معرض الكتاب يحتفي بالثّقافةِ من خلال جوائزها الثّلاث

ويُعلنُ عن الفائزين بها في سياقِ ذاكرةٍ جميلةٍ تؤسّسُ للمنحِ الثّقافيّ والمعرفيّ والإنسانيّ

 

في سياقِ احتفائها بالمنجزِ الإنسانيّ الجميل، واعتناءً بالصّنيع الثّقافيّ وما يمنحه للمشهد الفكريّ المحلّيّ والعربيّ، اختتمَ معرض البحرين الدّوليّ الثّامن عشر للكتاب برنامجه الثّقافيّ صباح اليوم (السّبت، الموافق 7 أبريل) بتقديم جوائز الثّقافة الثّلاث: جائزة لؤلؤة البحرين، جائزة البحرين للكتاب وجائزة محمّد البنكيّ لشخصيّة العام الثّقافيّة، وذلك بحضور معالي رئيسة هيئة البحرين للثّقافة والآثار رئيسة هيئة البحرين للثّقافة والآثار، الشّيخة هلا بنت محمّد آل خليفة مدير عامّ الثّقافة والفنون، وعددٍ من الشّخصيّات الدّبلوماسيّة الإعلاميّة والثّقافيّة.

وصرّحت معالي الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة في بداية حفل توزيع جوائز الثّقافة: (إنّها المرّة الأولى التي يجيء فيها المعرض بقلب المحرّق عاصمة الثّقافة الإسلاميّة، ونحتفي فيه بشخوصٍ محرّقيّة وعربيّة أثرت المشهد الثّقافيّ أيضًا، وأسهمت في منحِ هذه المدينةِ هويّتها ومقدرتها على نشر الفكر والتّنوير). وعلّقت: (جائزة لؤلؤة البحرين التي خُصّصت عربون وفاء ومحبّة للشّيخة لولوة بنت محمّد آل خليفة هذا العام تُمنَح أيضًا لسيّدة من المحرّق، تركت أثرها من خلال مؤلَّفها الثّقافيّ، وهو ما يؤكّدُ رهاننا على هذه المدينةِ المستمرّة في المنحِ الإنسانيّ والفكريّ). وقد حصدت الكاتبة إيمان الخاجة جائزة لؤلؤة البحرين، وتحديدًا عن كتابها (مرسى) الذي يُوثّق نماذج طموحة لمجموعة من قصص النّجاح لعشرةٍ من أبناء البحرين، غيّر الألم حياتهم، وغيّروه بدورهم إلى الأمل. من جهتها، أعربت الخاجة عن سعادتها بهذا التّكريم، واعتزازها بأن تحصد جائزةً خُصّصت لذكرى رائدة العمل الإنسانيّ في مملكة البحرين. كما هنّأت معالي رئيسة الهيئة جميع الفائزين بمختلف جوائز الثّقافة، مثنيةً على صنيعهم ومنجزاتهم.

بدوره، أكّد الدّكتور صلاح فضل الذي يرأس لجنة تحكيم جائزة البحرين للكتاب على الدّور الثّقافيّ الذي تقوم به هيئة البحرين للثّقافة والآثار، مبديًا إعجابه بالاحتفاء بالصّنيع الثّقافيّ العربيّ، الذي اختيرت له المملكة العربيّة السّعوديّة في هذه الدّورة من الجائزة بالتّزامن مع قدومها ضيف شرف معرض الكتاب، قائلاً: (تأبى مملكة البحرين في أعيادها الثّقافيّة إلّا أن تؤثرَ غيرها). كما أثنى في حديثه على الدّور الذي يقوم به المعرض وامتداد تجربته الثّقافيّة للاحتفاء بالأمكنةِ الذي يذهبُ إليها، مبيّنًا: (لا أعرف معرضًا للكتاب يحتفي في كلّ دورة ببقعة مختلفة من الأرض الغالية إلا معرض البحرين). وقد ركّزت جائزة البحرين للكتاب في هذه الدّورة على محور (الأدب وتشكيل العالم)، الذي دُعِيَ إليه كُتّاب وباحثو المملكة العربيّة السّعوديّة للمشاركة هذا العام، وحصد عنه الجائزة الكاتب والمفكّر السّعوديّ سعد البازعيّ عن كتابه (هموم العقل: مسائل – حوارات – إشكاليّات). وأوضحَ الدّكتور صلاح فضل أنّ لجنة التّحكيم بعضويّة كلّ من الدّكتور علي حرب والأستاذ إبراهيم بو هندي وجدت في الدّراسات المرشّحة عمقًا حقيقيًّا وتحوّلاً وجدّيّةً في كشفها عن أهميّة الأعمال الإبداعيّة من شعريّة وسرديّة في تغيير صورة العالم لدى الثّقافات المختلفة، بالإضافة إلى دور تلكَ الأبحاث النّقديّة المنهجيّة في جلاء تلك الصّور ورصد إيجابيّاتها وسلبيّاتها وأثرها في وجدان الجماعات والشّعوب. كما أوضح الأسباب الدّاعية لاختيار كتاب (هموم العقل)، الذي يعرض مساراتٍ فكريّة وتأمّلات فلسفيّة وبحوثًا منهجيّة في عددٍ من قضايا الأدب والعلوم الإنسانيّة والنّقد الحضاريّ والتّجربة باعتبارها أداة التّثاقف والوعي الإنسانيّ ومشكلات الحُرّية والمقاومة، إلى جانب تقديمه مجموعة من المفكّرين المبدعين المعاصرين من ذوي التّأثير القويّ في خارطة الكتابة العالميّة، طارحًا مواقفهم من الإشكاليّات المتّصلة بالثّقافة العربيّة. كما وجدت لجنة التّحكيم في هذا الكتاب موقعًا متقدّمًا في الثّقافة والفكر وفلسفة الأدب ودوره في تشكيل صورة العالم ورؤية العالم، ليس على مستوى المملكة العربيّة السّعوديّة فحسب، بل في الوطن العربيّ بأكمله. وتميّز الكتاب بلغته الرّصينة ونهجه العلميّ الدّقيق وقدرته على الإحاطة بالمفاهيم والتّصوّرات الفكريّة والأدبيّة. وقد علّق من ينوب عن استلام الجائزة عن سعادته بهذا المنجز قائلاً: (سعداء أن نكون في هذا المكان العريق ببلد الحضارة والثّقافة. عميق الامتنان لمملكة البحرين لدورها التّنويريّ والتّثقيفيّ في المنطقة، وتغمرنا السّعادة في المملكة العربيّة السّعوديّة أن نكون ضيف شرف هذا المعرض الجميل، لكونه فرصةً حقيقيّة للامتزاج عميقًا ما بين البلدين).

أمّا على صعيد جائزة محمّد البنكيّ لشخصيّة العامّ الثّقافيّة، فقد أشارت الشّيخة هلا بنت محمّد آل خليفة مدير عامّ الثّقافة والفنون في حديثها إلى أنّ المعرض الذي يصل اليوم إلى ختامه قد أثرى المكان بحضور العديد من المثقّفين والشّخصيّات، كونه يتجاوز فكرة العرض إلى إيجاد الملتقى. وأكّدت أنّ هذه الجائزة التي جاءت تكريمًا للنّاقد والمفكّر البحرينيّ محمّد البنكيّ تستعيد هذا المثقّف الذي قدّم الكثير لمملكة البحرين، والذي يُشكّل مهرجان تاء الشّباب أهمّها بمبادراته الجميلة. وأردفت: (جائزة هذا العام تذهبُ لشخصيّة كانت قريبةً من محيطِ البنكيّ، وهو المؤلّف والنّاقد الموسيقيّ محمّد الحدّاد، الذي هو قريبٌ من الثّقافة من خلال الموسيقى والإبداع). وأعقب الفنّان محمّد الحدّاد تكريمه بتقديم الشّكر للثّقافة، قائلاً: (شكرًا لاحتفاظكم بذاكرة هذا المثقّف، الذي نحنُ على يقينٍ أنّ حضوره وثقته بالشّباب لا زالتا هنا).

وقد اختُتِم حفل توزيع الجوائز بتقديم أغنيةٍ من تاء الشّباب بعنوان (منى عمري)، وهي قصيدةٌ مغنّاةٌ من أشعار الشّاعر البحرينيّ الكبير قاسم حدّاد، الذي كان بين الحضور. كما تمّ توزيع ديوان شاعر البحرين الرّاحل الشّيخ خالد بن محمد آل خليفة، الذي منَح قصائده للوطن ببالغِ المحبّة.