في نصه يسلط الباحث المصري الضوء على علاقة طه حسين مع المفكرين والمبدعين الذين عاصروه، ويبين أثره الهام في اكتشاف وتشجيع المواهب الأدبية والفكرية في القرن العشرين ضمن المناخ الثقافي العربي الذي كان أكثر حرية وانفتاحا مما نعيشه الآن.

أيادي طه حسين البيضاء على المثقفين والأدباء

صلاح عبد الستار الشهاوي

طه حسين مكتشف ونصير المواهب الأدبية والفكرية في القرن العشرين

طه حسين علي سلامة الأديب والناقد المصري المعروف، عميد الأدب العربي، مبدع السيرة الذاتية في كتابه الأيام الذي نشر عام 1929م يعتبر من أبرز الشخصيات في الحركة العربية الأدبية الحديثة

ولد طه حسين: 1307-1393هـ/ 1889-1973م في عزبة الكيلو-مركز مغاغة– محافظة المنيا بصعيد مصر. فقد بصره في سن مبكرة. حفظ القرآن الكريم بكتاب القرية، ثم التحق بالأزهر في القاهرة سنة 1902م. التحق بالجامعة المصرية -الأهلية- سنة 1908م ومن الجامعة نال أول دكتوراه الجامعة عن رسالته "تجديد ذكري أبي العلاء" سنة 1924م. سافر إلى فرنسا مبعوثاً من الجامعة المصرية إلى جامعة السربون 1914م، ومن السربون نال الدكتوراه سنة 1917م عن رسالته "فلسفة ابن خلدون الاجتماعية" كما نال إجازة الآداب سنة 1917م. والدبلوم العالي في التاريخ القديم واللغتين اليونانية واللاتينية.

وفي فرنسا تزوج طه حسين من سوزان برسوّ سنة 1917م

عاد طه حسين من فرنسا سنة 1919م. فدرس بالجامعة المصرية دروس التاريخ اليوناني والروماني. وشغل كرسي التاريخ القديم. وعندما أصبحت الجامعة حكومية سنة 1925م تولى فيها كرسي الأدب العربي.

انتخب عميدا لكلية الآداب في بداية سنة 1928م وذلك ليوم واحد، ثم استقال تحت ضغوط أجنبية تريد بقاء العمادة في الأساتذة الأجانب. فتولاها الفرنسي جوستاف ميشو ثم عاد فانتخب عميداً في نوفمبر سنة 1930م، وفي سنة 1932م تجدد الجدل حول كتابه "في الأدب الجاهلي" الذي هو امتداد متطور لكتابه في الشعر الجاهلي وفي 20 مارس سنة 1932م قرر مجلس الوزراء فصل طه حسين من وظيفته الجامعية. عاد طه حسين على الجامعة أواخر سنة 1934م أستاذاً. ثم انتخب عميداً للآداب أواخر مايو سنة 1936م وحتى سنة 1939م. تولى منصب المراقب العام للثقافة بوزارة المعارف 1939-1942م. وشغل منصب المستشار الفني لوزارة المعارف 1942-1944م. وأشرف على إنشاء جامعة الإسكندرية 1942-1944م. وأسس لإنشاء جامعة عين شمس. ولنواة جامعة أسيوط. وأسس المعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد. وأنشأ كرسياً للغة العربية وآدابها بجامعة أثينا. وتولي وزارة المعارف بحكومة الوفد يناير سنة 1950- يناير سنة 1952م. وهو صاحب مجانية التعليم الثانوي والفني. انتخب عضوا بمجمع اللغة العربية سنة 1940م ورأس المجمع منذ 1963م وحتى وفاته. أيد ثورة 23 يوليو سنة 1952م التي نظرت إليه كمفكر ونصير للعدالة الاجتماعية وأصبح من كبار كتابها المدافعين عن توجهاتها الوطنية. عمل عضوا بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب سنة 1964م كما تولي رئاسة اللجنة الثقافية بجامعة الدول العربية.

كان طه حسين أول أديب وكاتب ينال جائزة الدولة التقديرية للآداب سنة 1958م. كما نال وسام قلادة النيل سنة 1965م. وحصل على العديد من الألقاب والأوسمة وشهادات الدكتوراه الفخرية من عدد من الجامعات العالمية: جامعة ماليزيا 1966م، ومن جامعة مدريد وجامعة غرناطة 1970م. وتسلم جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قبل وفاته بيومين في 26أكتوبر 1973م.

بصيرة طه حسين ولفتاته الصائبة في اكتشاف المواهب الفكرية والعلمية.
- طه حسين واحمد أمين

من حسنات طه حسين ولفتاته الصائبة، أنه أول من تنبَّه إلى العباقرة المُجايلين له، وللأصغر سناً منه، فلولاه لَما كان الأديب أحمد أمين (1886-1954م أديب ومفكر ومؤرخ وأستاذ جامعي كاتب مصري) أستاذاً جامعياً، بل ما كان عميداً لكلية الآداب في جامعة فؤاد الأول (القاهرة الآن). فمَن غير طه حسين يتنبَّه لمواهب هذا القاضي الشرعيّ، وملكاته الفكرية، فيعينه أستاذاً للأدب العربي في الجامعة، وهو الرجل الذي لا يحمل درجة الدكتوراه. كان طه حسين، هو الوحيد الذي تجرّأ ففعلها، خلافاً للوائح الجامعة وقوانينها، ولم يجرؤ أحدٌ على الطعن في جدارة الاختيار، ولا الغمز من عبقرية أحمد أمين الفكرية.

- طه حسين وعبدالسلام هارون
أما عبد السلام هارون (1909- 1988م أحد أشهر محققي التراث العربي في القرن العشرين)، فبدأ حياته مدرِّساً ابتدائياً، بعد حصوله على الشهادة الأزهرية، ثم شهادة دار العلوم، لكنَّ عينَ طه حسين الحصيفة، رأته جديراً بمقام أستاذ الجامعة، فعيَّنه أستاذاً للغة العربية في جامعة فاروق الأول -الإسكندرية الآن-). ومن يومها صار أكاديمياً بلا شهادة دكتوراه، لا، بل تم نقله إلى كلية دار العلوم، فصار رئيساً لقسم النحو والصرف بها، ثم أسس كلية الآداب في جامعة الكويت، وتولى منصب الأمين العام لمجمع اللغة العربية في القاهرة، واستحق لقب شيخ المحققين في العصر الحديث.

- طه حسين والشيخ أمين الخولي
التفت طه حسين كذلك إلى الشيخ أمين الخولي (1895- 1966م أديب مصري من كبار حماة اللغة العربية، ومناضل شارك في ثورة 1919م ونُفي مع سعد زغلول إلى جزيرة سيشيل. عرف الشيخ أمين الخولي بزيه الأزهري المميز، ووقاره المهيب)، خصوصاً بعد عودته من روما، ودراسته هناك الحياة الفكرية والأدبية واللاهوتية، فاستقدمه في عام 1928م للتدريس في الجامعة المصرية، فكان شعلة نشاطٍ وتجديدٍ وإصلاحٍ في العلوم العقلية والنقلية، وصارت له مدرسة فكرية، اسمها مدرسة الأمناء، ومن تلامذتها: بنت الشاطئ، وشكري عيّاد، وعز الدين إسماعيل، وحسين نصار، ومحمود علي مكي، وجابر عصفور وغيرهم.

- طه حسين والشيخ مصطفي عبدالرازق
عندما تم إنشاء أول قسم للفلسفة الإسلامية في كلية الآداب في جامعة فؤاد الأول في سنة 1927م (القاهرة الآن) رأت الجامعة استقدام أحد المستشرقين لتدريس مادة الفلسفة الإسلامية، فما كان من طه حسين إلاّ الإصرار على أنْ يتولى ذلك الأمر شيخٌ أزهريٌّ، هو العلَّامة مصطفى عبد الرازق (1885- 1947م مفكر وأديب مصري، وعالم بأصول الدين والفقه الإسلامي شغل منصب شيخ الجامع الأزهر الشريف، ويعتبر مجدد للفلسفة الإسلامية في العصر الحديث، وصاحب أول تاريخ لها بالعربية، ومؤسس المدرسة الفلسفية العربية)، الذي درس في السوربون. ونجح مصطفى عبد الرازق في إحداث نقلة موضوعية في هذا القسم، في المناهج، وطريقة التدريس، والمزاوجة بين الفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والفلسفة الإسلامية، والفلسفة الإغريقية، والفلسفة الحديثة، حتى شهد له بالريادة تلامذته الأعلام، ومنهم إبراهيم بيومي مدكور، وتوفيق الطويل، ويحيى هويدي، وأبوالوفا التفتازاني، وعبد الرحمن بدوي، والأب جورج قنواتي.

- طه حسين وسهير القلماوي
أما تلميذته النجيبة سهير القلماوي (1911- 1997م أدبية وسياسية بارزة مصرية وهي من شكلت الكتابة والثقافة العربية من خلال كتابتها والحركة النسوية والمناصرة. كانت من السيدات الأوائل الذين إرتادوا جامعة القاهرة وفي عام 1941م أصبحت أول امرأة مصرية حصلت على الماجستير والدكتوراه في الآداب لأعمالها في الأدب العربي) فكان طموحها في بداية حياتها هو دخول كلية الطب، لكنَّ العقبة الوحيدة التي منعتها من ذلك، هي كونها أنثى، فلم تكن تلك الكلية تسمح وقتها بالتحاق الإناث بها، فذهبت هي ووالدها إلى طه حسين، ليتشفع لها عند عميد كلية الطب، إلا أنَّ اللقاء خبَّأ لسهير ما لم تكن تعرفه، إذ أُعْجِبَ بفكرها وطموحها طه حسين، فاقترح عليها أنْ تلتحق بكلية الآداب، وهو ما تحقق. ولم يكتفِ بذلك، بل ساعدها في السفر إلى إنجلترا لتنال الدكتوراه في "ألف ليلة وليلة"، ثم أصبحت ملء السمع والبصر بفضل تبني طه حسين لها.

- طه حسين الرائد المكتشف للمواهب الأدبية
في تاريخ الأدب العربي في القرن العشرين كان طه حسين يلعب دور الرائد المكتشف للمواهب الأدبية والفكرية المختلفة شاهد ذلك انتصاره لثلاثة من الأدباء شاعر وروائي وكاتب مسرحي.

- طه حسين وحافظ إبراهيم
حافظ إبراهيم (1871- 1932م) شاعر مصري صميم دما وشكلاً وطباعاً، لذلك كان شعره اقرب إلي الروح المصرية في التعبير عن أماني هذا الشعب وأحاسيسه وانفعالاته، كما تميز بالروح المصرية الفكهة في دعاباته: نكات كانت أو شعراً

انضم طه حسين إلى الفريق الذي ناصر حافظ إبراهيم وأيده حين انقسم الناس إلى فريقين، فريقًا فضل حافظ وآثره عمن سواه، وفريقًا فضل شوقي كمعجزة شعرية مع حبه لحافظ وإعجابه به، والقليل من وقف من الشاعرين موقفًا وسطًا.

فضل شوقي أصدقاؤه الأدباء والمتأدبون المحافظون الذين كان يطربهم أن يقرؤوا لشوقي ما يذكرهم بأبي تمام والبحتري والمتنبي والمعري أو ابن زيدون مما جعل شوقي يتهافت على معارضة قصائد القدماء المعروفة لأصدقائه، فنظم عددًا من قصائده في مناسبات شخصية واجتماعية عجزت عن إلهامه، وإثارة خياله، فقال فيها كلامًا أشبه بالنثر الصحفي، غير أنه منظوم مما أوجد في شعره سقطات ليست قليلة.

أما الفريق الآخر، فأيد حافظ واهتموا بشعره، ونقدوا شوقي وبالغوا في تصيّد أخطائه وتجسيم عيوبه، إذ كان نقدهم له رد فعل لمبالغات أنصاره الذين نزهوه عن الخطأ. هذا الفريق أيد حافظ معتبرين إياه أشعر شعراء العربية، وزاد بعضهم فساواه بشكسبير وموليير وفيكتورهيجو، من هذا الفريق: العقاد والمازني وطه حسين. وهؤلاء كانوا يرون أن حافظ أحق بإمارة الشعر من شوقي.

شاهد ذالك ما رواه طه حسين في كتابه "حافظ وشوقي" يقول طه حسين: "كنت مرة عائدا مع الأستاذ احمد لطفي السيد بعد أن حضرنا اجتماعا لتخليد ذكري حافظ قبل أن يموت شوقي وكنا نتحدث في أمر الشاعرين فقال لطفي بك: لقد خدعني حافظ عن نفسه كما خدعني شوقي عنها.كنت القي حافظا في أول عهده بالشعر وكان يُسمعني كثيرا من شعره فلا يعجبني فقلت له ذات يوم. أرحْ نفسك من هذا العناء فلم يخلقك الله لتكون شاعرا ولكنه لم يقبل نصحي وحسناَ فعل فما زال يجدّ ويكدح حتى أرغم الشعر أن يذعن له وأصبح شاعراَ. وكنت شديد الإعجاب بشعر شوقي أقرؤه في لذة تكاد تشبه الفتنة وأثني عليه كلما لقيته فما زال شوقي يكسل ويقصر في تعهد شعره حتى ساء ظني بشعره الأخير".

هذا هو رأي لطفي السيد الذي رواه طه حسين وأقره عليه.

أما رأي طه حسين فقد جاء أيضا في مقدمة كتابه – حافظ وشوقي- حيث يقول: "وصل شوقي في شيخوخته إلي ما وصل إليه حافظ في شبابه. لأن شوقي سكت حين كان حافظ ينطق ونطق حين اضطر حافظ إلي الصمت –يا لسوء الحظ- يا ليت حافظ لم يوظف قط ويا ليت شوقي لم يكن شاعر الأمير قط. ولكن هل تنفع شيئاَ ليت؟ لقد اُسكت حافظ ثلث عمره وسجن شوقي في القصر ربع قرن وخسرت مصر والأدب العربي بسعادة هذين الشاعرين العظيمين شيئاَ كثيرا.

- طه حسين وتوفيق الحكيم
توفيق الحكيم كاتب وأديب مصري ولد في الإسكندرية عام 1898م، من رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث، كانت للطريقة التي استقبل بها الشارع الأدبي العربي نتاجاته الفنية بين اعتباره نجاحا عظيما تارة وإخفاقا كبيرا تارة أخرى الأثر الأعظم على تبلور خصوصية تأثير أدب توفيق الحكيم وفكره على أجيال متعاقبة من الأدباء، تعتبر مسرحيته المشهورة أهل الكهف في عام 1933 حدثا هاما في الدراما العربية فقد كانت تلك المسرحية بداية لنشوء تيار مسرحي عرف بالمسرح الذهني عده طه حسين من مواهب الأدب العربي المعاصر.ففي عام 1933م أصدر توفيق الحكيم مسرحيته الأولى أهل الكهف ولم تكن الحياة الأدبية تعرف شيئا عنه ولما قرأ طه حسين المسرحية صاح صيحة عالية بالإعجاب والحماسة لتوفيق الحكيم ومسرحيته، هذه الصيحة كانت هي شهادة الميلاد الأدبية لتوفيق الحكيم ليصبح بعدها من كبار النجوم في سماء الأدب العربي، فقد كتب طه حسين يقول: "أما مسرحية أهل الكهف فحادث ذو خطر لا أقول في الأدب العربي المصري وحده، بل أقول في الأدب العربي كله، وٌول هذا من غير تحفظ ولا احتياط وأقوله مغتبطا به مبتهجا له، وأي محب للأدب العربي لا يغتبط ولا يبتهج حين يستطيع أن يقول وهو واثق بما يقول إن فنا جديداً قد نشأ فيه وأضيف إليه، وإن بابا جديدا قد انفتح أمام الأدباء وأصبحوا قادرين على أن يدخلوا فيه وينتهوا منه إلى آماد بعيدة رفيعة ما كنا نقدر أنهم يستطيعون التفكير فيها الآن".

- طه حسين ونجيب محفوظ
ولد نجيب محفوظ في 11 ديسمبر 1911م حصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة عام 1934م بدأ بكتابة القصة القصيرة عام 1936م وانصرف إلى العمل الأدبي بصورة شبه دائمة بعد التحاقه بالوظيفة العامة. نشر روايته الأولى عن التاريخ الفرعوني "عبث الأقدار" 1939م ولكن موهبته ستتجلى في ثلاثيته الشهيرة "بين القصرين"، و"قصر الشوق"، و"السكرية" التي انتهى من كتابتها عام 1952م ولم يتسن له نشرها قبل العام 1956م نظراً لضخامتها، ثم توالت مؤلفاته التي تزيد على 70 مؤلفاً، ترجمت معظم أعماله إلى جميع اللغات العالمية، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية في الرواية عام 1959م، وكان أول عربي يحصل على جائزة نوبل في الآداب 1988م، توفي نجيب محفوظ 30 أغسطس 2006م.

بعد صدور الجزء الأول من الثلاثية "بين القصرين" وقف طه حسين سعيدا مفتونا بالرواية وكاتبها النابغ والذي كان قد أصبح معروفا في الأوساط الأدبية وبين جماهير القراء، ويكتب عن الرواية بعد صدورها مباشرة فيقول: "هذه قصة رائعة للأستاذ نجيب محفوظ، فقد اتيح له في هذه القصة البارعة نجاح ما أرى أنه أتيح مثله لأحد منذ أخذ المصريون ينشئون القصص في أول هذا القرن العشرين، فلأقدم تهنئتي إذاً كأصدق وأعمق ما تكون التهنئة إلى كاتبنا الأديب البارع نجيب محفوظ، ولأقدمها إليه بلا تحفظ ولا تحرج، فهو جدير بها حقاً، لأنه أتاح للقصة أن تبلغ من الإتقان والروعة ومن العمق والدقة ومن التأثير الذي يشبه السحر ما لم يصل إليه كاتب مصري من قبله. وما أشك في أن قصة بين القصرين هذه تصعد للموازنه مع من شئت من كتاب القصص العالميين في أي لغة من اللغات التي يقرؤها الناس وما رأيك في قصة تتجاوز صفحاتها المئات الأربع وتقرؤها منذ تبدأ إلى أن تنتهي فلا تحس بها ضعفاً ولا تشعر فيها بفتور في أي موقف من مواقفها ولا تثير فيك إحساساً بأن الكاتب على إطالته قد أدركه شيء من الإعياء أو أصابه شيء من التراخي أو يناله ما ينال الأدباء الذين يطيلون من جهد وتعب، وما أشك في أن قصص نجيب محفوظ تثبت للموازنة في لجان نوبل مع من شئت من كتاب القصص العالميين".

ولم يخذل نجيب محفوظ طه حسين وحصل على جائزة نوبل في الآداب 1988م.

وبعد..

كلمة حق أقولها بعيدا عن خصومه الذين حاولوا أن ينالوا من عقيدته وعن أنصاره الذين بالغوا في الدفاع عنه وبعيدا عن الجيل الذي تأثر بكتاباته مباشرة أقول كما قال أحد جماهير الشعب المصري الذين وقفوا يشيعونه بعد رحيله في الثامن والعشرين من أكتوبر عام 1973م عندما وقف يبكي مع ابنه ويقول له: أنت يا بني تبكي طه حسين لأنك تعلمت منه وقرأت له وسمعت أحاديثه في الإذاعة. أنا يا بني لم أتعلم من طه حسين ولم أقرأ كتبه ولم أسمعه يتحدث في الإذاعة إلا نادرا ومصادفة, ولكني أبكيه يا بني لأنه هو الذي مكنني منذ ثلاثة وعشرين عاما من تعليمك, هأنت قد حققت لنفسك ولأسرتك من الثقافة والكرامة ما حققت, ابكه يا بني لأن الله تعالى أكرمه بالعلم, فلم ينس الجاهلين وأغناه فلم ينس المعوزين وأسعده فلم ينس من في الأرض من المعذبين.

 

(باحث في التراث العربي والإسلامي عضو اتحاد كتاب مصر، طنطا)