السلم والتدبير السلمي للنزاعات. وأخبرا تطرقت الأستاذة بياطريث مولينا، مديرة معهد السلم والنزاعات بجامعة غرناطة إلى "ثقافة السلم كآلية للحوار بين التقاليد اليهودية والإسلامية".
أما المائدة الثالثة برئاسة د. محمد نوري رئيس جمعية القنطرة لتنمية العلاقات بين المغرب وإسبانيا تمحورت حول موضوع: " كيف نجعل من المدرسة فضاء للسلم والتسامح؟ الخبرات والآفاق"، وابتدأت بمداخلة د. عبد اللطيف ليمامي من جامعة محمد الخامس بموضوع: "الحس التسامحي في الأدب"، ثم تلتها كلمة ذ. عبد الحميد بن داود: مدير التعليم الأصيل بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مستعرضا مشروع وزارة الأوقاف الرامي إلى إعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب، مشيرا إلى الإصلاحات التي همت الفضاء التربوي والتعليمي بمؤسسات التعليم الأصيل سواء على مستوى المناهج أو على مستوى الموارد البشرية وصولا إلى الوقاية من الأفكار المتطرفة التي اعتبرها المحاضر دخيلة على المغرب وثقافته الدينية المتسامحة. أما سبسيان سانشيث المدير العام السابق بمستشارية التعليم بحكومة الأندلس فقد ركزت ورقته "إطلالة على مخطط الحكومة الأندلسية في ثقافة السلم واللاعنف، البلورة والتنمية والافتحاص" على تقديم وتقييم تجربة البرنامج الأندلسي للتربية على ثقافة السلم واللاعنف، مبرزا سيرورة هذا المشروع الذي ابتدأ منذ 8 سنوات والأدوار الهامة التي اضطلع بها السياسيون والفاعلون التربويون والاجتماعيون من أجل تحقيقه على أرض الواقع. ولعل مداخلة فرانسيسكو خمينيث "تبعات العنصرية وكره الآخر بمدارس غرناطة، الواقع ورسائل الوقاية" أنتروبولوجي بمعهد السلم والنزاعات بجامعة غرناطة، اهتمت بتحليل الأشكال التي تتكون من خلالها العنصرية والخوف من الآخر داخل النظام التربوي في مدينة غرناطة، مشيرا إلى وجود العديد من الأفكار الجاهزة حول المغربي والأسود، وإلى بداية تكون مثل هذه الأفكار حول المهاجرين اللاتينيين والأوروبيين الشرقيين، كما يركز على كيف صار الدين، والإسلام بصفة خاصة، أداة من الأدوات الرئيسية للإقصاء داخل المدارس. ثم تدخل بعد ذلك بلامين سوروجيسكي، عالم اجتماع ومدير المركز التربوي الوطني، وزارة التربية والعلوم ببلغاريا بموضوع: "تكوين الأساتذة المستمر في الكفايات التثاقفية"، ليعرف بأهداف هذا المركز الوطني الذي يضم 28 مركزا جهويا من تحديد وتقييم وتنظيم التكوين بالنسبة للأساتذة إضافة إلى ضمان تكوينهم المستمر من أجل اكتساب مؤهلات بين ثقافة تسمح بإدارة الاختلاف اللغوي والإثني والديني داخل المدارس والثانويات. أما إينماكولادا أليماني، أستاذة باحثة في التربية والديداكتيك، معهد السلم والنزاعات بجامعة غرناطة، فقد أشارت في ورقتها إلى تجارب الاندماج التثاقفي في مؤسسات التعليم الثانوي بمليلية، وكانت آخر مداخلة لساندو فرونزا، أستاذ باحث في الفلسفة والدين بجامعة كلوج برومانيا ورئيس الجمعية الأكاديمية للديانات والإيديولوجيات برومانيا بموضوع: "الحوار التثاقفي بالمدارس كبديل ضد التطرف".
وتجدر الإشارة إلى أن المداخلات تلتها نقاشات رصينة خاصة من لدن الطلبة الباحثين بجامعة محمد الخامس الذين تفاعلوا مع المشروع، ساهمت في تمثل الحضور لثقافة السلم ولدورها في الاستقرار الفردي والجماعي. كما خصص الأساتذة الباحثون في المشروع الأوروبي يومي 26 و 27 نوفمبر2007. لاجتماعات عمل انكبت على بلورة التقرير النهائي واقتراح التوصيات. وقد رافقت هذا المنتدى طيلة أيام انعقاده أنشطة موازية نذكر منها معرضا للفن التشكيلي اتخذ له موضوع السلم والتسامح كعنوان وهو من إنجاز مجموعة التشكيلين الباحثين، ومعرضا آخر لمجموعة من المؤلفات حول حوار الثقافات والتدبير السلمي للنزاعات. مثلهم كل من عزام مذكور، ومصطفى نافي، وثريا بلكناوي، وعبد الرحمان لويداني وأمين بختي.