يطرح الباحث الجزائري في هذه الدراسة مجموعة من الاستقصاءات حول تداوليات العنوان تستهدف البحث فيما وراء الوظيفة التوصيلية، أو العتبة الأولية للنص، ومعرفة مدى تأثير ما يدعوه بالحجاج العنواني على نجاح النص الروائي والتفاعل مع قارئه المحتمل.

تداوليات العنوان

في الخطاب الروائي المغاربي

عبد الحق بلعابد

فطِنِ الكتابَ إذا أردت جوابه،
وأعْنُ الكتاب لكي يُسرَّ ويُكتما
أبو يونس

العنوان الجيد، هو "أحسن سمسار للكتاب"
جيرار جينيت

عتبة منهجية:
1 ـ العنوان من الشعريات إلى التداوليات:

لقد حظي العنوان الروائي بإهتمام ملحوظ سواء على الصعيد الإبداعي أو التحليلي، فظهرت أسماء وتخصصات كثيرة (من لسانيات، وسيميائيات، وشعريات، وتداوليات...) سعت إلى الإجابة عن هذه المتتالية(1). المعقدة التحديد والتوظيف، فنجد من بين من إشتغل على هذه المتتالية وأولاها إهتماما كبيرا في كتاباته، "ج. جينيت" في كتابه عتبات، و "لوي هويك" في جل ما كتب لأنه المؤسس لما يعرف بالعنوانيات (Titrologie). حيث عده "ج. جينيت" من بين العناصر المهمة للمناص(paratexte) (2)، الواقع في تلك المنطقة المترددة بين الداخل والخارج، القابلة للإنتقال والتعاقد بين الكاتب والقارئ، كونها مكان تداولي وإستراتيجي مميز(3)، تحركه قيمتين متفاعلتين، قيمة جمالية (توقعه في قلب الشعريات)، وقيمة تجارية (تجذبه لسوق التداوليات). لهذا يرى "دوشي" أن العنوان «رسالة سننية في حالة تسويق ينتج عن لقاء ملفوظ روائي، بملفوظ إشهاري، فيه تتقاطع الأدبية والإجتماعية، لأنه يتكلم/ يحكي العمل الأدبي في عبارات الخطاب الإجتماعي، والخطاب الإجتماعي في عبارات روائية»(4)، فهو واجهة مزدوجة الخطاب يتحاور فيه الروائي بالإشهاري، ليغرينا بالمنتوج، ويحملنا على الإقتناع به.

كما احتفى "لوي هويك" بالجانب التداولي في العنوان، موسعا أفق تحديده، وضابطا لوظائفه وتوظيفاته، فالعنوان «مجموعة من العلامات اللسانية، كلمات أوجمل أوحتى نصوص، قد تظهر على رأس النص لتدل عليه وتعيينه وتشير لمحتواه، ولتجذب جمهوره المستهدف»(5)، فهذا التحديد قد جمع فيه كل جوانبه السيميائية (اللسانية، والدلالية، والتداولية). إلا أننا لا نعدم في البلاغة العربية مثل هذه الإلتفاتات النادرة،  التي يمكنها المساعدة في فهم تداوليات العنوان، فنجد من البلاغيين العرب من جعله من مخترعاته البديعية غير مسبوق إليها، وهذا حال "إبن أصبع المصري" الذي لم يخرج في تحديده للعنوان عما جاء به "هويك"، فالعنوان عنده هو "أن يأخذ المتكلم (الشاعر أو الناثر) في غرض له من وصف أوفخر أومدح أوهجاء أوعتاب أوغير ذلك، ثم يأتي قصد تكميله بألفاظ تكون عنوانا لأخبار متقدمة وقصص سالفة"(6)، ويضيف "السيوطي" أن: «عنوان الكتاب يجمع مقاصده بعبارة وجيزة في أوله»(7). وبهذا ينتقل العنوان من كونه مجرد كلمة أوجملة إلى كونه نص/ خطاب(*)، فهو نص يوازي نصه الأصلي ويصاحبه(8)، لأنه منجم من الأسئلة(9)، ما يفتأ يحفزنا للإجابة عن سؤاله التداولي (ممن وإلى من؟) أي من يرسل العنوان وإلى من يرسله؟ وعن سؤاله الوظيفي (ماذا نعمل/ نفعل به؟)(10)، أي بالعنوان. وكل هذا سنختبره في إشتغالنا على خطاب العنونة في الرواية المغاربية، بخاصة (رواية لعبة النسيان لمحمد برادة، وذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي، والتبر لإبراهيم الكوني، ون لهشام القروي). وهذا قصد فهم النظام التداولي للعناوين المغاربية، بفهمنا للعملية التواصلية والتداولية لهذه العناوين، ووظائفها العاقدة لعلاقتها بنصوصها من جهة، وقرائها من جهة أخرى، وبين هذا الإرتياض والإعتراض يسكن الحجاج العنواني الذي سنجعله أفقا للتأمل، لأنه يحمل كل من مقصديات الكاتب التي سيواجه بها مقصديات القارئ إما حوارا، وإما إعتراضا، وهذا قصد حمله على الإقتناع بعنوانه، الحامل لتلك القوة الإنجازية التي أثارها "جينيت" في عتباته، وحققها "هويك" في عنوانياته، ووظفها وطبقها "فيليب لان"(**). وهو يبحث عن البعد التداولي في هذه العتبات النصية.

2 ـ حركية العنوان التداولية:
يعرف العنوان في الخطاب الروائي المغاربي حركية ملحوظة ـ وإن لم تك بالقدر الذي تعرفه الدول الغربية ـ إما على الصعيد اللساني أوالتداولي أوحتى المعرفي، وهذا لوعي الكتاب بالضرورات الإقتصادية (الطباعية، والتجارية) التي تمليها علينا صناعة الكتاب اليوم، فالعنوان وإن كان منتوجا جماليا، فهو كذلك منتوج تجاري قابل للتداول بالعرض والطلب أوالكساد في سوق التداول الأدبي، فوقوعه بين الخطاب والكتاب زاد من حركيته المعجمية والتركيبية والدلالية في آن.

أ ـ الحركية المعجمية للعنوان المغاربي:
ببحثنا في الحقل المعجمي لكلمتي (عنا، وعنن)، نجدها على ثلاث معان(11):

1 ـ أما العنوان من مادة (عنا)، فيحمل معنى القصد والإرادة.
2 ـ أما العنوان من مادة (عنن)، فيحمل معنى الظهور والإعتراض.
3 ـ أما العنوان من المادتين فيحمل معنى الوسم والأثر.

وإذا أردنا أن نشغّل هذه المعاني المعجمية في العناوين المغاربية المدروسة، فسنجد بأن القصد والإرادة هما من خصائص مرسل العنوان أي (المعنوِن)، والظهور والإعتراض هما من خصائص المرسل إليه هذا العنوان أي (المعنون له)، غير أن هناك تداخل بين هذه المعاني لا نسلم منها خلال التحليل. فإذا جئنا لمعنى القصد فالكاتب (محمد برادة، أحلام مستغانمي، إبراهيم الكوني، هشام القروي) يحمل مقصديات خاصة لعنونة كتابه تختلف أوتأتلف مع مقصديات القارئ/ المتلقي وقناعاته، وبإعتبار العنوان قصدا للمرسل/ المعنون، وإرادة منه لوضع عنوان لكتابه/ روايته الذي سيؤسس لعلاقتين مهمتين علاقة العنوان بخارجه/ محيطه الإجتماعي والثقافي من جهة، وعلاقته بنصه من جهة أخرى. أما المعنيين الآخرين الظهور والإعتراض، فهما ألزم بالمتلقي/ المعنون له، فالظهور يحدد السؤال المناصي للعنوان (الزماني والمكاني)، أي متى يظهر العنوان وأين؟(12)، فتكون الإجابة بأن وقت ظهور العنوان هو بتحديد سنة صدور الرواية، مثلا:

ـ عنوان رواية لعبة النسيان لمحمد برادة كان صدوره في الطبعة الأولى سنة 1987، ثم توالت الطبعات، مثل الطبعة الثالثة المعتمدة سنة 1995.
ـ عنوان رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي كان في الطبعة الأولى سنة 1993، ثم توالت الطبعات.
ـ عنوان رواية التبر لإبراهيم الكوني كان في الطبعة الأولى سنة 1991.
ـ عنوان رواية ن لهشام القروي كان في الطبعة الأولى سنة 1983.

أما مكان ظهور عناوين الروايات السابقة، فنجدها إما في صفحة الغلاف، أو صفحة العنوان تحديدا، وكذلك في الصفحة المزيفة والصفحة الرابعة للغلاف(13)، وهي من المناطق المناصية التي يسهل على القارئ والجمهور المستهدف أن يتداولها، فهي من أهم الأماكن لتلقي العنوان. أما الإعتراض، فيكون من قبل هذا القارئ/ المعنون له، منطلقا في إعتراضه من خلفيته المعرفية، ومنظومته القيمية، ومقصدياته في تلقي مثل هذه العناوين، الذي سنوضحه بخاصة في وظائف العنوان. أما معنيي الوسم والأثر، فهما يواثقان العنوان بنصه، كون العنوان "سمة للكتاب/ الرواية" إلا أن هذا لا ينفي عنه إستقلاله الأنطولوجي لأنه يبقى نص ولكن نص يوازي نصه الأصلي(14)، فهو يداول بين الميثاق (النصي)، والإنعتاق (العنواني).

ب ـ الحركية التركيبية للعنوان المغاربي:
العنوان مجموعة من الوحدات/ العلامات اللسانية الداخلة في علاقة تفاعلية فيما بينها القابلة للتحليل، أو هو ملفوظ إنجازي بتعبير "هويك"(15)، كلمة كان أوجملة، أونص. فالعنوان في الخطاب الروائي المغاربي يحمل هذه السمات اللسانية، فهو يأتي إما كلمة أوجملة (إسمية أو فعلية)(16)، حاملا لإحدى البنيات السردية/ النصية (الزمان، المكان، الشخصية)، فبتحليلنا للعناوين المشتغل عليها: سنجد كل من عنوان لعبة النسيان وذاكرة الجسد، قد وردا على الصعيد التركيبي كجملتين إسميتين تحملان مركبا إضافيا، وهذا المركب الإضافي يقيم علاقة بين عنصرين إسميين في تكوينه، الأول رأس المركب، وهو المضاف (لعبة، وذاكرة)، والعنصر الثاني الفضلة وهو المضاف إليه (النسيان، والجسد)، والفائدة تعود فيهما للمعنى، وتوافق هذه الوظيفة النحوية أدوارا دلالية مختلفة تمثل العلاقة بين المضاف والمضاف إليه(17)، إنها وظيفة المضايفة التي تجعل من المتضايفين كشئ واحد. أما عنوان التبر فجاء كلمة واحدة، دالة على الإفتقار التركيبي للعنوان، لأنه جملة ناقصة نحتاج فيها لتجاوز بنيتها السطحية إلى بنيتها العميقة قصد تتميم هذا النقص أوالإفتقار التركيبي، وهذا ما لاحظناه أيضا على عنوان هشام القروي الذي جاء حاملا لحرف واحد وهو (ن) الذي لم يسعفنا إفتقاره التركيبي من فهمه، إلا أنه لما كان النحو قياسا يتبعه العقل التأويلي للتوسع في الأوجه الإعرابية للمقولات النحوية أمكننا من أن نؤول هذه التقديرات النحوية:

فنعرب "التبر" كخبر لمبتدإ محدوف تقديره (هذا التبر أو هذه رواية التبر)، أومبتدأ لخبر محدوف تقديره (التبر رواية ممتعة) إلى غير ذلك من الأوجه الإعرابية المتأولة، وهذا ينسحب أيضا على عنوان رواية "ن" قصد سد إفتقاره التركبي. كما يمكن الإستعانة بالجمل الواردة في الرواية الحاملة لملفوظ العنوان لفهم حركيته التركيبية، فمثلا في رواية التبر:"فتح صرة التبر وألقى بها في العين" (رواية التبر، ص 135)، أو "لعنة الله على التبر" (رواية التبر، ص 140)، وكذلك رواية "ن" التي نعتمد فيها الإعراب النصي الذي يرد فيه ملفوظ العنوان مثل "مدينة ن دمرت آلاف المرات، وأعيد بناءها في كل مرة" (رواية ن، ص 34)، وهذا لا يقتصر على هذين العنوانين ولكن هو مسحوب على باقي العناوين السابقة فـ (لعبة، ذاكرة) هي خبر لمبتدأ محدوف تقديره (هذه لعبة النسيان/ ذاكرة الجسد)، أومبتدأ لخبر محدوف تقديره (لعبة النسيان ممتعة القراة) أو (ذاكرة الجسد مفيدة قراءتها). وعليه نجد بأن العنوان ذو حركية تركيبية تداولية تنتقل بنا من النحو الموضعي إلى النحو التأويلي، لتسلك بنا طريق النحو المعرفي والوجودي لهذه البنى العميقة للعنوان، فعناوين (لعبة النسيان، التبر، ذاكرة الجسد، ن) مبتدأ مرفوع بالإبتداء النصي و/ أو الطباعي للكتاب كونها فواتح نصية، والرواية ككل خبر مرفوع بالمبتدأ وهو العنوان.

ج ـ الحركية الدلالية للعنوان المغاربي:
لا تنفك هذه الحركية الدلالية عن الحركتين السابقتين، لأنها في تناصر دائم قصد معرفة الحقل الدلالي للعناوين المغاربية المدروسة، فالملاحظ أن هذه العناوين المغاربية تعتمد على التقابل بين الحقلين الدلاليين لكل من (الذاكرة/ الجسد) و (لعبة/ النسيان)، مما نشط ذاكرة العنوان التخييلية بحيث راكم بؤرة إستعارية
تفاعلي
ة، بمطابقة النكرة للمعرفة، والمؤنث للمذكر، والمجرد للمحسوس، والحضور للغياب، مما زاد في مسافة التوتر قصد تشكيل بنية الإستعارة المكنية القائمة على إنزياحها التركيبي والجمالي في بحثها عن المشبه به المحسوس ليعالق المشبه المجرد الذي يقبض عليه المتلقي بتشغيله لفهمه المحلي(18). الذي تبنيه
تجاربه السابقة ومواجهته لمثل هذه الخطابات العنوانية الصانعة لإستعارة تداولية، لأن الإستعارة نحيا بها وتحيا بنا، نحيا بها تداولا، وتحيا بنا تعاملا.

أما عنوان "التبر" فهو يختلف عن العناوين الباقية، لأنه يعتمد التعيين/ التعنين المباشر، وهو من بين التقنيات التي تعمل على تتبيث حضور العنوان ويعرف بالتعيين بالاسم(19)، فعنوان "التبر" يعتمد على بلاغة الحدف والتحريف والتصحيف، فلو لعبنا على الأصوات والحروف تقديما وتأخيرا لتكشفت لنا هذه البلاغة، فسيصبح "التِبر" بتغيير الحركة من الكسر إلى الفتح "تبَّر تتبيرا" وهو الهلاك والنقصان، والتبر في عرف أهل الصحراء ملعون فـ "لعنة الله على التبر" (رواية التبر، ص 140)، فهذه كناية على التتبير والهلاك. وإذا استمررنا في اللعب بالكلمة تصحيفا وتحريفا بالتقديم والتأخير، سنجد أن من مقلوبات كلمة "التبر" نجد كلمة "ترب" وهي في المعجم " كنز المال (التبر)، وهو أيضا الأرض والمقبرة"، لأن الصحراء تعد تربـ (ـة) أي مقبرة للباحثين عن الكنز (التبر)، وجاء في الرواية "لم يبع زوجته وطفله مقابل حفنة من التبر. حفنة من تراب. لعنة الله على الذهب. قال: إنه يجلب النحس" (رواية التبر، ص 130)، فهو كناية على الوضاعة والدناءة الجالبة للنحس (التتبير/ الهلاك)، فعنوان "التبر" له حركة تداولية تترك أفقه مفتوحا على عدة سيناريوهات دلالية. أما عنوان رواية "ن"، فهو حرف ذو حمولة مرجعية، ودلالية منها الصوفي الموغل في العجيب والغريب، ومنها الإجتماعي الداخل في الواقعي والمعيش، فـ (ن) كناية عن تلك الحضرة الإنسانية المتماهية في شخصية "وليد الأرض" الذي حل في حضرة إجمال مدينة ن، ليغرق في بحرها اللجي غامسا قلمه في مداد قلم التفصيل السردي حتى استوت رواية وما هي برواية (رواية ن، ص 34 ـ 36 ـ 53 ـ 91 ـ 99).

3 ـ العملية التواصلية والتداولية للعنوان المغاربي:
العنوان عامة رسالة سننية في حالة تسويق، يتبادله ويتداوله كل من المرسل (الكاتب)، والمرسل إليه (القارئ والجمهور المستهدف)، فهما قطبا العملية التواصلية والتداولية كما حددهما "ياكبسون"(20). عامة، والعنوان على وجه الخصوص، وبوقوعهما في قلب التداوليات التي تتحدد بعلاقاتها بالدالين بها(21). ولخصوصية الموضوع المتناول وهو العنوانيات رأينا من الضروري أن نضع خطاطة موازية للخطاطة السابقة، لنكشف عن هذه الخصوصية المتعلقة بالعملية التواصلية والتداولية للعنونة، مع الإبقاء على عناصرها التواصلية العامة، وتشقيقنا لعناصر متعلقة بموضوع العنوانيات, هي كالتالي:

المُعنوِن (المرسل/ الكاتب)، العنوان (الرسالة)، المعنون له (المرسل إليه/ الجمهور المستهدف)، وكل هذا في وضع مخصوص، وسياق ومرجع مخصوص أيضا:

الكاتب ـــــ اسم النص ـــــ القارئ/ الجمهور المستهدف
المُعنوِن ـــــ العنوان ـــــــ المعنون له
المرسل ـــــ الرسالة ـــــــ المرسل إليه

أـ المُعنون/ المرسل:
ككل الأفعال التداولية والتواصلية، نجد الفعل الإنجازي العنواني يتكون من هذه العناصر الثلاثة المهمة (المرسل، الرسالة، المرسل إليه). حيث يرى "جينيت" بأن المرسل قانونا للعنوان هو المعنون/ الكاتب الواضع لعنوانه، مثل عناوين (لعبة النسيان لمحمد برادة، وذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي، ون لهشام القروي، والتبر لإبراهيم الكوني) كما يمكن للكاتب أن يضع عنوانه بإيعاز من الناشر،(22) أوالمحيط التأليفي (auctorial)أي محيط المؤلف/ الكاتب. غير أنه يمكن لبعض دور النشر من أن تضع رزنامة من العنوانين ذات الوقع التجاري(23)، وتطلب من الكاتب أن يختار واحدا منها، وهذا للعقد الذي يربطه بها قصد تحقيق القيمة التجارية، دون نظر للقيمة الجمالية، وهذا لا يخدم لا الكاتب ولا القارئ على حد سواء.

ب ـ المعنون له/ المرسل إليه:
وهو الذي يرسل إليه العنوان ليس القارئ تحديدا، ولكن الجمهور المستهدف (هويك)، لأن مصطلح الجمهور ذو مفهوم واسع أكثر من القراء، فهو ليس ذلك المجموع من القراء ولكن هو مايعرف باللغة الإنجليزية (audience) أي مجموع المشاهدين، والمستمعين، والقراء، والأنصار، والأتباع، وحتى حرية التعبير(24). فالجمهور كيان قانوني أوسع من مجموع القراء، لأن عناويننا المشتغل عليها يمكنها أن ترحل على ألسنة أشخاص لم يقرؤو الكتاب/ الرواية، وهذا ما يسمى بالتلقي العنواني الذي ينضم إليه كل من (الناشر، والنقد، والصحافة، والملاحق الثقافية، والمكتبات). وبهذا يمكننا أن نحدد بدقة بين من يرسل له النص/ الرواية (لعبة النسيان، وذاكرة الجسد، ون، والتبر)، وهو القارئ أي ذلك القارئ الواقعي أوالسردي الذي انخرط فعلا في فعل القراءة السردي للرواية، أما من يرسل إليه العنوان فهو الجمهور المستهدف كما حددناه سابقا، لأن العنوان يمكنه أن يدور على الألسنة، كما يمكنه أن يدور بتناول وتداول الأيدي. وخير مثال على ذلك عنوان رواية ذاكرة الجسد الذي أصابه كساد تجاري وقرائي في طبعته الجزائرية إلا من المتخصصين في المجال، غير أنه عرف إنتعاشا ورواجا تجاريا وقرائيا في طبعاته اللبنانية لـ "دار الآداب"، وهذا لمعرفتها كيفية إستغلال الدورة التواصلية والتداولية للعنوان/ الرواية، وكذلك ما عرفته من تسويق إشهاري في كل وسائل الإعلام، مما حسن من دورة العنوان/ الرواية، فكثير من قراء الشاعر "نزار قباني" قد إنزلقوا لقراءة ذاكرة الجسد بعد تقديمه لها، وكذلك الحال مع قراء الروائي "واسيني لعرج" بعد إستضافته لها في برنامجه التلفزيوني "أهل الكتاب"، وكذلك مشاهدي أفلام المخرج السينمائي المصري "يوسف شاهين "الذي وعد بإخراجها فيلما سينمائيا، بمشاركة الممثل المصري "نور الشريف" الذي أطرى هذه الرواية في المقابلة التلفزيونية التي أجريت مع الروائية في إحدى القنوات اللبنانية، كما إنزلق الآخر في هذه العملية التداولية العنوانية، بإستضافته هذا العنوان في لغته بعد ترجمتها لعدة لغات. ويمكن لهذه الخطاطة أن تجيب عن السؤال التداولي (ممن وإلى من؟) المحدد لدورة العنوان(25):

المعنون/ المرسل العنوان/ الرسالة المعنون له/ المرسل إليه
أحلام مستغانمي ذاكرة الجسد الكاتب نفسه
محمد برادة لعبة النسيان أو الناشر
إبراهيم الكوني التبر أوالقارئ:
هشام القروي ن أ ـ قارئ عادي
    ب ـ قارئ متخصص (ناقد)
    ج ـ الجمهور المستهدف (المشتري)
    ـ صاحب مكتبة
    ـ محيط المؤلف (أقارب، أصدقاء...)


4 ـ وظائف العنوان المغاربي:
تعد وظائف العنوان عامة ووظائف العنوان المغاربي، من المباحث المعقدة(26)، لذا نزع بعض الدارسين إلى تحليليها متخذين من الوظائف اللغوية لـ "ياكبسون"(27)، سبيلهم في تحقيق ذلك، ليوسع البعض الآخر من السيميائيين من هذه الوظائف خاصة "هويك" و "جينيت" الذي أعاد نمذجتها، وصولا بالقراءات المتدبرة لوظائف العنوان من قبل "جوزيب بيزا"(28). فإذا كان "هويك" قد ركز على الوظيفة الأساسية للعنوان، وهي الوظيفة التداولية (أي التحريضية والإغرائية، عند كل من ميتيرون ودوشي)(29)، أما "جينيت" فحددها في ثلاث وظائف مهمة: الوظيفة التعيينية/ التعنينية، والوصفية، والإغرائية، أي التعيين وتحديد المضمون، والإغراء(30)، وهذا كله إجابة على السؤال المناصي الوظيفي (ماذا نفعل به؟)، أي ماذا نفعل بالعنوان؟ وبأكثر دقة ماذا نفعل بوظائف العنوان؟

1 ـ الوظيفة التعنينية/ التعيينية:
لما كان العنوان ملفوظا إنجازيا يعلن عن اسمه في أول الكتاب/ الرواية، فقد أصبح بهذا مجالا للتعامل، ومنطقة للتداول، فعنوان ذاكرة الجسد، والتبر، ولعبة النسيان، ون، يعلن عن وجوده في أول صفحة الغلاف، فهو يعنّ نفسه لجمهوره المستهدف بتحديد اسمه، فمثلا لما ندخل لأي مكتبة أول ما نسأل المكتبي عن اسم الكتاب الذي نريد شراءه "هل عندك لعبة النسيان؟"، أو نسأل طالبا "هل قرأت ذاكرة الجسد؟" ونحن نقصد هل قرأت الرواية المعنونة بذاكرة الجسد، أما إذا أردنا أن نحفزه وننشظ فيه فضوله القرائي فنسأله "هل تعلم لماذا عنونت هذه الرواية بـ (ن)؟"، فنجد أن الوظيفة التعنينية وظيفة إلزامية لمعرفة اسم الرواية/ الكتاب. كما يمكن للعنوان أن يعانن نصه أي يعارضه، كما رأينا في حركيته المعجمية والدلالية، بأن ينتبه القارئ لهذه المعارضة، فيجد أن العنوان لا يوافق مضمون نصه فيقول مثلا "كان ينبغي على الكاتب محمد برادة ألا يعنون روايته بلعبة النسيان بل بـ ذاكرة النسيان ليوافق مضمون نصه" أو "كان بإمكان إبراهيم الكوني أن يختار عنوانا أقل إختصارا من التبر الذي لا يفي بغرض النص، لما لا يكون بحثا عن التبر لكان أوفق"، فالملاحظ أن القارئ هنا يضطلع بدوره التأويلي والتفاعلي، لأن العنوان مداره التخاطب والتحاور قصد الكشف عن مقصديات الكاتب وإرادته في توصيل عمله لقرائه، فبين مقاصد الكاتب والخلفية المعرفية للقارئ يقع تأويل العنوان وفهمه.

2 ـ الوظيفة الوصفية:
وهي من الوظائف المهمة للعنوان والمعقدة في آن(31)، لأن هذة الوظيفة اللغوية الواصفة بتعبير "جوزيب بيزا" المسؤولة عن الإنتقادات الموجهة للعنوان من طرف القراء والمبدعين، ومعاتبتهم للكاتب، إذا أخفق هذا العنوان من قول شئ عن نصه(32)، وهذه الوظيفة تحمل في أطوائها قيمتين أولنقل وظيفتين أخريين، أولى موضوعاتية بتحديدها للموضوعة الأساسية لهذه العناوين (ن، التبر، لعبة النسيان، ذاكرة الجسد)، والثانية إخبارية أوتعليقية لهذا العنوان، فمثلا في "لعبة النسان" نجده يخبرنا بأن "الشخوص جميعها جاهزة لتبدأ لعبة الكذب/ الحقيقة، لعبة النسيان، من أجل الوقوع في الخطأ وإعادة إبتكار لعبة الحياة... وهل ستتغلب الذاكرة على لعبة النسيان" (رواية لعبة لنسيان، ص 104 ـ 128)، أما عنوان التبر فيعلق على ذلك التبر الصحراوي الملعون "هل سمعت بذلك الرجل الذي باع زوجته وولده في واحة أدرار مقابل حفنة من التبر؟... حتى أكثر العبيد عبودية لم يبع زوجته وطفله مقابل حفنة من التبر.حفنة من التراب. لعنة الله على الذهب." (رواية التبر، ص 125 ـ 130). أما عنوان ذاكرة الجسد فيخبرنا معلقا عن نصه بنصه "ها هو ذا كتابك أمامي... كل شئ فيه يستفزني اليوم، عنوانه الذي إخترته بمراوغة واضحة... وإبتسامتك التي تتجاهل حزني" (رواية ذاكرة الجسد، ص 25)، ويعلق كذلك: "لم أكن أدري وقتها أني كنت أخط خلاصة خيبتي كلمتين قد تصلحان عنوانا لهذا الكتاب، الذي ربما ولدت فكرته يومها." (رواية ذاكرة الجسد، ص 407).

فالملاحظ أن الوظيفة الوصفية، هي وظيفة شارحة لمضمون نصها بملفوظات موجزة في أولها، لتحيل عليه برجوعها له، فالعنوان يجمل والنص يفصّل، لوقوعه بين مقصديات الإنتاج للمعنون، ومقصديات التلقي للمعنون له، فهو يخلق إنتظارا لذا القارئ ليسمح له بالإقتناع بهذا الملفوظ الإنجازي، الذي يطابق ذوقه وقناعاته أي سننه(33)، في التلقي والقراءة التي على أساسها يضمن بنينته لمشروعه القرائي. لهذا نجد الكثير من الروائيين الآن يتوجهون نحو الإيحاء الأسلوبي في العنونة(Stylistique connotation)، الذي يضاعف من مقروئيتهم(34)، بضمانة هذه الوظيفة الوصفية.

3 ـ الوظيفة الإغرائية:
تعد الوظيفة الإغرائية من أهم الوظائف العنوانية، على الرغم من صعوبة القبض عليها للظلال التي تحيطها بها الوظيفتين السابقتين، فهي تحمل قوة إنجازية (force illocutoire) تترك الكاتب ينجز أفعالا كلامية حول كيفية حمل القارئ على الإقتناع بهذا العنوان/ الرواية، وكيفية إغرائه وتحريضه على شراء هذا العنوان، فهو أول من يصاب بذلك القلق السيميائي الذي سينقله للقارئ من خلال العنوان، ولن يتخلص منه إلا بشراء الكتاب/ العنوان وقراءته(35). فبإعلان الكتاب عن عناوينهم (لعبة النسيان، التبر، ن، ذاكرة الجسد)، سيعد هذا الإعلان تنشيطا لفضول القراء قصد شرائها أوإعارتها أوإهدائها، وبهذا ستضع هذه العناوين عقدا قرائياً مع هذا القارئ الفعلي و/ أو المحتمل، لأن قيمتها الإنجازية والعقدية هي التي تصنع الفعل الإنجازي(36)، من خلال خلال طاقته التأثيرية (perlocutoire) التي تجعنا كقراء ننخرط في فعله السردي التخييلي، باحثين عن سيناريوهات ممكنة لهذه العناوين التي تتخذ تقنيات تهدف إلى فرض حضور العنوان أي جعله حاضرا(37)، إما بالتناقض الظاهري (للتوتر الحاصل على صعيده الدلالي والإستعاري) كعنوان لعبة لنسيان وذاكرة الجسد، وإما بتعيين الإسم كعنوان التبر، وإما بجعل هذا العنوان غامضا يحتاج إلى تأويل مضاعف لفهمه كعنوان (ن). لذا وردت المعادلة القائلة بأن "العنوان الجيد هو أحسن سمسار للكتاب/ الرواية"(38)، إلا أن هذه المعادلة يداخلنا فيها الشك، لأنه ليس كل عنوان جيد بالنسبة لنا يعد جيدا بالنسبة للقارئ الآخر الذي لا يحمل نفس قناعاتنا وقيمنا (المعرفية والجمالية)، فسنجد من القراء من لم يعجبهم عنوان ذاكرة الجسد، وآخرين عنوان ن، يرجع هذا كون الوظيفة الإغرائية للعنوان، وظيفة ذاتية تحتمل الإيجاب كما تحتمل السلب، لهذا نجد الناشرين لايعولون عليها كثيرا في قياسهم مدى نجاح الكتاب/ الرواية بتأثير من العنوان(39)، لما تعرفه صناعة الكتاب وطباعته وتوزيعه من مسالك معقدة وصعبة. لهذا قطع "جينيت" دابر الكتاب الذين يتسارعون لإختيار العناوين الطنانة والرنانة، على حساب نصوصهم، "فأن يكون الكتاب أغرى من عنوانه، أحسن من أن يكون العنوان أغرى من كتابه"(40)، فالعنوان يكون مناسبا ما اجتذب قارئه المحتمل إليه، وينجح لما يناسب نصه أيضا، وهذا ما وجدنا عليه العناوين المشتغل عليها، بحيث ناسبت العناوين نصوصها، بانخراطها في مسالكها النصية، ومساراتها التخييلية، حتى كأن العنوان انتزع من الرواية ليصدَّر بها.

أفق للتأمل: في الحجاج العنواني:
بغيتنا من هذا الغلق المنهجي، أن نجعله أفقا آخر للتأمل والتدبر من خلال جملة من النقاط المنهجية التي كانت مدار إشتغالنا على تداوليات العنوان (كدراستنا لحركيته، وعمليته التواصلية والتداولية، ووظائفه)، والتي ما فتأت تلمّح بمبحث شريف آخذ في الإستقلال والتفرد عن التداوليات عامة، ألا وهو الحجاج الذي أصبح الآن مبحثا فلسفيا ولغويا قائما بذاته(41). ولما كان النص/ الكتاب موضوع للقراءة، كان العنوان موضوعا للدوران، وبأكثر دقة موضوعا للتحادث(42)/ والتخاطب. والأصل أن لا كلام بغير خطاب ولا خطاب بغير حجاج(43)، والحجاج بتعريف "ديكرو أوسكومبر" هو "تقييم المتكلم لملفوظ (م1) أو (مجموعة من الملفوظات)، المفضية إلى التسليم بملفوظ آخر (م2) أو (مجموعة من الملفوظات)"(44)، لتكون بنية الحجاج في اللغة ذاتها، قائمة على الحوار والمعارضة بين المعنون والمعنون له، فمثلا قولنا:

حوار= التبر عنوان جدير بالقراءة
                    (م1) (م2) النتيجة
معارضة= التبر عنوان لاجدوى من قراءته
                   (م1) (م2) النتيجة

وهذين المبدأين سيساهمان في تحديد الحجاج العنواني وكيفية إشتغاله، فهو "كل منطوق به موجه إلى الغير لإفهامه دعوى مخصوصة يحق له الإعتراض عليها"(45). فالمنطوق به هو العنوان من طرف المعنون وهوالكاتب، يوجه إلى الغير وهوالمعنون له أوالجمهور المستهدف، لإفهامه دعوى كيفية وضعه لهذا العنوان، كما يحق لهذا المعنون له إما الإقتناع به، أو الإعتراض عليه. وبعودتنا للمشتقات المعجمية والدلالية لخطاب العنوان، الحاملة لمعنى القصد (قصد الإدعاء) للمعنون/ الكاتب، وقصد الإعتراض وهو للمعنون له/ القارئ، ويكون هذا بفعل التعانن (الجامع لمبدأي الحوار، والمعارضة): إما تعاننا مع النص، وإما تعاننا مع الجمهور المستهدف.

1 ـ التعانن مع النص:
ويكون كما قلنا إما حوارا أو معارضة، والمتبصر في مفهوم الحوار سيجده أصلا لكل حجاج(45)، (خاصة ما نجده في حوارية باختين). وما تناص عنوان ذاكرة الجسد مع عناوين "مالك حداد" (رصيف الأزهار لم يعد يجيب، سأهبك غزالة)، إلا دليل على ذلك، لأن التناص ضرب من الحوار، والحجاج رتبة منه. أما المعارضة فتكمن بين العنوان ونصه، وفلما يتكلم السارد عن تلك الذاكرة المعطوبة والجسد المعطوب الذي "تعيش في بلد يحترم موهبتك ويرفض جروحك.وتنتمي لوطن، يحترم جراحك ويرفضك أنت.فأيهما تختار... وأنت الرجل والجرح في آن... وأنت الذاكرة المعطوبة التي ليس هذا الجسد المعطوب سوى واجهة لها." (رواية ذاكرة الجسد، ص 86). وبهذا فقد حج عنوان ذاكرة الجسد ليحاج عناوين مالك حداد، أولنقل بما شققناه من مصطلحات، أن عنوان ذاكرة الجسد عنّ عناوين مالك حداد ليعاننها أي ليتناص معها حوارا ومعارضة.

2 ـ التعانن مع القارئ/ الجمهور المستهدف:
يحتكم هذا التعانن للمبدأين السابقين، إما لمبدأ التعاون بالحوار القائم بين المعنون والمعنون له، وإما لمبدأ التعارض/ المعارضة. فالمعنون/ الكاتب يريد أن يحمل المعنون له على الإقتناع بمقصدياته وقناعاته، متخذا من وظيفة الحجاج الأساسية وهي التوجيه(46)، سبيله لإفهامه مقصوده من العنوان، أما إذا لم يوافق مقاصده ومعتقداته يقوم هذا المعنون له بمعاننته ومعارضته، وهذا شأن كل خطاب. فمثال ذلك ما حصل لعنوان ذاكرة الجسد "لأحلام مستغانمي" من ضجة حول نسبة هذا العنوان/ الرواية لصاحبته، فظهرت إعتراضات وردود كثيرة (بالسلب والإيجاب) منها:

ـ هل حقا أن أحلام مستغانمي هي صاحبة عنوان ذاكرة الجسد.
ـ كيف بإمكان هذا العنوان وهو الأول لصاحبته، أن يحصد كل هذه الجوائز في فترة وجيزة.
ـ كيف لايكون هذا العنوان لها وهي الشاعرة التي تمتلك ناصية الجملة الشعرية.
ـ عنوان ذاكرة الجسد ليس من أعمالها، ولكن هو معمول لها من طرف كاتب آخر... إلى غير ذلك من السجالات التي ملأت الصحف الوطنية والعربية(47). فما كان من الجمهور المستهدف بهذا العنوان، إلا أن دخل (بوعي أوعن غير وعي) في هذه اللعبة الإعلامية التي روجت للعنوان بقصد أوبغير قصد، وهذا ما يسميه "بيرمان" بتحريض القارئ/ الجمهور المستهدف بالزيادة في موافقة النفسيات المعروضة على رضاه"(48). لنفهم من كل ما تقدم، أن الحجاج والحجاج العنواني ليس برهنة (على صحة العنوان)، أو طلبا (لقراءة هذا العنوان) فقط، ولكن هو كذلك تحفيز الآخرين، بحملهم على الإقتناع(49)، بهذا العنوان (شراء، وإهداء، وإعارة، ومن ثمة قراءة)، وآية ذلك أن الخطاب(العنواني) أصل في كل تعامل، والحجاج (العنواني) أصل في كل تفاعل(50)، والعنوان جامع للمزيتين التعاملية والتفاعلية كما سبق رصده.


باحث وجامعي من الجزائر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1 ـ أحلام مستغانمي، رواية ذاكرة الجسد، موفم للنشر، الجزائر، سنة1993.
2 ـ محمد برادة، رواية لعبة النسيان، دار الأمان، ط3، سنة1995، الرباط.
3 ـ إبراهيم الكوني، رواية التبر، دار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، ط4، سنة2005، الجماهرية العربية الليبية الشعبية العظمى.
4 ـ هشام القروي، رواية ن، منشورات ديمتير، سنة 1983، تونس.

المراجع:
(1) ـ جمال بوطيب، العنوان في الرواية المغربية (حداثة النص/ حداثة محيطه)، في كتاب الرواية المغربية: أسئلة الحداثة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط1، سنة 1996، الدار البيضاء، ص 193
(2) ـ G.Genette,seuils,ed.du seuil,paris,1987.
(3) ـ المرجع نفسه، ص 08.
(4) ـ Christian Achour,Simon Rezzoug,convergences critiques (introduction a la lecture du litteraire), o. p. u, Alger,Janvier, p. 28. (5) ـ Leo, Hoek, la marque du titre, dispositifes semiotique d une pratique textuelle,paris,la Haye,Mouton,1981,p.17.
نقلا عن كتاب "عتبات" لجينيت، ص80، وما بعدها.
(6) ـ ابن الأصبع المصري، تحرير التحبير (في صناعة الشعر والنثر، وبيان إعجاز القرآن)، تقديم وتحقيق، حنفي محمد شرف، مطابع شركة الإعلانات الشرقية، سنة 1963، القاهرة، ص553.
(7) ـ جلال الدين السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، وبهامشه إعجاز القرآن، لأبي بكر الباقلاني، عالم الكتاب، ج2، بيروت، ص 107.
(*) ـ نأخذ هنا بمفهوم "د. مانقينو" للنص والخطاب، الوارد في كتابه المهم:
Initiation aux methodes de l analyse du discours, ed.Hachette, Paris, 1976, p. 11-12.
(8) ـ G. Genette, seuils, p. p. 77-80.
(9) ـ G. Genette, palimpsestes, ed.du. seuil, paris, 1982, p. 10
(10) ـ G. Genette, seuils, p. 77 - 80.
(**) ـ وهذا ما درسه في كتابه حول تداوليات المناص، مستثمرا ما ذكره جينيت عن القيمة التداولية للمناص (ص 16 من عتبات)، وابستعانته بطروحات وإنجازات التداوليات، خاصة توظيفات "ج. ميشال آدم" في لسانيات النص:
Philippe Lane,la periphirie du texte,ed.Nathan,paris,1992.
(11) ـ إبن منظور، لسان العرب، دار إحياء التراث العربي، ومؤسسة التاريخ العربي، ط3، ج9، دن، بيروت، لبنان، ص 437 ـ 447.
(12) ـ G. Genette, seuils, p.70. 13
(13) ـ المرجع نفسه، ص 68 ـ 69.
(14) ـ نفسه، ص 13.
(15) ـ Leo, Hoek, description d un archonte, preliminaires a une theorie du titre a partir du nouveau roman, in nouveau roman, hier, aujourd hui, 1 problemes generaux, ed. U. G. E. 10 - 18, paris, p. 291.
(16) ـ محمد فكري الجزار، العنوان وسيميوطيقا الإتصال الأدبي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، سنة 1998، مصر، ص 39.
(17) ـ عبد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغةالعربية (نماذج تركيبية ودلالية)، دار توبقال للنشر، ط1، سنة 1985، المغرب، ص 158.
(18) ـ يعد مصطلح "الفهم المحلي" من بين المصطلحات المركزية لتحليل الخطاب، فهو مبدأ مهم لفهم الخطاب بتشغيله لمبادئ تساعد السامع/ المتلقي (القارئ) لإنشاء سياق لا يفوق إحتياج المتلقي: ج. ب. براون، ج. يول، تحليل الخطاب، ترجمة وتعليق: محمد مفيد الزليطني، ومنير التريكي، النشر العلمي والمطابع ـ جامعة الملك سعود، سنة 1997، الرياض، ص 71 ـ 81
(19) ـ Josep Besa Camprubi, les fonction du titre, presses universit - aires de limoges, paris, 2002, p. 23.
(20) ـ Jakobson, Essais de linguistique generale, ed. de Minuit, paris 1963, p. 214.
(21) ـ ينظر كل من:
Jacques Meschlre, Anne Reboul, Dictionnaire encyclopedique de la pragmatique, ed. du seuil, paris, 1994, p. 14.
طه عبد الرحمن، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، المركز الثقافي العربي، ط2، سنة 2000، الدار البيضاء، المغرب، ص 28.
(22) ـ G. Genette, seuils, p. 77. 23
(23) ـ المرجع نفسه، ص 77 ـ 78.
(24) ـ نفسه، ص 78 ـ 79.
(25) ـ هذه الخطاطة عدّلناها عن خطاطة وضعها جمال بوطيب في مقاله السابق عن العملية التواصلية الأدبية، وهو بصدد دراسته لعنوان الضوء الهارب لمحمد برادة، ص 195.
(26) ـ Heniri Metterand, les titres des romans de Guy des cars, in Claud Duchet, Sociocritique, ed. Nathan, paris, 1979 ,p .91.
(27) ـ Jakobson, Essais, p. p. 214 - 215.
(28) ـ Joseb Besa Camprubi, les fonctions du titre, p. p. 7 - 8. (29) ـ pp. 90 92 Heniri Metterand, les titres des romans de Guy des cars,
(30) ـ G. Genette, seuils, p. p. 80 - 97.
(31) ـ Jeseb Beasa Camprubi, les fonctions du titre, p. p. 12 - 20.
(32) ـ المرجع نفسه.
(33) ـ جمال بوطيب، العنوان في الرواية المغربية (حداثة النص/ حداثة محيطه)، ص196.
(34) ـ G. Genette, seuils, p. p. 94 - 96.
(35) ـ Jeseb Beasa Camprubi, les fonctions du titre, p. p. 20 - 31.
(36) ـ Heniri Metterand, les titres des romans de Guy des cars, p. 91.
(37) ـ Jeseb Beasa Camprubi, p. p. 27 - 31.
(38) ـ G. Genette, suils, p. p. 96 - 97.
(39) ـ المرجع نفسه،ص 97.
(40) ـ نفسه.
(41) ـ عبد الله صولة، الحجاج في القرآن، من خلال أهم خصائصه الأسلوبية، كلية الآداب، جامعة منوبة، سنة2001، تونس، ص 12.
(42) ـ G. Genette, seuils, p. 78.
(43) ـ طه عبد الرحمن، اللسان والميزان أوالتكوثر العقلي، المركز الثقافي العربي، ط1، سنة 1998، الدار البيضاء، ص 213.
(44) ـ J. C. Anscobre, O. Ducrot, l argumentation dans la langue, ed. Pierre Mardaga, paris, 1983, p. 8.
(45) ـ طه عبد الحمن، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، ص 46 ـ 48.
(46) ـ J. C. Anscobre, O. Ducrot, l argumentation dans la langue, p. p. 11-12
(47) ـ خاصة جريدة الخبر الأسبوعي في أعدادها:65 ـ 67 ـ70 ـ 72، لسنة 2000.
(48) ـ Ch. Perelman, L. Olbrechts - Tyteca, la nouvelle rhetorique, traite de l argumentation, ed.PUF. paris, 1958, p. 05.
(49) ـ Renee et Jean Simonet, l argumentation, stratigie et pratiques, ed. d organisation,paris,1990,p.p.13-20.
(50) ـ طه عبد الرحمن،اللسان والميزان أوالتكوثر العقلي،ص 225 ـ 229.