كل شيء إلى زوال حتى أنتَ!.
لمحتها قبل صعودي إلى المترو في الجانب الآخر من العالم.
بعد عدة اشهر .. عدت إلى الوطن في زيارة قصيرة لرؤية الأهل والأحبة.
في نهاية النهار حيث العادة هنا؛ أن يخرج الناس في هذا الوقت لزيارة الأقارب و شراء حاجيات المنزل، أما أنا فقد خرجت لشراء الكتب. هذه العادة أدخلتني في عالم آخر .. الكتب على الأرصفة والغبار يغطي أجسادها، الباعة، تقليب الكتاب، قراءة ظهر الغلاف، الوجوه، النظرات، خيال ما بالكتب جو ساحر ملك كياني. في وسط الزحام لمحتها مرة أخرى، في نهاية الرصيف بيدها كتاب متوسط الحجم وزهور حمراء كبيرة تتكلم مع البائع. تطلعت فيها بنظرات مع ابتسامة خفيفة، كنت مندهشة أتساءل مع نفسي:
- كيف أتت إلى هنا؟!.
وفيما كنت في لحظة الدهشة الخاطفة.. لا اعلم ما الذي حصل بالضبط؟!. فتى لا يبلغ من العمر سبعة عشر عاماً غرق بين الحشد وانفجر المكان.. صرت في عالمٍ آخر مخيف موحش، صوت أنين الجرحى، صراخ، صياح، عويل وملك الموت رأيته يقبض الأرواح التي لم يبق لهم أثر، كنتُ ألتصق بحافة الرصيف وفوقي تناثرت الأجساد إلى السماء. فكرت بها كانت جوار ذلك الشاب الذي ظهرت منه كتلة اللهب. الشظايا جرحت قلبي قبل أن تجرح جسدي.
لم اشعر بالألم إلا عندما رأيت الفتاة والكتاب والزهور والفتى قد اختفوا ...اختفوا من عالم الوجود. ستنتهي الحرب يوما ولكن ستبقى جراحها عالقة في الأذهان والأرواح،
الشارع نفسه، والرصيف، وأنواع الزهور والكتاب وضعتها على اثر الفتاة وأشعلت شمعة.
كل شيء إلى زوال حتى أنتِ!.
كل شيء.