"الرحلة جنس متعدد الملامح والمضامين يلتقي فيه السردي بالوصف التصويري والتاريخي والسياسي والأدبي بغير الأدبي والشعر بالنثر والمقامة بالرحالة فكر دارس يوجهه لتحقيق مراده. وهي جنس حافل بالواقعي والمتخيل، ويعكس ثنائية الذات والموضوع ويكشف حضور الأنا والآخر بقوة متنامية"(1).
إن تعدد ملامح هذا الجنس وانفتاحه بهذه الكيفية هو ما جعل دمه مشتتا بين العلوم والمعارف إلا أن حضور الجانب الفني والأسلوبي وطغيانه يعد حاسما في انتمائه لحقل الأدب فـ"نظراً لارتقاء الوصف في كثير من أعمال الرحالة وبلوغه حداً من الدقة علاوة على الأسلوب القصصي السلس والمشرق أدخلت أدبيات الرحلة ضمن فنون الأدب العربي"(2)، وهذا الأمر ما يؤكده الباحث عبد الرحيم المودن في قوله "وهذا المنظور يجعل الرحلة نصاً لا يمتلك أدبيته إلا إذا حمل خصائص الأسلوب الجميل والخصائص البلاغية المميزة (...) هكذا تصبح الرحلة أدباً يصدق عليه ما يصدق على المدونة الأدبية في جانبها الأسلوبي بصفة خاصة من رشاقة تعبير، وجمال الأداء وحسن استخدام المحسنات البديعية والمعنوية"(3)، إلى جانب العناية بالأسلوب واللغة باعتبارهما محددين أساسيين لانتماء الرحلة إلى الأدب نجد شرطا آخر يحدده الباحث بلقاسم مارس في قوله "ونزعم أن الرحلة باعتبارها فنا في الكتابة توفر العنصر الزمني والعنصر السببي في آن: أي تتخذ شكل متوالية زمنية إذ تناولت حكاياتها مغامرات الرحالة (الشخصية) أما إذا اقتصرت على عرض الانطباعات فإنها تتحول إلى قصة بلا حبكة"(4).
وقد اشتهر المغاربة بهذا الفن الأدبي، فالخزانة المغربية والعربية تزخر بالعديد من الرحلات لعلماء وأدباء مغاربة كثر، في مختلف العصور، وقد واكب هذا التراكم النصي الرحلي، متابعة نقدية وازنة من لندن الكثير من النقاد والدارسين، رغم ذلك إلا أن مجموعة من الرحلات المغربية لم تتحقق لها الدراسة، من بين هذه الرحلات، رحلة الأستاذ بنعبد الله الموسومة بـ"رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي".
* * *
التعريف بالرحالة:
يعتبر الأستاذ محمد بن عبد العزيز بنعبد الله من الشخصيات العلمية والوطنية والتربوية البارزة في المغرب، ويشكل نسقا فريدا في بابه كعالم موسوعي وأديب فذ، ومربي متميز، ووطني من طينة خاصة سواء بملازمته لكبار رجال الحركة الوطنية أو كتاباته الغزيرة.
ولد الأستاذ محمد سنة 1934 بمدينة الرباط من والد هو السيد عبد العزيز بن أحمد بنعبد الله ووالدة هي السيدة الطاهرة بنت أحمد مولاطو.
التحق في طفولته بالكتاب فحفظ القرآن الكريم، حصل على الشهادة الابتدائية وعمره 12 سنة... من جملة من أخذ عليهم، الفقهاء السادة، محمد قربون وعبد الموجود الملالي، وأحمد صالح، ومحمد بن عبد الله اجديرة، بعد الحصول على الشهادة الابتدائية انخرط في المدرسة الغازية ضمن مشروع الحركة الوطنية للتكوين وإعداد المدرسين بمؤسسات التعليم الحر بإشراف الأستاذ المهدي بنبركة.
بعد الاستقلال التحق بكلية الحقوق بالرباط ونال شهادة الإجازة في العلوم القانونية سنة 1963م، وقبل ذلك خضع للامتحان العلمي المؤهل للدخول إلى الجامعة.
* * *
الوظائف والمهام:
أهلته ثقافته وتحصيله الذاتي وتكوينه التربوي، أن يكون من بين الأوائل الذين انخرطوا في سلك التدريس، فكانت أول تجربة له بالمدرسة المعطوية ليلتحق بعدها سنة 1948م مدرسة امحمد جسوس، التي أسسها أحمد بلافريج، وتخرج على يديه مجموعة من التلاميذ الذين صاروا فيما بعد من كبار رجالات الدولة.
في سنة 1964 سيلتحق بوزارة الأوقاف حيث سيكلف بإدارة ورئاسة تحرير (مجلة دعوة الحق)(5).
من مؤلفاته:
1-الوقف في الفكر الإسلامي في جزأين، منشورات وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية، مطبعة فضالة، المحمدية، 1996م.
2-الماء في الفكر الإسلامي والأدب العربي في أربعة أجزاء، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مطبعة فضالة المحمدية، 1996م.
3-الثقافة الإسلامية في رعاية الوقف في جزأين، مطبعة بني يزناسن، سلا 2006م.
ومن مؤلفاته المخطوطة:
1-أوقاف الحرمين الشريفين.
2-أراضي الأوقاف.
3-رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي (نشر بعض حلقاتها).
4-الحيوان في الأدب العربي.
5-الأدب الجغرافي أدب الرحلة الحجية.
ونشر الأستاذ بنعبد الله مجموعة كبيرة من الدراسات والمقالات والتصريحات والمحاضرات، بمختلف المجلات والجرائد وخاصة بجريدة العلم، وجريدة الأيام وفي مجلة الشباب ودعوة الحق.
توفي الوطني الأستاذ محمد بن عبد العزيز بنعبد الله يوم الثلاثاء 28 صفر الخير سنة 1430هـ الموافق لـ 24 فبراير 2009م(6).
* * *
رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي: الدافع، الشخصيات، المسار.
إن رحلة الأستاذ بنعبد الله إلى الاتحاد السوفياتي تدخل ضمن الرحلات التكليفية الرسمية، فالأستاذ بنعبد الله دون هذه الرحلة بعد زيارة قادته إلى الاتحاد السوفياتي من أجل مهمة دبلوماسية.
وقد صرح بذلك في بداية الرحلة قائلا "حينما استدعت حكومة الاتحاد السوفياتي الوفد الإسلامي المغربي مند شهور بعيدة لزيارة أقطار الاتحاد السوفيتي وجمهورياته الإسلامية"(7).
فالزيارة أتت بعد دعوة رسمية من طرف الحكومة السوفياتية على إثر ذلك سيقوم الملك الراحل الحسن الثاني بتعيين وفد مغربي رفيع المستوى للقيام بهذه المهمة وذلك ما أشير إليه في ثنايا الرحلة حيث نجد "وبعدها تناول رئيس الوفد المغربي الكلمة فشكر حكومة الاتحاد السوفياتي والإدارة المركزية للشؤون الدينية على دعوتها الكريمة وحفاوتها البالغة بالوفد المغربي الذي عينه صاحب الجلالة مولانا الحسن الثاني نصره الله بمجرد بلوغ الدعوة إلى الحكومة المغربية"(8).
وقد تضمن هذا الوفد مجموعة من العلماء ورجال الفكر، حددهم الأستاذ بنعبد الله بقوله "وترأس الوفد معالي وزير عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد بركاش وعضوية السادة الأساتذة: عبد الرحمان الدكالي، وعبد الله كنون، وعبد الكبير الفاسي، ومحمد بنعبد الله"(9).
وبذلك نستخلص الشخصيات التي ستؤثث فضاءات الرحلة ومسارها، إذ أن انتخاب هذه الشخصيات جاء بناء على اختيار رسمي، هدفه مد جسور التواصل مع هذه المنطقة الإسلامية، وتفقد أحوال المسلمين بها، فلأجل هذه الغاية اتخذت هذه الرحلة الاتحاد السوفياتي محجا لها، عبر زيارة مختلف مدنه ومناطقه وفق برنامج خاص هيأته الإدارة الدينية حيث يقول الأستاذ بنعبد الله "كان الوفد المغربي على موعد مع برنامج حافل هيأته الإدارة الدينية التي تشرف على مسلمي الاتحاد السوفياتي"(10).
وقد تحقق للوفد المغربي الوقوف على مختلف الإنجازات الموجهة لخدمة المسلمين بالاتحاد السوفياتي، عبر تنقلاته الكثيرة بين أقاليمه فبعد أن حط الرحال بموسكو، اتجه إلى مدينة لنينغراد ليعرج في يومه الثالث على مدينة طشقند، ليتوجه بعد ذلك إلى كل من تشرشق وسمرقند ثم العودة إلى مدينة طشقند.
تنقلات كان الهدف منها حسب منظمي الزيارة إبراز الاهتمام بالمسلمين في بلاد الاتحاد السوفياتي ولعل ذلك ما يلخصه قول باباخانوف بعد نهاية زيارة الوفد المغربي "إنني بالاستفادة من رعايتكم أريد أن أتحدث عن حياة المسلمين في الاتحاد السوفياتي فالمسلمون كسائر الشعوب السوفياتية متمتعون بالحرية في الاعتقاد والاعتناق بدينهم الحنيف كما شاهدتم بأم أعينكم في بعض البلاد التي زرتموها، ويدل على تمتعهم بالحرية في الدين ما يوجد في بلاد آسيا الوسطى... من الجوامع الكبرى وما يوجد في القرى من المساجد وأداء الصلاة وأداء فريضة الزكاة والحج وصدقة الفطر وذبح الأضاحي"(11).
اهتمام سنكتشفه من خلال هذه الرحلة التي كتبها الأستاذ محمد بنعبد الله بعد الزيارة ليروي لنا تفاصيل مشاهداته مصورا مختلف مجريات الأحداث، مخلدا إياها بعد نشرها في ست حلقات على صفحات مجلة دعوة الحق.
* * *
تجليات البعد الحضاري في الرحلة
لا يخفى على كل قارئ متتبع لما أنتجه المرحوم محمد بن عبد العزيز بنعبد الله أثر ثقافته الإسلامية فيه، لقد كان مولعا بقراءة المصادر ذات الصلة بالفكر والثقافة الإسلامية أينما وجدت... فأول ما يصادف قارئ أعماله تلك النفحات الروحية الإسلامية"(12). ومن بين تجليات هذه النفحات ما تزخر به رحلته إلى الاتحاد السوفياتي،، يقول الأستاذ محمد بنعبد الله في مستهل رحلته "حينما استدعت حكومة الاتحاد السوفياتي الوفد الإسلامي المغربي منذ شهور بعيدة لزيارة أقطار الاتحاد السوفياتي وجمهورياته الإسلامية"(13).
إن المتأمل في هذا المقطع الذي استهل به المرحوم رحلته، سيستشف المرجعية الدينية للرجل فهو حريص على استحضار البعد الإسلامي من خلال التوصيف الذي أسنده للوفد المغربي وكذا جمهوريات الاتحاد السوفياتي، إن استحضار هذا التوصيف لا يمكن عده اعتباطيا في الرحلة، لأنه يتكرر في أكثر من موضع منها ولعل ذلك راجع لطبيعة الزيارة التي قام بها الوفد المغربي للاتحاد السوفياتي، فهذه الأخيرة جاءت تلبية لدعوة وجهتها الهيئة الدينية في الاتحاد السوفياتي للمغرب وذلك ما اشار إليه الأستاذ محمد بن عبد العزيز بنعبد الله على لسان رئيس الوفد المغربي لقد تلقينا استدعاء كريما من حكومة الاتحاد السوفياتي، ومن الإدارة المركزية لمسلمي آسيا الوسطى وقازغستان التي يشرف على إدارتها سماحة المفتي ضياء الدين باباخانوف"(14).
واستنادا إلى ما سبق فإن الرحلة كما سيتبين لنا تحفل أيما احتفاء بالتواصل الحضاري ومظاهر هذا الاحتفاء تتعدد في متن الرحلة التي بين ايدينا من بين تلك المظاهر ما يعبر عنه هذا المقطع "ولدى وصوله وجد في استقباله بالمطار سعادة سفيرنا بموسكو الأستاذ السيد عبد الهادي الصبيحي، وسماحة الشيخ السيد ضياء الدين بباخانوف رئيس الإدارة الدينية لمسلمي آسيا الوسطى وقازغستان وممثلي الحكومة وفي مقدمتهم السيد "بارمينكوف ألكس" القائم بأعمال الرئيس لمجلس الشؤون الدينية لدى رئاسة الحكومة، والسيد "ماكارتسف بوطر" نائب رئيس المجلس في الشؤون الدينية للاتحاد السوفياتي والسيد "شويدرف" رئيس قسم إفريقيا بوزارة الخارجية الذي كان سفيرا لبلاده في المملكة المغربية، والسيد "ميراغطموف ميرصالح" عضو المجلس الديني ووكيله في جمهورية أزوبكستان... والسيد "تشيمودين" مراسل وكالة نوفوستي وإمام مسجد موسكو..."(15).
فالملاحظة التي نسجلها هنا هي طبيعة الوفد المستقبل للزوار المغاربة إذ أغلبهم ينتمون إلى الهيئات والمؤسسات الدينية سواء كانت رسمية أو مؤسساتية علمية، وهذا ما يعزز الطابع التواصلي المسيج لهذه الزيارة التي قام بها الوفد المغربي إلى الاتحاد السوفياتي من أجل أن "يتعهد أحوال المسلمين بها"(16).
فتعهد أحوال المسلمين وتفقدهم، يعد من باب الواجب لما تفرضه الأخوة الدينية التي عبر عنها الأستاذ محمد بن عبد العزيز بن عبد الله في قوله عند الوصول إلى مدينة لنينغراد "كان منظر هؤلاء الشيوخ الذين كانوا في رحاب المسجد ينتظرون الوفد المغربي لأداء صلاة الجمعة في مسجد لنينغراد مؤثرا فإنهم لم يخفوا انفعالهم باجتماعهم بإخوانهم في الدين، وتأثرهم العميق"(17).
نستنتج من خلال هذا المقطع كيف يقوم الدين بدور موحد قوي يترجم الاشتراك في سيرورات نفسية واجتماعية، فالانتماء الديني أو المذهبي يمكن من رؤية متميزة للعالم، والانتماء إلى جماعة متصلة انتماء لا يضاهيه أي نوع آخر من الانتماء، يتعالى على العرق واللغة والذاكرة أو على أي من التصانيف أو التجارب... حيث يوفر الدين قيما عاطفية ومعرفية ونظام عقديا يقينيا ووجوديا يؤولان إلى إسعاد الكائن في دنياه وآخرته"(18).
فالسعادة الدنيوية تتحدد في هذا اللقاء بين أفراد الأمة الواحدة، وذلك ما يشير إليه هذا المقطع من الرحلة والذي يصور مشهد لقاء الوفد المغربي بمسلمي مدينة لنينغراد، "لقد احتشدت أماه في انتظار الوفد جماعة من مسلمي هذه المدينة، وصالحي المؤمنين وقلوبهم تطير شوقا إلى إخوانهم في الدين، وأعنيهم تفيض من الدمع فرحا باجتماعيهم مع وفد يذوب وجدا للقياهم وتحمّل عنت الرحلة وبعد الشقة، وشط المزار لربط وشائج القربى وإحياء أواصر العقيدة والدين"(19).
إن هذه النظرة للآخر الأوروبي في الرحلة المغربية نادرة جداً إن لم نقل أنها تنعدم، فلقد كانت الرحلات التي دونها الرحالة المغاربة للآخر الغربي دائماً ما تعكس نوعاً من الحساسية بل الصدام في كثير من الأحيان فالآخر الأوربي كان بمثابة النصراني أو الكافر، على العكس من ذلك فإن حدة هذا الصراع الديني تخفت أو تنعدم نهائيا في رحلة الأستاذ محمد بنعبد الله، هذه الشخصية الإسلامية التي تحرص على هذا التواصل الحضاري بين أفراد الأمة الواحدة ففي تصويره للجانب الديني للجمهوريات السوفياتية كان حريضاً على نقل المشاهد التي تتماشى ومرجعيته الدينية، وقد فضل السكوت عن بعض العبارات والألفاظ التي سجلتها الرحلات المغربية في العهود السابقة، وعن هذا الجانب يقول الباحث أحمد المكاوي: "لم يرد في الرحلات الحجية التي اطلعنا عليها كما الشأن في معظم المؤلفات المغربية قبل أواخر القرن 19، لفظ أوربا أو الأوروبيين ما عدا في رحلة الغسال، بينما وردت ألفاظ متباينة من حيث معانيها الأصلية (الإفرنج، روم النصارى، أنجاس النصارى، الكفار، بلاد الكفر، حزب الشيطان، عبدة الأوثان، أهل الطغيان ...) لكنها اتحدت ودلت على إطار جغرافي وحضاري وديني، متميز هو أوروبا... وبما أن مدوني الرحلات كانوا في الغالب من الفقهاء والصوفية فإن نظرتهم إلى الآخر (أوروبا) لم تنفصل عن ثقافتهم الدينية وما اختزنته ذاكرتهم من معلومات عن الصراع الديني القديم مع الأوربيين. لذلك اقترنت الألفاظ السالفة الذكر على العموم بعبارات مشحونة بالحقد والاشمئزاز والنقمة، تحيل إلى عداء ديني مسحتكم مثل "لعن الله دينهم وأذل حزبهم"، أزال الله شوكتهم وشتت شملهم دمرهم الله ..."(20).
إن الأستاذ بنعبد الله يعكس من خلال رحلته هذه شخصية المسلم المثقف المنفتح فهو لا يذكر الديانات الأخرى بنعوت قدحية كما سلف مع رحالة مغاربة في عهود سابقة والتي سجلت صداما بين الأنا والآخر على المستوى الديني، بل على العكس من ذلك فالأستاذ بنعبد الله نستشفه من خلال هذه الرحلة رجلا حضاريا حينما يتحدث عن الأديان في معرض تعليقه على مادة تشير إلى حرية الأفراد في الدعوة ضد الدين حيث يقول: "ويتضح من هذا النص الصريح أن الملحدين قد وجدوا ضالتهم المنشودة لحمل سلاح مشروع لسن حملاتهم المتوالية ضد الأديان في ظل القانون ورعايته"(21).
فالأستاذ بنعبد الله يتعجب من هذا البند ويستنكره، لا على سبيل أنه موجه ضد الإسلام وحده بل باعتباره ذريعة لشن الهجمات على مختلف الأديان، بصيغة الجمع، فالرجل يقدم نموذجا للتسامح، كنا نفتقده مع الرحالة السابقين، الذين حاكموا النصارى حيث "احتوت رحلات حجية على صفحات تقارن بين دين الإسلام ودين النصارى، تنتصر للأول وتبين فساد الثاني وما أحدثه الرهبان من أباطيل"(22).
إن الأستاذ بنعبد الله يأبى الدخول في هذه السجالات، فالرجل حينما انتقد المادة الدستورية، انطلق من مبدأ عام هو تجريم الإساءة للأديان، لا إلى الإساءة للإسلام وحده، وصيغة الجمع هذه تعكس احتراما للأديان الأخرى غير الإسلام، وذلك لصهره كل الأديان في بوثقة واحدة، في تعرضها للإساءة .ف"على أساس هذا التواصل تكونت الحضارة الإسلامية وفي سياقه تشكلت وتتشكل الحضارة الإنسانية وإن تعددت محطاتها المنسوبة إلى الشعوب بعينها"(23).
* * *
الهوامش
(1) أحمد بوعناية، صورة الأنا والآخر في الرحلة الأندلسية خلال القرن الثامن الهجري، أطروحة لنيل الدكتوراه في الأدب شعبة اللغة العربية كلية الآداب جامعة محمد الخامس، أكدال الرباط، 2012-2013، ص67.
(2) حسين محمد فهيم، أدب الرحلات، سلسلة عالم المعرفة ع 138 يوليو 1989، ص13.
(3) عبد الرحيم المودن، "أدبية الرحلة" دار الثقافة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط 1، 1996، ص25.
(4) بلقاسم مارس "اللغة في السرد الرحلي: الشكل والدلالة" الرواية والسفر تنسيق وتقديم شعيب خليفي منشورات مختبر السرديات كلية الآداب ابن مسيك الدار البيضاء، مؤلف جماعي، مطبعة Force equipment، ط1، 2015.
(5) مصطفى الجوهري، "محمد بنعبد الله (1934-2009م)" مقال ضمن كتاب الأستاذ محمد بن عبد العزيز بنعبد الله رجل الفكر والثقافة"، إعداد وتقديم وتوثيق مصطفى الجوهري، منشورات النادي الجراري رقم 55 وجمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة، مطبعة Rabatnet Maroc، الطبعة الأولى، 2012، ص 102-107، بتصرف.
(6) مصطفى الجوهري، "محمد بنعبد الله (1934-2009م)، الأستاذ محمد بن عبد العزيز بنعبد الله رجل الفكر والثقافة"، مرجع سابق، ص105-107، بتصرف.
(7) رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، مجلة دعوة الحق، العدد 9-10، السنة الحادية عشر غشت 1968، الحلقة 1، ص57.
(8) المصدر نفسه، ص58.
(9) المصدر نفسه، ص57.
(10) رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، مجلة دعوة الحق، العدد 12، السنة الثانية عشر ماي 1969، الحلقة 2، ص82
(11) رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، مجلة دعوة الحق، العدد 3، السنة الثانية عشر فبراير 1969، الحلقة 6، ص58.
(12) قاسم الحسني، ملامح من ثقافة المرحوم الأستاذ محمد بنعبد الله، الأستاذ محمد بن عبد العزيز بن عبد الله رجل الفكر والثقافة، مرجع سابق، ص52.
(13) رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، ح 1، م.س، ص57.
(14) رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، ح 6، م.س، ص60.
(15) رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، ح 1، م.س، ص57.
(16) رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، مجلة دعوة الحق، العدد 12، السنة الثانية عشر ماي 1969، الحلقة 2، ص82.
(17) رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، ح 2، م.س، ص84.
(18) شادية العمري، الهوية ولغة التعليم في البلدان العربية، مقال ضمن اللغة الهوية في الوطن العربي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط1، يناير 2013، ص415.
(19) رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، ح 2، م.س، ص84.
(20) أحمد المكاوي، الرحالون المغاربة وأروبا، جذور للنشر الطبعة 1، 2007، ص145.
(21) رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، ح 1، م.س، ص60.
(22) الرحالون المغاربة وأوروبا، م.س، ص146.
(23) عباس الجراري، "الذات والآخر"، منشورات النادي الجراري، الطبعة 1، 1998، مطبعة الأمنية، ص89.
* * *
المراجع
- رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، مجلة دعوة الحق، العدد 9-10، السنة الحادية عشر غشت 1968، الحلقة1.
- رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، مجلة دعوة الحق، العدد 12، السنة الثانية عشر ماي 1969، الحلقة 2.
- رحلتي إلى الاتحاد السوفياتي، مجلة دعوة الحق، العدد 3، السنة الثانية عشر فبراير 1969، الحلقة1.
- أحمد بوعناية، صورة الأنا والآخر في الرحلة الأندلسية خلال القرن الثامن الهجري، أطروحة لنيل الدكتوراه في الأدب شعبة اللغة العربية كلية الآداب جامعة محمد الخامس، أكدال الرباط، 2012-2013، ص67.
- أحمد المكاوي، الرحالون المغاربة وأروبا، جذور للنشر الطبعة 1، 2007، ص145.
- بلقاسم مارس "اللغة في السرد الرحلي: الشكل والدلالة" الرواية والسفر تنسيق وتقديم شعيب خليفي منشورات مختبر السرديات كلية الآداب ابن مسيك الدار البيضاء، مؤلف جماعي، مطبعة Force equipment ط1، 2015.
- حسين محمد فهيم، أدب الرحلات، سلسلة عالم المعرفة ع 138 يوليو 1989، ص13.
- عبد الرحيم المودن، "أدبية الرحلة" دار الثقافة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط 1، 1996، ص25.
- مصطفى الجوهري، "محمد بنعبد الله (1934-2009م)" مقال ضمن كتاب الأستاذ محمد بن عبد العزيز بنعبد الله رجل الفكر والثقافة"، إعداد وتقديم وتوثيق مصطفى الجوهري، منشورات النادي الجراري رقم 55 وجمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة، مطبعة Rabatnet Maroc، الطبعة الأولى، 2012، ص102-107، بتصرف
- شادية العمري، الهوية ولغة التعليم في البلدان العربية، مقال ضمن اللغة الهوية في الوطن العربي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط1، يناير 2013، ص415.
- عباس الجراري، "الذات والآخر"، منشورات النادي الجراري، الطبعة 1، 1998، مطبعة الأمنية.