عشرات اللوحات والزخارف الفنية التي تعود إلى العصر المغولي والمتفرّقة في متاحف عديدة حول العالم، تم جمعها في حدائق الإمبراطور بابور في العاصمة الأفغانية، كابول؛ المكان الذي دفن فيه أحد أبرز الحكّام المغول ويحمل اسمه إلى اليوم في معرض يتواصل حتى نهاية الشهر الجاري.
الأعمال الثلاثة والستين المستعادة في هذا المكان الذي تمّ تدميره خلال الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي، كانت موزعة على أكثر من اثنتي عشرة مؤسسة حول العالم من لوس أنجليس إلى برلين، ومن المجموعات الخاصة لـ "مؤسسة الآغا خان" إلى "المكتبة الوطنية" في القاهرة أو في هارفارد.
يعود المعرض إلى منتصف القرن السادس عشر الميلادي، حين دعت الإمبراطورية التيمورية الرسامين من مختلف مناطق حكمها، وخاصة من مدينة هرات الأفعانية، ليبدعوا منمنماتهم لتعرض في كابول، قبل أن يتفرق معظمها بسبب الحروب التي شهدتها أفغانستان في العصر الحديث.
راجت المصغرات في تلك الحقبة كثيراً، بل إن حكّام المغول استدعوا فنانين برتغاليين وإيطاليين ليقدّموا إبداعاتهم إلى جوار نظرائهم من الهند وآسيا الوسطى، ما يقدّمه المعرض في سياق تسليط الضوء على "العلاقة بين الحضارة المغولية وعصر النهضة في أوروبا"، بحسب بيان المنظّمين.
وكان هذا "الفن يساوي بين الكتابة والرسم، ويبرز هالات ذهبية تزيّن صور الأباطرة، ووجوه النساء كرمز للروحانية، ما يظهر التنوّع من جهة، والتسامح الديني والفلسفة العميقة من جهة أخرى"، كما يقول قيّم المعرض مؤرخ الفن الأميركي المتخصص في الفنون الإسلامية مايكل باري.
وقد جرى عرض المنمنمات الغنية بالتفاصيل القريبة بحجمها بفضل تكنولوجيا متقدمة تقوم على تكبيرها بدقة فائقة على يد مركز "دو بون إيماج" في باريس المتخصص في نشر الصور الفوتوغرافية والرقمية، ووضع تصور الحديقة التي تستضيف المعرض، وهي من آخر الحدائق المغولية، على يد الإمبراطور المؤسس بابر عندما كان يستعد لإعادة غزو الهند.
إلى جانب ذلك، تُظهر المنمنمات صوراً دقيقة للحيوانات والطيور النادرة والزهور والورود التي كانت تزدان بها بساتين قصور الإمبراطور، كما توثّق الأحداث المهمة والاحتفالات الكبيرة ومنها صورة للاحتفال برش ماء الزهر وهو أحد الأعياد الهندية، وفي جميعها تحضر تأثيرات هندية وفارسية وعربية إلى أن بدأ تأثير الأيقونات الدينية في أوروبا يحضر في منتصف القرن التاسع عشر.