يرى الكاتب أن الدورة العلائقية الإنسانية لها فصلين من التفاعلات بين الناس. الأول هو "الازدهار التفاعلي"، والثاني "موسم تساقط الأقنعة"، ويعرف هذا الفصل حركة مد وزجر في التفاعل الاجتماعي بين الأفراد كل حسب فلسفته أو تصوره الأولي للعلاقة الإنسانية مع الأفراد.

فصول العلاقات الاجتماعية الكبرى: نظرة تحليلية

حمزة الشافعي

تقتضي الدورة العلائقية الإنسانية فصلين أساسيين من العلاقات والتفاعلات بين الناس. فالفصل الأول يكمن تسميته بفصل "الازدهار العلائقي" أو "التفاعلي" بين الأفراد كل حسب فلسفته ونظرته إلى العلاقة مع الناس (منظور مصلحي-انتفاعي محض، منظور إنساني-اجتماعي محض، منظور انتفاعي-إنساني متوافق عليه، منظور استراتيجي-وجودي تفرضه الظروف والسياق الخ). أما الفصل الثاني، فيمكن تسميته بـ"فصل" أو "موسم تساقط الأقنعة"، ويعرف هذا الفصل حركة مد وزجر في التفاعل الاجتماعي بين الأفراد كل حسب فلسفته أو تصوره الأولي للعلاقة الإنسانية مع الأفراد. فإذا كان المنطلق إنسانيا محضا فلا شيء (أي لا فصل) سيقضي عن تلك العلاقة (زمان، مكان، انشغالات، التزامات، موت الخ). أما إذا كان غير ذلك، فأي شيء مهما كان بسيطا جدا سيقضي على تلك العلاقة الاجتماعية وتحت أي ذريعة مهما كانت واهية، أو دون أي مبرر عن طريق الانسحاب الفجائي-غير متوقع.

وداخل كل فصل من الفصلين الأساسين، تبرز "فصول صغرى" أو "مراحل جزئية" تشتغل وتتضافر لتشكل فصلا كبيرا متكاملا. ففي فصل الازدهار العلائقي مثلا، يوجد هناك فصل اصغر وأولي هو "فصل التقرب والاستكشاف" و"فصل الإنبات" أي بداية ولادة وتشكل العلاقات مع عدة أطراف بمبادرة بينية متبادلة أو من طرف واحد نظرا لوجود ميزة أو خاصية مثيرة أو مصلحة أو هدف مرغوب فيه يستدعي إقامة العلاقة، وقد تكون الغاية من ذلك إما نبيلة وغير منفعية (إنسانية محضة)، أو غير نبيلة (وجود منفعة معينة). وهذين الفصلين الجزئيين يتدخلان ويتكاملان حتى يفرزا فصلا "علائقيا مزدهرا" حيث يختلط فيه الصالح من العلاقة والتفاعل بالطالح، والنبيل بغير النبيل، والخالص لذاته بالمصلحي الانتهازي الخ ومن سماته ما يمكن تسميته بفترة "الذروة العلائقية" أو "التفاعلية".

بعد ذلك، يأتي فصل شديد اللهجة وبالغ الأثر ومباشر في الأسلوب وغاية في الوضوح اسمه "فصل تساقط الأقنعة" أو "فصل التجرد" أو "الانكشاف" الحقيقي. ويتضمن هذا الفصل فصولا ومراحل صغرى بدوره مثل "فصل تعارض الوجهات" و"الغايات" حيث يدخل الأفراد ذوي الغايات النفعية في صراع حاد من اجل السيطرة على مجريات العلاقة الاجتماعية بغية بلوغ أهداف مسطرة. وأثناء الفشل، يبادرون إلى أساليب المقاطعة الانذارية-التوبيخية-العقابية، أو الانسحاب المفاجئ دون سابق إنذار أو المهاجمة كميكانيزم دفاعي لتبرير الفشل في تحقيق الهدف المسطر. ويستمر هذا الفصل حتى تتكون فصول جديدة مثل "فصل عزل" و"تسييج" العلاقات الإنسانية الصافية وفصل "محاصرة" أو "استبعاد" العلاقات الملوثة بالمنفعة، حيث يستمر النوع الأول لنزعته الإنسانية ولخلفيته الأخلاقية المؤطرة له التي لا تتقادم مع الزمان والمكان، وفي اللازمان واللامكان كذلك، ليفتح الباب على مصراعيه لفصل اكبر وحاسم وفيه تشتد وثيرة تساقط (وإسقاط وسقوط) الأقنعة وانخفاض نسبة التفاعل مقارنة مع ما كانت عليه في السابق بين من كانوا بالأمس في مكان واحد أو في اتصال دائم أو في سياق زمني واحد أو في قلب واحد.

 

(تنغير،المغرب)