كاتبة مصرية في ضيافة معرض الكتاب والنشر بالدارالبيضاء والذي اختتم فعالياته الشهر الماضي، الدورة التي عرفت حضور مصر ضيف الشرف، من خلال تنظيم العديد من اللقاءات التي تقرب المتتبع من الحراك الثقافي المصري الحديث، في هذا التقرير نقترب من خلاصات اللقاء مع الكاتبة المصرية المرموقة والتي وقعت أحدث اصداراتها الروائية.

هالة البدري داخل أسوار كازابلانكا

رضـوان متوكل

استضافت قاعة وجدة يوم الأربعاء 14 فبراير 2018، ضمن أنشطة المعرض الدولي للكتاب، الدورة 24، بمدينة الدار البيضاء، الكاتبة المصرية هالة البدري، وذلك في إطار الاحتفاء بمبدعين وكتاب من مصر، التي تشارك ضمن فعاليات المعرض كضيف شرف. وتعد "هالة البدري"، أحد أبرز الوجوه الإبداعية النسوية في مصر في الرواية والقصة والصحافة. وقد تم الاشتغال في هذه اللقاء على روايتها الأخيرة "مدن السور"، التي أجمع أغلب الدارسين على أنها عمل تخييلي له تميز وتفرد، يتجلى في كونه يدخل في خانة الفانتازيا العلمية التي تجمع بين البعدين العلمي والتأملي.

كان هذا اللقاء مناسبة بارزة للوقوف على انشغال الكاتبة هالة البدري بأسئلة المستقبل، وهذا ما ركز عليه الناقد شعيب حليفي، الذي قدم قراءة نقدية في رواية "مدن السور"، مستهلا إياها بذكر مكامن قوة هذه الرواية، والتي تكمن في قدرتها الكبيرة على التسلل إلى أدق التفاصيل، وقدرتها، كذلك، على التجديد وإرباك العناصر المكونة لها، وبالضبط عنصر الزمن، فالروائية هالة البدري تتلاعب بالشكل الروائي، وتعيد خلق عالم جديد ينتقد هذا العالم الذي نعيش فيه، إذ نجد في الرواية إحساسا فلسفيا عميقا بالزمن، وبالخوف.

كما ركز شعيب حليفي في مداخلته عند هيمنة تيمة الصراع داخل الرواية بصيغة أوضح وأرمز مقارنة برواياتها السابقة، ويتخذ هذا الصراع أشكالا عبارة عن ثنائيات مثل: ثنائية الصراع بين التحرر والاستعباد، وبين الموت والحياة، وبين المعرفة والجهل، كما اتخذ هذا الصراع منحى فكريا عميقا بين فئة "الفوقانيين"، وفئة "البدائيين"، بالإضافة إلى أن الحكاية داخل الرواية تجاوزت الحكاية التقليدية المرتبطة بالشخصيات، فشخصيات الرواية ما هي إلا رموز لتأكيد الصدى الصارخ للواقع، مما أتاح للروائية نوعا من المراوحة بين الواقعي والتخييلي.

وتابع شعيب حليفي مداخلته بالتطرق إلى إشكالية تصنيف رواية " مدن السور"، حيث أكد أن صاحبة هذا العمل غامرت في هذه الرواية، وهي مغامرة وجب الالتفات إليها، إذ أن هالة البدري لا تترك القارئ مستكينا لما هو جاهز، وتحثه على تفكيك كل من البناء الزمني والبناء المكاني، لكي يصل إلى الحكاية المتمنعة، ليخلص حليفي في النهاية إلى أن رواية "مدن السور" لهالة البدري رواية جذرية في نقدها للعالم المزيف المليء بالأوهام، وأن لغتها تنتمي إلى هذا الأفق الذي تندرج ضمنه الرواية، وأن الكاتبة مهما بدت جانحة في الخيال، فهي تبقى صادقة فيه، مما بوأ هذه الرواية مكانتها، وجعلها تعتبر لحظة فارقة في تجربة هذه المبدعة.

أما في مداخلتها/الشهادة ركزت المبدعة المصرية هالة البدري حديثها عن تجربتها الإعلامية، وبخاصة في مجال الصحافة، وتأثير ذلك على عملها الروائي "مدن السور"، كما أشارت إلى أن بداية تفكيرها في إنتاج هذا العمل ارتبط بكثير من العوامل والمؤثرات من بينها الربيع العربي، وما حدث في مصر من تطورات سياسية واجتماعية مست المجتمع المصري بكل شرائحه، كما تحدثت عن اعتبار بعض الدارسين أن روايتها تندرج ضمن رواية المستقبل، حيث أكدت على أنها لم تنشغل بفكرة الخيال العلمي، بل تخيلت زمن المستقبل، واعتبرته احتماليا، وهو الذي يتيح لنا، مقارنة الزمن الماضي بالزمن الحاضر، وإمكانية تغييره أو التدخل في تكوينه بالإرادة .

وشهد اللقاء نقاشا مستفيضا بين الحضور والمبدعة حول تجربتها الإبداعية، وما قدمته من إضافات مهمة في عالم الكتابة السردية، واهتمامها بأسئلة المستقبل.