في مقاطع مكثفة يمزج القاص المغربي بلغة موحية وسرد رشيق بين الكتابة والمرأة، النص والجنس في محاولة لتجسيد عمق فعل الكتابة الخالقة وعمق اللذة في ذروتها مع الأنثى في فعل يكمن في تجليه الخلق، الجمع بينهما الكتابة والمرأة يبلغ المرء ذروة السعادة.

سرير اللذاذة

عـماد شـوقي

 

(1)

سحب العلبة من الخزانة حيث أخفاها بعناية بالأمس، تأمل صورة الأسد وتخيل زئيره، قرأ فوقها «حياة النفوس»، أخذ ملعقتين وصب فوقهما مقدار كوب ساخن، حرك المزيج، احتساه على عجل، وأغلق النافذة اتقاء برد ليلة خريفية ... ذرع الحجرة مرتين ..

لعن البائع ذا الابتسامة الذئبية (لا يصلح العطار ما أفسده الدهر) عاد إلى الطاولة/ المكتب، أخرج ورقة عذراء صب عليها ألم ارتخائه .. كتب ما كان ليحصل لو نجحت وصفة العطار ...

ليلتها كان النص باذخا

 

(2)

سحب العلبة من الخزانة حيث أخفاها بعناية بالأمس، تأمل صورة الرجل الوسيم الجالس إلى مكتبه واضعا يده على جبينه، تخيل نفسه كاتبا كبيرا، قرأ فوقها «أرابيسطا»، أخذ ملعقتين وصب فوقهما مقدار كوب ساخن، حرك المزيج، احتساه على مهل، فتح النافذة وملأ صدره بنسيم ليلة ربيعية ... ذرع الحجرة مرتين..

شكر صديقه الذي جلب له علبة القهوة من إيطاليا التي هاجر إليها (بعدما أفسد في الجامعة دهرا)، عاد إلى الطاولة/ المكتب، أخرج ورقة عذراء تخيل ما كان ليفعله بها لو كانت مكان الورقة، صب عليها شبق انتصابه.

ليلتها امتنع النص عن الكينونة..

 

(3)

في ليلة ربيعية،

تمددت على سريرها تتخيل كيف سيكون نصه، وكيف سيكون إلهامها له، قال لها سيصف ما سيفعله بها ليلتهما الأولى، سيطرد خجلها بنص..سيشرب فنجان قهوة (أدركت أنها ذات القهوة الايطالية المجلب العربية المنبت) وسيكتب عنها/ لها/ بها..

فتحت الدرج واستخرجت علبة مذهبة معطرة، ستقرأ نصه غدا ثم تضعه فيها، لتريه له في خريف العمر، ضمت وسادتها و نامت.

ليلتها كانت أحلامها لذيذة....

 

(4)

في ليلة خريفية،

تقلبت على سريرها تتخيل كيف ستكون حاله، وكيف ستكون هي بقميصها الأحمر في عينيه، قال لها إن حاله اليوم ستكون كحال ليلتهما الأولى، سيطرد شوقها بوطء ...سيشرب فنجان قهوة (أدركت أنه يقصد الخلطة التقليدية الصنع الحديثة التعليب) ثم يذوب فيها/ بها/ معها...

فتحت باب الحجرة، رأته منكمشا في كرسيه، ابتسمت له، أخذت الورقة من فوق المكتب/الطاولة، قرأتها، وضعتها في العلبة المذهبة الفارغة(التي غاب عطرها) سحبته إلى السرير، ضمته إليها و نامت.

ليلتها كانت أحلامها أكثر لذة...

 

(5)

على سرير اللذاذة جلست، مستندا بظهري إلى وسادة تستند إلى الجدار.....

جاءت بكل أبهة الغواية، قالت: ماذا تكتب؟ وسحبت الورقة من يدي .... انشغلت عني مسافة نص، خلعت قميصها الوردي و عارية بجسدها الفضي وقفت فوق السرير وقالت بصوت إيروسي الرنين: أختار الشاب...

قمت إليها : همسا فلمسا فدعسا فلمسا فهمسا

كان العجوز بداخلي يكتبنا

تباطأ نبضنا وسكن العالم

توسدت صدري ونامت بلا أحلام بعد أن عاشت اللذة....

كنت منتشيا فلأول مرة أجمع بين حبيبتين على سرير واحد: هي والقصة.