استحوذ الموضوع الأدبي واللغوي في العالم العربي الإسلامي من شعر وقص وشذرات صوفية على اهتمام كتاب أمريكا اللاتينية المعاصرين. هذا ما تكشف عنه هذه الدراسة التتي تتتبع تأثيرات الشعر والفكر والتصوف على أبرز أعلامه كتاب أمريكا اللاتنية الكبار، وخاصة النص العربي الكبير (ألف ليلة وليلة).

الأدب العربي بعيون أبرز كتاب أمريكا اللاتينية

(بورخيس وفوينتس وماركيث وباث)

عـمر العويني

مقــدمـــــة

نتناول في هذا المقال موضوع الأدب العربي في أعمال الكاتب الأرجنتيني الكبير خورخي لويس بورخيس، والأديبين المكسيكيين أوكتافيو باث، صاحب جائزة نوبل للآداب لسنة 1990 ، وكارلوس فوينتاس، والكولومبي غابريال غارثيا ماركيث صاحب جائزة نوبل للآداب لسنة 1982. فقد اهتم هؤلاء الكتاب بثلاث قضايا رئيسية في الأدب العربي: الشعر العربي، والسرد العربي، وموضوع اللغة في العالم العربي والإسلامي (العربية والأردية والفارسية). في الشعر العربي تناولوا موضوعين اثنين: الشعر العربي القديم، وشخصية الشاعر الكبير عمر الخيام ورباعياته. فيما يخص السرد العربي، طرحنا موضوع تلقي كتاب "ألف ليلة وليلة" في الغرب، إلى جانب حضوره في أعمال كل من غارثيا ماركيث وخورخي لويس بورخيس. كما تناولنا بالدرس موضوع الحب في رسائل البغدادي ابن داود، والأندلسي ابن حزم، وكذلك تأثير الشعر الغزلي العربي في الشعر الغنائي البروفانسي من خلال آراء أوكتافيو باث.

وفيما يتعلق باللغة تناولنا ثلاث مسائل: القيمة الثقافية للغة العربية عند بورخيس وفوينتاس وماركيث، ووضع اللغة العربية في أمريكا اللاتينية عند غابريال غارثيا ماركيث أيضا، واللغة والقومية في الهند عند أوكتافيو باث.

1. الشعر العربي
1. 1. الشعر العربي القديم والتجديد

يدرج الكاتب المكسيكي الكبير أوكتافيو باث الشعر الشرقي بصفة عامة، والعربي بصفة خاصة، ضمن التقاليد الشعرية العالمية. يمثل هذا الجنس الأدبي الذي يخضع إلى قواعد محددة لنظم القصائد، حسب رأيه، ثابتة من ثوابت كل الحضارات. يؤكد في هذا النطاق: «ليس هناك حضارة تخلو من جسم شعري متكون من قصائد ومجموعة من القواعد التي تنظمها [...] إن الأعمال الشعرية لا تقل غزارة في التقاليد الشرقية، سواء عند العرب والفرس، أو في الهند والصين واليابان»[i].

غير أن الشعر العربي لا يمثل عند العرب مجرد جنس أدبي، بل هو الشكل الثقافي الأكثر تعبيرا عن حضارتهم، على غرار ما يمثله النحت عند الإغريق، والرسم في عصر النهضة عند الايطاليين، أو الرواية في القرن 19، إلى غير ذلك. وبهذا يشدد أوكتافيو باث على قيمة الشعر العربي بصفته أهم تعبير عن العمل الفني العربي، في سياق تساؤله عن جدوى إدانة حضارات وعصور بأكملها[ii].

يقوم الشعر العربي، الذي تعود جذوره إلى ما قبل الإسلام، بوظيفة اجتماعية، إذ كان يتجه دوما إلى رئيس القبيلة، أو الشيخ، أو مجموعة ما، بغية المدح أو الإدانة. فالمكانة الهامة التي يحتلها الشعر العربي في بداياته تعود، حسب مارية خيسوس روبييرا ماتو، إلى طبيعته الاجتماعية. كلمة قصيدة مشتقة من «جذر عربي يعني بالخصوص اتجه إلى أحد، وحتى في معنى آخر، هاجم أحدا»[iii].

من ناحيته، أبدى الكاتب الأرجنتيني، خورخي لويس بورخيس، إعجابه الشديد بالشعر الجاهلي، معتبرا أن شعراء تلك الفترة تمكنوا من التعبير عن كل الأشياء المكونة لمحيطهم الصحراوي بواسطة قوتهم اللغوية. يضع هذا الإعجاب على لسان ابن رشد، بطل قصته "البحث عن ابن رشد": «تكلم بعد ذلك ابن رشد عن الشعراء الأوائل، أولئك الذين في عصر الجاهلية قبل الإسلام قالوا كل شيء بلغة الصحراء اللامتناهية»[iv].

كما يطرح بورخيس في قصة "البحث عن ابن رشد" مسألة تأويل النص الأدبي. يطالب عبد المالك، أحد شخصيات هذه القصة، بتجديد الاستعارات القديمة، فينتقد في هذا السياق الشعراء «الذين يتمسكون بصور رعوية، وألفاظ بدوية، وهم في دمشق أو قرطبة. قال أنه لمن العبث أن يحتفي أحدهم بماء البئر، وكان يمتد أمام عينيه الوادي الكبير. ألح (عبد المالك) على ضرورة تجديد الاستعارات القديمة»[v]. يرى عبد المالك أن الاستعارات القديمة تبلى وتفقد معناها مع مرور الزمن، ولكي يبرهن على ذلك، يذكر بيتا للشاعر العربي زهير بن أبي سلمى: « رَأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ *** تُمِـتْهُ وَمَنْ تخطيء يُعَمَّـرْ فَيَهْـرَمِ». يؤكد أن زهير عندما شبه القدر بالجمل الأعمى، أبهر الناس، ولكن مرور خمسة قرون على هذه الاستعارة جعلتها تفقد معناها[vi]. يقول بورخيس على لسان شخصيته الروائية، ابن رشد، أن الصورة التي أبدعها زهير في الجزيرة العربية تتكون في عصره من عبارتين (الجمل والقدر). والآن صارت أربع عبارات (ذكرى الشاعر زهير، من ناحية، وأحاسيس القراء تجاه قسوة القدر من ناحية أخرى، بالإضافة إلى الجمل والقدر)[vii]. إن عامل الزمن، حسب بورخيس، يوسع المعاني التي يوحي بها النص[viii]. تقوم نظرية تأويل النص الأدبي عند الكاتب الأرجنتيني بورخيس، على منح القارئ نفس الاهتمام الذي نوليه للكاتب، لأن القارئ يقوم في الحقيقة بإثراء الكاتب. فالنص يظل هو نفسه، لكن فهمه وتأويله يتغيران بتغير الأشخاص والأزمنة. يدلل على ذلك بأبيات قالها الأمير عبد الرحمان، وهو في الرصافة، متغنيا بإحدى نخلاتها التي تذكره بالشرق، استعملها ابن رشد في منفاه في مراكش، متذكرا اسبانيا. تقول هذه الأبيات: «أيتها النخلة أنت أيضا غريبة في هذه الأرض»[ix].

لا شك أن بورخيس، بذكره لابن رشد ومراكش، يشير إلى مأساة هذا الأخير في الأندلس، من حرق لكتبه، ونفيه خارج بلاده، بسبب تعصب الفقهاء الذين اتهموه بالزندقة والكفر. ويبرز إعجاب بورخيس بالشعر العربي القديم من خلال ذكره لإحدى الأبيات الشهيرة للشاعر العربي القدير، المتنبي، في نطاق وصفه للانجليزي ريتشارد بورتون، مترجم كتاب "ألف ليلة وليلة": «الخيل والليل والبيــداء تعرفنــــي، والسيف والرمح والقرطاس و القلم»[x].

يرفض بورخيس أي تجديد للشعر العربي القديم، وقد أفزعته الاستعارات التي يقدمها الشعراء الجدد. يبدو ذلك من خلال نقد ابن رشد، شخصيته الروائية، لإحدى استعارات الشاعر ابن شرف بيرخا، المولود في القيروان سنة ،1052 والمتوفى ببيرخا أو ألميرية باسبانيا سنة 1140. يقول هذا الشاعر حول اختفاء النجوم: «تتساقط النجوم في الفجر ببطء كما تتساقط أوراق الشجر». تكمن تفاهة هذه الاستعارة، حسب بورخيس، في مقارنته للنجوم بأوراق الشجر التي لا تختلف في شيء عن مقارنتها بالأسماك أو العصافير. في المقابل، تكتسي استعارة زهير بن أبي سلمى المتعلقة بالقدر والجمل قوة في الإيحاء، وأصالة في التعبير، رغم أنها تعالج موضوعا عاما، مثل قسوة القدر[xi]. لكل هذه الأسباب يؤكد بورخيس، على لسان ابن رشد، أن كل الشعر العربي مختصر في القدامى وفي القرآن، لذلك يتهم كل محاولة لتجديده بالجهل وعدم الجدوى[xii]. ولكي يبرز أهمية هذا الرأي، يؤكد بورخيس أن حتى الشخصيات الحاضرة مع ابن رشد، مثل الفقيه فرج، والرحالة أبو القاسم الأشعري وآخرون «استمعوا له بإعجاب، لأنه كان يدافع عن الماضي»[xiii].

1. 2. عمر الخيام الشاعر
1. 2. 1.
معلومات حول سيرته الذاتية
في تناغم مع تيار عالمي معجب بعمر الخيام، يخصص بورخيس بعض الفقرات ليشيد بهذه الشخصية العلمية والأدبية. اهتم بطفولته، وإنتاجه العلمي، وظروف وفاته، ورباعياته وترجمة الانجليزي فيتزجيرالد لها. يقدم لنا اسمه بدقة، والمكان والزمان الذي ولد فيهما، والمحيط الثقافي والتربوي الذي نشأ فيه، والرفاق الذين أثروا في مستقبله: «نشأ عمر الخيام في بلاد فارس في القرن 11 للميلاد (القرن الخامس للهجرة)، وتعلم القرآن والأحاديث مع حسن بن صباح، الذي سوف يؤسس في المستقبل طائفة الحشاشين، ونظام الملك الذي سوف يصبح وزير عند ألب أرسلان، الذي فتح القوقاز»[xiv]. سوف تبرز هذه الوجوه الثلاثة (عمر وحسان ونظام) بأعمالها، وخاصة الأول والثالث. حسب بورخيس، اتفق ثلاثتهم، ما بين جد وهزل، على أنه في صورة كان الحظ إلى جانب أحدهم، أن لا ينسى أصدقائه[xv]. وفعلا تمكن نظام من أن يصبح وزيرا، ومنح حسان منصبا هاما. لكن عمر الخيام اختار أن يعيش في ظل الوزير، يدعو له بدوام النعمة، وتفرغ للرياضيات.

كان نظام الملك وزيرا لألب أرسلان في عهد سلاجقة بلاد فارس، الذين حكموا من القرن 11 إلى القرن 13 ميلادي. حسب الفرنسي بارون كارا دو فو، مارس الوزارة على امتداد ثلاثين سنة أنجز خلالها إعمالا رائعة، مثل بناء ثلاث جامعات: جامعة نيسابور، وجامعة بغداد، وجامعة البصرة. كما ألف كتابا حول الحكم، اسمه كتاب السياسة (سياسة نامة)[xvi]. أما ما ذكره بورخيس من تأسيس حسان بن صباح لطائفة الحشاشين ، فان بارون كارا دو فو يشكك فيه، مؤكدا أن حسان أصبح قائدا قويا لطائفة شيعية (الإسماعيلية)، ومنافسا شرسا لنظام الملك[xvii]. يضيف بورخيس أن حسن هو من قتل صديقه نظام الملك طعنا بالخنجر. لكن هذه الرواية يرفضها بارون كارا دو فو الذي يرى أن موت نظام الملك كان بسبب اعتداء أحد أعضاء طائفة الحشاشين.

لمع اسم عمر الخيام في مجالات علم الفلك، والجبر، والرياضيات. كما اهتم بالفلسفة، فتعلم أشياء مهمة من بلوتينيو الذي يعد «في الإسلام أفلاطون مصر أو المعلم الإغريقي»[xviii]، وكذلك من رسائل إخوان الصفاء الذين يصفهم الكاتب الأرجنتيني بورخيس بأنهم مارقون، ومتصوفة، لأنهم «يرون أن الكون انبثاق من التوحيد وعودة إلى التوحيد»[xix].

أشار بورخيس إلى وفاة عمر الخيام، التي وقعت في سنة 517 للهجرة مع غروب الشمس، اثر ألم شعر به، وهو يقرأ كتابا فلسفيا بعنوان الواحد والكثرة، فوضع علامة على الصفحة التي كان يقرؤها و«التي سوف لن تراها عينيه بعد ذلك، ثم التحق بالله، ذلك الإله الذي ربما يكون موجودا، والذي طالما دعاه على صفحات علم الجبر»[xx].

1. 2. 2. رباعيات عمر الخيام ومترجمها ايدوارد فيتزجيرالد
لم يكتف عمر الخيام بالاشتغال بعلم الفلك والجبر والفلسفة، بل كان يستغل بعض ما لديه من الوقت لكتابة الشعر. كتب الرباعيات وهو ديوان شعري يتألف، حسب بورخيس، من خمس مئة بيت، عدد زهيد لا يتناسب مع شهرته، لأن الشعراء في بلاد فارس، حسب رأيه، كانوا يكتبون بغزارة[xxi]. وحتى هذا العدد القليل من الأبيات، يشكك البعض في صحته، لأننا لا نملك مخطوطه الأصلي بل نسخا له، وبما أن الناسخون كانوا يعملون بمقابل، أضافوا أبياتا من عندهم للحصول على المزيد من المال.[xxii]

نالت قصائد الخيام، الذي كان يعرف فقط كعالم فلك ورياضي، شهرة في أوروبا، بفضل ترجمتها من قبل الشاعر واللغوي الانجليزي ايدوارد فيتزجيرالد (1809-1883). لكن هناك من يرى أن أوروبا عرفت رباعيات الخيام قبل ذلك بكثير، بفضل ترجمات وقعت في أوكسفورد، وفيانا، وباريس منذ سنه 1816 [xxiii]. قام فيتزجيرالد بترجمتين للرباعيات، سنة 1859 و 1868، لكن في حين مرت الأولى دون أن يهتم بها أحد، لاقت الثانية رواجا كبيرا. حسب بورخيس، ولد فيتزجيرالد سبعة قرون بعد عمر الخيام، وكان أقل ثقافة منه، لكنه ربما كان يفوقه إحساسا وحزنا[xxiv].

إن التقاء الشاعر عمر الخيام والانجليزي فيتزجيرالد مكن، حسب بورخيس، من إعادة إنتاج الرباعيات، ومن بروز شاعر متميز، من خلال الترجمة،لا يشبه الخيام ولا مترجمه[xxv]: إعادة إنتاج الخيام هو إعادة إنتاج فيتزجيرالد لنفسه. لم يكتف فيتزجيرالد بترجمة الرباعيات، بل علق عليها، وسائلها، وحسنها، وبعثها من جديد[xxvi]، حتى «صارت قصيدة انجليزية ذات إشارات فارسية»[xxvii].

إن شخصية عمر الخيام عند مترجميه شخصية متعددة الأوجه: فهو صوفي، وفي ذات الوقت ملحد مرتاب، ومتشائم، ومكتئب يروم الهروب من الواقع، ومتخبط أيضا في شراك السكر والهذيان والفجور[xxviii]. في هذا السياق، يلاحظ بورخيس أن فيتزجيرالد لم يبرز الجانب الصوفي لدى الخيام، لذلك بدت ترجمته دعوة إلى قراءة الرباعيات كعمل فارسي قديم فحسب[xxix]، دون اعتبار للجو الثقافي الصوفي الذي كان يسود بلاد فارس في ذلك الوقت. إن الصعوبة التي يجدها الأدباء والنقاد الغربيون في فهم شخصية الخيام تعود، حسب البعض، إلى تكوينه الثقافي الذي يجمع بين الشاعر والرياضي، وهو ما ينعكس على رباعياته[xxx]. برغم كل هذا لم تكن شخصية الخيام ورباعياته تلاقي، حسب بورخيس، كل هذه الحفاوة الغربية، لو لا ترجمة الانجليزي فيتزجبرالد الذي «منحه مكانة مرموقة بين كبار شعراء انجلترا»[xxxi].

2. السرد العربي
2. 1. كتاب "ألف ليلة وليلة" وإشعاعه في الغرب
اكتشفت أوروبا فن الرواية العربي منذ القرون الوسطى، وكان أول اتصالها به عن طريق ثلاث كتب، هي" مقامة الهمذاني" في القرن العاشر، التي تركت صداها في رواية الصعلكة الاسبانية في القرن 16، و"كليلة ودمنة" لعبد الله بن المقفع التي نقلها إلى اللاتينية بيدرو ألفونسو في القرن 12، وبالطبع كتاب "ألف ليلة ليلة"[xxxii]. كان للسرد العربي، إذا، تأثيرا واسعا في السرد الأوروبي، حتى أنه ترك بصمته في أبرز رواية اسبانية على مر العصور، رواية "الدون كيشوط دي لامنتشا"، للكاتب ميغيل دي ثيرفانتيس. أشار بورخيس إلى هذا التأثير، مبينا أن المؤلف الحقيقي لهذه الرواية ليس ثيرفانتس، بل كاتب موريسكي اسمه سيدي حاميتي بينينخيلي[xxxiii]. كما يشير المكسيكي كارلوس فوينتيس إلى هذا الأمر، مشككا في التأليف والمؤلف بقوله: «كل شيء غير مؤكد في الكيشوط. من كتب الكتاب؟ سيدي حاميتي بينينخيلي الكاتب العربي الذي ترجم عمله إلى الاسبانية كاتب موريسكي مجهول؟»[xxxiv].

مما لا شك فيه، يعتمد بورخيس وفوينتيس في رأيهما هذا على إشارة ثيرفانتيس نفسه إلى هذا الاسم في روايته، إذ يؤكد في خمسة مواضع بأن كاتب هذه الرواية هو سيدي حاميتي بينينخيلي. يعرف هذا الكاتب في الفصل التاسع بأنه مؤرخ عربي[xxxv]، وفي الفصل 15 بأنه عالم، وفي الفصل 16 يسند له اسما أكثر عربية، وهو سيدي محميتي، مبرزا طرافته ودقته كمؤرخ[xxxvi]. كما يلاحظ المستشرق الاسباني خوان غواتيسولو أن التأثير العربي يشمل روائع أخرى للأدب الاسباني، مثل "أغنية السيد" (القرن 13)، و "الكونت لوكانور" لدون خوان مانوال (القرن 14). وكما يجد هذا التأثير أيضا في "كتاب الحب الجيد" لخوان رويث[xxxvii].

يرى أسين بالاثيوس أن كتاب "ألف ليلة وليلة" ترك بصمته في مسرح القرن الذهبي الاسباني (القرن 16 و17). فمسرحية لوبي دي فيغا (1562- 1635) الهزلية "الآنسة تيودور"، ومسرحية كالديرون (1600- 1681) الهزلية "الحالم المستيقظ" مستوحاة من "ألف ليلة وليلة"[xxxviii].

عندما ترجم الفرنسي أنطوان غايون/ جالان كتاب "ألف ليلة وليلة" سنة ،1704 جعل الأوروبيون يفتنون بالأدب الشرقي قراء ونقادا وكتابا، فكان لديه تأثير كبير على الرومانسية، ولاحقا على مدرسة الحداثة. يرى أوكتافيو باث أن واحدة من أهم سمات الحداثة الأوروبية هي »استعادة الفنون والآداب الشرقية« [xxxix] التي تمثل الآخر بالنسبة إليهم، وكذلك نصف الإرث الثقافي الإنساني[xl]. علما وأن كلمة شرقي تعني بالنسبة لأوكتافيو باث الشرق الأقصى، وكذلك الشرق الأدنى[xli]. فيما يتعلق بالرومانسية، يؤكد الكاتب الأردني محمد عبدو حتاملة أن لهذا التيار جذور عميقة في الشرق. فلامبالاة الرومانسي، ورفضه للمكان والزمان الذي يعيش فيه يؤديان به إلى البحث عن عوالم غريبة وبعيدة، مثل العالم الشرقي[xlii]. أما بورخيس، فيعلنها صراحة أن الرومانسية بدأت في أوروبا، عندما اطلع الأوروبيون عل كتاب "ألف ليلة وليلة"[xliii].

في مقابل اهتمام كتاب أمريكا اللاتينية المعاصرون بالأدب العربي القديم، نجدهم لا يعيرون أي اهتمام تقريبا للأدب العربي المعاصر، إذ يتعرض المكسيكي كارلوس فوينتيس فقط لنجيب محفوظ، صاحب جائزة نوبل للآداب (1989)، وللكاتب الطاهر بن جلون بشكل سريع في نطاق حديثه عن القرن 21 كقرن الرواية الكونية[xliv].

2. 2. ألف ليلة وليلة جسر يربط الشرق بالغرب
شكلت سنة 1704 حدثا هاما في تاريخ الأدب الأوروبي، لارتباطه بترجمة أنطوان غايون/ جالان لكتاب "ألف ليلة وليلة". من خلال هذا الكتاب، بدأت الأمم الغربية تكتشف الشرق وروائع ثقافته، وتعي أهميتها، تماما كما حدث مع اكتشاف الإغريق للثقافة الفارسية، حسب ما يرى بورخيس[xlv]. يفسر الاستقبال الفرنسي والأوروبي الحماسي لهذا الكتاب بالجو الأدبي الذي كان سائدا آنذاك، والمتسم بندرة الجانب الخيالي. كان القراء الأوروبيون يشعرون بالملل من المسرحيات الإغريقية التي كانت تقدم لهم بأنواع شتى من الزخارف[xlvi]. لهذا السبب، جعلت ترجمة "ألف ليلة وليلة" من هذا الكتاب الأكثر قراءة، والأكثر تقديرا في أوروبا، كما جعلت الناشرون يواجهون صعوبات في تلبية طلبات السوق[xlvii].

وهكذا بدأ يتجاوز هذا الكتاب الحدود العربية، ليتحول إلى عمل أدبي كوني بامتياز. يؤكد عبد الله جبيلو أن ترجمة غايون الأولى تمثل «واحدة من أهم الأحداث الأدبية الأوروبية في القرن 18 [...] هو حدث رئيسي، لأن من خلال ترجمة هذا العمل تمكنت الآداب الأوروبية من اكتشاف الشرق على نطاق واسع»[xlviii].

2. 3. حضور "ألف ليلة وليلة" في الأدب الأمريكي اللاتيني
كان "لألف ليلة وليلة" تأثيرا بالغا في أمريكا اللاتينية، ربما سبق الهجرة العربية إلى تلك القارة، بالرغم من انحصاره فقط بين النخب[xlix]. ترى المغربية أمامة عواد لحرش أن اهتمام أدباء أمريكا اللاتينية بهذا الكتاب وقع بصفة خاصة مع المدرسة الرومانسية والحداثة. فبينما وجد البعض منهم في هذا لكتاب مصدر الهام لمواضيعهم، استفاد البعض الآخر من تقنياته السردية، ومجموعة أخرى اعتمدته كمصدر معلومات حول العالم العربي والإسلامي[l]. ذكرت عواد لحرش من بين هؤلاء الكتاب، البيروفي ريكاردو بالما (1833- 1919)، والكوبي خوسي مارتي (1853- 1895)، والغواتيمالي أنريكي غوميث كاريليو (1873- 1927)، والأرجنتينيين روبارتو أرلت (1900- 1942)، وخورخي لويس بورخيس (1899- 1986)، ومانويل بويغ (1932- 1990)[li].

اعترف أكبر أدباء مدرسة الحداثة الأمريكية اللاتينية أن الأدب العربي بصفة عامة، و"ألف ليلة وليلة" بصفة خاصة، مثلا واحدا من أبرز مصادر إبداعهم الأدبي. حسب عبد الله جبيلو، ما يهم الشاعر الكبير النيكاراغوي، روبان داريو، في "ألف ليلة وليلة" هو جانبه الأدبي، بينما ينجذب الشاعر الأرجنتيني لويبولدو لوغونيس إلى معنى الأمل، وخورخي لويس بورخيس إلى معنى اللانهاية[lii].

لقد تعددت الإشارات إلى هذا الكتاب من طرف كثير من أدباء أمريكا اللاتينية. فأكتافيو باث، مثلا، يثمن عاليا قيمته، ويعتبره أحد أكبر الأعمال الإبداعية للتراث الثقافي القديم، على غرار المسرح الإغريقي والأوديسى[liii]. لهذا السبب كان واحد من الكتب المفضلة لديه، وساهم في تكوينه الثقافي وحفزه على الإبداع الأدبي[liv]. غير أن التأثير الأكبر لهذا الكتاب كان على الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، وصاحب جائزة نوبل للآداب الكولومبي غابريال غارثيا ماركيث.

2. 3. 1. حضور "ألف ليلة وليلة" في أعمال غابريل غارثيا ماركيث
يعترف غارثيا ماركيث أن هذا الكتاب هو من بين الكتب التي أحدثت تأثيرا عميقا في إبداعه القصصي. إذا كان تأثير كل من وولف، وفولكنير، وكافكا، وهمينغواي حاسما في تشكيل الجانب الفني من أعماله الروائية، فان لكتاب "ألف ليلة وليلة"، الذي اطلع عليه في سن السابعة من عمره، تأثير حاسم في تشكيل الجانب الأدبي منها، إلى جانب تأثير الروائي اليوناني سوفكليس (496-405 قبل الميلاد) وأجداده من الأم [lv]. لقد فاجأ أستاذه الذي كان يجري له امتحانا شفويا، عندما أعلمه بأنه اطلع على هذا الكتاب في سن مبكر، في نسخة للكبار لم تحذف منها المشاهد الفاضحة. كما تفاجأ ماركيث نفسه عندما لاحظ إعجاب أستاذه الذي يمتحنه بكتاب "ألف ليلة وليلة"، لأنه «كان يعتقد أنه لا يمكن للكبار الجديين أن يؤمنون بخروج الجن من القوارير وبفتح الأبواب عن طريق التعويذات»[lvi].

غرست فيه قراءة هذا الكتاب افتتانا كبيرا بالقصص الخارقة للعادة، وولعا عظيما بقراءة الأعمال الأسطورية والخرافية. إن انبهاره "بألف ليلة وليلة" أدى به إلى الخلط بين الواقع والخيال، حتى وصل به الأمر إلى الاعتقاد بأن حكاياته تتحدث عن أشياء حقيقية «توقفت عن الحدوث بسبب شك الأجيال اللاحقة فيها وجبنها»[lvii].

ظل كتاب "ألف ليلة وليلة" يمارس تأثيرا كبيرا على غارثيا ماركيث طوال مسيرته الأدبية، ولم يتوقف حتى أثناء شيخوخته. في روايته الأخيرة "مذكرات عاهراتي الحزينات"، بينما كانت البنت نائمة، كان البطل يقرأ لها قصصا، من بينها قصص "ألف ليلة وليلة"[lviii]. إن القارئ لأعمال ماركيث يلاحظ بسهولة كيف ينبض أسلوب وأجواء "ألف ليلة وليلة" بقوة بين صفحات رواياته، إذ القراءات الأولى هي التي تشكل، إلى حد بعيد، التوجهات الثقافية والفنية الرئيسية للمبدع. إن الفترات الأولى من عالم ماركيث السحري مستوحاة، بدون شك، من ذلك الجن الذي يخرج من القوارير، والأبواب التي تفتح بواسطة تعويذات "ألف ليلة وليلة". أدرك ماركيث أنه عليه أن يقرأ هذا الكتاب مرات ومرات لأنه «علينا أن نقرأ الكتب التي تفرض علينا إعادة قراءتها»[lix].

2. 3 .2. حضور "ألف ليلة وليلة" في "مائة عام من العزلة"
منذ القراءة الأولى لرواية "مائة عام من العزلة" لغبريل غارثيا ماركيث ، يلاحظ الحضور الهام "لألف ليلة وليلة" فيها، سواء على مستوى الشكل أو المضمون. في هذا السياق قام الكاتب والناقد النيكاراغوي نيكاسيو أوربينا بدراسة على غاية من الأهمية، حيث حاول أن يبين بطريقة شاملة مختلف المناسبات التي مارس فيها كتاب "ألف ليلة وليلة" تأثيرا على رواية ماركيث هذه[lx]. واحدة من المفاهيم المشتركة بين العملين التي يشير إليها نيكاسيو أوربينا، هو الإيمان بالقضاء والقدر، أي الإيمان بأن مصير الإنسان محددا سلفا. أثبت أوربينا من خلال العديد من قصص وشواهد "ألف ليلة وليلة" تأصل هذا المفهوم في الأدب العربي، كما في قول الصائغ أمين لجاره في قصة علي بن بكار والفتاة الجميلة شمس النهار: «ولكن ما هو مكتوب يجب أن يحدث»[lxi]، وغيرها من القصص. نفس هذا المفهوم يسيطر على "مائة عام من العزلة"، وذاك أن قصة ماكوندو[lxii] نفسها مكتوبة في لفائف ميلكياديس[lxiii].

ومن الأفكار الأخرى التي أخذها ماركيث من "ألف ليلة وليلة"، حسب نيكاسيو أوربينا، هي تجربة المغناطيس التي يقوم بها الغجر اثر وصولهم أول مرة إلى ماكوندو. لقد كان الغجري ميلكياديس يتنقل بين المنازل، جارا وراءه سلكين معدنيين يقومان بسحب عدة أواني وأغراض من تحت التراب، بفعل قوة المغناطيس فيهما، الشيء الذي أبهر سكان القرية[lxiv]. يرى أوربينا أن هذا المقطع هو استنساخ لمقطع آخر موجود في "ألف ليلة وليلة"، في قصة الصعاليك الثلاثة الذين لما تاهوا في البحر، لمحوا من بعيد شيئا يراوح لونه بين البياض والسواد، فسره لهم القبطان بأنه جبل المغناطيس، الذي عندما يصلون إليه سوف يقوم بتحطيم سفينتهم، وستتطاير منها المسامير...[lxv]. يؤكد نيكاسيو أوربينا أن ماركيث استخدم عناصر هذه القصة بطريقة مبدعة في روايته "مائة عام من العزلة"[lxvi].

من السمات المشتركة بين العملين أيضا هو الإفراط في استخدام الأرقام، ويبدو ذلك، حسب أوربينا، في عنوان كلا العملين: "ألف ليلة وليلة" و"مائة عام من العزلة". ومن أمثلة الاستخدام المفرط للأرقام في رواية ماركيث قوله: «أمطرت أربع سنوات وأحد عشر شهرا ويومين» ( مائة عام من العزلة، ص. 351). نفس هذا الأسلوب يسود في "ألف ليلة وليلة" مثل قوله: «مائة فتاة كن يجلسن على مائة كرسي مذهب»[lxvii].

من النقاط التي تجمع بين العملين أيضا هو اهتمامهما بالنشاط الجنسي. ففي "ألف ليلة وليلة" يتحدث أحد أبطالها عن الليلة الأولى من زواجه قائلا: «وهكذا نستمر يا ملك الزمان أكثر من عشرين ليلة في ذروة النشوة»[lxviii]. نفس هذه القوة الجنسية تظهر في "مائة عام من العزلة" كما في وصف ليلة زفاف أوريليانو سيغوندو وريبيكا، مستنسخة أجواء "ألف ليلة وليلة": «كان الجيران خائفين من الأصوات التي كانت توقظ كل سكان الحي، ثماني مرات في الليلة، وتصل إلى ثلاث مرات في القيلولة»[lxix].

وفي موضوع آخر يرى أوربينا أن السجاد الطائر الذي جاء به الغجر عند ماركيث، يكاد يتطابق مع ما ورد في "ألف ليلة وليلة"[lxx]. في الأخير ليس هناك شك في أن "ألف ليلة وليلة" مثل أداة هامة "لمائة عام من العزلة" بتناوله العديد من الموضوعات، مثل موضوع القضاء والقدر، والمغناطيس، وسحر الأرقام، والنشاط الجنسي، والسجاد الطائر/ البساط السحري.

3.3.2. خورخي لويس بورخيس و "ألف ليلة وليلة
أ- أشكال الحضور
يستند بورخيس في كتاباته على مصادر من الشرق الأدنى. فالعهد القديم، والقرآن، و"ألف ليلة وليلة" تمثل إشارات متكررة في أعماله[lxxi]. كقارئ نهم وفريد، اطلع منذ شبابه على القرآن و"ألف ليلة وليلة" في الترجمة الانجليزية[lxxii]. لكنه يعترف أن جهله باليونانية والعربية مكنه من قراءة "الأوديسا" و"ألف ليلة وليلة" في ترجمات مختلفة، بحيث أدى به «هذا الفقر اللغوي إلى نوع من الثرى»[lxxiii].

يتجلى حضور "ألف ليلة وليلة" في أعمال بورخيس الأدبية بطريقتين. تتمثل الطريقة الأولى في التلميحات الصريحة والضمنية إلى شخصيات، وقصص، ومشاهد من هذا الكتاب. تؤكد المغربية أمامة عواد لحرش أنه «كلما تظهر مكتبة في أعماله، إلا وتوجد نسخة أو أكثر» من هذا الكتاب[lxxiv]. يذكر بورخيس مثلا، أن كتاب "ألف ليلة وليلة" موجود في مكتبة الشاعر والروائي الأمريكي ايدغار لي ماستيريس (1869-1950)[lxxv]. كما يوجد كتاب في مكتبة بورخيس نفسها إلى جانب كتب أخرى هامة، مثل كتاب الدون كيشوط دي لامنتشا[lxxvi].

في مناسبة أخرى يعود بورخيس إلى الإشارة إلى "ألف ليلة وليلة" عند حديثه عن كتابه، "كتاب الرمل"، الذي كان يبحث له عن مكان في مكتبته، ففكر في البداي وضعه في فراغ تركه كتاب المصلح الديني الانجليزي خوان ويكليف (1324-1384). لكن قام بوضعه، في النهاية، خلف كتاب "ألف ليلة وليلة"، وهي إشارة ذات مغزى، عبر من خلالها بورخيس عن المشترك الذي يجمع بين "ألف ليلة وليلة" و"كتاب الرمل": كلاهما لا نهاية له. فكتابه «لا الكتاب ولا الرمل لهما بداية ولهما نهاية»[lxxvii]، مثل "ألف ليلة وليلة": «يقول العرب أن لا أحدا يستطيع قراءة ألف ليلة وليلة حتى النهاية»[lxxviii].

في إحدى قصصه المتعلقة بسيرته الذاتية، "الجنوب"، يكتسي كتاب "ألف ليلة وليلة" شكلا خاصا جدا. بطل القصة، جوهانس دهلمان، أرجنتيني من أصل ألماني، يشتري نسخة غير مكتملة من "ألف ليلة وليلة" لتصاحبه في العديد من مغامراته الحياتية، مثل تلك التي عاشها أثناء مرضه وصراعه ضد الموت[lxxix]، على اثر ضربة على الجبين تلقاها من النافذة. بعد هذه المصيبة، يسافر دهلمان إلى الجنوب للنقاهة، مصحوبا بكتاب "ألف ليلة وليلة"، لأن السفر مع هذا الكتاب هو علامة انتصار على الموت: «عندما انطلق القطار فتح الحقيبة وسحب منها، بشيء من التردد، المجلد الأول لألف ليلة وليلة. إن السفر مع هذا الكتاب الشديد الصلة بتاريخ بؤسه يؤكد أن مصيبتة قد زالت»[lxxx].

في الجنوب يقع دهلمان ضحية اعتداء، فيلتجأ إلى كتاب "ألف ليلة وليلة" لعله ينسيه مصيبته، ويمكنه من الفرار من الواقع[lxxxi]. إن عالم "ألف ليلة وليلة" الروائي شبيه بعالم بورخيس، وذلك أنه لا يوجد خط فاصل بين العالم الحقيقي وعالم الخيال في هذا الكتاب[lxxxii].

من بين الأحداث التي أثرت كثيرا في بورخيس، والتي أشار إليها عديد المرات، هو موقف الأمير شهريار الذي كان ينام كل ليلة مع امرأة، وفي الصباح يقوم بقتلها. لقد أدهشه أن يقوم الملك بتسليم ملكته إلى السيف بعد ليلة حب[lxxxiii]. أما الطريقة الثانية لحضور كتاب "ألف ليلة وليلة" في أعمال بورخيس، فتتمثل، من ناحية، في إعادة كتابة بعض قصص هذا الكتاب، ومن ناحية أخرى، في قيامه أحيانا باختراع قصص ثم ينسبها إلي "ألف ليلة وليلة". من بين قصص هذا الكتاب التي أعاد بورخيس كتابتها، هي قصة "الشخصين الذين حلما"، والتي تروي حكاية الرجل الذي يبحث عن الثروة في أصفهان ببلاد فارس، فيجدها بحديقة بيته بفضل حلم رجل آخر. بطل القصة هو رجل مصري اسمه محمد المغربي كان غنيا وأفلس، مما جعله يعمل بجد من أجل لقمة العيش. أنهكه التعب، فنام في حديقته تحت شجرة التين. وبينما هو نائم، جاءه رجل وقال له: «ثروتك في بلاد فارس، في أصفهان، فاذهب للبحث عنها»[lxxxiv].

في بلاد فارس وقع اتهامه بالسرقة، وقام قائد الشرطة بجلده حتى أوشك على الهلاك. في النهاية، روى هذا التعيس حلمه إلى قائد الشرطة وأسباب سفره إلى أصفهان. فروى له بدوره هذا الأخير حلمه المتمثل في رؤيته ثلاث مرات «لمنزل بمدينة القاهرة توجد خلفه حديقة، وفي الحديقة، ساعة شمسية وشجرة تين، وبعدها بركة، وتحت البركة كنز»[lxxxv]. يعود المصري إلى القاهرة ليعثر على الكنز في حديقته، كما تنبأ القائد الفارسي. ليس من الغريب أن يختار بورخيس هذه القصة، لأن موضوع الحلم يمثل ثابت من ثوابت أعماله الأدبية.

قصة أخرى "لألف ليلة وليلة" أعاد بورخيس كتابتها هي "غرفة التماثيل". تندرج هذه القصة ضمن سلسلة من القصص التي تتناول أحداثا تاريخية حقيقية أو أسطورية. موضوعها هو فتح طارق بن زياد للأندلس سنة 711، والغنائم الوافرة التي تحصل عليها في هذه المدينة المسماة ليبتيت، أو سبتة، أو خايان[lxxxvi].

القصة الثالثة التي أعاد بورخيس كتابتها هي "أسطورة العرب"، أو "قصة الملكين والمتاهتين". أحداث القصة تدور حول بناء أحد الملوك البابليين متاهة على غاية من التعقيد، تجعل «أكثر الرجال فطنة لا يغامرون بالدخول إليها، ومن يدخلها يكون مصيره الضياع»[lxxxvii]. عندما فرغ من بنائها، قام بدعوة أحد ملوك العرب، ووضعه فيها لكي يسخر منه. غير أن هذا الملك تمكن من الخروج منها بعون من الله. ما أن عاد إلى بلده، حتى أرسل جيشا إلى بابل، وأسر الملك، وحمله إلى الصحراء وقال له : «يا ملك الزمان والمادة وشفرات القرن، في بابل أردتني أن أضيع في متاهة من البرنز، بها العديد من السلالم والأبواب والجدران. الآن أراد القدير أن أريك متاهتي، حيث لا توجد سلالم لتصعدها، ولا أبواب لتحطمها، ولا أروقة منهكة لتجتازها، ولا جدران تمنعك من المرور»[lxxxviii]. وتركه هناك وسط الصحراء ليموت من الجوع والعطش.

المتاهة هي أحد الرموز المتعددة التي يعتمدها بورخيس في أعماله الأدبية، مثل المرايا، والنمور، والموسوعات، والسيوف، والمكتبات.[lxxxix]. تبرز هذه القصة التناقض بين نوعين من المتاهة: متاهة ملك بابل البشرية، ومتاهة صحراء الجزيرة العربية الإلهية. يرى البعض أن الملك البابلي اقترف خطأين: بناء متاهة شبيهة بالكون في تعقدها، واستعماله للسخرية من العربي الذي هو «رجل الله»، بالإضافة إلى كونه عربي، فكانت النتيجة أن عاقبه الله بواسطة ذلك الملك العربي[xc].

لا توجد هذه القصة ضمن كتاب "ألف ليلة وليلة"، فقد أكد بورخيس أنه أخذها من الملاحظات التي أضافها بورتون، مترجم هذا الكتاب[xci]. وحتى غايون حذفها من ترجمته، معتبرا إياها إضافة من قبل الناسخين[xcii]. تقدم هذه القصة، التي أدرجها بورخيس في أعماله، صورة سلبية للعربي، لأنها تعكس عنفا وقسوة مبالغ فيهما للملك العربي، الذي ساق ملك بابل إلى موت فظيع[xciii]. إن إعجاب بورخيس ب"ألف ليلة وليلة" لا يعود إلى الجانب الفني لهذا الكتاب، بل لبعده المؤثر والممتع. ولذلك يعترف أن قصصه لا ترمي إلى إقناع قارئيه، بل، تماما مثل "ألف ليلة وليلة"، إلي تسليتهم والتأثير عليهم[xciv].

ب- منشأ "ألف ليلة وليلة" وتفرعاتها
اهتم بورخيس ب"ألف ليلة وليلة" معتمدا على إشارة من المؤرخ العربي المسعودي في كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر"، الذي يؤكد أن أصل هذه القصص يعود إلى الفرس. الكتاب الأول الذي يجمع هذه القصص اسمه "هزار أفسانة"، ويعني ألف مغامرة أو ألف ليلة[xcv]. إضافة إلى ذلك، يشير بورخيس إلى القصة التي يرويها ابن النديم في كتابه الفهرست، والتي يذكر فيها أن ملكا كان يقتل المرأة التي يقضي معها ليلته. غير أنه نام ذات ليلة مع أميره اسمها شهرزاد تمكنت، بفضل ذكائها، من النجاة من الموت، بروايتها له كل ليلة قصة مختلفة، إلى «أن أمضيا ألف ليلة على هذا الحال، عرضت عليه بعدها ابنها»[xcvi].

يعود إلى غايون (1704) عنون "ألف ليلة وليلة"، الذي انتشر على نطاق واسع في كامل أنحاء أوروبا، باستثناء انجلترا التي فضلت عنوان "الليالي العربية"،. حسب بورخيس، العنوان الانجليزي هذا غامض، وأقل جمالا من عنوان غايون[xcvii]. كما أنه اختار في بعض الأحيان العنوان العربي الأصلي: "كتاب ألف ليلة وليلة"[xcviii]. من ناحيته، اعتمد جون باين (1882) ترجمة حرفية للكتاب: "كتاب ألف ليلة وليلة واحدة"، كما فعل نفس الشيء ماردروس منذ سنة 1899[xcix].

ت- المحتوى الموضوعي لكتاب "ألف ليلة وليلة
في قصيدة بعنوان "استعارات ألف ليلة وليلة"، يحاول بورخيس تلخيص مضمون هذا الكتاب، الذي حصره في أربع مواضيع، أو استعارات: النهر، وقطعة النسيج، والحلم، وخريطة الزمن. يخص كل واحد من هذه المواضيع بمشاهد من "ألف ليلة وليلة". يرمز النهر إلى الحياة، وتدفق الزمن، وقوة الذاكرة الإنسانية التي سمحت بالحفاظ على هذه القصص الرائعة، التي لم تعد تراثا إسلاميا فحسب، بل تراثا عالميا أيضا[c]. بعد هذا الثناء على "ألف ليلة وليلة يسلط بورخيس الضوء على موضوعات هذا الكتاب، فتظهر التعويذة القوية، والجن في الإناء، والملك الذي يسلم ملكته لليلة إلى عدالة السيف، واليدان اللتان تغتسلان بالرماد، ورحلات سندباد، ومصباح علاء الدين، وقصة العلامات التي تعلن فتح اسبانيا من قبل العرب، والحجرة المغنطيسية التي تفجر السفن، والشيخ والغزال، والكهف المسمى سمسم[ci].

تتناول الاستعارة الثانية قصة السجاد الطائر، وسلسلة من القصص ذات الأرقام، مثل الإخوة السبعة، والرحلات السبعة، والقضاة الثلاثة، والأمنيات الثلاثة، والوزراء الثلاثة، والعقوبات الثلاثة...[cii].

في الاستعارة الثالثة، وهو الحلم، يشير بورخيس إلى قصة الملكة التي تروي للملك قصتها الخاصة. أما الاستعارة الرابعة، وهي الخريطة، يشير بورخيس فيها إلى الطبيعة اللامتناهية لكتاب "ألف ليلة وليلة" بقوله «يقول العرب أن لا أحدا يستطيع قراءة كتاب الليالي إلى نهايته»[ciii].

بعد هذا العرض لمضمون الكتاب كما يراه بورخيس، نتناول الآن المضمون الفعلي "لألف ليلة وليلة" من خلال وجهة نظر المستعرب والناقد والمترجم الاسباني خوان فيرنات، الذي قام بترجمة هذا الكتاب، وأشار في المقدمة إلى محتواه. وجد فيرنات ثمانية أنواع من القصص في هذا الكتاب: قصص العجائب، وروايات الفروسية، والقصص التعليمية، والقصص الباطنية، وقصص التثقيف، والطرائف والخرافات، وقصص الحب، وقصص الصعلكة. تنتمي إلى القصص العجيبة قصة علاء الدين والمصباح العجيب، وقصة علي بابا والأربعين لصا، ورحلات سندباد البحر... إلى فئة روايات الفروسية، تنتمي قصة حسيب وغريب وسهيم الليل، وقصة عمر النعمان وأبنائه الاثنان... قصة الأمة تودد تنتمي إلى الروايات التعليمية. إلى القصص الباطنية، تنتمي قصة حسيب كريم الدين، أو قصة شودر ابن التاجر عمر. إلى قصص التثقيف والطرائف والخرافات تنتمي القصص الموجودة في قصة ورد جان ابن الملك شيلاد. إلى قصص الحب تنتمي قصة عزيز وعزيزة، وقصة هارون الرشيد، وشاب عمان أو قصة قمر الزمان ابن الملك سهرمان. أما رواية الصعلكة فتمثلها قصة علي الزيبقي المصري[civ].

تجدر الإشارة إلى أن أعلب قصص "ألف ليلة وليلة" التي يشير إليها بورخيس، هي قصص العجائب، مثل علاء الدين والمصباح العجيب، وعلي بابا والأربعين لصا ، ورحلات سندباد البحر. يعكس هذا الأمر ولع بورخيس بكل ما هو سحري وأسطوري.

تذكرنا قصيدة "استعارات ألف ليلة وليلة"، إضافة إلى المواضيع الأساسية لهذا الكتاب، بالموضوعات الخاصة ببورخيس، مثل «الدعوة إلى السفر، وموضوع الأقنعة، والمتاهات، والحلم، والزمن، والخلود، والحكاية داخل الحكاية»[cv].

ث- ترجمات "ألف ليلة وليلة"

ترجم كتاب "ألف ليلة وليلة" إلى عدة لغات، مما أدى، وفق بورخيس، إلى ظهور عدة كتب تحمل هذا العنوان: ثلاثة ترجمات إلى الانجليزية، وثلاثة إلى الألمانية، وترجمتان إلى الفرنسية، وترجمة واحدة إلى الاسبانية. أيا من هذه الترجمات تتطابق مع الأخرى، لا من حيث الشكل، ولا من حيث المضمون[cvi]. عبر ميشال غال عن نفس الفكرة، مؤكدا عدم التطابق حتى في الفهرس. ويضيف أن القصة الواحدة الموجودة في إحدى هذه الأعمال، يمكن أن تحذف في عمل آخر، لأن «بعض هذه الترجمات وقع تخفيفها بلا هوادة، وخضعت أخرى إلى البتر المتعسف، وثالثة وقع إعادة صياغتها بحيث صارت تحتوي على مقاطع مخترعة بالكامل من قبل صاحبها»[cvii].

وعلى الرغم من الاختلافات بين المترجمين وما نجم عنها من تنوع محتويات هذا الكتاب، يشيد بورخيس بهؤلاء الرجال الذين قاموا بهذه الترجمات الرائعة، معتبرا أن «لهم فضل علينا، لأنهم تركوا لنا هذا الكتاب الذي لا ينضب معينه، هذا الكتاب القادر على العديد من التحولات»[cviii].

بفضل ترجمة الفرنسي أنطوان غايون/ جالان لـ"ألف ليلة وليلة"، لاقى هذا الكتاب نجاحا كبيرا في أوروبا منذ سنة 1704 . يرى بورخيس أن «الرجل الأوروبي أو الأمريكي الذي يفكر في ألف ليلة وليلة، إنما يفكر في الحقيقة في تلك الترجمة الأولى»[cix]. لذلك ترك هذا العمل أثرا عميقا في العديد من الكتاب الأوروبيين والأمريكيين، طوال القرون الثامن عشر، والتاسع عشر، والعشرين. أثر هذا النجاح في الغرب على العرب الذين "اكتشفوا" القيمة الحقيقية لهذا الكتاب بعد عشرة قرون من اللامبالاة والنسيان. ربما يعود السبب إلى الحكم السلبي عليه من قبل المسعودي (القرن العاشر)، الذي يرى أنه «كتاب جاف وبلا قيمة»[cx]. من ناحيته، يفسر بورخيس عدم اهتمام العرب بهذا الكتاب بمعرفتهم الجيدة لهذه الأشياء التي تدهش الغربيين، مثل التعويذات والصحراء[cxi].

قدم بورخيس دراسة قيمة للغاية بعنوان "مترجمي ألف ليلة وليلة"، اعتمادا على ترجمات الفرنسيان أنطوان غايون/ جالان والدكتور ماردرمس، والانجليزيان ريتشارد بورتون وايدواردو لاين، والألماني آنو ليتمان. قام بدراسة مقارنة للترجمات الخمس، معربا عن ارتياحه وإعجابه بالبعض، ونقده الشديد للبعض الآخر.

يبدأ بورخيس بترجمة غايون بصفته المترجم الأول لهذا الكتاب. يقول أن هذا الأخير استعان في ترجمته بالماروني حنا الذي جلبه من إفريقيا. بعض القصص الأساسية التي أدرجها غايون، والتي لم ترد في النص الأصلي، رواها هذا الماروني. لذلك لم يجرأ بقية المترجمين على حذفها. من القصص التي يذكرها بورخيس «قصة علاء الدين، وقصة الأربعين لصا، وقصة الأمير أحمد، وقصة الجنية بيري بنو، وقصة أبو الحسن الذي ينام مستيقظا، وقصة مغامرة هارون الرشيد الليلية، وقصة حسد الأختين لشقيقتهما الصغرى»[cxii].

يرى بورخيس أن ترجمة غايون حرفية، ومخادعة، وفضفاضة بسبب التشويهات التي أحدثها. للشرق في ترجمة غايون، بالنسبة لقراء القرن العشرين «طعم القرن الثامن عشر، وليس رائحة الشرق الذي تلاشى»[cxiii]، غير أن بورخيس لا يحمل المسؤولية لغايون، بل لتغيير اللغة الذي أضرت بالترجمة[cxiv]. يؤكد الدكتور ماردروس أن غايون قام بتكييف "ألف ليلة وليلة" مع مقتضيات قصر لويس الرابع عشر، وذلك بإزالة نكهته الأصلية، ومحو جرأته الطبيعية. النتيجة أن «السلاطين، والوزراء، والنساء في الجزيرة العربية، وفي الهند يعبرون عن آرائهم في هذه الترجمة تماما مثل أهل فارساي أو مارلي [...] هذه الملائمة القديمة لا علاقة لها مطلقا بنص الحكايات العربية»[cxv].

إن إزالة غايون لبعض المقاطع، كان من باب اللياقة وليس من باب الأخلاق، وهو ما أبرزه بورخيس، مقارنا نفس المقطع لغايون مع بورتين[cxvi]. يحاول غايون تصحيح الأخطاء العرضية التي تبدو له سيئة الذوق[cxvii]. ومن ناحية أخرى، يرى بورخيس أن هذه اللياقة الفاضحة أثارت السخرية، لأنها «تدمر وتضر بالطبيعة الحسنة للنص الأصلي»[cxviii].

وفيما يتعلق بمسألة المجون في "ألف ليلة وليلة"، يرى بورخيس أن لا علاقة لذلك أبدا بالحرية الجنسية. أبطال هذا الكتاب ينتمون إلى فئة عامة الشعب، مثل الحمالين والمتسولين والخصيان[cxix]. فالفحش، إذا، لا وجود له في "ألف ليلة وليلة"، لذلك يوضح بورخيس أن حتى قصص الحب الموجودة في هذا الكتاب، ليست فاحشة، بل «عاطفية وحزينة، وإحدى المواضيع المفضلة لديها هي الموت من أجل الحب، هذا الموت الذي، حسب العلماء، لا يقل قداسة عن موت شهيد الإيمان»[cxx]. من ناحية أخرى، يرى الكاتب الأرجنتيني أن غايون هو الذي أقنع الغربيين بالطابع ألعجائبي لـ"ألف ليلة وليلة"[cxxi].

رغم كل هذا، يعترف بورخيس أن ترجمة غايون هي الأكثر سحرا، لأنها بسيطة، ولا تتطلب أي جهد من القراء. كما أنه يؤكد أن لو لم تكن هذه الترجمة، لما وجدت بقية الترجمات[cxxii]. يرى من ناحية أخرى أن أهم قراء ترجمة غايون لـ"ألف ليلة وليلة" ومادحيها، هم من أعظم الكتاب الغربيين، مثل كلاريدج، وتوماس ديك وينسي، وستندال، وايدغار آللان، وبوي ونيومان[cxxiii]. وأخيرا، يقول بورخيس أن صفة "ألف ليلة وليلة" التي تطلق على هذا الكتاب، لم يخترعها بيرتون، ولا ماردروس، بل هي من إبداعات أنطوان غايون/ جالان[cxxiv].

المترجم الثاني الكبير لـ"ألف ليلة وليلة" هو الكابتن ريتشارد فرنسيس بيرتون، القنصل البريطاني. أحد الكتب التي كتبها بيرتون هو "قصة الرحلة الشخصية الى المدينة المنورة سنة 1855"، حيث روى رحلته إلى مكة والمدينة، متنكرا في زي أفغاني. علق بورخيس على ذلك بقوله: «أن إشاعة تدنيس الحرم من قبل غير مختون ونصراني، كان يمكن أن تنهي حياته»[cxxv]. قبل هذه الرحلة، أخبرنا بورخيس أن القنصل البريطاني، بيرتون مارس الطب في القاهرة مستعينا بالسحر من أجل كسب ثقة الناس[cxxvi].

قام بيرتون، صاحب الخصائص الأسطورية[cxxvii]، بترجمة مثقفة وموسوعية. لم يترجم كتاب "ألف ليلة وليلة" فحسب، بل أضاف إلى ترجمته كثير من الملاحظات التوضيحية حول "عادات المسلمين". في مجلد واحد (المجلد السادس)، سجل بورخيس ثلاث مائة ملاحظة تخص، على سبيل المثال، الاحترام الإسلامي للخبز، وتعداد أسماء النبي محمد، وبيان الألوان الأربعة التي ترمز إلى الموت، والأعضاء العورة عند المسلم[cxxviii]. يتعايش في لغة بيرتون «المهجور من الكلام مع اللهجة، وعامية السجون والبحارة مع المصطلح الفني»[cxxix]. ومع ذلك تظل ترجمة غايون الترجمة الأكثر دقة وكمالا، حسب رأي ميشال غال[cxxx].

فيما يتعلق بماردروس، يؤكد بورخيس أن هذا المترجم يعتبر نفسه المترجم الأكثر دقة وحرفية لـ"ألف ليلة وليلة". ويظهر ذلك من خلال العنوان الفرعي: "الترجمة الحرفية والكاملة للنص العربي"[cxxxi]. إن هذا الأمر يفزع بورخيس الذي يعترف أن «هذه الترجمة بصفتها حرفية وكاملة لعمل يعود إلى القرن الثالث عشر، أكرر أن ذلك الأمر يفزعني جدا»[cxxxii]. يسخر ميشال غال من ماردروس قائلا أنه كتب نصا "أكثر عربية من النص الأصلي"، مضيفا أشياء من عنده[cxxxiii]. يذكر بورخيس في أكثر من مناسبة مقاطع من ترجمة ماردروس، معتبرا أنها ليست لا حرفية ولا وفية للنص الأصلي[cxxxiv]. وفقا لبورخيس، فان ماردروس يريد إكمال عمل الرواة العرب، وذلك بإدراج العديد من"مقاطع الفن الحديث". وكمثال على ذلك، يقدم بورخيس مشهد موسى بن نصير الذي يأمر بإنشاء سلم حديدي قوي جدا. حسب بورخيس، يقوم ماردروس بتغيير هذا المقطع، مضيفا إليه ما يلي: «بحث رجال المخيم على الأغصان الجافة، وقشروها بالخناجر والسكاكين، وربطوها بالعمائم، والأحزمة، وحبال الإبل، وأحزمة السرج، وأبطنة الجلد، حتى بنوا سلما طويلا جدا»[cxxxv]. يستنتج من هذا المقطع أن ماردروس «لا يترجم الكلمات، ولكن تمثلات هذا الكتاب»[cxxxvi]. وبالرغم من هذه التغييرات، فان ترجمته، حسب ميشال غال، تظل دقيقة إلى حد ما في المقاطع غير الشعرية، وقراءتها ممتعة للغاية[cxxxvii]. يأتي المديح لهذه الترجمة من كتاب بارزين، مثل أندريه جيد، وكانسيلا، وكابديفيلا[cxxxviii].

قضى ادوارد لاين، خليفة غايون، خمس سنوات في القاهرة لدراسة الثقافة والمجتمع الإسلامي. حسب بورخيس ترجمته واسعة المعرفة، و«مجرد موسوعة للهروب»[cxxxix]. ومن ناحية أخرى، تعرف ترجمته بحرصها على اللياقة. يؤكد بورخيس أن لاين ينسى "شرفه كمترجم"، ويلجأ إلى الحجب والتحريف أمام أقل «إشارة عرضية وعابرة للجسد»[cxl]. في الليلة 391 يترجم عبارة "خنثى" المتعلقة بسمكة بـعبارة "نوع مختلط"[cxli]. تبدو صراحته ونزاهته ليس فقط عندما يقوم بحذف بعض المشاهد والمقاطع، بل وكذلك عندما يعترف بهذا الحذف[cxlii].

تؤدي هذه التشويهات في بعض الحالات إلى تدمير هذا الكتاب، لأنها ترفض قصصا بأكملها، لعدم القدرة على تهذيبها. يدين بورخيس هذه "الحيلة التمحيصية" عند لاين التي تكشف عن تحفظ غريب جدا[cxliii].

إعجاب بورخيس باللغة والثقافة الألمانية بشكل عام، وبأدبها الخيالي على وجه الخصوص، حمله على الإعلان بأن ألمانيا تملك، بالإضافة إلى ريادتها في المجال الفلسفي، «أدبا خياليا، أو بالأحرى تملك فقط أدبا خياليا. هناك روائع في ألف ليلة وليلة أود أن أراها ممثلة في الألمانية»[cxliv]. أنتجت ألمانيا أربع ترجمات لـ"ألف ليلة وليلة": ترجمة غوستاف وايل، وترجمة ماكس هينينج، وترجمة فيليكس بول غريف، وترجمة انو ليتمان[cxlv]. الترجمة الألمانية التي جلبت اهتمام بورخيس أكثر من غيرها، هي ترجمة انو ليتمان الذي يقدر فيه صراحته وجرأته، لأنه لا يتراجع أمام البذاءات غير العادية التي يترجمها دون إهمال أي كلمة[cxlvi]. حتى الجملة التي أعادتها شهرزاد ألف مرة "ما قلته لا يعد شيئا بالمقارنة مع ما سيأتي" كان يترجمها كلما ظهرت في النص الأصلي[cxlvii]. من أجل فهم جيد لنصه، يقدم ليتمان دائما ملاحظات موجزة وضرورية تبلغ العشرين ملاحظة في المجلد الواحد، حسب بورخيس. في النهاية يخلص بورخيس إلى القول: «إن لم يكن هناك خطأ في الموسوعة البريطانية، فان ترجمته هي الأفضل من بين الترجمات المتداولة. بلغني أن المهتمين باللغة والحضارة العربية موافقين عليها»[cxlviii].

2.2. الحب في الأدب العربي القديم
موضوع الحب هو موضوع عالمي. موجود في الأدب القديم والأدب الحديث، في الأدب الشرقي والأدب الغربي، في اليونان وفي بلاد فارس، في الجزيرة العربية وفي أوروبا... يعتقد أوكتافيو باث أن ثقافة الحب في الشرق من اهتمامات النخبة، ومرتبطة، في كثير من الأحيان، بحياة البلاط: «وجدت هناك (في العالم العربي) ثقافة الحب، وكانت تمثل امتيازا لمجموعة صغيرة من الرجال والنساء. الأدب العربي والفارسي، كلاهما يرتبط ارتباطا وثيقا بحياة البلاط، غني جدا بقصائد وقصص ورسائل عن الحب»[cxlix].

إضافة إلى ذلك، يشير الكاتب المكسيكي إلى ظاهرة أخرى تتعلق بموضوع الحب، ألا وهي ظاهرة الانحراف الجنسي (الذكوري والأنثوي). أكد باث، وهو يتتبع الأدب الصيني والهندي، أن «كلا الحضارتين لا تغفلان هذه الانحرافات. إن لم تشيد بها، مثلما هو الشأن عند الإغريق والفرس والعرب، لم تضطهدها بشدة مثلما فعل الغرب»[cl]. يبدو أن أوكتافيو باث يريد أن يبرز، من خلال هذا القول، التسامح الشرقي في مقابل التشدد الغربي بشأن السلوك الجنسي المنحرف في العصور الوسطى. فالغزل موجود في الأدب العربي منذ العصور القديمة، كما أن هناك ثلاث كتب تناولت موضوع الحب والممارسة الجنسية بكل جرأة ووضوح: كتاب "نزهة الألباب فيما لا يوجد فيه كتاب"، لشهاب الدين أحمد تيفاشي القفصي (1184-1253)، و"كتاب الروض العاطر في نزهة الخاطر"، للشيخ نفزاوي (القرن الرابع عشر)، وكتاب "طوق الحمامة"، لابن حزم الأندلسي، دون أن ننسى بالطبع كتاب "ألف ليلة وليلة". أيا من هؤلاء الكتاب تمت ملاحقته بسبب كتبه.

1.2.2. ابن داود ونشأة الحب العذري
المشكلة الأساسية الجديدة الذي عانى منها الأدب العربي في القرن السابع، والثامن، والتاسع ميلادي، تتمثل في إحساس الشاعر بالقطيعة مع وسطه القبلي القديم. في بغداد والبصرة، لم تعد لقيم المديح والهجاء التقليدية معاني تعبيرية، لأن الشاعر أصبح يعيش العزلة والانطواء في المدينة[cli]. هذه الحالة الجديدة ستكون حاسمة في ازدهار الشعر الغنائي الذي ينشد الحب العذري.

على الرغم من أن المظاهر الأولى للحب العذري ظهرت في الحجاز في القرن السابع ميلادي مع شخصية جميل بن معمر البارزة (ولد سنة 660)[clii]، فان روح الحب العذري ظهرت في أواخر القرن الثامن في العراق، مع مدرسة البصرة وشاعريها المشهورين بشار بن برد وعباس بن الأحنف[cliii].

بلغ الشعر العذري كماله في القرن التاسع مع الفقيه الشهير والشاعر ابن داود (868-910) الذي قام بتنظيم الحب العذري في كتابه "كتاب الزهرة". يتجلى في هذا الكتاب تأثير كتابي أفلاطون، "الوليمة" و"فايدروس"[cliv].

يتناول كتاب ابن داود قضية الحب، معتمدا على المبدأ التالي: «من يحب، ويظل عفيفا، ويكتم السر، ويموت، فهو شهيد»[clv]. هنا تقام قواعد الحب العذري أو العفيف المتمثلة في عفة الحب، وكتم السر، والشهادة في سبيل الحبيبة. يقابل هذا الحب، الحب الاباحي الذي يمثله عمر بن أبي ربيعة وأبو نواس.

يرى أوكتافيو باث أن أفكار ابن داود متأثرة جدا بأفكار أفلاطون، في كتابيه "الوليمة" و"فايدروس"، فيما يتعلق بجوهر الحب وتطوره: «يولد الحب من رؤية جسم جميل، ويتدرج مما هو مادي إلى ما هو روحي. يمثل جمال المحبوب وسيلة لتأمل الأشكال الخالدة »[clvi].

فالحب العذري هو النقطة التي تجمع بعدي حياة الإنسان المادية والروحية. ينشأ الحب من تمجيد ما هو مادي، حتى يبلغ شيئا فشيئا درجة هامة. فهو، كما يقول أوكتافيو باث، عملية يتعلمها الإنسان، هو «معرفة الحواس المضاءة بنور الروح، وعملية جذب شهواني مصقولة بالعفة»[clvii].

إن الحب الذي لاقى أكثر اهتماما في الأدب العربي القديم، هو الحب العذري، أو الحب المحض. تعود جذوره إلى مفهوم الحب الذي كان سائدا في قبيلة بنو عذرة المستقرة في الصحراء قبل الإسلام[clviii]. يصر أوكتافيو باث على الأصل الأفلاطوني لهذا الحب، مؤكدا أن «أعلى حب في الشعر الغزلي العربي، هو الحب المحض أو الصافي. جميع الكتاب يمجدون العفة، ويمدحون الحب العفيف. إنها فكرة ذات المنشأ الأفلاطوني، بالرغم من تعديلها من قبل علم اللاهوت الإسلامي»[clix]. غير أنه يرى من المفيد التمييز بين حبين: الحب الصوفي، الذي يجد في الحب طريقا إلى الله، والحب الإنساني، الذي بدوره له نافذة على مجالات عليا[clx]. حسب أوكتفيو باث، فان ابن داود يرفض الحب الصوفي الذي يؤدي إلى الاتحاد مع الله، لأنه مخلص للعقيدة الإسلامية، ولأن «الإله الآخر الأزلي لا يمكن الوصول إليه»[clxi].

2 .4 .2. الصلات المشتركة بين ابن حزم وأفلاطون ودانتي
اهتم أوكتافيو باث أيضا بالكاتب الأندلسي والقرطبي الكبير، ابن حزم الأندلسي (994-1063). هو فقيه، ومجادل، ومؤلف في علوم شتى، وفيلسوف[clxii]. أعماله على غاية من التنوع والعمق، مما جعله يمثل «علما للتفكير العربي الإسلامي»[clxiii]. ولكن شهرته تعود أساسا إلى كتابه "طوق الحمامة" الذي ألفه سنة 1023. يشير أوكتافيو باث إلى هذا الوجه اللامع للأدب الأندلسي، والى رائعته بهذه الكلمات: «قرن بعد ذلك كتب في قرطبة الأمويين الفيلسوف والشاعر ابن حزم، واحد من الشخصيات الأكثر جاذبية في الأندلس، رسالة صغيرة عن الحب، ترجمت اليوم إلى كل اللغات الأوروبية تقريبا. نحن محظوظون، لأن لدينا ترجمة ايميليو غوميث البديعة»[clxiv].

يرى خوان فارنيت في ابن حزم «نوع من البطل الفريد في أدب العصور الوسطى والحديث»[clxv]، آخذا بعين الاعتبار جرأته الفكرية وأصالته الإبداعية. لهذا السبب، وقع ترجمة رسالته إلى كل اللغات الأوروبية، وحتى إلى الروسية، الشيء الذي حوله إلى الكتاب الأكثر مبيعا[clxvi].

رغم استخدام ابن حزم للمواد الأدبية التي ألفها غيره من الكتاب مثل، ابن داود، فان وزن مصادره الثقافية يبقى أقل من ملاحظاته الشخصية. إن انتمائه إلى عائلة كانت مسئولة في القصر، إلى جانب حياته التي قضاها في محيط فاخر ورقيق، وتكوينه في قرطبة الخلافة، سوف تصوغ فيه هذه العوامل ذهنا حادا، ومزاجا عاطفيا وغراميا. أثر هذا الأمر على مفهومه للحب[clxvii]، الذي ربطه بشخصيات محددة، مثل حفيد المنصور[clxviii].

وفقا لأكتافيو باث، فان ما يبدو من تأثير لابن داود في كتاب "طوق الحمامة"، إنما هي نظرية أفلاطون التي عرضها في كتابه "الوليمة "، مشيرا إلى أن ابن حزم يعرض فقرة من كتاب ابن داود، هي في الحقيقة قولة موجودة في "الوليمة"[clxix].

رغم أن ابن حزم يؤكد أن الحب يولد من الجمال الجسدي، ويبدأ هزلا لينتهي جدا، فان كتابه يطرح، حسب ميغال كروث ايرنانديث، مشكلة الحب في أبعادها الأكثر عمقا: يتناول المسألة المعرفية والانتروبولوجية للحب[clxx]. يتجلى المفهوم الأفلاطوني للحب عند ابن حزم في اعتبار الحب بمثابة دمج جزئي الروح المنقسمة، تلك التي كانت في البدء نفس واحدة[clxxi]. يعتقد أوكتافيو باث أن فكرة بحث النفوس عن بعضها في الأرض بسبب ارتباطها قبل أن تنزل إلى هذا العالم، هي فكرة أفلاطونية[clxxii].

من أصداء المفهوم الأفلاطوني للحب في طوق الحمامة، التي رصدها أوكتافيو باث، هو اعتبار ابن حزم أن الحب لا يكتسي فقط شكلا إنسانيا، بل يتأتى أيضا من العالم السماوي[clxxiii].

ولكن المدهش حقا بالنسبة لأكتافيو باث، هو الاتفاق المقلق بين طوق "الحمامة" لابن حزم، و"الحياة الجديدة" (فيتا نووفا) لدانتي (1265-1321). فالحب في كلا العملين «ليس ملاكا ولا إنسانا [...] هو شيء يحدث للناس، هو حادث»[clxxiv]. ولتأييد رأيه يقدم نفس الفكرة مكتوبة بنفس الكلمات في كلا العملين[clxxv]. لكن أوكتافيو باث لا يزعم أنه أول من اكتشف حضور الفكر العربي في شعر دانتي، لأن المستعرب الشهير، أسين بالاثيو خصص أطروحة كاملة لهذا الموضوع[clxxvi].

2. 4 .3. تأثير الغزل العربي في الشعر الغنائي البروفانسي
نشر المستعرب الاسباني البارز ألفارو غالماس دي فويناتس دراسة قيمة حول الحب العذري في الشعر الغنائي العربي، حيث أبرز، إلى جانب مواضيع أخرى، أهم الأغراض الشعرية التي تناولها هذا النوع من الشعر: تفوق الحبيبة، والطاعة للعشيقة وخدمتها، والمعاناة اللذيذة، والحب العذري، وسر الحب، والافتتان عن طريق السماع، الخ.[clxxvii]

يرى أوكتافيو باث، من ناحيته، أنه لا يمكن تصور وجود حب عذري في قسطانية[clxxviii] دون تأثير الغزل العربي. يعد هذا الأمر طبيعيا، لأن الحضارات في حركة مد وجزر مستمر[clxxix]. وبناء على رأي رينيه نيلي،يؤكد أكتافيو باث على التأثير المبكر والقوي لاسبانيا الإسلامية في الحب الغنائي العذري البروفانسي[clxxx]. ويتجلى هذا التأثير من خلال شكلي الشعر الشعبي العربي الأندلسي، الزجل والخرجة، اللتان وقع تبنيهما من قبل البروفانس[clxxxi]. وفيما يتعلق بالموسيقى، فان الشعر الأندلسي يتشكل من خلال هذين الشكلين الشعريين الهامين. يمثل عروض الزجل غير التقليدي قطيعة مع البنية الجامدة للقصيدة، الشيء الذي يعد أكبر مساهمة للأندلس في الشعر الإسلامي العربي[clxxxii]. يستحضر بورخيس هذا الشكل الشعري الرائع في جو ساحر من الحدائق الأندلسية، والليمون، والماء قائلا:

عذب هو صوت المياه

عند أولئك الذين أرهقتهم الرمال السوداء،

و مريح هو رخام العمود الدائري،

حين تلامسه اليد المجوفة،
جذابة هي متاهات الماء الرقيقة بين أشجار الليمون،

وعذبة هي موسيقى الزجل[clxxxiii].

وبالرغم من أن غالماس دي فوينتس يعترف بتأثير الغزل العربي في شعر البروفانس الغنائي، فانه ينفي تأثيره في فن الخرجة لدي الأندلسيين المسيحيين، مؤكدا أنه يجب البحث عنه في مختلف الفنون الغربية[clxxxiv]. إن الشعر العربي لا يسجل حضوره فقط من خلال الزجل والخرجة، ولكن أيضا من خلال الشعر البروفانسي، وبشكل أو بآخر، من خلال الشعر الايطالي، لأن، حسب أوكتافيو باث، الأساليب الفنية والحضارات لا تعترف بالحدود الجغرافية وبالأمم[clxxxv].

لا يزال أوكتافيو باث يلح على فكرة أن الحب العذري في بروفانس، انما هو نتيجة تأثير الغزل العربي. يعتبر أن مهد الشعر العذري في الغرب هو بروفاس التي «صاغت، بفعل تأثير الغزل العربي، رمزا للغزل، ألا وهو الحب العذري، إلى جانب فلسفة للحب»[clxxxvi]. يؤكد أوكتافيو باث أن العرب استمدوا فلسفة الحب لديهم من أفلاطون، ثم نقلوها فيما بعد إلى الصوفية، ثم إلى البروفانسيين الذين زرعوها، بدورهم، في كبار الشعراء والروائيين الأوروبيين المعاصرين[clxxxvii]. من ناحية أخرى يتساءل أوكتافيو باث: «هل عرف البرفانسيون رسالة ابن حزم»[clxxxviii]. بالرغم من اعتقاده بأنه لا يملك إجابة واضحة، إلا أنه وجد عديد المؤشرات التي تؤكد هذه الحقيقة. يرى في هذا المضمار أنه «بعد مرور مائة وخمسين عاما، كتب أندرا س دي كابيان[...] رسالة حول الحب: "دي أرتي أونستا أماندي"، حيث يردد أفكارا وصيغا موجودة في طوق الحمامة»[clxxxix]. وبناء على ذلك، يرى أن الشعراء البروفانسيين عرفوا الأفكار الغزلية العربية، وان كان بطريقة مجزأة، قبل أن يكتب أندرا س دي كابيان رسالته عن الحب. وأكثر من ذلك، يرى أن هؤلاء الشعراء استوعبوا مفردات الحب وصيغ عروض الشعر العربي[cxc]. ليست قليلة الصلات التي وجدها أوكتافيو باث بين "طوق الحمامة" والشعر بروفانسي[cxci].

ومع ذلك، يوضح أوكتافيو باث أنه لا الحب كما يتصوره ابن جزم، ولا الحب العذري لدى البروفانسيين حبا صوفيا. على العكس من ذلك، هو بشري حصرا، مع الكشف على عوالم أخرى[cxcii]. كما يتفق الاثنان في المعنى الخاص الذي يعطونه للحب، وهو «أنه ثمرة مجتمع راق; ليس عاطفة مأساوية بالرغم من معاناة وآلام المحبين، لأن هدفه النهائي السعادة التي تنتج من الاتحاد بين المتعة والتأمل، والعالم الطبيعي والعالم الروحي»[cxciii].

الخيانة هي حالة أخرى من الاتفاق بين ابن حزم، والبروفانسيين، وكتاب آخرين مشهورين كتبوا عن الحب. يرى أوكتافيو باث أنه بالنسبة لابن حزم، وغينيزيلي، وشكسبير، وستاندال «الحب هو عاطفة يقدسها الجميع تقريبا، ولكن القليل، والقليل جدا يعيشه واقعا»[cxciv]. ولكن الاستعارة الأهم التي أخذها البروفانسيون من الشعر الغزلي العربي، حسب أوكتافيو باث، هي خضوع العاشق لحبيبته. استعارة تجاوزت نتائجها الحقل الشعري، وأثرت في الثقافة والعادات[cxcv].

على عكس النظام الإقطاعي، حيث العلاقة الاجتماعية بين السيد والتابع عمودية، يؤكد أوكتافيو باث أن هذه العلاقة بين العاشق وحبيبته انقلبت في اسبانيا الإسلامية، لأن «الأمراء وكبار الأسياد أعلنوا أنفسهم خدما وعبيدا لعشيقاتهم»[cxcvi]. فالعاشق لا يمكنه تأكيد حبه، إلا إذا ترك نفسه ينقاد بخنوع إلى عشيقته. يلاحظ ابن القيم الجوزية[cxcvii] أن التذلل للحبيبة هو، من ناحية، علامة حب، ومن ناحية أخرى، لا يمثل أي نقص أو عيب، بل هو شرف[cxcviii]. الحكم، خليفة قرطبة، نفسه يعلن أن «الخضوع شيء جميل للرجل الحر الذي يعشق»[cxcix].

سيرا على خطى الشعراء العرب، «تبنى البروفانسيون العادة العربية، فعكسوا العلاقة التقليدية بين الجنسين، منادين للعشيقة سيدتي، وأعلنوا أنفسهم خدما لها»[cc]. قام العرب بتذكير عشيقاتهم، وذلك بمناداتهن بسيدي أو مولاي، كتعبير عن حبهم. فموضوعي الخضوع للعشيقة وتذكيرها يظهران من جديد في الشعر الغزلي، بصفة خاصة، في القرنين السادس عشر والسابع عشر ميلادي[cci].

وهكذا غير العرب المنظومة الهرمية التقليدية للجنسين، فأعطوا للمعشوقة المرتبة العليا، وللعاشق مرتبة التابع[ccii]. عكس نظام العلاقات الإنسانية القائم في العصور القديمة والوسطى، أعطت هذه الممارسة في اسبانيا الإسلامية، المرتبة العليا للمرأة، جاعلة منها صديقا للرجل[cciii]. في الواقع، كانت النساء في ذلك العصر «يتمتعن بحريات لا يمكن تصورها في ظل الإسلام، فكان هذا التغيير ثورة حقيقية»[cciv]. لقد أثرت هذه الثورة في العلاقات بين الرجل والمرأة، والعادات، واللغة وغيرها، مما أجبر البروفانسيين على وضعها في شعرهم[ccv].

بخصوص الحب، يؤكد أوكتافيو باث أن أوجه التشابه بين الغرب والشرق الأوسط تفوق تلك التي بين الغرب والشرق الأقصى، مرجعا سبب هذا التشابه إلى مبدأ التوحيد الذي تقوم عليه كل من الثقافة المسيحية والثقافة الإسلامية[ccvi].

3. اللغة العربية ولغات العالم الإسلامي الأخرى
3 .1. الوزن الثقافي للغة العربية

يعتبر أوكتافيو باث اللغة العربية واحدة من أقدم اللغات في العالم، على غرار اللاتينية، والسنسكريتية، واليونانية، والصينية. في أكثر من مناسبة يذكر هذه اللغات كمرافق إما للإمبراطورية أو للدين[ccvii]. أما بورخيس فيعطي للعربية بعدا هاما عندما يصفها بأنها «اللغة التي يستخدمها الله لتوجيه الملائكة»[ccviii]. لا شك أن بورخيس يلمح هنا إلى طابعها المقدس، باعتبارها لغة القرآن الكريم. الناطقون بالعربية يدركون المزايا العديدة للغتهم، لذلك يشير الكاتب الأرجنتيني إلى هذه المزايا في مقالته "البحث عن ابن رشد"[ccix]. يعود ثراء هذه اللغة إلى عوامل تاريخية وثقافية. عندما اختلط العرب منذ النصف الثاني من القرن الثامن ميلادي مع أديان وشعوب أخرى (مسيحيون، ويهود، وسوريون، وفرس، وأفغان وهنود)، استوعبوا بسرعة إنتاجهم الثقافي والعلمي، الشيء الذي انعكس على لغتهم فمنحها تميزا ثقافيا رائعا[ccx].

غارثيا ماركيث معجب بالاعتزاز الشديد للعرب بلغتهم، ويبدو ذلك في إصرارهم على استخدامها حتى في أكبر الاجتماعات العالمية. تعجب من استخدام مئة دولة من العالم الثالث للغات المستعمر(الانجليزية، والفرنسية، والاسبانية) في إحدى جلسات دول عدم الانحياز. لكن العرب «هم وحدهم الذين أفلتوا من هذا النير، إذ كانوا يصعدون إلى المنصة بجلابيبهم المقدسة، ويشرعون في التعبير عن مشاغلهم بنفس اللغة التي استخدمها أجدادهم منذ آلاف السنين تقريبا»[ccxi]. فلا عجب أن يبدي العرب المعاصرين تعلقهم بلغتهم، كما أشار ماركيث، والحال أن أسلافهم كانوا أشد تمسكا بها. ايميليو مينانديث دال فايي يقدم لنا مثلا على ذلك وهو العالم، والفلكي، وعالم الرياضيات، والطبيب، والفيزيائي والمؤرخ البيروني الذي قال: «أفضل أن أشتم بالعربية، على أن أمدح بالفارسية»[ccxii]. لقد حافظ العرب على لغتهم تماما كما حافظوا على"جلابيبهم المقدسة"، في مقابل بقية شعوب العالم الثالث التي فرطت في لغاتها، تحت وطأة الاستعمار، مثل سكان الهند الذين «أجبروا على التحدث باللغة الانجليزية، ليس فقط على المنصة، بل وحتى في علاقاتهم الخاصة»[ccxiii].

يتناول كارلوس فوينتاس موضوع تأثير اللغة العربية في اللغة الاسبانية، مشددا على أهمية الاستعارات العربية في الاسبانية[ccxiv]. للدفاع عن أطروحته، يقدم مجموعة من الكلمات العربية المتداولة في الاسبانية، والتي تخص مختلف الحقول المعجمية. يتساءل فوينتاس متعجبا من هذه الظاهرة: «هل هذه اللغة اسبانية: غوادالوبي (وادي الحب)، وغوادي الكبير (الوادي الكبير)، وغوادالراما (وادي الرمل)، والبركة، وأثوتايا (السطح)، والساقية، والكوبا (غرفة النوم)، والمخدة، والقصر، والخرشوف، والليمون، والبرتقال، وان شاء الله»[ccxv].

ترك الوجود العربي القديم في اسبانيا أثرا عميقا في لغة هذا البلد، فشمل عدة مجالات، بحيث تشير التقديرات إلى أن 15% من المفردات القشتالية (الاسبانية)، أي ما يقرب من خمسة آلاف كلمة، تأتي من العربية. لقد كان للعربية أثرا بالغا على الاسبانية، إلى حد أنه قيل عندما كان الناس يتحدثون بالاسبانية في العصور الوسطى، كانوا في الحقيقة يتحدثون بالعربية من دون أن يشعروا[ccxvi]. فالزيت، والأرز، والزيتون، والزعفران، والباذنجان، والصك، والأريكة، والتعريفة، والجزر، والساقية، ورئيس البلدية، هي بعض من قائمة طويلة لكلمات اسبانية من أصل عربي، حسب لوثي لوباث بارالت[ccxvii].

في كتابه "الكلمات العربية في اللغة القشتالية في أواخر العصور الوسطى"، وجد فيليبي مايلو سالغادو عشرين منطقة في القشتالية متأثرة بالعربية. وفي ما يلي بعض الأمثلة على ذلك: يذكر في مجال المؤسسات الإدارية والاجتماعية كلمات مثل القرية، والإيجار، وجهاز العروس. في مجال الأعشاب والفواكه يذكر كلمات قطن، ومشمش، وسكر. إلى مجال الملابس، تنتمي مفردات مثل رداء الحمام، والسجاد، والخاتم. والى مجال التجارة والأرقام، تنتمي كلمة مخزن، ورقم. أما الدف، والعود، والقيثارة، فينتمون إلى مجال الموسيقى. والى مجال تقنية البناء، تنتمي مفردات الصرف الصحي، والامبيق، وخزان المياه، وغيرها[ccxviii].

في كتابه "الرفقة القلقة"، يعتبر كارلوس فوينتاس أن نصف المفردات الاسبانية هي عربية، وذلك نتيجة لثماني قرون من الوجود العربي في اسبانيا[ccxix].

لكن بورخيس يقدم لنا في مقالته "البحث عن ابن رشد" مشهدا نادرا في قرطبة، حيث يتخاصم الأطفال المسلمون باللغة القشتالية وليس بالعربية: « اللعبة لم تدم طويلا [..] سمعهم ابن رشد يتنازعون في لهجة غير مهذبة، يعني اللغة الاسبانية الأولى التي تحدث بها عامة مسلمي شبه الجزيرة»[ccxx]. يعتقد البعض أن بورخيس كان يتسلى بهذه الملاحظة، مشيرا إلى أنه إذا كانت النخبة تتحدث العربية، فان عامة الشعب المسام في الأندلس كان يتحدث الاسبانية البدائية[ccxxi].

3 .2. اللغة العربية في أمريكا اللاتينية
في علاقة بمستخدميها، مرت اللغة العربية في أمريكا اللاتينية، حسب ما ورد في أعمال غابريال غارثيا ماركيث، بمرحلتين كبيرتين. خلال المرحلة الأولى التي توافق الجيل الأول والثاني للمهاجرين العرب، ظلت العربية سليمة. ولكن خلال المرحلة الثانية التي توافق الجيل الثالث، بدأت تتحول إلى لغة سلبية، حيث «كان الأبناء يستمعون إلى آبائهم بالعربية، ويجيبونهم بالقشتالية»[ccxxii].

الكبار الوحيدون الذين لم يتخلوا عن العربية، هم إبراهيم ناصر، وجميل شيوم، ونهير ميغال، وهم ثلاث شخصيات لرواية "قصة موت معلن". كان إبراهيم ناصر يستخدم العربية دائما لمخاطبة ابنه سانتياغو ناصر. لكنه كان يستخدم القشتالية في حضور زوجته، بلاثدا لينيرو، ليشركها معهم في النقاش[ccxxiii]. كانت المحادثة بين جميل شيوم وسانتياغو ناصر تتم عادة بالعربية. لم يكونا يتفاهمان جيدا فحسب باستخدام اللغة العربية، بل كانا أيضا يتسليان عن طريق اللجوء إلى التورية. يدل هذا على إتقانهما للغة أجدادهما وعلى طلاقة تعبيرهما[ccxxiv].

يظهر المهاجرون العرب الأوائل في رواية ماركيث، "قصة موت معلن" في شكل أشخاص متعلقين بتقاليدهم وتراثهم الثقافي، لأنهم يحتفظون بأسمائهم، وبلغتهم الأم أيضا. هذه الحقيقة يذكرها الكاتب الكولومبي من أصل عربي، لويس فياض، عندما يشير إلى اللغة العربية عند سليمان، أحد شخصيات روايته "أقارب استير" الذي: «لم يتخل عن عربيته بعد ثمانية وستين عاما على هجرته من لبنان»[ccxxv].

أما بالنسبة الى الجيل الثالث من المهاجرين العرب في أمريكا اللاتينية، فقد أظهر قدرا كبيرا من الاندماج في المجتمع المضيف، متحملا كل ما ترتب عن ذلك من نتائج. في الواقع، نشأت لديهم هذه الرغبة في التكيف من حاجتهم لتعلم الاسبانية واستخدامها في معاملاتهم التجارية والاجتماعية. لكن في أغلب الأحيان، كان تعلم الاسبانية يتم على حساب الإضرار باللغة الأم[ccxxvi]. هذا الجيل الذي يستمع أفراده إلى آبائهم بالعربية ويجيبونهم بالقشتالية، أو في أحسن الحالات يتحدثون خليطا من اللغتين، يمثله السوري موسى، أحد شخصيات رواية "ليس للكولونيل من يكاتبه"، والذي كاد ينسى لغته العربية[ccxxvii]. بسبب مرور الوقت، والبعد عن البلد، وعدم ممارسة اللغة العربية، والاندماج في محيط ناطق بالاسبانية، لم يتمكن السوري موسى من ترجمة تشبيه قشتالي بسيط إلى العربية. حتى مع زوجته يجد صعوبة في التواصل معها بالعربية فقط، مما اضطره إلى استخدام لغة هجينة : خليط من العربية والاسبانية[ccxxviii].

ظاهرة الثنائية اللغوية لدى الأمريكيين اللاتينيين من أصول عربية التي أبرزها ماركيث، أكدها أيضا كتاب أمريكيون لاتينيون آخرون، مثل والتير غريب في روايته "مسافر السجاد السحري"، حيث يؤكد أن الزوجين، وهما عربي وهندية، يتفاهمان بـ"القشتربية"، وهي مزيج من القشتالية والعربية والغوراني[ccxxix]. السوري الياس ينتمي هو أيضا إلى ذاك الجيل من المهاجرين الذين حققوا اندماجهم في الحياة الاجتماعية والمهنية بصعوبة. كان يعاني من مشكلة التداخل اللغوي، إذ لم يكن يجيد لا العربية ولا الاسبانية، كما يذكر غابريال غارثيا ماركيث[ccxxx].

العرب الأوائل الذي وصلوا إلى ماكوندو مع أورسولا يرمزون في الحقيقة إلى أولئك المهاجرين العرب الذين اندمجوا في محيطهم الأمريكي اللاتيني الجديد بعد فترة طويلة من العيش هناك. رغم أننا لا نعرف إن كانوا احتفظوا بأسمائهم العربية أو لا، من المؤكد أنه وقع استيعابهم في هذه البيئة لأنهم «كانوا يتكلمون بنفس لغتهم (سكان ماكوندو)»[ccxxxi]، دون أي لهجة خاصة. لقد حقق هؤلاء العرب القادمون الجدد إلى ماكوندو درجة عالية من الاندماج مع الشعب، جعلتهم يثيرون إعجاب البطريرك، خوسي أركاديو بوانديا، وزوجته، أورسولا ايغاوارن، وبقية سكان القرية.

ولكن تعلم الاسبانية بالنسبة للمهاجرين العرب الأوائل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كانت عملية صعبة وبطيئة بالنسبة للبعض، جعلتهم في بعض الأحيان مصدرا لضحك الناس وسخريتهم. بالنسبة لبعض الأمريكيين اللاتينيين، كان رؤية العرب يتحدثون فيما بينهم يمثل مشهدا غير مفهوم وغريب في نفس الوقت[ccxxxii].

بالإضافة إلى الأسباب المذكورة آنفا لفقدان اللغة العربية بين المهاجرين العرب، تجدر الإشارة إلى ترك الأبناء عند معينات منزلية من البلد المضيف، عندما خرجت المرأة للعمل في التجارة. هذا هو حال المهاجرين العرب في كوستا ريكا، على سبيل المثال[ccxxxiii]. من العوامل الأخرى التي أضعفت اهتمام المهاجرين العرب بلغتهم الأم هو عمل الفرنسيين على إشعار عرب لبنان الموارنة بأنهم ليسوا عربا، بالرغم من تاريخهم وشكل حياتهم العربيين[ccxxxiv].

بين تعلق الجيلين الأولين من المهاجرين العرب في أمريكا اللاتينية بإرث أجدادهم الحضاري، وبين موقف الجيل الثالث الذي يميل إلى الاندماج في بيئته الجديدة، يوجد طريق ثالث يمثله سانتياغو نصار، يعمل في نفس الوقت على الحفاظ على العربية، والإتقان التدريجي للقشتالية. ربما هذا هو الطريق المثالي الذي ينادي به غارثيا ماركيث. لكن أصبح هذا البديل وهميا منذ مقتل سانتياغو ناصار، ضحية لكراهية الأجانب عند الكولونيل، الشخصية الخيالية. يرفض هذا الأخير إيقاف الأخوين فيكاريو، رغم علمه أنهم كانوا ينوون ارتكاب جريمة، زاعما أنه «لا يوقف أي شخص للشبهة»[ccxxxv]. كما انظم الأب حبيب إلى هذا الموقف العنصري، بحمايته للقتلة في الكنيسة[ccxxxvi].

إذا كانت بلدان أمريكا اللاتينية لم تلب رغبة سيمون بوليفار في خلق "أمة من الجمهوريات"««بتفريطهم في هذه اللغة كأداة اتصال عجيبة«[ccxxxvii]، فان العرب وضعوها في المرتبة الأولى من اهتماماتهم: تعلموها وأجادوها لضمان وتعزيز اندماجهم في البلدان المضيفة. تجدر الإشارة إلى أن أسلافهم في اسبانيا، الموريسكيون، سلكوا تقريبا نفس الطريق، وذلك بتطويع لغة الآخر، وهي اللغة الرومانية، إلى عالمهم الروحي، من أجل البقاء في عالم معاد لهم، بإبداعهم للألخمية، وهي لغة اسبانية مكتوبة بالخط العربي[ccxxxviii].

3 .3. اللغة والقومية في الهند
إن الانقسام الديني الحاد بين المسلمين والهندوس الذي يميز تاريخ الهند، يترجم في خلافات سياسية ولغوية. اللغات الرئيسية الثلاثة لشمال شبه القارة الهندية هي الأردية والهندية والهندوستانية. اليوم، الأردية هي اللغة الرسمية لباكستان، بينما الهندية هي اللغة الرسمية للهند، من الناحية النظرية على الأقل، كما يرى أوكتافيو باث[ccxxxix].

وفقا لصاحب جائزة نوبل للآداب المكسيكي أوكتافيو باث، فان لغة القصر والحكام المسلمين «منذ احتلال لاهور من قبل قوات سلطان غزني في القرن الحادي عشر حتى القرن التاسع عشر» هي اللغة الفارسية[ccxl]. في المقابل، اللغة الأردية هي اللغة الحقيقية للناس، أو بالأحرى «لغة الساحة العامة والبازار»[ccxli]. الأردية مشتقة من السنسكريتية، وتمثل شكلا من أشكال اللغة الهندية الغربية التي تأثرت بالفارسية، وبدرجة أقل بالعربية والتركية[ccxlii]. اللغة الأردية في النهاية هي نتيجة التعاون بين الهندوس والمسلمين في حكم هذا البلد. لذلك فان قواعدها اللغوية هندية، ومفرداتها فارسية[ccxliii].

الهندية هي لغة عامية مشتقة من السنسكريتية، وتحمل نسبة عالية من التعابير الأنجليزية والفارسية والعربية. أصبحت اللغة الرسمية للهند مع الاستقلال سنة 1947. كان ذلك، حسب أوكتافيو باث، بمثابة «رش الزيت على نار الخلاف مع المسلمين»[ccxliv]. وصف باث قرار الجمعية التأسيسية بإحلال الهندية محل الأردية بأنه قرار متهور، وصعب التحقيق، لأن الأردية كانت اللغة الأكثر انتشارا في الهند، وبالنسبة إلى المسلمين تعد لغتهم الوطنية[ccxlv].

يمثل فرض الهندية، حسب أوكتافيو باث، خطأ مضاعفا، لأنه اعتداء على الأمة وعلى الإيمان في نفس الوقت. لكن في كلا البلدين (الهند وباكستان) تثير المسألة اللغوية «القومية السياسية والتعصب الديني»[ccxlvi].

خاتمة
حاولنا أن نبين، طوال هذا البحث، أن الموضوع الأدبي واللغوي في العالم العربي الإسلامي استحوذ على اهتمام الكتاب الأمريكيين اللاتينيين المعاصرين الذين نحن بصدد دراستهم. تناول هؤلاء مجموعة متنوعة من المواضيع ذات الصلة باللغة العربية وإنتاجها الشعري والنثري. لكن في حين اهتم الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس والمكسيكي أوكتافيو باث بالجانب الأدبي، مركزين أبحاثهما حصرا تقريبا على العصر العربي الكلاسيكي، خصص الكولومبي غابريل غارثيا ماركيث والمكسيكي كارلوس فوينتيس عدة صفحات لإشعاع اللغة العربية في اسبانيا وأمريكا اللاتينية.

بالنسبة إلى الجانب الأدبي، اهتم بورخيس بالشعر العربي الجاهلي وبالشاعر الفارسي عمر الخيام ورباعياته، وبكتاب "ألف ليلة وليلة". أوكتافيو باث خصص عدة تعليقات حول موضوع الحب ومنظريه الرئيسيين: البغدادي ابن داود والقرطبي ابن حزم. رغم اعتراف أوكتافيو باث بعظمة ابن حزم كفيلسوف متميز وكشاعر الأندلس، ورغم تقييمه الايجابي لرسالته حول الحب، "طوق الحمامة"، فانه يعزو الكثير من أفكاره حول هذا الموضوع إلى أفلاطون. يرى على سبيل المثال، أن الفكرة القائلة بأن الجمال ليس ماديا فقط بل إلهيا أيضا، وفكرة أن الأرواح تبحث عن بعضها في الأرض بسبب العلاقات التي كانت تربطها ببعضها في العالم الآخر، وفكرة الحب العذري الموجود في "كتاب الزهرة" لابن داود، هي أفكارا أفلاطونية وقع تعديلها من قبل الدين الإسلامي.

كما أبرز أوكتافيو باث التأثير القوي للشعر العربي الأندلسي، وبصفة خاصة الزجل والخرجة، في الشعر البروفانسي والايطالي. ويبرز كذلك العديد من الاستعارات الموضوعية للشعر البروفانسي من كتاب "طوق الحمامة"، مثل تقديس الجمال الجسدي، والحب كسعادة وليس كعاطفة مأساوية، والخضوع إلى الحبيبة، إلى آخره. يبرر أوكتافيو باث هذا التفاعل بين الأدب الغربي والأدب العربي الإسلامي بانتماء كليهما إلى الديانة التوحيدية.

لا يقتصر تأثير الأدب العربي على الأدب الغربي في الشعر الغنائي فقط، بل يشمل السرد أيضا، إذ مثل كتاب "ألف ليلة وليلة" مصدر الهام للعديد من الروائيين الغربيين. تعود تأثيرات هذا الكتاب إلى العصر الذهبي الأوروبي، واستمرت في تيارين هامين هما الرومانسية والحداثة.

اهتم كتاب أمريكا اللاتينية أيضا بكتاب "ألف ليلة وليلة" الذي ترك أثرا عميقا في فنهم القصصي. فالواقعية السحرية لغارثيا ماركيث مثلا، تدين ببعض التأثير لهذا الكتاب. بالنسبة لبورخيس، يظهر هذا الكتاب في أعماله بأشكال مختلفة: موجود في مكتبته الخاصة، وفي مكتبة كتاب أمريكيين مشهورين، مثل ادغار لي ماستيريس. كما أنه رفيق سفر لأحد أبطاله، دهلمان. إضافة إلى ذلك، اعتاد بورخيس إدراج بعض القصص من هذا الكتاب في أعماله، مثل "قصة حلم رجلين" لتعزيز البعد الخيالي والرمزي في فنه القصصي. وفي بعض الأحيان اخترع قصصا ونسبها إلى "ألف ليلة وليلة". يفسر نزوعه إلى هذا الكتاب العربي بميله الطبيعي لما هو خرافي وأسطوري، ورغبته في التأثير والتسلية أكثر من الإقناع.

فيما يتعلق بوفاء المترجمين الأوروبيين "لألف ليلة وليلة"، يرى بورخيس أن هذا الكتاب قد تعرض إلى عمليات الزيادة، والحجب، والحذف، وإساءة الفهم... هذا حال الفرنسي غايون الذي أدرج قصصا جلبها من إفريقيا عن طريق الماروني حنا، وقام بحذف بعض المقاطع مراعاة للياقة. مواطنه، ماردروس، أضاف قصصا من أجل استكمال عمل الرواة العرب. الانجليزي ادوارد لاين هو بدوره لجأ إلى بتر بعض الأشياء من هذا الكتاب، فقام بحذف قصصا بأكملها بسبب التزمت. ولكن الترجمات التي أعجبت بورخيس أكثر من غيرها، هي ترجمة الانجليزي ريتشارد بورتون، والألماني أينو ليتمان اللتان تتميزان بوفرة الملاحظات التفسيرية حول الثقافة العربية الإسلامية. يكشف هذا الأمر رغبة هؤلاء الرجال ليس فقط في ترجمة هذا الكتاب، بل في نقل بيئته الثقافية أيضا.

لم تشمل عملية التشويه الناتجة عن الترجمة كتاب "ألف ليلة وليلة" فقط، بل طالت أيضا شخصية الشاعر الكبير عمر الخيام. أثار بورخيس هذا الموضوع عند حديثه عن الترجمة التأويلية للايرلندي فيتزجيرالد لرباعيات الخيام. يؤكد أن هذه الترجمة الانجليزية أنجبت قصيدة انجليزية بإشارات فارسية، وليس قصيدة فارسية مترجمة إلى الانجليزية. ويرى بورخيس أيضا أن فيتزجيرالد لم يتمكن، مثل العديد من الأوروبيين، من فهم شعر الخيام، لأنه لم يستطع فك العديد من رموزه الصوفية.

من ناحية أخرى، تناول الكتاب الأربعة، ومن زوايا مختلفة، موضوع اللغة العربية ولغات العالم الإسلامي الأخرى. بورخيس يسلط الضوء على الجانب المقدس من اللغة العربية، واصفا إياها بأنها اللغة «التي يستخدمها الله لتوجيه الملائكة». غارثيا ماركيث بدوره يشدد على تعلق العرب بلغتهم كسياسيين في الاجتماعات الدولية، أو كمواطنين عاديين في بلدهم أو في البلدان التي هاجروا إليها. كارولوس فوينتيس يبرز حضور اللغة العربية في القشتالية، مؤكدا، على لسان أحد شخصياته الروائية، أن نصف المفردات الاسبانية في فترة حرب استرداد اسبانيا كانت عربية.

أوكتافيو باث يعترف أيضا بعظمة اللغة العربية وذلك بضمها إلى لغات العالم القديم، مثل اللاتينية والسنسكريتية. كما يقدم مساهمة قيمة في دراسة لغات الهند الإسلامية. حسب المفكر المكسيكي، اللغات الرسمية في الهند في فترة الإمبراطورية المغولية هي الفارسية، لغة القصر، والأردية، لغة الساحة والبازار، والهندية، لغة الهنود غير المسلمين. أما العربية، رغم أنها لم تكن لها نفس وضعية اللغات الأخرى، فان تأثيرها كان هاما في اللغة الهندية وفي بعض قطاعات المجتمع الهندي.

المصادر

أوكتافيو باث، امتيازات الرؤية، المكسيك، فوندو دي كولتورا ايكونوميكا، 1987.

________، أجيال ومظاهر، المكسيك، فوندو دي كولتورا ايكونوميكا، 1987.

________، الحروف الأولى، برشلونة، سايكس بارال – بيبليوتيما بريفي، 1988.

________، الأعمال الكاملة، الجزء 1، غوتانبيرغ، الطبعة الأولى: ثيركولو دي لاكتوريس 1991، الطبعة الثانية: غالاكسيا غوتانبيرغ \ ثيركولو دي لاكتوريس 1999.

______، الأعمال الكاملة، الجزء 2، غوتينباريغ، غالاكسيا غوتينبارغ \ ثيركولو دي لاكتوريس، 2000.

______، الأعمال الكاملة، الجزء 3، غوتينباريغ، غالاكسيا غوتينبارغ \ ثيركولو دي لاكتوريس، 2001.

، اللهب المزدوج، برشلونة، سايكس بارال، 2002______

_______، الأعمال الكاملة، الجزء 6، غوتينبارغ، غالاكسيا غوتينبارغ \ ثيركولو دي لاكتوريس، 2003

 

خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، برشلونة، مارية كادومة وايميثي ايديتوريس، 1989.

____________، الأعمال الكاملة، الجزء 3، برشلونة، مارية كادومة وايميثي ايديتوريس، 1989.

_______________، تقرير برودي، بوينوس آيريس، أليانثا \ ايميثي ايديتوريس، 1993.

_______________، تحقيقات أخرى، مدريد، أليانثا ايديتوريال، 1993.

_______________، الصانع، مدريد، أليانثا ايديتوريال، 1972-1994.

_______________، نصوص أسيرة، مدريد، أنريكي صاثيريو غاري و ايمير رودريغاث مونيغال أليانثا ايديتوريال، 1998.

_______________، الأعمال الكاملة، الجزء 2، برشلونة، مارية كادومة وايميثي ايديتوريس، 2005.

 

غابريال غارثيا ماركيث، مائة عام من العزلة، مدريد، ايديتوريال ايسباسا كالبي، 1982.

_______________، الساعة النحسة، برشلونة، ايديتوريال بروغيرا، 1983.

_______________، الكورونال ليس له من يكاتبه، مدريد، موندادوري، 1987.

_______________، وقائع موت معلن، مدريد، موندادوري، 1990.

_______________، ملاحظات صحفية 5، 1961-1984، برشلونة، موندادوري، 1999.

_______________، عشت لأروي، برشلونة، موندادوري، 2002.

_______________، ذكريات غانياتي الحزينات، برشلونة، موندادوري، 2004.

 

كارلوس فوينتيس، في هذا أعتقد، برشلونة، ايديتوريا سايكس بارال، 2004.

___________، ضد بوش، مدريد، صانتيانا ايديثيونيس، 2004.

___________، الرفقة القلقة، مدريد، صانتيانا ايديثيونيس خينيراليس، 2004.

المراجع

أدريان هويسي، الأسطورة الكلاسيكية في أعمال خورخي لويس بورخيس. المتاهة، اشبيليا، ايديثيونيس الفار، 1998.

ايميليو مينينديث دال بايي، الإسلام والديمقراطية في العالم القادم، مدريد، المعهد الجامعي للنمو والتعاون، كتب الشلال، 1997.

أمامة عواد لحرش وعزيزة بنباني، رؤية مغربية لأمريكا اللاتينية، ليما، الجامعة الوطنية الكبرى لسان ماركوس وسفارة المملكة المغربية، 1992.

أوسفالدو سافانشيني، "تكريم خورخي لويس بورخيس: بورخيس والثقافات الشرقية"، في كوادارنوس هيسبانوأميريكانوس، 505\507، جويلية – سبتمبر، 1992.

بارون دوفو كارا، مفكروا الاسلام، الجزء 1، باريس، مكتبة بول جانتنير، 1921.

خوان فارنات، ألف ليلة وليلة، (ترجمة وتقديم وتعليق)، برشلونة، ايديتوريال بلانيتا، 1990.

________، الأدب العربي، برشلونة، الأكنتيلادو، كاداميس كريما، 2002.

رامون غاريرو،الفكر الفلسفي العربي، مدريد، ايديتوريال ثينثال، 1985.

سارخيو ماثياس، الحضور العربي في أدب أمريكا اللاتينية، صانتياغو دي تشيلي، ثونا أثول، 1995.

فالانتين غارثيا يابرا، "التعريب صلة بين الشرق والغرب"، في الترجمة والنقد، وقائع مؤتمر دراسة الحضارة الاسبانية، 24-27 ماي 1988.

فارناندو صورانتينو، سبعة محادثات مع خورخي لويس بورخيس، الأرجنتين، ايديتوريال الأتينو.

فيليبي ماييليو صالغادو، الكلمات العربية في القشتالية في أواخر العصور الوسطى، صالامنكا، منشورات صالامنكا العالمية، 1989.

عبد الله جيبيلو، الموضوع العربي في الآداب الاسبانية، الدار البيضاء، كلية الآداب بتطوان، 1996.

لوثي لوبي بارالت، أثر الإسلام في الأدب الاسباني من خوان رويث إلى خوان غواتيصولو، مدريد، ايديثيوناس هيباريون، 1985 و1989.

ميشال غال، سر ألف ليلة وليلة، العنوان الأصلي: Le secret des mille et une nuits، ترجمه الى الاسبانية خ. فيرير ألاو، برشلونة، ايديثيوناس روبارت لافرون، 1972.

مارية خيسوس روبيارا ماطا، الأدب العربي الكلاسيكي، من العصر الجاهلي إلى الإمبراطورية العثمانية، أليكانطي، جامعة أليكانطي، 1999.

محمد عبدو حتاملة، موضوع الشرق عند شعراء الرومانسية الاسبانية في القرن 19، غرناطة، ايديثيوناس أنال، 1972.

مارية كروث لاس ايراس، الهجرة اللبنانية الى كوستا ريكا، مدريد، كانتارابيا، 1991.

محمد نجيب بن جميع، "أحياء الموريسكيين ولغتهم وأشكال أخرى للمقاومة"، في رسائل حلق الواد، مؤتمر الندوة الدولية – الموريسكيون وتونس، رجاء ياسين بحري (منسقة)، 2009.

ميغال كروث ايرنانديث، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، مدريد، أليانثا ايديتوريال، 1996، 2000.

 

وثائق الكترونية
بوريس هاندال، "الثقافة الاسبانية العربية في أمريكا اللاتينية".

<http://www.derechoycambiosocial.com/rjc/REVISTA7/arabes.htm>

بيرفين ساراسفاند، "رباعيات عمر الخيام" <http://www.chasque.net/parzaraz/comentrad.htm>

خوان بيوسكا، "تاريخ الهند"

<http://mundos.elmundo.es/elmundoviajes/fichas.html?valor=126&zona=pais> .

خوان غوايتيسولو، "مقابلة مع خوان غوايتيسولو"، باريس 4 أكتوبر 1998.

<http://www.ucm.es/info/especulo/numero11/jgoytiso.html>

دوريتا نهود، "النص والنص الموازي... البحث عن ابن رشد لخورخي لويس بورخيس".

<http://www.crimic.paris-sorbonne.fr/actes/tl2/nouhaud.pdf>

نيكاسيو أوربينا في "ألف ليلة وليلة ومائة عام من العزلة: حضور كاذب وتأثيرات أكيدة"، مارس 1992.> <http://www.tulane.edu/~urbina/NicasioHome.CritArt.MUNCA.html

ميغال دي ثيرفاتيس، دون كيشوت، ص. 63. <www.feedbooks.com/book/3236.pdf>

شمس الدين الياس، "الشعر في الإسلام. الجزل والموشحة"

<http://www.islamchile.com/civilizacion/documento_29.htm>.

مارية أولغا صامامي،"التثاقف والهوية واللآخر في روايات الهجرة العربية نحوالشيلي".

<http://www.scielo.cl/scielo.php?pid=S0718-09342003005300004&script=sci_arttext>

 

[i] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 1، غوتانبيرغ، الطبعة الأولى: ثيركولو دي لاكتوريس 1991، الطبعة الثانية: غالاكسيا غوتانبيرغ \ ثيركولو دي لاكتوريس 1999 ، ص. 15.

[ii] المصدر السابق ، ص. 25.

[iii] مارية خيسوس روبيارا ماطا، الأدب العربي الكلاسيكي، من العصر الجاهلي إلى الإمبراطورية العثمانية، أليكانطي، جامعة أليكانطي، 1999، ص. 12.

[iv] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، برشلونة، مارية كادومة وايميثي ايديتوريس، 1989، ص. 587.

[v] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، برشلونة، مارية كادومة وايميثي ايديتوريس، 1989، ص. 586 .

[vi] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 25.

[vii] المصدر السابق، ص. 587

[viii] المصدر السابق

[ix] المصدر السابق

[x] المصدر السابق، ص. 403

[xi] المصدر السابق، ص. 586

[xii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 587

[xiii] المصدر السابق.

[xiv]خورخي لويس بورخيس، تحقيقات أخرى، مدريد، أليانثا ايديتوريال، 1993، ص. 79.

[xv] المصدر السابق.

[xvi] بارون دوفو كارا، مفكروا الاسلام، الجزء 1، باريس، مكتبة بول جانتنير، 1921، ص. 313-314.

المصدر السابق، ص. 310-313.

[xviii] خورخي لويس بورخيس، تحقيقات أخرى، ص. 80.

[xix] المصدر السابق.

[xx] خورخي لويس بورخيس، تحقيقات أخرى، ص. 80.

[xxi] خورخي لويس بورخيس، تحقيقات أخرى، ص. 80.

[xxii] بيرفين ساراسفاند، "رباعيات عمر الخيام" <http://www.chasque.net/parzaraz/comentrad.htm>

[xxiii] أوسفالدو سافانشيني، "تكريم خورخي لويس بورخيس: بورخيس والثقافات الشرقية"، في كوادارنوس هيسبانوأميريكانوس، 505\507، جويلية – سبتمبر، 1992، ص. 355.

[xxiv] خورخي لويس بورخيس، تحقيقات أخرى، ص. 80

[xxv] المصدر السابق، ص. 81.

[xxvi] المصدر السابق، ص. 80-81.

[xxvii]المصدر السابق، ص. 81.

[xxviii] بيرفين ساراسفاند، "رباعيات عمر الخيام".

[xxix] خورخي لويس بورخيس، تحقيقات أخرى، ص. 82.

[xxx] بيرفين ساراسفاند، "رباعيات عمر الخيام".

[xxxi] خورخي لويس بورخيس، تحقيقات أخرى، مدريد، ص. 81.

[xxxii] فالانتين غارثيا يابرا، "التعريب صلة بين الشرق والغرب"، في الترجمة والنقد، وقائع مؤتمر دراسة الحضارة الاسبانية، 24-27 ماي 1988، ص. 35-36.

[xxxiii] خورخي لويس بورخيس، الصانع، مدريد، أليانثا ايديتوريال، 19726-1994، ص. 41. 41.

[xxxiv] كارلوس فوينتيس، في هذا أعتقد، برشلونة، ايديتوريا سايكس بارال، 2004، ص. 228.

[xxxv] ميغال دي ثيرفاتيس، دون كيشوت، ص. 63. <www.feedbooks.com/book/3236.pdf>

[xxxvi] المصدر السابق، ص. 100-110.

[xxxvii] خوان غوايتيسولو، "مقابلة مع خوان غوايتيسولو"، باريس 4 أكتوبر 1998.

<http://www.ucm.es/info/especulo/numero11/jgoytiso.html>.

[xxxviii] أمامة عواد لحرش وعزيزة بنباني، رؤية مغربية لأمريكا اللاتينية، ليما، الجامعة الوطنية الكبرى لسان ماركوس وسفارة المملكة المغربية، 1992، ص. 26.

[xxxix] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 2، غوتينباريغ، غالاكسيا غوتينبارغ \ ثيركولو دي لاكتوريس ، 2000، ص. 31.

[xl] المصدر السابق.

[xli] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 3، غوتينباريغ، غالاكسيا غوتينبارغ \ ثيركولو دي لاكتوريس ، 2001، ص. 21.

[xlii] محمد عبدو حتاملة، موضوع الشرق عند شعراء الرومانسية الاسبانية في القرن 19، غرناطة، ايديثيوناس أنال، 1972، ص. 12.

[xliii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 3، برشلونة، مارية كادومة وايميثي ايديتوريس، 1989، ص. 240.

[xliv] كارلوس فوينتيس، في هذا أعتقد، ص. 197.

[xlv] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 232.

[xlvi] ميشال غال، سر ألف ليلة وليلة، العنوان الأصلي: Le secret des mille et une nuits، ترجمه الى الاسبانية خ. فيرير ألاو، برشلونة، ايديثيوناس روبارت لافرون، 1972، ص. 302.

[xlvii] ميشال غال، سر ألف ليلة وليلة، ص. 302.

[xlviii] عبد الله جيبيلو، الموضوع العربي في الآداب الاسبانية، الدار البيضاء، كلية الآداب بتطوان، 1996، ص. 37.

[xlix] حسن عباس، "مساهمات متبادلة ومشتركات ثقافية"، في حوار بين الثقافات العربي ايبيرو أمريكي، تونس، ص. 249.

[l] أمامة عواد لحرش وعزيزة بنباني، رؤية مغربية لأمريكا اللاتينية، ص. 26.

[li] المصدر السابق، ص. 26-27.

[lii] عبد الله جيبيلو، الموضوع العربي في الآداب الاسبانية، ص. 56.

[liii] أوكتافيو باث، الحروف الأولى، برشلونة، سايكس بارال – بيبليوتيما بريفي، 1988، ص. 278.

[liv] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، برشلونة، سايكس بارال، 2002، ص. 7.

[lv] ماريو فارغاس ليوسا، غارثيا ماركيث: قصة قتل الإله، برشلونة، سايكس بارال، 1971، ذكره نيكاسيو أوربينا في "ألف ليلة وليلة ومائة عام من العزلة: حضور كاذب وتأثيرات أكيدة"، مارس 1992.> <http://www.tulane.edu/~urbina/NicasioHome.CritArt.MUNCA.html

[lvi] غابريال غارثيا ماركيث، عشت لأروي، برشلونة، موندادوري، 2002، ص. 166-167.

[lvii] المصدر السابق، ص. 264.

[lviii] غابريال غارثيا ماركيث، ذكريات غانياتي الحزينات، برشلونة، موندادوري، 2004، ص. 76.

[lix] غابريال غارثيا ماركيث، عشت لأروي، ص. 168.

[lx] نيكاسيو أوربينا، "ألف ليلة وليلة ومائة عام من العزلة: حضور كاذب وتأثيرات أكيدة".

[lxi] نيكاسيو أوربينا، "ألف ليلة وليلة ومائة عام من العزلة: حضور كاذب وتأثيرات أكيدة".

[lxii] ماكوندو هي القرية الخيالية التي دارت فيها أحداث "مائة عام من العزلة"

[lxiii] غابريال غارثيا ماركيث، مائة عام من العزلة، مدريد، ايديتوريال ايسباسا كالبي، 1982، ص. 446.

[lxiv] المصدر السابق، ص. 59.

[lxv] نيكاسيو أوربينا، "ألف ليلة وليلة ومائة عام من العزلة: حضور كاذب وتأثيرات أكيدة".

[lxvi] المصدر السابق.

[lxvii] المصدر السابق.

[lxviii] المصدر السابق.

[lxix] غابريال غارثيا ماركيث، مائة عام من العزلة، ص. 146.

[lxx] نيكاسيو أوربينا، "ألف ليلة وليلة ومائة عام من العزلة: حضور كاذب وتأثيرات أكيدة".

[lxxi] أوسفالدو سافانشيني، "تكريم خورخي لويس بورخيس: بورخيس والثقافات الشرقية"، ص. 347.

[lxxii] أمامة عواد لحرش، "ألف ليلة وليلة خورخي لويس بورخيس" في آداب مغربية باللغة القشتالية، ص. 214

[lxxiii] فارناندو صورانتينو، سبعة محادثات مع خورخي لويس بورخيس، الأرجنتين، ايديتوريال الأتينو، ص. 140.

[lxxiv] أمامة عواد لحرش، "ألف ليلة وليلة خورخي لويس بورخيس" في آداب مغربية باللغة القشتالية، ص. 222.

[lxxv] خورخي لويس بورخيس، نصوص أسيرة، مدريد، أنريكي صاثيريو غاري و ايمير رودريغاث مونيغال أليانثا ايديتوريال، 1998، ص. 76.

[lxxvi] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 12.

[lxxvii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 2، برشلونة، مارية كادومة وايميثي ايديتوريس، 2005، ص. 69.

[lxxviii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 170.

[lxxix] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 525.

[lxxx] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 527.

[lxxxi] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 529.

[lxxxii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 316.

[lxxxiii] خورخي لويس بورخيس، الصانع، ص. 130.

[lxxxiv] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 338.

[lxxxv] المصدر السابق.

[lxxxvi] المصدر السابق، ص. 336.

[lxxxvii] خورخي لويس بورخيس، نصوص أسيرة، ص. 318.

[lxxxviii] خورخي لويس بورخيس، نصوص أسيرة، ص. 319.

[lxxxix] أدريان هويسي، الأسطورة الكلاسيكية في أعمال خورخي لويس بورخيس. المتاهة، اشبيليا، ايديثيونيس الفار، 1998، ص. 23.

[xc] المصدر السابق، ص. 247.

[xci] خورخي لويس بورخيس، نصوص أسيرة، ص. 318.

[xcii] أمامة عواد لحرش، "ألف ليلة وليلة خورخي لويس بورخيس" في آداب مغربية باللغة القشتالية، ص. 219.

[xciii]عزيزة بناني، "الموضوعات العربية في النثر الايبروأمريكي"، في غارثيا يابرا، الترجمة والنقد، ص. 191.

[xciv] خورخي لويس بورخيس، تقرير برودي، بوينوس آيريس، أليانثا \ ايميثي ايديتوريس، 1993، ص. 10.

[xcv] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 406.

[xcvi] المصدر السابق.

[xcvii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 232.

[xcviii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 232.

[xcix] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 407.

[c] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 169.

[ci] المصدر السابق.

[cii] المصدر السابق، ص. 170.

[ciii] المصدر السابق، ص. 169.

[civ] خوان فارنات، ألف ليلة وليلة، (ترجمة وتقديم وتعليق)، برشلونة، ايديتوريال بلانيتا، 1990، ص. 36-64.

[cv] أمامة عواد لحرش، "ألف ليلة وليلة خورخي لويس بورخيس" في آداب مغربية باللغة القشتالية، ص. 225.

[cvi] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 241.

[cvii] ميشال غال، سر ألف ليلة وليلة، ص. 304.

[cviii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 240.

[cix] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 397.

[cx] خوان فارنات، ألف ليلة وليلة، (ترجمة وتقديم وتعليق)، ص. 24.

[cxi] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 401.

[cxii] المصدر السابق، ص. 397.

[cxiii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 398.

[cxiv] المصدر السابق.

[cxv] ميشال غال، سر ألف ليلة وليلة، ص. 303-304.

[cxvi] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 398.

[cxvii] المصدر السابق، ص. 399.

[cxviii] المصدر السابق، ص. 400.

[cxix] المصدر السابق، ص. 400-401.

[cxx] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 401.

[cxxi] المصدر السابق.

[cxxii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 240.

[cxxiii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 397.

[cxxiv] المصدر السابق، ص. 397- 398.

[cxxv] المصدر السابق، ص. 402.

[cxxvi] المصدر السابق.

[cxxvii] المصدر السابق، ص. 403.

[cxxviii]المصدر السابق، ص. 405.

[cxxix] المصدر السابق، ص. 405-406.

[cxxx] ميشال غال، سر ألف ليلة وليلة، ص. 306.

[cxxxi] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 406.

[cxxxii] المصدر السابق، ص. 407.

[cxxxiii] ميشال غال، سر ألف ليلة وليلة، ص. 305.

[cxxxiv] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 407.

[cxxxv] المصدر السابق، ص. 410.

[cxxxvi] المصدر السابق.

[cxxxvii] ميشال غال، سر ألف ليلة وليلة، ص. 305.

[cxxxviii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 410.

[cxxxix] المصدر السابق، ص. 399.

[cxl] المصدر السابق.

[cxli] المصدر السابق.

[cxlii] المصدر السابق.

[cxliii] المصدر السابق.

[cxliv]المصدر السابق، ص. 412.

[cxlv] المصدر السابق.

[cxlvi] المصدر السابق.

[cxlvii] ميشال غال، سر ألف ليلة وليلة، ص. 312.

[cxlviii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 412.

[cxlix] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 37.

[cl] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 6، غوتينبارغ، غالاكسيا غوتينبارغ \ ثيركولو دي لاكتوريس، 2003، ص. 832.

[cli] ألفارو غالماس دي فوينتيس، الحب العذري في الشعر العربي والشعر البروفانسي، مدريد، ايديثيوناس كاتيدرا، 1996، ص. 13.

[clii] ألفارو غالماس دي فوينتيس، الحب العذري في الشعر العربي والشعر البروفانسي، ص. 12.

[cliii] المصدر السابق.

[cliv] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 83.

[clv] مارية خيسوس روبيارا ماطا، الأدب العربي الكلاسيكي، من العصر الجاهلي إلى الإمبراطورية العثمانية، ص. 55.

[clvi] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 83.

[clvii] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 37..

[clviii] ألفارو غالماس دي فوينتيس، الحب العذري في الشعر العربي وشعر البروفانسال، ص. 29.

[clix] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 82-83.

[clx] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 83.

[clxi] رامون غاريرو،الفكر الفلسفي العربي، مدريد، ايديتوريال ثينثال، 1985، ص. 140.

[clxii] رامون غاريرو، الفكر الفلسفي العربي، ص. 140.

[clxiii] مارية خيسوس روبيارا ماطا، الأدب العربي الكلاسيكي، من العصر الجاهلي إلى الإمبراطورية العثمانية، ص. 73-74.

[clxiv] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 83-84.

[clxv] خوان فارنات، الأدب العربي، برشلونة، الأكنتيلادو، كاداميس كريما، 2002، ص. 149.

[clxvi] المصدر السابق، ص. 148.

[clxvii] ميغال كروث ايرنانديث، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، مدريد، أليانثا ايديتوريال، 1996، 2000، ص. 41.

[clxviii] خوان فارنات، الأدب العربي، ص. 148-149.

[clxix] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 84.

[clxx] ميغال كروث ايرنانديث، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، ص. 59.

[clxxi] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 84.

[clxxii] المصدر السابق.

[clxxiii] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 84.

[clxxiv] المصدر السابق، ص. 85.

[clxxv] المصدر السابق، ص. 84-85.

[clxxvi] المصدر السابق، ص. 85.

[clxxvii] ألفارو غالماس دي فوينتيس، الحب العذري في الشعر العربي...، ص. 17-38.

[clxxviii] قسطانية : هي منطقة جنوب أوروبا التاريخية (فرنسا واسبانيا وايطايا) حيث انتشرت اللغة القسطانية.

[clxxix] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 6، ص. 978.

[clxxx] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 82.

[clxxxi] المصدر السابق.

[clxxxii] شمس الدين الياس، "الشعر في الإسلام. الجزل والموشحة"

<http://www.islamchile.com/civilizacion/documento_29.htm>.

[clxxxiii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص، 168.

[clxxxiv] ألفارو غالماس دي فوينتيس، الحب العذري في الشعر العربي...، ص. 9.

[clxxxv] أوكتافيو باث، امتيازات الرؤية، المكسيك، فوندو دي كولتورا ايكونوميكا، 1987، ص. 339.

[clxxxvi] أوكتافيو باث، أجيال ومظاهر، المكسيك، فوندو دي كولتورا ايكونوميكا، 1987، ص. 224.

[clxxxvii] المصدر السابق، ص. 226.

[clxxxviii] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 85.

[clxxxix] المصدر السابق.

[cxc] المصدر السابق.

[cxci] المصدر السابق، ص. 85-86.

[cxcii] المصدر السابق، ص. 86.

[cxciii] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 6، ص. 944.

[cxciv] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 6، ص. 963.

[cxcv] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 82.

[cxcvi] المصدر السابق.

[cxcvii] لابن القيم الجوزية كتاب عن الحب بعنوان "روضة المحبين ونزهة المشتاقين"

[cxcviii] ألفارو غالماس دي فوينتيس، الحب العذري في الشعر العربي...، ص. 20.

[cxcix] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 868.

[cc] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 82.

[cci] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 868.

[ccii] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 82.

[cciii] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 3، ص. 868.

[cciv] أوكتافيو باث، اللهب المزدوج، ص. 82.

[ccv] المصدر السابق.

[ccvi] المصدر السابق، ص. 86.

[ccvii] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 2، ص. 558.

[ccviii] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 586.

[ccix] المصدر السابق.

[ccx] فالانتين غارثيا يابرا، "التعريب صلة بين الشرق والغرب"، في الترجمة والنقد، ص. 25.

[ccxi] غابريال غارثسا ماركيث، ملاحظات صحفية 5، 1961-1984، برشلونة، موندادوري، 1999، ص. 458-459.

[ccxii] ايميليو مينينديث دال بايي، الإسلام والديمقراطية في العالم القادم، مدريد، المعهد الجامعي للنمو والتعاون، كتب الشلال، 1997، ص. 29.

[ccxiii] غابريال غارثسا ماركيث، ملاحظات صحفية 5، ص. 459

[ccxiv] كارلوس فوينتيس، ضد بوش، مدريد، صانتيانا ايديثيونيس، 2004، ص. 157.

[ccxv] كارلوس فوينتيس، البرتقال، مدريد، صانتياني (الفاغوارا)، 1993، ص. 91.

[ccxvi] بوريس هاندال، "الثقافة الاسبانية العربية في أمريكا اللاتينية".

<http://www.derechoycambiosocial.com/rjc/REVISTA7/arabes.htm>

[ccxvii] لوثي لوبي بارالت، أثر الإسلام في الأدب الاسباني من خوان رويث إلى خوان غواتيصولو، مدريد، ايديثيوناس هيباريون، 1985 و1989، ص. 30-31.

[ccxviii] فيليبي ماييليو صالغادو، الكلمات العربية في القشتالية في أواخر العصور الوسطى، صالامنكا، منشورات صالامنكا العالمية، 1989، ص. 457-459.

[ccxix] كارلوس فوينتاس، الرفقة القلقة، مدريد، صانتيانا ايديثيونيس خينيراليس، 2004، ص. 124.

[ccxx] خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء 1، ص. 583.

[ccxxi] دوريتا نهود، "النص والنص الموازي... البحث عن ابن رشد لخورخي لويس بورخيس"، ص. 3.

<http://www.crimic.paris-sorbonne.fr/actes/tl2/nouhaud.pdf>

[ccxxii] غابريال غارثيا ماركيث، وقائع موت معلن، مدريد، موندادوري، 1990، ص. 83.

[ccxxiii] المصدر السابق، ص. 15.

[ccxxiv] المصدر السابق، ص. 103.

[ccxxv] سارخيو ماثياس، الحضور العربي في أدب أمريكا اللاتينية، صانتياغو دي تشيلي، ثونا أثول، 1995، ص. 80.

[ccxxvi] مارية أولغا صامامي،"التثاقف والهوية واللآخر في روايات الهجرة العربية نحوالشيلي".

<http://www.scielo.cl/scielo.php?pid=S0718-09342003005300004&script=sci_arttext>

[ccxxvii] غابريال غارثيا ماركيث، الكورونال ليس له من يكاتبه، مدريد، موندادوري، 1987، ص. 77.

[ccxxviii]غابريال غارثيا ماركيث، الساعة النحسة، برشلونة، ايديتوريال بروغيرا، 1983، ص. 77.

[ccxxix] سارخيو ماثياس، الحضور العربي في أدب أمريكا اللاتينية، ص. 47.

[ccxxx] غابريال غارثيا ماركيث، الساعة النحسة، ص. 54.

[ccxxxi] غابريال غارثيا ماركيث، مائة عام من العزلة، ص. 92.

[ccxxxii] سارخيو ماثياس، الحضور العربي في أدب أمريكا اللاتينية، ص. 38.

[ccxxxiii] مارية كروث لاس ايراس، الهجرة اللبنانية الى كوستا ريكا، مدريد، كانتارابيا، 1991، ص. 115.

[ccxxxiv] مارية كروث لاس ايراس، الهجرة اللبنانية الى كوستا ريكا، ص. 27-28.

[ccxxxv] غابريال غارثيا ماركيث، وقائع موت معلن، ص. 61.

[ccxxxvi] المصدر السابق، ص. 53.

[ccxxxvii] محمد نجيب بن جميع، "أمريكا اللاتينية بعد خمسة قرون"، في "حوار بين الثقافات العربي الايبيرو أمريكي"، ص. 189.

[ccxxxviii] محمد نجيب بن جميع، "أحياء الموريسكيين ولغتهم وأشكال أخرى للمقاومة"، في رسائل حلق الواد، مؤتمر الندوة الدولية – الموريسكيون وتونس، رجاء ياسين بحري (منسقة)، 2009، ص, 219.

[ccxxxix] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 6، ص. 1125-1126.

[ccxl] المصدر السابق، ص. 1126.

[ccxli] المصدر السابق.

[ccxlii] المصدر السابق.

[ccxliii] خوان بيوسكا، "تاريخ الهند"

<http://mundos.elmundo.es/elmundoviajes/fichas.html?valor=126&zona=pais> .

[ccxliv] أوكتافيو باث، الأعمال الكاملة، الجزء 6، ص. 1128.

[ccxlv] المصدر السابق.

[ccxlvi] المصدر السابق.