تتأمل الكاتبة المغربية هنا وظيفة الاسترجاع والتكرار ودورهما في ترميم كل من الحدث والشخصية والذاكرة في تلك الرواية المغربية، وتكشف عن تعدد وظائف كل من هذه الاستراتيجيات النصية في الرواية وهي تتعرف على كيفية صياغتها لمختلف ما فيها من ثنائيات تتقصى عبرها عبء التاريخ والاستبداد معا.

الاسترجاع والتكرار ووظيفة الترميم

في رواية «قلادة قرنفل» للأديبة زهور كرام

الزهـرة حمودان

تقديم الرواية
«قلادة قرنفل»[1] من منشورات وزارة الثقافة، كاتبتها قرنفلة، من أرض المغرب، عاشقة لتربته حتى النخاع. تختصر كل أوجاعها في ابتلاءاته. تمتد الرواية على مائة وتسعة وتسعين صفحة. و بين الواجهة الحاملة لاسم المؤلفة، والعنوان، وهوية جنس الرواية، وخلفيته الذي تعلوه صورة المؤلفة، والنص المحوري، الذي ستمنحة المؤلفةـ داخل الرواية ـ دور المرمم للذاكرة المغربية، حتى لا تنسى، أشياء كثيرة مهددة بالنسيان .. أشياء يجب أن "نعشق كي نحبها" ـ تقول البطلة". وبينما تغيب "قلادة قرنفل"، عن صورة الغلاف، يبقى أن نخمن، أن الشاعر المنسي، الذي سلمها ـ ذات لحظة منفلتة من التوثيق ـ إلى بطلة الرواية. وحسب السياق العام للرواية، قد يكون هو الوطن. وبين بطولة رجل، وجبروت امرأة، تتناسل الرواية، مكانا بيتا كبيرا، وشخوصا يحيون في جبة "العمة فضيلة" وتحت أنفها.[2]

تمهيد
لعل المتتبع للحراك الثقافي، العالمي والعربي، يلمس وكأن الاهتمام بالأخلاق، أصبح له نصيب وافر في التناول الفكري والإبداعي، لواقعنا المعاصر. ويُلمس هذا الحضور للأخلاق، من خلال تأثيره في تشكيل الأعمال الإبداعية/ الروائية، بما أننا بصدد قراءة في رواية "قلادة قرنفل"، للأديبة الأكاديمية المغربية زهور كرام. ذلك أن الكاتب، أصبح يسعى في عمله إلى البحث عن آليات للكتابة، تقلص المسافة بينه وبين القارئ، وتمكنه من نقل قيمه إليه "بهدف التأثير عليه"[3]. ومن القراءات الممكنة، لهذا العمل، أن يذهب المتلقي، في هذا السياق، أي النظر إلى النص الروائي في شموليته التركيبية والتعبيرية، كطريقة الكاتبة في تركيب الأحداث، ونحتها للشخصيات، وكيفية حضور شخصية الساردة، وعلاقتها بباقي شخصيات الرواية، وكذا المسافة التي تفصلها عنهم. أي مجموع الأدوات الإجرائية التي وظفتها المؤلفة، لانجاز نصها الروائي، وتمرير خطابها الأخلاقي. وهذا طبعا ما سيجعلنا، نطلع على نوعية هذه الميكانيزمات، أي بما يسمى ببلاغة التفاصيل التقنية، وهي كما سنرى:

فنية الاسترجاع وظيفته:
هي تقنية تعمل على كسر توالي الزمن السردي، بتوليد إمكانات تعبيرية، يدخل ضمنها بناء الصور، والتركيب اللغوي، الملائمين لمقصدية الكاتب. وتعرف سيزا قاسم[4] مفهوم الاسترجاع على النحو التالي:

"يترك الراوي مستوى القص الأول، ليعود إلى بعض الأحداث الماضية، ويرويها في لحظة لاحقة لحدوثها. والماضي يتميز أيضاً بمستويات مختلفة، متفاوتة، من ماض بعيد، وقريب. ومن ذلك نشأت أنواع مختلفة من الاسترجاع:

استرجاع داخلي:
وفيه تعود الساردة، إلى ماضٍ لاحق لبداية الرواية، قد تأخر تقديمه
في الفعل الروائي، رغم كل الانكسارات: "أنا هنا .. لأني عاشقة للأغنية التي استيقظنا فوجدناها مجرد وشم."[5] تسافر إلى الماضي لتعريف القارئ بالشخصية المسترجعة وعلاقتها بالحدث الذي استرجعت لأجله

"أما زهرة فإن الحياة والموت سيان .. كان بإمكان العمة أن تطردها، بعدما تعذر اليوم المنتظر .. غير أنها اعتبرتها من ممتلكاتها .. فأبقت عليها."[6]

استرجاع خارجي:
تسترجع الساردة/ أحداث ما قبل بداية الرواية
. حيث تصر البطلة/ الساردة، ومن ورائها الكاتبة، على استرجاع الوحدة السردية، المتعلقة بفترة السيبة .. لترميم ذاكرة أمجاد بطولة الرجل المغربي، في الذود عن حماه وبيته وأسرته، في فترة عصيبة من التاريخ الاجتماعي للمغاربة .. دونتها الذاكرة الاجتماعية المغربية باسم "السيبة". واسترجاعها ذو وظيفتين، الترميم السالف الذكر، والإشارة إلى الوجوه الجديدة والعديدة والمتنوعة للسيبة في الزمن الحاضر {زمن كتابة الرواية}. وردت ضمن أحداث الرواية .. تحمل السرد شخصية أنثى، تروي ما كان وما هو كائن، وبعضا مما يمكن أن يكون. وهي توثق حضورها – كذلك – من خلال مساهمتها في خلق الحدث داخل الرواية.

الاسترجاع الاستباقي:
ومن الأمثلة التي تمثله في سياقات الرواية:

- "كنت تائهة .. أخترق شوارع المدينة، فألمس العمة منتشرة .. والأغنية جامدة، والنسيان يزحف .. يشطب ما تبقى من الصحو."[7]

- تفاصيل اليوم الذي تنتظره فاطمة{الحمل}

التجريد:
تسعى المؤلفة ـ عبر أداة التجريد ـ إلى تجسيد حالة شعورية بواسطة عناصر بنية غير واقعية، وشخصيات رمزية، تحمل سمات أخلاقية وتعاني مما تعانيه البطلة/ الشخصية/ الساردة، وتتقاسم معها الحلم، من أجل "أطفال .. أطفالنا قد يمرون يوما من هنا"[8]، تجليها تبئيرات ملتبسة بالتجريد وتنظيم خاص للأسلوب.

تأتي وظيفة التجريد في الرواية، في سياق الأدوات، الموظفة من قبل المؤلفة، لبناء نصها الروائي، والتي رأينا تموقعاتها داخل العمل، ووظائفها الشكلية والدلالية. ويحضر التجريد في السرد التبئيري، الذي تمارسه الشخصية الرئيسة في الرواية، أي خلال تعبير الكاتبة، من وراء البطلة عن رؤيتها الشخصية لما يدور من حولها، أي من خلال التجريد تستحضر الكاتبة ما هو جوهري نبيل، وما تعبر به عن ذاتها، وعن رؤيتها الشخصية لما يحدث. كما وظفت الكاتبة التجريد لتشكيل رمزية بعض شخصيات الرواية.

يبقى أن نربط بين هذه التقنيات، والقيم التي ترمي الكاتبة تمريرها للمتلقي، من خلال شخوص روايتها ورموزها وإشاراتها، حيث نجد الشخصية المهيمنة، الممثلة للتناقض الذي يبرز الضد، أي القيمة الأخلاقية المراد تمريرها، وهي ذات حمولة إشارية، يفسرها النقد أنها "وحدة دلالية قابلة للتحليل والوصف، حيث يلتقي مفهوم الشخصية، بمفهوم العلامة حين ينظر إليه كمورفيم فارغ في الأصل. سيمتلئ تدريجيا بالدلالة كلما تقدمنا في قراءة النص. وتمثلها في الرواية شخصيتان، هما

شخصية الساردة/ البطلة:
وهي الماسكة بخيوط السرد، تكسره بالرحيل عبر الأزمنة، وبطرائق الحكي، تقطعه متى عنّ لها ذلك، لترحل بالقارئ، في عوالم التجريد، بلغة مسكوكة بمرجعيتها الخاصة، تطلق لـ"لأنا" سلطة الضمائر، فنجدها تقول "ألبسني"، وهي تؤنسن فستانها الأبيض .. تولد له وحدة سردية خاصة. وهي شخصية زودتها الكاتبة بما يعرف في النقد الروائي بـ"السمة "، أي قيمة فكرية وأخلاقية، انتقتها المؤلفة من سجل القيم، وجهزتها بما يساعدها لذلك، لغة وسلوكا وتفاعلا، وطريقة تفكير. إنها إذن الحكاية، حكاية الرواية. إنها حكاية "الأغنية"، وامتدادها، في المسترجع والمستبق. وإنها كذلك الحياكة، حياكة جبة التسلط في نسخته النسائية، وبينهما فضاء رواية "قرنفل"، حكاية عشق من نوع خاص.

شخصية العمة فضيلة بمجموع أوصافها:
أـ الملموسة
:ـ السمنة ـ الأساور ـ الماكياج الفاقع

ب ـ المحسوسة: أنف العمة : " لا أحد يعلم باتجاه السفر .. أنف العمة في سفر .. وهم منشغلون بتصفية بعضهم .. وأنا حريصة ألا تهرب مني نفسي، وتلتحق ببعضهم"[9]

  • "من دخل غرفتي؟ وكسر دولابي؟ وفتش أوراقي؟ وعراني حين بعثرني على الأرض؟ أهي العمة تحشر انفها؟ [10]

- جبتها: وهي رمز، لا تتوقف انشطاراته من البيت الكبير إلى القرية، في تطاول أرعن، تعبر عنه الرواية في هذا النص "وهو الذي يخطب في الجمع .. وهو الذي بإذنه تُسير برامج المؤسسة الثقافية التي يديرها، بتزكية من أتباع الحاجة، وبأمر منها .. تحولت الحاجة الى وصية على المؤسسة .. تسللت إلى الثقافة .. حفظت الأسماء، وباتت ترددها .. ما خجلت من نفسها."[11]

- القرنفل والعشق: "أيها القرنفل تسرب من فتحة باب الغرفة .. وانطلق صوب العمة، رائحة ملعونة .. هي تكره كل أشكال العشق."[12]

هكذا هي شخصية الساردة/ الشخصية. يسمها التمرد .. سردها مكسر .. لغتها ترفض المباشرة .. حكايتها تأبى الخطّية .. تفاجئك فقرات من الرواية، وهي تخترق السرد، كأنها ترج المتلقي، كي يخرج من الحكاية .. ويتمعن فيما مر من تاريخه .. من تاريخ بلده .. تلصقه وجها لوجه مع مشاهد مثل "مشهد طوابير الواقفين للحصول على بطاقة "مقاوم" .. للحصول على صك شكر الوطن .. الوطن الذي لم يشهد حضورهم أيام الشدة .. لسبب بسيط هو أنهم .."كانوا نياما". كما تتكررـ عبر سياقات سرد الحكايةـ فقرات تتكلم عن أغنية، تكرار توظفه المؤلفة لاذكاء جذوة النخوة المغربية، وتمجيد البطولة المغربية، في عمقها النقي، المتجرد عن كل هدف شخصي/ نفعي.

وتبقى الحكاية، وخطابها اللصيق بما سلف، الوجه البديل، لما يقع عندما ننسى الأغنية، ويتكرر مشهد المطالبين من الوطن جزاءهم، عن تضحية لم تكن يوما من شيمهم. تدور الحكاية حول شخصية "العمة فضيلة"، وأنفها التي تحشره، في شأن كل من ساقته الأحداث أن يوجد قريبا منها .. امرأة ضحايا جبروتها من كل صنف. وهو جبروت صاغته المؤلفة بمقاييس متفاوتة، وأنواع مختلفة. أقسى درجاته جعلته في يد الأنثى، تجسد ذروته الفجة "العمة فضيلة" صاحبة الجاه والمال. هيمنة أنثوية بثقل القهر. ثم تأتي قسوة أم البطلة، بجبروت صمتها انتقمت من خيانة زوجها لها. مما عجل بوفاته. "كانت تخيط كفنه في ميتته الأولى". ثم في شخصية المقدم، يتبدى تسلط ذكوري يعلو رقاب أهل قريته. وبين البطولة المهدورة للأب، وطغيان امرأة، يوجد أناس هم إناث وذكور، يوحدهم القهر. وبطلة تتساءل: "كيف ينكسر الإنسان بداخلنا". شخصيات تضم: زوج العمة ـ ابنها الأكبر الابن المدلل صالح ـ عائشة ـ زهرة ـ فاطمة، وشخوص أخرى، رحلوا قبل أن تبدأ أحداث الرواية، تستدعيهم الكاتبة، عن طريق "الاسترجاع": الأب ـ الأم ـ قاسمهم المشترك، أنهم كلهم ابتلعتهم جبة العمة.

تدعم الكاتبة قيمة بعض الاسترجاعات الخارجية، بتكرارها، داخل الرواية، لعلاقتها الذاتية بها، ولإشارتها الدالة على خطابها، الذي يحمله الحدث المسترجع. فبطولة الأب، قبل أن يموت ميتته الأولى، يوم رد عدوان الغرباء على البيت الكبير، و"غرز أنيابه في عظامهم"[13]، والأغنية التي تمجد المقاومة والارض. وهو ما يجمع بين النوعين، وفيه تستعين الكاتبة بتقنية التكرار، لتطويع الاسترجاع، وبه تلحم وحدات الحكاية. وبتكسير السرد، تفسح للاسترجاع والاستباق، مساحات أخرى، لتشبيك "ذات" تعيش الأحداث وتتفاعل وتروي.

مستويات التكرار في الرواية:
تقنية التكرار، حوار ذات/ ذات، تأخذ في اعتبارها وجود متلق يتابع الحوار. ويعرف في نص الروائية، أكثر من مظهر، استقينا منه بعض العينات، ندرجها كالتالي:

ـ تكرار الاسماء:

ـ فاطمة في صفحتين : 122/123 تتكرر أكثر من ثلاث مرات

ـ الجبة : " استأنست....{}.. ونسيت العمة وما تحويه جبتها" الصفحة69

اعرف انها ما تزال على سفر.. ابنها أيضا. لكن الجبة حاضرة هنا" تكرار في نفس صفحة 69

ـ تكرار العبارة:
ـ "كيف أعيده إلى الصحو"، تتكرر مرتين في صفحة واحدة..

ـ " زمن المداعبة فيه استئصال للكبر" يتكرر في صفحة 116 مرة واحدة، وفي صفحة 117مرتين.

ـ " لعل أطفال .. أطفالنا يمرون من هنا ويقرأون ما." ص66

ـ " من أجل اطفال .. اطفالنا .. لعلهم يمرون من هنا، فيقرأون ما حدث عريا." ص 68

ـ "تشهد القلادة أن القبلة انتصرت على الندبة، وهزمت اللحظة. ورددت أغنية صاعدة من الروح تقول: "إننا لم نمتهن لغة الخيانة" صفحة 179، نفس العبارة ستتكرر في صفحة 181:" أخطو رفقة أنيسي الذي يؤازر خفتي، فأجده يتراقص أمامي .. يردد أغنية تقول:"إننا لم نمتهن لغة الخيانة"

وفي صفحة 125، .. أغنية الأب هذه، وقلادة قرنفل، كقيمتين رمزيتين، تتكرران في الحضور داخل الرواية. ثم حضرت مقرونة في هذه الصفحة، تقول الساردة:

كانت فواحة .. الأغنية

أبي ما طلب البطاقات

وفي صفحة 131، تعلن الأغنية نصرها من خلال هذا النص: "أي صحيح تعرضت لبعض الأسماء التي كانت نائمة. فإذا بها تستيقظ .. حين خرج من قاومتهم الأغنية .. فولوا هاربين متعثرين في أذيالهم"

ـ يلقي التكرار بذوره بتربة الحكي، ومع آخر فصول الرواية، تينع ثماره عناقيد للتغير حين تتكرر الجبة، وصالح الابن الاصغر للعمة، يغادرها في صفحة 159.. تقول الساردة/ البطلة: "آخذه بلطف .. أجده يسلخ عنه الجبة."

ثنائيات البناء الحكائي في الرواية:
هي تقنية اعتمدت عليها ـ أيضا ـ المؤلفة، تفعيل لوظيفة الاسترجاع الخارجي، داخل النص، وتبرز تأثيراته. ومنه كذلك تستمد الشخصية قوتها لمواجهة جبروت "العمة فضيلة"، ومنها نجمل ما يلي:

ـ ثنائيات الإبهام والإفصاح، ثم صوتي السؤال والجواب، اللذين يفاجئان المتلقي:

"هو ركب الحافلة. هي أوقدت النار. وأيقظت صغيراتها.. من؟ .. أمها" ص 57..

"يدفعني نحو الإشباع. من ماذا؟ لا أعرف" ص 136

ـ ثنائية القرية والمدينة وعبرهما تمدد المؤلفة حدود جغرافية التسلط والقهر، حيث المرأة بينهما بهوية مزدوجة زوجة/ خادمة.

ـ ثنائية سلطة المرأة إذا تجبرت، مقابل نموذج شطط السلطة في شخص المقدم

ـ ثنائية القهر لدى الذكر والأنثى: تقول العمة لابنها الاصغر" صالح " المثقف "ابق كما أنت طفلا صغيرا"[14] "ابق داخل اللعبة كما أنت طفلا صغيرا" [15] "لا تخرج من الدائرة وإلا وقعت"[16] وفي مونولوج تبئيري، تردد البطلة في نفسها، وكأنها تحاور صالحا ـ"زمن المداعبة فيه استئصال للكبر"[17] ـ "يخجلني أن أراك تصغر في الكبر" [18] ثم تعود إلى ذاتها مخاطبة إياهاـ " وأنا بين الجهر والهمس أنسج كينونتي، التي تلغي عدميتها."[19]
ـ ثنائية وظيفة الصندوق كعلبة لتحفيظ الوثائق، الصندوق/ الحاسوب "الماكينة"، كما تسميه مالكته. ولعل المتلقي في سياق هذه الثنائية، يمكن أن يلتقط، تلك الإشارة التي قد تربط شخصية" العمة فضيلة"ـ التي لا تمل من البحث عن أسباب القوة والجاه، لدرجة أنها نسيت أو تناست أنها أمية، عندما اقتنت الحاسوب ـ بشخصية "إيما" في رواية "مدام بوفاري" لفلوبير" الذي وصفها" بانها كانت تجهل كليا نوعية ما تمارسه"، أي أن العمة لم تكن تدرك أنها أمية. إلى درجة أنها في حوار مع ابنها صالح ـ حول مؤسسة ثقافية، دست أنفها في تسييرها، بدعمها المادي ـ أمرته، أن يبلغ المسيرين للمؤسسة، أن تسمى قاعة الاجتماعات بها باسم "قاعة الحاجة فضيلة" تصف الساردة وقع الأمر على صالح: "جفت عروقه كستها الشقوق، في لحظة خاطفة اقترب من الذبول .. بل صار جثة مؤهلة للدفن"[20]

بعد أن قدمت المؤلفة روايتها، في الشكل الذي صاغته لها، بما يناسب هويتها السردية من توتر، مصدره التسلط واستبدال قيم الشهامة، بقيم الوصولية والاستغلال والقهر؛ منحت للساردة حقها في التعبير عن ذاتها كقوة ناعمة، مقابل كل ذلك الجبروت الذي روته عن شخصية "العمة فضيلة". فنجدها تقول في هذه الفقرة: "رئيس التحرير يعرف أني أدافع عن فكرة أن المعرفة حق إنساني. ومن حق الناس أن يعرفوا. حتى وإن مرت عقود أو قرون، حتى لا نستعير الأغنية كلمات جوفاء، ولحنا غريبا. أو فل من نقائها."[21] وأن تستعيد البطلة ذاتها قائلة: "أمسك نفسي، وأسبر أغور روحي، وأغمض عيني، فأصل عوالم تجمد الزيف فيها. أنسج وجودي بأني ما خضعت للجبة .. ما هادنت العمة. وأستعجل سقوط المطر لأغتسل حتى الموت".

 

تطوان - المغرب

 

[1] ـ زهور كرام : رواية قلادة قرنفل ـ منشورات دار الثقافة ـ الدار البيضاء ـ الطبعة الأولى سنة 2014

[2] الرواية : ص 7

[3] ـ الدكتور محمد أنقار: بلاغة الرواي ـ مجلة فكر ونقد ـ عدد 41/سنة 2001 ـ ص 91

[4]

[5]ـ الرواية : ص 125

[6]ـ الرواية : ص 127

[7] ـ الرواية : ص 145

[8] ـ الرواية : ص 14

[9] ـ الرواية : ص 7

[10]ـ الرواية : ص 128

[11]ـ الرواية : ص 112

[12] الرواية : ص

[13] الرواية

[14] 116 الرواية : ص

[15] 116 الرواية : ص

[16] 116 الرواية : ص

[17]116 الرواية : ص

[18] 154 الرواية : ص

[19]155 الرواية : ص

[20] الرواية ص 118

[21] الرواية : ص 132