النقد والرواية المغاربية
اليديم ناصر/ خالد بشار الخير
في إطار تدعيم العلاقات الثقافية والأكاديمية بين الباحثين الجامعيين بالمغرب والجزائر، نظم مختبر السرديات، وماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب، بتنسيق مع مركز الدكتوراه بجامعة الحسن الثاني المحمدية/ آداب بنمسيك بالدار البيضاء، ووحدة الدراسات العليا التي يشرف عليها أ. د/ الطاهر رواينية بجامعة عنابة حلقة تكوينية لفائدة خمسة باحثين جزائريين في الدكتوراه، وذلك يوم الجمعة 2 يناير 2009 بقاعة الاجتماعات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء/ المغرب، ابتداء من الساعة الثالثة بعد الزوال، بحضور عدد من الباحثين في الدكتوراه والماستر وأيضا بعض الباحثين والنقاد والأدباء. انصبت هذه الحلقة النقاشية على محور النقد والرواية المغاربية، حيث قدم خلالها الباحثون عروضا وتقارير حول استراتيجيات بحوثهم والجوانب المنهجية والتيماتيكية، بالإضافة إلى الإشكاليات المؤطرة والمرجعيات البانية للأطروحة. وقد شارك في مناقشة هذه التقارير كل من الأساتذة : أ.د / شعيب حليفي (رئيس مختبر السرديات وماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب)، أ. د/ عبد الواحد خيري (مدير مدرسة الدكتوراه بآداب بنمسيك ـ الدار البيضاء)، د/ لطيفة لبصير أستاذة باحثة، د/ عبد الرحمان غانمي أستاذ باحث، د/ الميلود عثماني أستاذ باحث. *** في افتتاح أشغال هذا اللقاء، أكد شعيب حليفي على انسجام الحلقة النقاشية مع روح العمل الجديد الذي يخوضه البحث العلمي بآداب بنمسيك، من خلال الدورات التكوينية التي تجمع الباحثين المغاربيين في الدكتوراه مع أساتذة متخصصين دعما لتطور آليات البحث العلمي ومساهمة في بلورة ثقافة تطور وتنمي رؤيتنا الثقافية والتعليمية، تتصل بما يشتغل عليه المختبر وكلية الآداب منذ سنوات. بعد ذلك قدم الباحث عمار مقدم تقريره حول: النقد البنيوي المغاربي ـ دراسة نقدية تحليلية، فعرض لموضوعه في النقد البنيوي بشكل عام، مع التركيز على بعض التجارب النقدية المغاربية (عبد الحميد بورايو، حميد لحميداني، نجيب لعمامي)، كما بين أن بحثه يندرج ضمن إطار نقد النقد ومراجعة الخطابات النقدية. وحاول الباحث تبيان مدى نجاعة النقد البنيوي في استلهام نظريات النقد البنيوي ومساهمته الفعالة في الدرس النقدي عموما. وفي مناقشة هذا البحث تدخل الميلود عثماني بمجموعة من الملاحظات بخصوص الإشكالية المتمثلة في ماهية البنيوية، وهل يمكن أن نسمي سوسيولوجيا الأدب بالبنيوية؟ كما طرح على الباحث مسألة التمييز بين البنيوية والشعرية.. مشيرا إلى عمومية هذا الموضوع الشيء سيجعل الباحث أمام مسؤولية حصر الإشكال الناظم لهذا البحث. وفي نفس الإطار تدخلت لطيفة لبصير متسائلة هل يمكن التخلص من اللسانيات في الدراسة البنيوية؟ مشيرة إلى عدم وضوح مفهوم البنيوية الذي تشتغل عليه الأطروحة. أما عبد الواحد خيري فقد تساءل عن العلاقة بين الدراسة الأدبية واللسانيات، ملمحا إلى عدم اتفاقه مع مصطلح البنيويات لأن العلم واحد، أما التعدد فهو راجع إلى تعدد النظريات، وختم تدخله بضرورة العودة إلى اللسانيات لأنها تتميز بالبعد الصوري، وذلك من أجل أن يكون البحث الأدبي مفيدا. وعلى نفس النهج طرح عبد الرحمن غانمي قضية الإشكالات الناظمة للقضايا المطروحة، مشيرا إلى ضرورة تحديد الغاية العلمية من الاختيار حتى يكون ملائما لطبيعة الدراسة، مؤكدا على مسألة العودة إلى الدراسات السابقة وكيف تعامل هؤلاء النقاد مع المقاربة البنيوية. كما أشار شعيب حليفي إلى بعض الملاحظات المنهجية في الشق النظري والآخر التحليلي. *** التقرير الثاني قدمته الباحثة نفيسة حجاج في موضوع: شعرية السرد في الرواية الجزائرية ـ واسيني الأعرج نموذجا ناقشت فيه الباحثة القوانين العلمية المتحكمة في العملية الإبداعية وبشكل خاص مفهوم الجَمال، ذلك أنها طرحت مجموعة من القضايا الإشكالية المتعلقة بالعمل الروائي والمتعة والتداخلات المتحققة بينهما، مشيرة إلى إشكالية التجنيس في الرواية والتداخل القائم بين السيرذاتي والروائي. وقد أطرت الباحثة أطروحتها زمنيا في فترة التسعينيات، لما كانت تعرفه هذه الفترة من ظروف سياسية صعبة عاشها الشعب الجزائري بمختلف شرائحه الاجتماعية، مركزة بذلك جهودها على المنجز الروائي لواسيني الأعرج، باعتباره نقلة نوعية في مسار الرواية الجزائرية. وفي إطار مناقشة هذا التقرير أشاد الميلود عثماني باختيار واسيني الأعرج باعتباره مفكرا وروائيا كان له الأثر الكبير في تطوير الرواية الجزائرية. كما ألمح إلى ضرورة استعمال المفاهيم بصيغها الغربية من أجل وضوح أكثر وتجنب الغموض المفاهيمي، مشيرا إلى مسألة تداخل الأجناس الأدبية، وإلى ضرورة ربط جسور بين مفاهيم الجمال والنص والمتلقي. أما لطيفة لبصير فقد انتقدت اللبس الذي يلف العديد من المفاهيم مثل الجمال، المتلقي. وعلى نفس المنوال تحدث عبد الرحمان غانمي مؤكدا على ضرورة الالتزام بضبط الإشكالية والآليات، وذلك باستيعاب التصورات وعرض الأفكار والقضايا، ثم إظهار جهد الباحث وعمله المتمثل في الإضافة النوعية. وتوقف عبد الواحد خيري عند وظيفة اللغة المتمثلة في التعبير وليس التواصل، على اعتبار أن النص ظاهرة معقدة جدا، وأن البحث في بنية الخطاب هو بحث في تلقي الخطاب العام. وختم شعيب حليفي المناقشة بإشارة إلى شعرية التكرار والبعد البيوغرافي في تشكيل رؤية واسيني ضمن شعرية منفتحة وقابلة للتجدد. *** بعد ذلك تلت الباحثة حسيبة شكاط تقريرها حول الرواية والتاريخ: دراسة نصية لنماذج مختارة من الرواية الجزائرية. وقد سعت الباحثة في هذه الأطروحة إلى مقاربة المتن الروائي انطلاقا من البعد التاريخي، محاولة الكشف عن وظيفة التاريخ في الرواية في إطار محددات التأثر والتأثير، كما قامت بحصر بحثها في المتن الروائي الجزائري. وفي نفس الإطار جاء عرض الباحثة صبرينة بوسحابة معنونا بـ: الرواية المغاربية والتراث: ـ دراسة نصية لنماذج مختارة من الرواية الجزائرية أثارت من خلاله العلاقة الجدلية بين الإبداع والتجريب وتدمير سلطة السائد والمألوف، ذلك أن ملامح التجريب ظهرت منذ مطلع السبعينات والثمانينات في البحث عن أفق حداثي يتجاوز المستهلك في الثقافة العربية، مشيرة إلى توظيف التراث في الرواية في إطار تفاعل خلاق، انطلاقا من تحديد مجموعة من الإشكاليات، من أهمها: كيفية تعامل الروائي المغاربي مع التراث.. وهل انحصر هذا التعامل في المحاكاة والاستنساخ؟ العرض الأخير قدمته الباحثة مسعودة قطش في موضوع اشتغال التراث في الكتابة الروائية عند صلاح الدين بوجاه. قاربت عبره إشكالية علاقة الذات العربية بتراثها، وقد خصت الباحثة المتن السردي انطلاقا من منجز روائي تونسي في محاولة البحث عن التناص بين التراث السردي العربي وأعماله الروائية والبحث عن الجذور التي اقتبس منها موضوعاته الروائية. وفي إطار المناقشة تدخلت لطيفة لبصير منتقدة بشكل عام توسع المتن متسائلة عن الكيفية التي سيتم بها الاشتغال على متن كبير. وفي نفس الإطار تدخل عبد الرحمن غانمي حول موضوع الرواية والتاريخ مستفهما عن كيفية اشتغال الرواية على التاريخ وما هي تقنياتها وأسسها مؤكدا على ضرورة التركيز على نصوص بعينها، لأن عدم ضبط المتن أضفى نوعا من الضبابية على التصور العام للباحثة. كما أشار إلى أهمية تجاوز التعالقات في بنيات التراث، وتحديد مجال التراث الذي نقصده بين الشفوي والمكتوب. وتابع الميلود عثماني مشيرا إلى غياب تحديد لماهية التاريخ، وأي أنواع من التاريخ استلهمته الرواية، مبينا في نفس الوقت أن الرواية هي تاريخ لا يعي نفسه، وخلص عثماني في ملاحظاته إلى ضرورة تجنب المواضيع ذات الطابع العمومي. وختم شعيب حليفي بضرورة البحث عن حلقة مفقودة في البحث حول توظيف الرواية للتاريخ والتراث.. وهو ما سيطور رؤيتنا إلى هذا المبحث الذي يعتمد في كثير من أحكامه على تقييمات باتت هشة. *** امتدت مناقشة هذه التقارير لأزيد من ثلاث ساعات وقد اتسمت بنقاش علمي رفيع تحقق خلاله تبادل وجهات نظر بخصوص كيفيات المقاربة والضوابط المنهجية الأكاديمية والإضافات المأمولة لتطوير الدرس النقدي الأدبي. كما كان لتدخلات أخرى ساهم بها أ. د/ عقى النمارى و د/ عمر العسري منحى أكد رغبة الجميع في تكريس هذا الشكل من اللقاءات التكوينية والنقاشية.
في إطار تدعيم العلاقات الثقافية والأكاديمية بين الباحثين الجامعيين بالمغرب والجزائر، نظم مختبر السرديات، وماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب، بتنسيق مع مركز الدكتوراه بجامعة الحسن الثاني المحمدية/ آداب بنمسيك بالدار البيضاء، ووحدة الدراسات العليا التي يشرف عليها أ. د/ الطاهر رواينية بجامعة عنابة حلقة تكوينية لفائدة خمسة باحثين جزائريين في الدكتوراه، وذلك يوم الجمعة 2 يناير 2009 بقاعة الاجتماعات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء/ المغرب، ابتداء من الساعة الثالثة بعد الزوال، بحضور عدد من الباحثين في الدكتوراه والماستر وأيضا بعض الباحثين والنقاد والأدباء.
انصبت هذه الحلقة النقاشية على محور النقد والرواية المغاربية، حيث قدم خلالها الباحثون عروضا وتقارير حول استراتيجيات بحوثهم والجوانب المنهجية والتيماتيكية، بالإضافة إلى الإشكاليات المؤطرة والمرجعيات البانية للأطروحة. وقد شارك في مناقشة هذه التقارير كل من الأساتذة : أ.د / شعيب حليفي (رئيس مختبر السرديات وماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب)، أ. د/ عبد الواحد خيري (مدير مدرسة الدكتوراه بآداب بنمسيك ـ الدار البيضاء)، د/ لطيفة لبصير أستاذة باحثة، د/ عبد الرحمان غانمي أستاذ باحث، د/ الميلود عثماني أستاذ باحث.
***
في افتتاح أشغال هذا اللقاء، أكد شعيب حليفي على انسجام الحلقة النقاشية مع روح العمل الجديد الذي يخوضه البحث العلمي بآداب بنمسيك، من خلال الدورات التكوينية التي تجمع الباحثين المغاربيين في الدكتوراه مع أساتذة متخصصين دعما لتطور آليات البحث العلمي ومساهمة في بلورة ثقافة تطور وتنمي رؤيتنا الثقافية والتعليمية، تتصل بما يشتغل عليه المختبر وكلية الآداب منذ سنوات.
بعد ذلك قدم الباحث عمار مقدم تقريره حول: النقد البنيوي المغاربي ـ دراسة نقدية تحليلية، فعرض لموضوعه في النقد البنيوي بشكل عام، مع التركيز على بعض التجارب النقدية المغاربية (عبد الحميد بورايو، حميد لحميداني، نجيب لعمامي)، كما بين أن بحثه يندرج ضمن إطار نقد النقد ومراجعة الخطابات النقدية. وحاول الباحث تبيان مدى نجاعة النقد البنيوي في استلهام نظريات النقد البنيوي ومساهمته الفعالة في الدرس النقدي عموما.
وفي مناقشة هذا البحث تدخل الميلود عثماني بمجموعة من الملاحظات بخصوص الإشكالية المتمثلة في ماهية البنيوية، وهل يمكن أن نسمي سوسيولوجيا الأدب بالبنيوية؟ كما طرح على الباحث مسألة التمييز بين البنيوية والشعرية.. مشيرا إلى عمومية هذا الموضوع الشيء سيجعل الباحث أمام مسؤولية حصر الإشكال الناظم لهذا البحث. وفي نفس الإطار تدخلت لطيفة لبصير متسائلة هل يمكن التخلص من اللسانيات في الدراسة البنيوية؟ مشيرة إلى عدم وضوح مفهوم البنيوية الذي تشتغل عليه الأطروحة. أما عبد الواحد خيري فقد تساءل عن العلاقة بين الدراسة الأدبية واللسانيات، ملمحا إلى عدم اتفاقه مع مصطلح البنيويات لأن العلم واحد، أما التعدد فهو راجع إلى تعدد النظريات، وختم تدخله بضرورة العودة إلى اللسانيات لأنها تتميز بالبعد الصوري، وذلك من أجل أن يكون البحث الأدبي مفيدا. وعلى نفس النهج طرح عبد الرحمن غانمي قضية الإشكالات الناظمة للقضايا المطروحة، مشيرا إلى ضرورة تحديد الغاية العلمية من الاختيار حتى يكون ملائما لطبيعة الدراسة، مؤكدا على مسألة العودة إلى الدراسات السابقة وكيف تعامل هؤلاء النقاد مع المقاربة البنيوية. كما أشار شعيب حليفي إلى بعض الملاحظات المنهجية في الشق النظري والآخر التحليلي.
التقرير الثاني قدمته الباحثة نفيسة حجاج في موضوع: شعرية السرد في الرواية الجزائرية ـ واسيني الأعرج نموذجا ناقشت فيه الباحثة القوانين العلمية المتحكمة في العملية الإبداعية وبشكل خاص مفهوم الجَمال، ذلك أنها طرحت مجموعة من القضايا الإشكالية المتعلقة بالعمل الروائي والمتعة والتداخلات المتحققة بينهما، مشيرة إلى إشكالية التجنيس في الرواية والتداخل القائم بين السيرذاتي والروائي. وقد أطرت الباحثة أطروحتها زمنيا في فترة التسعينيات، لما كانت تعرفه هذه الفترة من ظروف سياسية صعبة عاشها الشعب الجزائري بمختلف شرائحه الاجتماعية، مركزة بذلك جهودها على المنجز الروائي لواسيني الأعرج، باعتباره نقلة نوعية في مسار الرواية الجزائرية.
وفي إطار مناقشة هذا التقرير أشاد الميلود عثماني باختيار واسيني الأعرج باعتباره مفكرا وروائيا كان له الأثر الكبير في تطوير الرواية الجزائرية. كما ألمح إلى ضرورة استعمال المفاهيم بصيغها الغربية من أجل وضوح أكثر وتجنب الغموض المفاهيمي، مشيرا إلى مسألة تداخل الأجناس الأدبية، وإلى ضرورة ربط جسور بين مفاهيم الجمال والنص والمتلقي. أما لطيفة لبصير فقد انتقدت اللبس الذي يلف العديد من المفاهيم مثل الجمال، المتلقي. وعلى نفس المنوال تحدث عبد الرحمان غانمي مؤكدا على ضرورة الالتزام بضبط الإشكالية والآليات، وذلك باستيعاب التصورات وعرض الأفكار والقضايا، ثم إظهار جهد الباحث وعمله المتمثل في الإضافة النوعية. وتوقف عبد الواحد خيري عند وظيفة اللغة المتمثلة في التعبير وليس التواصل، على اعتبار أن النص ظاهرة معقدة جدا، وأن البحث في بنية الخطاب هو بحث في تلقي الخطاب العام. وختم شعيب حليفي المناقشة بإشارة إلى شعرية التكرار والبعد البيوغرافي في تشكيل رؤية واسيني ضمن شعرية منفتحة وقابلة للتجدد.
بعد ذلك تلت الباحثة حسيبة شكاط تقريرها حول الرواية والتاريخ: دراسة نصية لنماذج مختارة من الرواية الجزائرية. وقد سعت الباحثة في هذه الأطروحة إلى مقاربة المتن الروائي انطلاقا من البعد التاريخي، محاولة الكشف عن وظيفة التاريخ في الرواية في إطار محددات التأثر والتأثير، كما قامت بحصر بحثها في المتن الروائي الجزائري.
وفي نفس الإطار جاء عرض الباحثة صبرينة بوسحابة معنونا بـ: الرواية المغاربية والتراث: ـ دراسة نصية لنماذج مختارة من الرواية الجزائرية أثارت من خلاله العلاقة الجدلية بين الإبداع والتجريب وتدمير سلطة السائد والمألوف، ذلك أن ملامح التجريب ظهرت منذ مطلع السبعينات والثمانينات في البحث عن أفق حداثي يتجاوز المستهلك في الثقافة العربية، مشيرة إلى توظيف التراث في الرواية في إطار تفاعل خلاق، انطلاقا من تحديد مجموعة من الإشكاليات، من أهمها: كيفية تعامل الروائي المغاربي مع التراث.. وهل انحصر هذا التعامل في المحاكاة والاستنساخ؟
العرض الأخير قدمته الباحثة مسعودة قطش في موضوع اشتغال التراث في الكتابة الروائية عند صلاح الدين بوجاه. قاربت عبره إشكالية علاقة الذات العربية بتراثها، وقد خصت الباحثة المتن السردي انطلاقا من منجز روائي تونسي في محاولة البحث عن التناص بين التراث السردي العربي وأعماله الروائية والبحث عن الجذور التي اقتبس منها موضوعاته الروائية.
وفي إطار المناقشة تدخلت لطيفة لبصير منتقدة بشكل عام توسع المتن متسائلة عن الكيفية التي سيتم بها الاشتغال على متن كبير. وفي نفس الإطار تدخل عبد الرحمن غانمي حول موضوع الرواية والتاريخ مستفهما عن كيفية اشتغال الرواية على التاريخ وما هي تقنياتها وأسسها مؤكدا على ضرورة التركيز على نصوص بعينها، لأن عدم ضبط المتن أضفى نوعا من الضبابية على التصور العام للباحثة. كما أشار إلى أهمية تجاوز التعالقات في بنيات التراث، وتحديد مجال التراث الذي نقصده بين الشفوي والمكتوب. وتابع الميلود عثماني مشيرا إلى غياب تحديد لماهية التاريخ، وأي أنواع من التاريخ استلهمته الرواية، مبينا في نفس الوقت أن الرواية هي تاريخ لا يعي نفسه، وخلص عثماني في ملاحظاته إلى ضرورة تجنب المواضيع ذات الطابع العمومي. وختم شعيب حليفي بضرورة البحث عن حلقة مفقودة في البحث حول توظيف الرواية للتاريخ والتراث.. وهو ما سيطور رؤيتنا إلى هذا المبحث الذي يعتمد في كثير من أحكامه على تقييمات باتت هشة.
امتدت مناقشة هذه التقارير لأزيد من ثلاث ساعات وقد اتسمت بنقاش علمي رفيع تحقق خلاله تبادل وجهات نظر بخصوص كيفيات المقاربة والضوابط المنهجية الأكاديمية والإضافات المأمولة لتطوير الدرس النقدي الأدبي. كما كان لتدخلات أخرى ساهم بها أ. د/ عقى النمارى و د/ عمر العسري منحى أكد رغبة الجميع في تكريس هذا الشكل من اللقاءات التكوينية والنقاشية.