ترصد دراسة الباحث العراقي انطباعات الجبرتي عن الفرنسيين من خلال كتابية «عجائب الآثار» و«مظهر التقديس» وتحاول الإجابة عن كيفية تصوير المؤرخ للحملة الفرنسية على مصر، وطبيعة الأسئلة التي أثارتها في ذهنه، واستجابته لتحديات المساءلة حول كنه الثقافة الغربية، وموقع الثقافة العربية مما حققته.

الآخر في عيون الجبرتي مؤرخ الحملة الفرنسية

عمر جاسم محمد

عبد الرحمن الجبرتي(1) (ولد في القاهرة عام 1756-وتوفي فيها عام 1825). وهو مؤرخ مصري عاصر الحملة الفرنسية على مصر ووصف تلك الفترة بالتفصيل في كتابه ”عجائب الآثار في التراجم والأخبار“(2) والمعروف اختصاراً بـ«تاريخ الجبرتي» والذي يُعَدُّ مرجعاً أساسياً لتلك الفترة الهامة من الحملة الفرنسية.

وتتلخص هذه الورقة التي قدمت كمحاضرة في رصد انطباعاته عن الفرنسيين في مصر من خلال كتابيه عجائب الآثار ومظهر التقديس، وهي محاولة للإجابة على عدة أسئلة كيف صور مؤرخ مصري ينتمي إلى طبقة علماء الأزهر الحملة الفرنسية على مصر؟ وماهي الأسئلة التي أثارتها هذه الحملة في ذهن المؤرخ؟، وكيف استجاب للتحديات الفكرية في تلك الفترة؟ هل تقبّل الثقافة الغربية كما هي؟ هل استطاع أن ينظر إلى الآخر بما هو؟ أم رسم صورته استناداً إلى موروثاته الفكرية والتاريخية؟ كيف تلقى الجبرتي المنشور الأول الشهير لنابليون؟ ومن ثم توفير مقارنة نقدية بين مظهر التقديس والجزء المقابل له في عجائب الآثار بما يتعلق بالاحتلال الفرنسي وهذه المقارنة تبين الاختلافات البارزة في فكر الجبرتي بين كتابه الأول مظهر التقديس وكتابه الأخير عجائب الآثار.

من هو الآخر:
”الآخر“ هو من صلب تعريف وتكوين الذات أو النفس حسب (فلسفة النفس) حيث تحدد الفروقات النسبية بين النفس والكيان ”الآخر“. وقد استخدم علم الاجتماع هذا المفهوم لفهم المنهجية التي تستثني المجتمعات بعض فئاتها على أنها من "الآخرين" الذين يتصفون بصفات دونية لا تمكنهم من الاختلاط معهم. وعلى سبيل المثال، ورد في كتاب إدوارد سعيد ”الاستشراق": تفسيرات تبين كيف مارست المجتمعات الغربية خصوصاً إنجلترا وفرنسا هذا المفهوم بهدف السيطرة على ”الآخرين“ في الشرق.

كما أن مفهوم ”الآخر“ عنصر أساسي في فهم وتشكيل الهوية، حيث يقوم الناس بتشكيل أدوارهم وقيمهم ومنهج حياتهم قياساً ومقارنة بالآخرين كجزء من منهجية التفاعل البيني التي لا تحمل بالضرورة معانيَ سلبية. لم تكن حملة نابليون على مصر مجرد حملة عسكرية، بقدر ما كانت مواجهة ثقافية شكلت صدمة كبيرة لدى الطرفين. وعلى هذا، ماهو تأثير حملة نابليون كمواجهة ثقافية على الجبرتي؟ ماذا كان رد فعله تجاه الحملة كشاهد عيان؟ ماهو التصور الذي شكله عن الفرنسيين؟ ما هو انطباعه الأول عن الفرنسيين؟ كيف تشكل هذا الانطباع؟ إلى ماذا استند الجبرتي في رسم صورة الفرنسيين في ذهنه؟ هل حاكمهم لأنهم دخلوا مصر؟ أم لأجل أمر آخر؟ هذا ما نحاول الإجابة عليه من خلال ورقتي البحثية هذه.

ولأجل الإجابة على هذه الأسئلة قسمت الموضوع إلى قسمين:

يقع القسم الأول في ثلاثة محاور:

الأول: موقف الجبرتي الأولي من الفرنسيين من خلال كتابه مظهر التقديس.

الثاني: صورة الفرنسيين في ذهن الجبرتي.

الثالث: الأفكار والمفاهيم الغربية التي انتقلت إلى العالم العربي وكيف تلقاها الجبرتي.

ثم ننتقل إلى التحول في موقف الجبرتي تجاه الفرنسيين من خلال كتابه الثاني عجائب الآثار.

الأول: موقف الجبرتي الأولي من الفرنسيين من خلال كتابه مظهر التقديس.

يمكن رصد الانطباع الأول للجبرتي من خلال أهم وثيقة في حملة نابليون على مصر وهي المنشور الأول الذي أرسله نابليون للمصريين:

نسخ الجبرتي الخطاب بالكامل في كتابه مظهر التقديس وتكمن أهمية الخطاب في احتوائه على بعض المفاهيم الجديدة والتي سيتم تحليلها لتحديد موقف الجبرتي من الفرنسيين(3).

1- افتتح الخطاب بـــ (بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله لا ولد له ولا شريك له في ملكه)

2- أبلغ نابليون الشعب المصري أن هذا الخطاب أصدر باسم الجمهورية الفرنسية مبنياً على أساس الحرية والتسوية.

”من طرف الفرنساوية المبني على أساس الحرية والتسوية“

3- برر الهجموم على مصر بالقول إنه قد حان الوقت لمعاقبة حكام مصر الذين تسلطوا وتعاملوا بالذل مع الأمة الفرنسية وظلموا تجارها وصادروا أملاكهم واعتدوا عليهم.

”السر عسكر الكبير أمير الجيوش الفرنساوية بونابارته، يعرف أهالي مصر جميعهم أن من زمان مديد الصناجق الذين يتسلطون في البلاد المصرية يتعاملون بالذل والاحتقار في حق الملة الفرنساوية، يظلمون تجارها بأنواع الإيذاء والتعدي؛ فحضر الآن ساعة عقوبتهم“

4- ويعطي لنفسه المزيد من التبريرات بقوله: ”إنني ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم فذلك كذب صريح فلا تصدقوه، وقولوا للمفترين: إنني ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين، وإنني أكثر من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالى، وأحترم نبيه والقرآن العظيم“.

5- يبدأ نابليون بالمرحلة الثانية من الخطاب وهي تنظيم أمور الدولة وتطبيق مفاهيمه التي جاء بها فيقول: ”ولكن بعونه تعالى من الآن فصاعداً لا ييأس أحد من أهالي مصر عن الدخول في المناصب السامية، وعن اكتساب المراتب العالية“.

6- المثقفون والمتعلمون من المصريين هم من سيحكمون البلد: "فالعلماء والفضلاء والعقلاء بينهم سيدبرون الأمور وبذلك يصلح حال الأمة كلها".

7- طلب نابليون من القضاة و الشيوخ والأئمة ووجهاء البلد أن ينقلوا إلى شعبهم نيابة عن الفرنسيين أنهم هم أيضاً مؤمنون ودليل ذلك مهاجمة روما وتدمير عرش البابا الذي لطالما حرض على قتال المسلمين وكما أنه قاتل فرسان مالطا الذين زعموا أن الله أوكلهم بقتال المسلمين فضلاً عن أن الفرنسيين أصدقاء مخلصون للسلطان العثماني وهم أعداء أعدائه.

أيها المشايخ والقضاة والأئمة والجربجية وأعيان البلد قولوا لأمتكم: إن الفرنساوية هم أيضاً مسلمون مخلصون؛ وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في رومية الكبرى وخربوا فيها كرسي الباب الذي كان دائماً يحث النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطة وطردوا منها الكواللرية الذين كانوا يزعمون أن الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين. ومع ذلك الفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني، وأعداء أعدائه أدام الله ملكه.“

والآن نرصد انطباع الجبرتي من خلال تفسيره للخطاب حيث وضع عنواناً لذلك ”تفسير بعض ما أودعه هذا المكتوب من الكلمات المفككة والتراكيب الملعبكة“.

يشرع الجبرتي بتفسير الجملة الافتتاحية من البيان ”بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله، لا ولد له ولا شريك في ملكه" ويقول إن صياغة هذه الجمل الثلاث هو تلميح بأن الفرنسين يوافقون الملل الثلاث (اليهودية، المسيحية، الإسلام)، وإنهم موافقون للإسلام بذكر اسم الله ونفي الولد والشريك عنه، ومخالفون لهم بعدم ذكر الشهادتين (يقصد: لا إله إلا الله محمد رسول الله) وهذا جحد للرسالة ورفض للأقوال والأفعال المعلومة من الدين بالضرورة.

وهم موافقون للمسيحيين في غالب أقوالهم وأفعالهم بعقيدة التثليث وجحد الرسالة أيضا فضلاً عن مخالفتهم للمسيحيين بقتلهم القساوسة وهدم الكنائس، على أنهم متفقون مع اليهود بالتوحيد لأن اليهود لا يقولون بالتثليث إلا أنهم (مجسمة: أي اليهود) وبهذا يختلفون معهم. وبعد نقاش طويل يخلص الجبرتي الى أن الفرنسيين لا يؤمنون بأي دين أو عقيدة بل هم يخترعون دينهم بما يتفق وعقولهم ويتبعون الهوى والفردانية (4).

وما يثير السؤال هنا والأهمية الكامنة في هذا النص ليس ما علق به الجبرتي، بل كيف علم الجبرتي كل هذا وأنهم خالفوا الاديان الثلاثة؟ إن هذا التمحيص الدقيق في مفاهيم الثورة الفرنسية يضع الجبرتي في موضع الباحث المتقصي بدقة عن مفاهيم الثورة الفرنسية وأنه جلس طويلاً مع الفرنسيين يناقشهم في مفاهيمهم وعقيدتهم وأنه سألهم عن أسس عقيدتهم. والواضح أيضا من هذا النص أنه لم يكتب في حينه، فلو كتب في حين وروده ما كان ليعلق عليه بهذا الشكل لأن معرفته لم تكن سابقة على قدوم الفرنسيين.

ثم يعلق الجبرتي على عبارة ”القادر على كل شيء“ فيقول: إن إحدى مظاهر قدرته وآياته الظاهرة هو جلب هؤلاء الشياطين (الفرنسيين) إلى أراضي الملوك والسلاطين.”ومن قدرته الباهرة وآياته الظاهرة جلب هؤلاء الشياطين الى مراتع الملوك و السلاطين، ورجوع الكرة عليهم وقطع دابرهم ونواصيهم“(5).

وينتقل الجبرتي الى مناقشة مبررات نابليون لاحتلاله مصر ”إنني ما قدمت إليكم إلا لكيما أخلص حقكم من يد الظالمين“ فيقول الجبرتي إنها أول كذبة لفقها نابليون. وذهب الى أبعد من ذلك حين قال إنه يعبد الله أكثر من المماليك وما ذلك إلا جنون وجهل مطلق، فأي عبادة يقصدها نابليون مع كفره الذي ران على فؤاده؟ وحجبه عن الوصول إلى الإيمان(6).

وقال إنه يحترم النبي وهذه أيضا كذبة مطلقة من نابليون، فإذا كان حقاً يحترم النبي لكان آمن به وقبل الإسلام عقيدة له. ويذكر أيضا أنه يحترم القرآن وهذا كذب مطبق لأن احترام القرآن في تعظيمه وتعظيمه بالتصديق بما فيه والإيمان بأن النبي خاتم الأنبياء وصاحب أفضل الرسالات لكن الفرنسيين يرفضون ذلك.

وأما فيما يتعلق بالاحترام المادي للقرآن فان الله قد أمر: ”لا يمسه إلا المطهرون“ ولكن هؤلاء قد استخدموا أوراق المصاحف ليتنظفوا بعد التغوط ومن ثم يرمونها وهي ملطخة وهم لا يستخدمون المراحيض ولا يستنجون بالماء البتة بل إنهم يستخدمون الأوراق إن وجدوها. ثم يستشهد الجبرتي بمثال آخر يظهر عدم احترامهم للقرآن ويخلص بسؤال: هل هذا هو الاحترام الذي يدعيه المفتري؟(7).

ثم ينكر الجبرتي على نابليون في ادعائه بأن الناس متساوون عند الله ”إن جميع الناس متساوون عند الله تعالى“ فيقول إن ذلك كذب وادعاء وجهل لأن الله فضل بعضهم على بعض وفي ذلك آيات وشرائع (8). ثم يحلل الجبرتي لغوياً عبارة ”ما العقل“ ويثبت أنها جملة استفهامية استنكارية وهي بمعنى ”لا عقل للمماليك“ ويتفق الجبرتي معهم في ذلك(9).

ويناقش الجبرتي ادعاء نابليون بمطالبة المماليك الدليل والحجة التي بها ملكوا رقاب الناس فينفي أن يكون الله قد منح أحداً الملك بحجة مكتوبة، بل إن الحكم يتم تداوله بينهم أو بالوراثة أو بالقوة. بعد ذلك يعقب الجبرتي ويتكلم عن نتائج أحد ادعاءات بونابرت في أن المناصب السامية ستكون من نصيب الناس، قال الجبرتي بأن تلك المناصب ما أخذها إلا الرعاع وأسافل القوم مثل برطلمين الطبجي والذي يسميه العامة (فرط الرمان كتخذا مستحفظان)(10).

لكنه يتفق معه من حيث النظرية بأن حال البلاد لا يصلح إلا بإيكال الأمور الى أهلها من العقلاء والفضلاء إلا أن ذلك لم يحدث على أرض الواقع. أما ما يتعلق بقول نابليون إنه دمر كرسي البابا فذلك لم يشفع له عند الجبرتي لأنه قال إن ذلك يدل على أنهم يخالفون الأديان الثلاثة وهم ملحدون ”دهرية مبطلون“ وينكرون النبوة و الرسالة. ولا يؤمنون بيوم القيامة وربما اعتقدوا بتناسخ الأرواح، لكنهم أيضاً يحكّمون العقل ويحتكمون اليه(-). ثم يعكف الجبرتي على توصيف سلوكيات الفرنسيين فيما يتعلق بالحياة اليومية والاحتياجات الطبيعية فيذكر كيف كانوا لا يتسترون في قضاء الحاجات ويمارسون الجنس كلما تيسّر لهم ذلك ويحلقون لحاهم وشواربهم ولا يحلقون رؤوسهم ولا عانتهم ومن سوء خلقهم أنهم لا يخلعون أحذيتهم ويمشون بها على السجاد ويبصقون على السجاد(11).

ويخلص التعليق إلى دعوة الجبرتي على الفرنسيين: "عجل الله لهم الوبال والنكال، وأخرس منهم عضو المقال، وفرق جمعهم، وشتت شملهم وأفسد رأيهم وأخمد أنفاسهم وهدم أساسهم إنه على ذلك". وهكذا تجد الجبرتي في مظهر التقديس يصب جام غضبه على نابليون كلما ادعى أنه مسلم أو صديق للمسلمين. وكان كثيراً ينهي تعليقه على كلام نابليون بــ: ”وباقي الكلام المموه الذي ذكروه بمعنى الكلام السابق من كذبهم و قولهم إنهم مسلمون يحترمون النبي والقرآن“(12).

بعد إخماد تمرد القاهرة الأول أصدر نابليون بياناً يدين التمرد ويهدد بإخماد أي تمرد من هذا القبيل في المستقبل بقوة مفرطة، وذكر بعض الآيات من القرآن الكريم في كلامه آنف الذكر ليؤكد أنه مسلم ويعطي لنفسه حجة ودليلاً(13)، وهنا وكالعادة يصبح الجبرتي أكثر تهجماً وعنفاً ويفقد أعصابه في الرد على نابليون كعبارة (رئيسهم ذلك التعيس) ويستمر ذلك الهجوم في كل الكتاب تقريباً(14).

ويمكن ذكر بعض العبارات مثل: ”كفرة الفرنسيس، اللعين، مجلون اللعين.“ ويمكن ملاحظة أن هذه العبارات لم تشمل الفرنسيين فقط بل ألحقها الجبرتي للأقباط ومنهم القائد القبطي الذي عينه الفرنسيون: برطلمين الكافر، اللعين برطلمين، يعقوب اللعين). (عبد العال الخبيث)(15).

من جانب آخر وفيما يتعلق بالقادة فكلما ذكر الجبرتي اسماً لقائد فرنسي ذكره بصفة معينة مثل: اللعين، الخبيث، الكافر، التعيس، وعندما ترك نابليون مصر وذهب إلى فرنسا وعين كليبر قائداً للقوات محله ذكر الجبرتي أنه عندما ذهب الوجهاء وأعضاء الديوان لتهنئة كليبر لم يروا الابتسامة على وجهه كما كان يفعل (اللعين الأول) شديد البهجة. (يقصد نابليون)(16). إن أكثر ما ميز موقف الجبرتي هو موقفه الساخر والمهين للفرنسيين (في مظهر التقديس) ونذكر بعض الأمثلة على ذلك: حين نزل الجيش الفرنسي إلى القاهرة أول مرة، كانوا يجوبون الشوارع ويأكلون الطعام المصري وهم مبتهجون، لكن الجبرتي علق على ذلك بسخرية وإهانة: ”ويأخذون المشتروات بزيادة عن ثمنها، وهذه من أعظم المكايد لأجل إضلال عقول العامة، وانهمكوا على أنواع المأكولات مثل الكلاب السعرانين ففجر السوقة“(17).

كما أنه يعلق على طقوس تشييع كليبر بقوله: ”انقضى أمره وذهب الى لعنة الله“(18)، كذلك بعد وصفه الاحتفال بالذكرى السنوية للجمهورية الفرنسية بقوله: ”عجّل الله زوالها من جميع الأرض(19)، وبعد أيام انهارت الأقواس التي وضعوها للزينة من أجل الاحتفال، ذكر الجبرتي أن الناس استبشروا بذلك وقال "فتفاءل الناس بسقوط دولتهم“(20)، إضافة الى تعليقه عندما تلقى أنباء عن هزيمة الفرنسيين أمام الإنكليز والعثمانيين ختم تعليقه بالقول: ”ولله الحمد“(21).

وبينما كان الجبرتي حاضراً في حدث البالون الفرنسي (المنطاد) وكان الفرنسيون قد أعلنوا سابقاً أنهم سيطيرون منطاداً قرب بركة الأزبكية، أعطى الجبرتي وصفاً دقيقاً للمنطاد وتفسيراً علمياً لطريقة عمله وذكر أنه لم يكن معجباً به، ولكن سرعان ما انفجر المنطاد ونزل وعندها انهال عليهم بالتعليقات الساخرة كونهم قد أعلنوا سابقاً أنه يشبه السفينة ويسافر إلى البلدان البعيدة ويحمل عليه أشخاصاً وكانت ادعاءاتهم كاذبة وذرائعهم غير مبررة لأنه كان مجرد بالون عادي(22).

صورة الفرنسيين في ذهنيته:
كان للجبرتي موقف عدائي ومتشدد تجاه الفرنسيين مما منعه من فهم الثقافة الغربية وعدم الاكتراث والتفكر فيها، فهو اعتبرهم كفاراً وأقل شأناً وأن ثقافتهم دنيئة، وربما يكون السبب وراء مشاعره تلك تجاه الفرنسيين هو الإرث الإسلامي والحضارة الاسلامية التي تزامن تفوقها مع العصور المظلمة الأوربية وأنه ولد ونشأ في أسرة متدينة من العلماء بحكم كونهم رؤساء رواق الجبرت في الأزهر. وكان الجبرتي نفسه عضواً بارزاً في جماعة العلماء في القاهرة، وهذا الإرث الماضي المجيد جنباً الى جنب مع العقيدة الدينية ولدا نوعاً من الغرور والازدراء للثقافة الفرنسية الغربية فحكم على الفرنسيين بأنهم كفار وبرابرة وخلص إلى أن المجتمع الفرنسي بعمومه مجتمع همجي.

ويبقى الجبرتي غير راضٍ عن انتصار الفرنسيين على المماليك بحكم عدم الطرفين من حيث المعدات العسكرية. ونسب هزيمة المماليك إلى الرياح القوية التي هبت على المماليك مصحوبة بالغبار يوم المعركة بينما في مكان آخر يذكر أن العلماء والعامة لم يدخروا يوماً في الصلاة والدعاء وقراءة البخاري في الأزهر على الرغم من أن هذه الصلوات لم تمنع دخول الفرنسيين مصر. ولكن في عجائب الآثار يظهر الجبرتي العكس تماماً إذ يسخر من المماليك ويتفاخر بنمط الفرنسيين العسكري وتنظيمهم كما يسخر من العلماء والعامة الذين يرددون البخاري في الأزهر(23).

كل تلك الأحكام المسبقة والأفكار المتبناة استناداً إلى الموروث جعلت من الجبرتي لا يرى سوى الجانب السيء من الفرنسيين أو لنقل ما اعتبره هو سيئاً وبنى أحكامه استناداً إلى معرفته هو وليس بنظرة تجريدية. ونتيجة لذلك رسم الجبرتي صورة عن الفرنسيين تظهرهم كمدمني الخمور الذين لا همَّ لهم سوى البحث عن المتعة: ”ان لهم عناية أشد من ذلك (أي الحمير) في بذل الأموال في الخمور والتردد إلى حانات الراح"(24)، "لأن أكثرهم مطبوع على المجون والخلاعة وتلك هي طبيعة الفرنسيس فمالت إليهم نفوس أهل الأهواء من النساء الأسافل والفواحش فتداخلن مع الفرنسيس لخضوعهم للنساء وبذل الأموال لهن“(25).

يبين هنا الجبرتي العلاقات التي تمت بين النساء المصريات والجنود الفرنسيين إذ اتجهت الكثير من النسوة إلى الجنود من أجل ممارسة الجنس معهم مقابل مبالغ من الأموال وازدهرت تلك الحالة بأعداد هائلة من النساء. في حين أنه يصف إنشاء الفرنسيين لملهى ونادي ليلي بالتنظيم والدقة، ويصف آلية دخول الشخص إلى ذلك المكان في عجائب الآثار.

ونستشهد بأمثلة على ذلك:
شيد الفرنسيون نادياً قرب الأزبكية يجتمعون فيه للترفيه، وأشار الجبرتي الى ذلك بقوله : ”تجمعوا بدار الخلاعة، يجتمعون بها النساء والرجال للهو والخلاعة رجالاً ونساء وتراقصوا وتسابقوا“(26)، وأشار الجبرتي يضا إلى ولع الفرنسيين بالحمير والخمور، وقد كان الفرنسيون ينفقون أموالا كبيرة مقابل استئجار الحمير لركوبها. ونتيجة لذلك الولع من الفرنسيين فإن الكثير من المصريين الذين كانوا عاطلين عن العمل صاروا تجاراً بسبب ركوب الحمير فقد كان بعض الفرنسيين يقضون نهاراً كاملاً على ظهور الحمير دون القيام بأي عمل سوى التجوال في الشارع والسباق والغناء والضحك والمزاح وإنفاق الأموال الطائلة في النبيذ و ركوب الحمير، ويختم هذا التصور الذي رسمه عن الفرنسيين بقوله: ”ان الفرنسيس ضاعت أموالهم بين حمار وخمار“(27).

الأفكار والمفاهيم الفرنسية الجديدة التي انتقلت إلى مصر
شكلت الخطابات والإعلانات والمراسيم الفرنسية التي تصدر من وقت لآخر، والتي تتناول وتتعاطى مع الأحداث والمناسبات في مصر من أهم قنوات انتقال الأفكار والمفاهيم الفرنسية الجديدة إلى الفرنسيين. وقد ترجمت هذه التصريحات إلى اللغة العربية وتمت طباعتها وعلقت في الأماكن العامة وهذه الطريقة في إعلان المراسيم والخطابات بشكل عام هي بحد ذاتها فكرة جديدة على المصريين، وجدير بالذكر أن الجبرتي كان ينقل هذه التصريحات حرفياً على الرغم من أنه أبدى امتعاضه في كثير من الأحيان من سوء وركاكة اللغة فيها. ويمكن تصنيف الأفكار والمفاهيم الجديدة إلى مجموعات:

1- الولادات، الوفيات، تسجيل الزواج(28)، إقرار من الشرطة للمسافرين من مكان الى آخر(يمكن تسميته تذكرة سفر أو تصريح)(29).

2- الصحة والنظام الصحي:

أ. يجب أن تكون المقابر بعيدة عن المدينة، وينبغي حفر القبور بشكل أعمق(30).

ب. يجب نشر الملابس والأثاث على شرفات المنازل لعدة أيام لتعريضها للشمس وتبخير المنازل كإجراء وقائي ضد الطاعون(31).

ج. يجب الإبلاغ عن المرضى من أجل الكشف عن حالات الطاعون(32).

د. ضرورة فرض الحجر الصحي إذا تفشى الوباء في مكان ما(33).

لم يعلق الجبرتي على هذه الأنظمة باستثناء تعليق واحد في زمن انتشار الطاعون في القاهرة. أبدى امتعاضاً من القواعد الصارمة للغاية فيما يتعلق بالحجر الصحي. ووصف خوف الناس من هذه التطبيقات الجديدة و اللوائح الصارمة حيث يمكن إنهاء حياة إنسان بجرة قلم باعتبار الاشتباه بالطاعون(34). ويذكر أنّ المسلمين واجهوا صعوبة ووقتاً عصيباً لتقبل مثل هذه الأوضاع الجديدة(35).

المفاهيم السياسية: يعد خطاب نابليون المبكر الذي سبق تحليله خطوة مهمة في إدخال المفاهيم السياسية الجديدة.

أ. لم يعلق الجبرتي على ”مفهوم الجمهورية“. ومن الجدير بالذكر أن كلمة ”جمهورية“ (جمهور) المستخدمة في هذا الإعلان في مظهر التقديس مفقودة من نسخة عجائب الآثار، ولكن تكررت في العديد من الخطابات الأخرى في عجائب الآثار. إن الجبرتي يُغفل هذا المصطلح من الخطاب في عجائب الآثار، يتجاهل مفهوم الجمهورية والتطور التاريخي الفرنسي، ولكن المفهوم يسقط فقط من المنشور الأول لنابليون، وهناك تطور ملموس في عجائب الآثار حين يصف الاحتفال بذكرى الجمهورية الفرنسية: فقد كتب الجبرتي في مظهر التقديس: وسبب هذا العيد أنهم لما قتلوا سلطانهم وظهرت بدعتهم التي ابتكروها وخرجوا بها عن الطريق والملل جعلوا ذلك اليوم عيداً وتأريخاً“(36)، في حين كتب في عجائب الآثار: ”وذلك اليوم كان ابتداء قيام الجمهور ببلادهم فجعلوا ذلك اليوم عيداً وتأريخاً“.

ونرجّح بأن هذا التجاهل كان متعمداً من قبل الجبرتي لاعتبارات معينة منها تعارض مفهوم الجمهورية مع مفهوم الدولة الإسلامية ولهذا أثبت الجبرتي المفهوم في مظهر التقديس لتبيان ذلك للعثمانيين بأنهم دولة تتعارض منهجاً وأسلوباً معهم وتتقاطع في الكثير من السمات مع حكم الدولة الإسلامية، وربما أيضاً قد يعود ذلك لسوء طبعة بولاق أو أن ذلك خطأ في النسخ لا أكثر.

مفهوم: تبرير الغزو:
إن هذا المفهوم أعاد تفعيل مبدأ قديم لطالما كان خاملاً في الوسط الإسلامي وهذا يعني ضمناً أن المصريين لا يدينون بالولاء للحاكم بل أن الولاء للإسلام ولا يعني ذلك تبعية للمماليك بالضرورة، ويظهر من النص أن الجبرتي لا يؤيد تسلط حاكم غير مسلم على المجتمع الإسلامي.

مبدأ حق الجميع وتكافؤ الفرص:
الجبرتي، معلقاً على ذلك يكتب: ”إنه ما فعل هذا إلا ليتقي اللوم من خلال اعطاء المناصب الرفيعة لأسافل الناس مثل برطلمين الذي جعلوه كتخذا“(37). لم يكن هذا المبدأ بجديد لدى العرب والمسلمين ولكن الحكومات هي التي انتهكت هذا المبدأ.

أهم مبدأ سياسي طرحه نابليون هو إنشاء حكومة محلية لإدارة شؤون البلاد:
الجبرتي، ساخراً من لغة البيان يكتب: ”نعم بتدبير العقلا والفضلا ينصلح حال الامة ولكنهم لم يفعلوا ذلك“. كان هذا تعليقه الأولي على كلام نابليون. خلال السنوات الثلاثة من الحملة الفرنسية تم إنشاء عدة دواوين بلغت أربعة لإدارة شؤون البلاد. هذه الدواوين لم تكن فعالة في العملية، وكانت تستخدم في بعض الأحيان لجمع المال من الناس، والديوان الأول كان يتكون من عشرة شيوخ. الديوان الثاني أطلق عليه ”محكمة القضايا“ تكون من ستة مسلمين وستة تجار أقباط وعين تاجر قبطي رئيساً للديوان. هاجم الجبرتي هذا الديوان بقوة وكان ذلك مبرراً إلى حد ما.

الديوان الثالث تم إنشاؤه بعد تمرد القاهرة الأول 1213 هــ، وتم تنظيم مجلسين فيه، ديوان عمومي يتكون من ستين عضواً، وديوان خصوصي يتكون من أربعة عشر عضواً (خمسة من الشيوخ، اثنان من التجار، واحد من الأقباط اثنان من المسيحيين الشوام، وواحد إنكليزي والبقية فرنسيون).

الديوان الرابع والأخير تشكل بعد تمرد القاهرة الثاني 1215 هــ وتكون من (تسعة علماء). ومن جانب آخر نلاحظ أن الجبرتي لا يعطي أسماء هؤلاء التسعة في مظهر التقديس في حين أنه يسجل أسماءهم في عجائب الآثار باستثناء اسمه الذي يشير إليه بصورة غير مباشرة بقوله ”والشيخ الصاوي وكاتبه“(38).

يعكس مظهر التقديس عقلية الجبرتي مع موقفه المعادي تجاه الثقافة الغربية على اعتبار تقاطعها مع الأنماط الثقافية السائدة في بلاده. ولكن بعد سنوات قليلة ولأجل الأسباب التي سنبينها لاحقاً، ذكر الجبرتي أنه نقح مظهر التقديس من أجل دمجه مع عمله الرئيسي المشهور عجائب الآثار في التراجم والأخبار والذي تم إنجازه باعتباره أهم مصدر تاريخي عن تلك الحقبة، ولكن المقارنة بين العملين لا تدل على تغير في الترتيب والتصنيف فحسب بل تكشف عن تغير الهدف في نظرته وتفكيره التاريخي، وهذا الافتراض وضع لتفسير تلك الفجوة لدى الجبرتي بين كتابيه عجائب الآثار ومظهر التقديس، وقبل الشروع في إثبات هذه الفرضية سنستشهد بآراء بعض المؤرخين والباحثين فيما يتعلق بالاختلافات بين مظهر التقديس وعجائب الآثار.

محمود الشرقاوي في كتابه (دراسات في تاريخ الجبرتي) بين عدة ملاحظات حول الاختلافات بين مظهر التقديس وعجائب الآثار: إن الحذف والإضافة في مظهر التقديس وعجائب الآثار يرجع إلى الفترة التي استغرقت في جمع المعلومات إذ إن الجبرتي كان لا يزال يكتب عن الفرنسيين في عجائب الآثار وهم يحكمون البلاد، وبالتالي فإن الجبرتي كان حريصاً على أن يكون دقيقاً في رصده للفرنسيين وعدم توجيه اللوم لهم أو مهاجتمهم حتى يتيقنّ من أفعالهم إذ إنه كان يكتب بشكل يومي ومستمر، ولكن عندما كتب مظهر التقديس كان الفرنسيون قد غادروا مصر فضلا عن أنه جمع هذا العمل ليقدمه إلى الصدر الأعظم العثماني يوسف باشا فكان ذلك أحد أسباب مهاجمته للفرنسيين(39).

أشار الشرقاوي في مكان آخر أن الجبرتي كان يكتب عجائب الآثار في عام 1220 هــ (40) مما يتعارض مع قوله المذكور أعلاه. وبغض النظر عن هذه التناقضات يبدو أن الشرقاي قد تجاهل مقدمة وخاتمة مظهر التقديس. وهو لا يذهب عميقاً في المسألة. إن الاختلاف بين الكتابين ليس مجرد حذف وإضافة ناتجة عن الوقت الذي استغرق في الكتابة كما يعتقد الشرقاوي فمثل هذا القول يجعل من الجبرتي متملقاً و يصوره على أنه انتهازي. والدلائل تثبت عكس ما قاله الشرقاوي فاستنكار الجبرتي وموقفه الصريح والحازم من محمد علي (المستبد) الذي سحق معارضيه لهو دليل صارخ على شجاعة الجبرتي.

جمال الدين الشيال اعتقد أن الاختلافات بين مظهر التقديس وعجائب الآثار لا اعتبار لها ولا تتجاوز الحذف والإضافة، وأن الاختلاف الأكثر وضوحاً بين العملين هو هجوم الجبرتي على الفرنسيين في مظهر التقديس ودقته ونزاهته وصراحته في عجائب الآثار(41).

أما خليل شيبوب فيرى أن الأمر ببساطة هو أن مظهر التقديس لم يكن إلا جزءاً مستلاً من عجائب الآثار كان قد نمقه الجبرتي وأضاف اليه من قصائد حسن العطار ثم لما ذهب العثمانيون أعاد الأمر إلى ما كان عليه وعاد إلى أمانته التاريخية من إنصاف للفرنسيين(42).

والسؤال القائم هنا، ما هي مساهمات العطار في مظهر التقديس؟

كتب الجبرتي في مقدمة مظهر التقديس أن صديقه حسن العطار كان يجمع المواد التاريخية المتعلقة بالاحتلال الفرنسي إضافة إلى بعض الأحيان زاد مقاطع شعرية ونثرية كتبها العطار ”وكان ممن اعتنى أيضاً بجمع تلك الأخبار صاحبنا العلامة حسن ابن محمد الشهير بالعطار فضممت ما نحققه مع بعض من منظومه ومنثوره بحسب المناسبة إلى هذا السفر“(43).

في مظهر التقديس كلما نقل الجبرتي عن صديقه العطار كتب عبارة: "قال صاحبنا المشار إليه مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الإشارات، التي هي قليلة جدا إلا أن هناك ايحاء بأن مساهمات العطار ضئيلة جداً باستثناء القصائد. فضلاً عن أن العطار كان خارج القاهرة في فترة الاحتلال الفرنسي لمدة عام ونصف ويمكن أن يعزى الاختلاف بين الكتابين إلى سهو الجبرتي عن كتابة بعض المقاطع من نصوص صديقه العطار.

ان المقارنة بين كتابي الجبرتي عجائب الآثار ومظهر التقديس تشير بوضوح إلى التغير الكبير في نمط تفكير الجبرتي فمظهر التقديس يعكس موقفه الحاد تجاه الثقافة الفرنسية، ويتعارض مع الأنماط الثقافية السائدة في فرنسا، لكن في عجائب الآثار ورغم ما فيه من تغير في موقفه إلا أنه محاولة لفهم الثقافة الغربية الجديدة على المجتمع المصري بطريقة منضبطة.

وهذا التغير الموضوعي في نظرة وموقف الجبرتي هو نتيجة لأزمة نفسية أصابت المؤرخ وهي نتيجة للصدمة في مواجهة الثقافة التي مثلها نابليون في مصر، وأظهرت بالتالي الجبرتي كمؤرخ ناضج.

(عمر جاسم محمد باحث من العراق- نينوى)

(نقلاً عن جدلية. قدمت هذه الورقة البحثية إلى وحدة الدراسات الاستشراقية-جامعة الموصل-كلية الآداب.)

* * *

هوامش:
(1) للتفصيل أكثر في حياة الجبرتي: انظر: عمر جاسم محمد، الحملة الفرنسية على مصر 1798-1801 في ضوء ما كتبه الجبرتي، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الموصل، كلية الآداب، 2012.

(2) لتوضيح النسخة المعتمدة في هذا البحث، سنعتمد : الجبرتي، عبد الرحمن،عجائب الآثار في التراجم والأخبار ، تحقيق: حسن محمد جوه، عبد الفتاح السرنجاوي، السيد إبراهيم سالم،لجنة البيان العربي، (القاهرة:1958).

(3) الجبرتي، يوميات الجبرتي : "مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس"; تحقيق محمد عطا، ط1، دار المعارف، (القاهرة:1958)، 1/37-41.

(4) الجبرتي، مظهر، 1/41.

(5) الجبرتي، مظهر، 1/41-2.

(6) الجبرتي، مظهر، 1/43.

(7) الجبرتي، مظهر، 1/42-3.

(8) الجبرتي، مظهر، 1/43.

(9) الجبرتي، مظهر، 1/41.

(10) الجبرتي، مظهر، 1/43.

(11) الجبرتي، مظهر، 1/44.

(12) الجبرتي، مظهر، 1/45.

(13) الجبرتي، مظهر، 1/84.

(14) الجبرتي، مظهر، 1/117-8.

(15) الجبرتي، مظهر، 1/116.

(16) الجبرتي، مظهر، 1/77،126،116،102،138،37.

(17) الجبرتي، مظهر، 1/203.

(18) الجبرتي، مظهر، 1/59-60.

(19) الجبرتي، مظهر، 2/73.

(20) الجبرتي، مظهر، 1/77.

(21) الجبرتي، مظهر، 1/78.

(22) الجبرتي، مظهر، 2/117.

(23) الجبرتي، مظهر، 1/110.

(24) الجبرتي، مظهر، 1/46.

(25) الجبرتي، مظهر، 1/46.

(26) الجبرتي، مظهر، 1/132-3.

(27) الجبرتي، مظهر، 1/152.

(28)الجبرتي، مظهر، 1/133.

(29) الجبرتي، مظهر، 2/90-1، 94.

(30) الجبرتي، مظهر، 1/154.

(31) الجبرتي، مظهر، 1/83.

(32) الجبرتي، مظهر، 1/83.

(33) الجبرتي، مظهر، 1/83.

(34) الجبرتي، مظهر، 1/83.

(35) الجبرتي، مظهر، 2/108-9.

(36) الجبرتي، مظهر، 2/101.

(37) الجبرتي، مظهر، 1/73.

(38) الجبرتي، مظهر، 1/44.

(39) الجبرتي، مظهر، 2/82 ، عجائب، 3/137؛ خليل شيبوب، عبد الرحمن الجبرتي، (القاهرة:1948)،ص ص 82-3.

(40) محمود الشرقاوي، دراسات في تاريخ الجبرتي، مصر في القرن الثامن عشر، (القاهرة: 1955)، 1/43.

(41) نفسه، 1/26.

(42) جمال الدين الشيال، التاريخ والمؤرخين في مصر في القرن التاسع عشر، (القاهرة:1958)، ص ص 25-6.

(43) شيبوب، مصدر سابق، ص 89.

(44) الجبرتي، مظهر، 1/21.