«في المعنى: مباحث دلالية معرفية» لصابر الحباشة
صدرا مؤخرا عن المركز الثقافي العربي كتاب جديد للباحث اللساني التونسي صابر الحباشة بعنوان (في المعنى: مباحث دلالية معرفية)، ويقع الكتاب في 236 صفحة. ويقول مؤلفه في التقديم إنه جمع فيه (مجموعة من المقاربات اللسانية التي تهتمّ بمشكلة تعدّد المعنى من زوايا نظر مختلفة، بعضها ذو بُعد فكري فلسفيّ ومعظمها ذو توجه لساني تأويليّ. ونعوّل في كثير من هذه القراءات على المنهج المعرفيّ/ العرفانيّ (cognitive) في تلمّس وجوه فحص هذه الإشكالية القديمة الجديدة، إشكالية المعنى والدلالة). وتنقسم هذه المباحث إلى جانب بحثيّ تطبيقيّ يهتمّ بمعالجة بعض القضايا الجزئية، بشكل ينحو نحو العلمية ويحاول اعتماد تحليل مجهريّ يزعم توخّي الدقّة، وجانب عرْضيّ يهتمّ بنقل بعض الرؤى الفكرية والفلسفية واللسانية التي تنير مناطق من مقاربة المعنى بشكل يجعلنا لا نتوقف عند حدود المعالجات المعهودة والنمطية، بل نحاول الشروع في بلورة نظرة معرفية غير جزئية لمسألة كلّية الحضور في سياق الفكر البشريّ. ويعترف الباحث (بعدم وضوح الرؤية تماما في هذه المباحث فضلا عن عدم تساوق الطرح بين مبحث وآخر) ولكنه يرى مع ذلك أنّ ما قام به إنما هي ـ على حد تعبيره ـ (محاولة إضاءة شمعة مكان لعْن الظلام، وحسبنا من الغنيمة إثارة غبار تَرَاكَمَ على مُهَج المهتمّين بدراسة اللغة العربية، ليأسهم من محاولة اللحاق بركب العصر، أو لمعاداتهم للوافد الفكريّ، حتى في النظريات اللسانية، معاداة ـ تُضمر الرهبة من توظيف التطوير للتغريب، وتُخفي الخشية على الأصل من أن يخبُوَ وهَجُه ... ولكن روح العصر يجب ألاّ نُميتها بدعوى المحافظة على أصالة لغة الضاد، بل لعلّ ممّا يقوّيها أن نعرّضها لرياح الحداثة العلمية والنظرية، في سؤال المعنى بالذات، كي نعلم صدق ظنّنا بها، أو الحاجة إلى تعديل رؤيتنا لها وللعالم ولأنفسنا انطلاقا منها..). ويلاحظ القارئ أنّ المؤلف قد زاوج بين نظريات معرفية/ عرفانية (مثل نظرية النحو العرفاني (cognitive grammar) للانغاكير (Langacker) والمناطق النشطة (active zones) وبين نظريات تداولية (مثل نظرية الأعمال اللاقولية (illocutionary acts theory) لأوستين (Austin) وسيرل (Searle)، ولعلّ الحباشة قد حاول أن يتحاشى الوقوع في التلفيق المنهجيّ، محاولا تلمّس مفاتيح للتحليل ولمقاربة الظاهرة الدلالية في تعقدها واختلاف الناس حولها، ويمكن للقارئ أن يحكم على نجاحه في هذا المسعى أو فشله في تحقيقه. ويقر الباحث أنّ (هذه المباحث في صيغها الحالية تحتاج إلى مزيد التنقيح والإعداد، ولكنها تحتاج إلى ذلك لا فقط من الباحث نفسه، بل من المختصين وممّن يضربون بسهم في هذه المجالات، ولعل نشر هذه الفصول، على علاّتها، قد يفيد في تطوير النقاش العلمي حول الإشكاليات النظرية والتطبيقية في مقاربة المعنى ومعالجة الدلالة، فكريا ولسانيا). ويشير المؤلف (إلى أنّ مباحث لسانية مثيرة مثل مسائل تعدد الدلالة وإشكاليات طرائق تحليل المعنى تبقى بحاجة دائمة إلى تعميق النظر خصوصا مع تطوّر طموحات البشر وتداخل اهتماماتهم ودخول علوم المعلومات على الخطّ، وفي ظلّ الانفجار المعرفيّ الذي لم تشهد له البشرية مثيلا...). في ظلّ هذه التحديات يكون لزاما علينا أن نحاول مسايرة التطورات الحديثة في هذه الميادين، ولو حبوًا، إن لم نقدر على المواكبة والمسايرة والإسهام الفاعل في عجلة التطوير في ميادين هذه البحوث والنظريات. نشير في نهاية هذا التقديم إلى أنّ معظم هذه الفصول منشور إمّا ضمن كتب أخرى أو في دوريات علمية، جمعها الباحث صابر الحباشة في كتاب واحد لتكوّن، كما يقول (رؤية أنزع ما تكون إلى الشمول حول هذه المسائل الدلالية المتناولة).
صدرا مؤخرا عن المركز الثقافي العربي كتاب جديد للباحث اللساني التونسي صابر الحباشة بعنوان (في المعنى: مباحث دلالية معرفية)، ويقع الكتاب في 236 صفحة. ويقول مؤلفه في التقديم إنه جمع فيه (مجموعة من المقاربات اللسانية التي تهتمّ بمشكلة تعدّد المعنى من زوايا نظر مختلفة، بعضها ذو بُعد فكري فلسفيّ ومعظمها ذو توجه لساني تأويليّ. ونعوّل في كثير من هذه القراءات على المنهج المعرفيّ/ العرفانيّ (cognitive) في تلمّس وجوه فحص هذه الإشكالية القديمة الجديدة، إشكالية المعنى والدلالة).
وتنقسم هذه المباحث إلى جانب بحثيّ تطبيقيّ يهتمّ بمعالجة بعض القضايا الجزئية، بشكل ينحو نحو العلمية ويحاول اعتماد تحليل مجهريّ يزعم توخّي الدقّة، وجانب عرْضيّ يهتمّ بنقل بعض الرؤى الفكرية والفلسفية واللسانية التي تنير مناطق من مقاربة المعنى بشكل يجعلنا لا نتوقف عند حدود المعالجات المعهودة والنمطية، بل نحاول الشروع في بلورة نظرة معرفية غير جزئية لمسألة كلّية الحضور في سياق الفكر البشريّ.
ويعترف الباحث (بعدم وضوح الرؤية تماما في هذه المباحث فضلا عن عدم تساوق الطرح بين مبحث وآخر) ولكنه يرى مع ذلك أنّ ما قام به إنما هي ـ على حد تعبيره ـ (محاولة إضاءة شمعة مكان لعْن الظلام، وحسبنا من الغنيمة إثارة غبار تَرَاكَمَ على مُهَج المهتمّين بدراسة اللغة العربية، ليأسهم من محاولة اللحاق بركب العصر، أو لمعاداتهم للوافد الفكريّ، حتى في النظريات اللسانية، معاداة ـ تُضمر الرهبة من توظيف التطوير للتغريب، وتُخفي الخشية على الأصل من أن يخبُوَ وهَجُه ... ولكن روح العصر يجب ألاّ نُميتها بدعوى المحافظة على أصالة لغة الضاد، بل لعلّ ممّا يقوّيها أن نعرّضها لرياح الحداثة العلمية والنظرية، في سؤال المعنى بالذات، كي نعلم صدق ظنّنا بها، أو الحاجة إلى تعديل رؤيتنا لها وللعالم ولأنفسنا انطلاقا منها..).
ويلاحظ القارئ أنّ المؤلف قد زاوج بين نظريات معرفية/ عرفانية (مثل نظرية النحو العرفاني (cognitive grammar) للانغاكير (Langacker) والمناطق النشطة (active zones) وبين نظريات تداولية (مثل نظرية الأعمال اللاقولية (illocutionary acts theory) لأوستين (Austin) وسيرل (Searle)، ولعلّ الحباشة قد حاول أن يتحاشى الوقوع في التلفيق المنهجيّ، محاولا تلمّس مفاتيح للتحليل ولمقاربة الظاهرة الدلالية في تعقدها واختلاف الناس حولها، ويمكن للقارئ أن يحكم على نجاحه في هذا المسعى أو فشله في تحقيقه.
ويقر الباحث أنّ (هذه المباحث في صيغها الحالية تحتاج إلى مزيد التنقيح والإعداد، ولكنها تحتاج إلى ذلك لا فقط من الباحث نفسه، بل من المختصين وممّن يضربون بسهم في هذه المجالات، ولعل نشر هذه الفصول، على علاّتها، قد يفيد في تطوير النقاش العلمي حول الإشكاليات النظرية والتطبيقية في مقاربة المعنى ومعالجة الدلالة، فكريا ولسانيا).
ويشير المؤلف (إلى أنّ مباحث لسانية مثيرة مثل مسائل تعدد الدلالة وإشكاليات طرائق تحليل المعنى تبقى بحاجة دائمة إلى تعميق النظر خصوصا مع تطوّر طموحات البشر وتداخل اهتماماتهم ودخول علوم المعلومات على الخطّ، وفي ظلّ الانفجار المعرفيّ الذي لم تشهد له البشرية مثيلا...).
في ظلّ هذه التحديات يكون لزاما علينا أن نحاول مسايرة التطورات الحديثة في هذه الميادين، ولو حبوًا، إن لم نقدر على المواكبة والمسايرة والإسهام الفاعل في عجلة التطوير في ميادين هذه البحوث والنظريات.
نشير في نهاية هذا التقديم إلى أنّ معظم هذه الفصول منشور إمّا ضمن كتب أخرى أو في دوريات علمية، جمعها الباحث صابر الحباشة في كتاب واحد لتكوّن، كما يقول (رؤية أنزع ما تكون إلى الشمول حول هذه المسائل الدلالية المتناولة).