فكرة التحرر محورية في قصيدة الشاعرة المصرية، وهي تحاول تلمس رغبة الانعتاق من هذا السقف اللعين والذي أمسى بكل حمولته في الذاكرة يزكم على كل أمل ورغبة في التحرر، مع أن فعل الكتابة ذاته يشكل حلا جذريا قد يسهم في النهاية في خلاص الذات من هذه الحدود الوهمية التي تمنع من تنفس الحرية.

إصبعٌ واحدةٌ تكفي

ديمة محمود

أفكّرُ أن السّقفَ

فكرةٌ سخيفةٌ وهشّة

وإن أوهموكَ أنه يحمي من المطر

ومضادٌ للصقيع والعواصف الرملية

يرسمون إطاراً من الحديد أو الذهب

يجعجعون إفكاً

أنه بروازٌ لِصورةِ المناسبة السعيدة

صدّقتَهم حينما كنتَ صغيراً

أو قل: كان مفروضاً عليك

أن تصدّقَهم لأنك طفلٌ

ثم بُلتَ في بنطلون الجينز الجديد

عندما استوعبت الكذبة

*

لأن النورَ يغطي العتمة،

وإن كانت استدعتْه

فإن السقفَ فكرةٌ مُضعضعةٌ

ومهزومة

لا يمكن لها أن تبقى

لأنك تتمدّدُ طولياً وليس أفقياً

قمةُ رأسكَ سَتحاذي كعبَ السقفِ

فَـتهزمَه ويتفتّت

*

السقفُ كذبةٌ غبيّةٌ

وسردابٌ من ورقٍ مُعادِ التدوير

الغبارُ المتكدّسُ عليه يُوهم بقوّته

لا يحتملُ اللهبَ الذي في دماغك

ولا ينتظرُه لِيفور

فحيحُ دماغكَ

يكفي لأن يجعلَه يتفكّك

بل ويحترق

*

السّقفُ ممسوكٌ بِمخلبين أو ثلاثة

لن تحتملَه انعقافاتُ المخالب

وسَيأتي وقتٌ لِيفلتَ وحده

دون عُنوة

السقفُ محصور في فكّيْ

محكمة تفتيش

قاءت جلاديها فَتعفّن

السقفُ مفاصلُه مُعمّمةٌ

وبِحذاءٍ طويلِ العنق

لذا لن يصمدَ،

وإن مكث لمدّةٍ طويلة

*

أنتَ تقررُ أن تصنع السقفَ

أو تستعيرَه

أو تعْبَره

لا يمكنُ لأفلاطون أو نابليون حتى،

أن يحاصراك في البرواز

وفي اللحظة الدّسمةِ

عندما تستوي السنبلةُ

وتتأهّبُ أظافرُك

سَتهوي بِسقطةٍ واحدة كلُّ الأسلاك

حتى التي دخلتَ فيها بمفردك

*

فِطرٌ يتفشّى على عنق السأَم،

ويتمدّدُ في رئتيك بعضُ وقتٍ

وماءٌ مُـتّـقـدٌ

يتكوّرُ بارتواءٍ وبلا حراشف

يُسقطُ كلَّ السقوف بزفيرٍ واحدٍ

عند منتصف الظهيرة

قد تفقدُ ثلاثَ أصابع

أو أربعاً

من كلِّ يد

لكنني أعدكَ

أن إصبعاً واحدةً من اليدين تكفي

ما دمتَ أبيْتَ السّقف.

 

شاعرة من مصر