اختتمت فعاليات الدورة الاولى لمهرجان الشعر العربي بمراكش، وهي التظاهرة التي شهدت تكريم ثلاث شاعرات، وتنظيم منتدى قارب من خلاله النقاد أسئلة الهوية في الشعر المغربي، وتتويج الفائزين في مسابقتي النقد الشعري وأحسن قصيدة، كما توزعت القراءات الشعرية على الفضاءات العمومية، هنا تقرير مفصل يقربنا من فعاليات هذا الحدث الشعري والذي أمسى تقليدا سنويا تحتضنه مدينة مراكش.

اختتام فعاليات الدورة الأولى لمهرجان الشعر بمراكش

 

شكلت فقرة "ثنائيات: أبجديات وموسيقى"، والتي جمعت بين الشاعر منير السرحاني والموسيقي عزالدين الدياني بحديقة "عرصة مولاي عبدالسلام التاريخية"، توقيع اختتام فعاليات الدورة الأولى "لمهرجان الشعر العربي" الذي نظمته دار الشعر بمراكش واستمر على مدى ثلاثة أيام في فضاءات مفعمة بالشعر والتاريخ. قصر الباهية وعرصة مولاي عبدالسلام احتضنت على مدى (أيام 22و23و24 شتنبر)، فعاليات وفقرات المهرجان بحضور جماهيري لافت. الدورة التي اختارت الاحتفاء بالتنوع الثقافي المغربي، أفردت تكريما خاصا للمرأة المبدعة، وذلك خلال حفل الافتتاح، السبت 22، بفضاء قصر الباهية التاريخي، والذي شهد حضور وزير الثقافة والاتصال السيد محمد الأعرج، ورئيس دائرة الثقافة والإعلام في حكومة الشارقة السيد عبد الله العويس، والسيد كريم الحلو والي جهة مراكش أسفي، والدكتورة أمينة الحجري المديرة العامة المساعدة للأسيسكو، الى جانب لفيف من وجوه تنتمي إلى عالم الثقافة والفن والأدب.

وشكل المعرض الفني الجماعي "خفقة قلب" للفنانين (محمد نجاحي، لمياء صبور، لحسن الفرسوي، محمد البندوري، أحمد بنسماعيل، حلمي إدريس، سعيد آيت بوزيد، عبد الرحمن الحلاوي، رشيد إغلي، عبد السلام الصادق، عبد الإله الهلالي)، عتبة أولية للمهرجان اختارت أن تصبغ قيم الشعر، من خلال إهداء مجموعة من الفنانين التشكيليين والخطاطين والفوتوغرافيين والنحاتين لواحاتهم الى قلوب الأطفال. وقد تم عرض شريط وثائقي قصير، عرف بأنشطة وبرامج دار الشعر بمراكش خلال مسيرة سنة من وجودها.

د. محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال: "الشعر باعتباره صوت الإنسانية وضمير العالم"

د. عبدالله العويس: "توأمة ثقافية بين مراكش والشارقة"

وأكدت كلمة الدكتور محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، أن "الشعر هو المشترك الجمالي والإنساني بين شعوبنا العربية"، وأضاف أن "مهرجان الشعر العربي بمراكش، يقترح برنامجاً غنياً وثرياً متنوعاً، يجمع بين شعراء من مختلف الأجيال والأشكال الشعرية، كما يجمع الشعراء بالفنانين التشكيليين والموسيقيين، إلى جانب ندوة نقدية ومسابقات لفائدة الشباب، من النقاد والشعراء"، معتبرا في نهاية كلمته "أن الثقافة هي أساس كل تنمية بشرية وإنسانية شاملة، وأساس كل حوار بين الشعوب العربية وعبر العالم"

فيما اتجه الدكتور عبد الله محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة بالشارقة، في كلمته الى الدلالة الرمزية العميقة لعلاقة التوأمة الثقافية التي تجمع بين البلدين الشقيقين، المغرب والامارات، منوها الى أن "تأسيس دار دائمة للشعر في مراكش تكون حاضنة للشعراء المغاربة في هذا الجزء العريق من المغرب الزاخر، في صورة تجلّت فيها معاني العلاقات الوطيدة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية"، منوها بالجهود التي بُذلت في تفعيل دار الشعر بمراكش خلال عامها الأول.

وأحيت فعاليات الافتتاح، الفرقة الموسيقية الاستعراضية التدلاوي الى جانب الحفل الفني الموسيقي والذي ملأ به الفنان مراد البوريقي، فضاءات قصر الباهية شدوا، بمعية مجموعة جسور للموسيقى. وقرأ الشعراء فاتحة مرشيد، مولاي الحسن الحسيني، والطالب بويا لعتيك، بعضا من قصائدهن، نموذج مصغر للتجربة الشعرية المتعددة، فيما شكل حفل التكريم، تجسيدا للتنوع الإبداعي الشعري بالمغرب من خلال ثلاث أصوات شعرية نسائية وهن: حبيبة الصوفي "الشعر الفصيح"، وخديجة ماء العينين "الشعر الحسانية"، وفاضمة الورياشي "الشعر الامازيغية"). كما تم تتويج الفائزين بجائزتي النقد الشعري وأحسن قصيدة، في حفل بهيج قدمته الفنانة حنان خالدي.

منتدى المهرجان: "أسئلة الهوية في الشعر المغربي" وفقرات "رؤى شعرية"، "خيمة الشعر" و"نبض القصيدة" وفقرة "ثنائيات"

وتواصلت الفعاليات في اليوم الموالي، صباح الأحد 23 شتنبر بقصر الباهية، بتنظيم "منتدى المهرجان" تمحور حول"أسئلة الهوية في الشعر المغربي"، تحدث فيها كل من النقاد د.العالية ماء العينين، د.عبد اللطيف الوراري، ود.عزيز ضوبو، وترأسها الكاتب أنيس الرافعي. منتدى الدورة الأولى، خصص لأحد القضايا الإشكالية في الخطاب النقدي الشعري المغربي على مر العصور. وسعت المداخلات الى التداول في تقاطعات هذين الموضوعين بما يشكل أرضية أولية لتحديد سمات هوية الشعر المغربي اليوم، على ضوء التحولات التي مست المنجز الشعري وانفتاحه على المنجز الفصيح والزجلي والحساني والأمازيغي، ضمن المنجز الشعري المغربي الحديث. على افتراض أن هذه الأسئلة تقع في عمق إشكالات كبرى تهم: الذات والآخر، وأيضا صور وسمات هذا الحضور لهذه الأسئلة، في علاقة بأصول ومرجعيات الشعر المغربي. ناهيك عن تجليات وخصوصية أسئلة الهوية في إعادة تشكيلنا لمفهوم "الشعر المغربي". إذ لا ننسى أن الشعر المغربي امتلك رؤيته للذات وللعالم، ضمن سياقات تاريخية عرفت تحولات كبرى مست في العمق، هذا المنجز.

وافتتحت فقرة "رؤى شعرية"، والتي أطرها الشاعر نجيب خداري بحديقة "عرصة مولاي عبدالسلام التاريخية في أمسية الأحد، بمجسم الفنان عبدالجليل أيتب لعسل "شعر". لتتواصل القراءات الشعرية من خلال قصائد الشعراء صلاح بوسريف، صباح الدبي، عبد السلام المساوي، وعبد الهادي سعيد، وبمصاحبة موسيقية للفنان محمد أيت القاضي والفنان ياسين الرازي. لتختتم فعاليات اليوم الثاني للمهرجان ب"أبجديات وكوريغرافيا"، ضمن فقرة "ثنائيات" الحوارية. وقدمت الفنانة هاجر الشركي و الفنان ياسر الترجماني قصائد الشاعر ياسين عدنان، فيما صاحبتهما الشاعرة فاتحة مرشيد قراءة، ضمن تناسق وتناغم حواري خلاق بين الشعري والفني. وقدم رئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة، السيد عبد الله العويس، والأستاذ محمد القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية، شواهد المشاركة للأطفال المشاركين في ورشات الشعر ، والتي انتظمت للفئات الشابة والأطفال على امتداد البرنامج الشعري الحالي.

وتواصلت يوم الاثنين 24 شتنبر بحديقة "عرصة مولاي عبدالسلام"، الجلسة الشعرية الثالثة "خيمة الشعر" والتي أطرها الشاعر مراد القادري، وشارك فيها الزجال الرائد مولاي عبدالعزيز الطاهري، والشاعر الأمازيغي محمد مستاوي، وشاعر الهايكو سامح درويش، فيما سهر على المصاحبة الموسيقية كل من هشام التلمودي، وبدر اليتريبي وشاكر صروح. ليلتقي الجمهور المراكشي، والذي خلق الحدث طيلة أيام المهرجان، في المساء بفقرات اختتام المهرجان، شهدت تنظيم الجلسة الشعرية الرابعة "نبض القصيدة"، والتي أطرتها الشاعرة أمينة حسيم، استطاع الشاعر أحمد بلحاج آيت وارهام أن يحملنا الى معالم الشعر والصوفية، فيما قربنا الشاعر محمد بوجبيري من تلك الأشياء البسيطة العميقة، وشدت أحد أيقونات مهرجان الشعر العربي بمراكش الشاعرة الامازيغية فاضمة الورياشي بقصائدها، واختتم الشاعر أحمو الحسن الأحمدي نبض ليلة الشعر ، بسحر القوافي. وسهر "الثنائي الموسيقي حوار "، رضوان التهامي وأحمد أعقى، على تأثيث الفقرات الموسيقية. لتضع "أبجديات وموسيقي"، الفقرة الثانية من ثنائيات، مسك ختام المهرجان بمشاركة كل من الشاعر منير السرحاني والفنان عزالدين الدياني.

وأعلن الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، على اختتام المهرجان بالتأكيد على ضرورة الشعر في عالمنا اليوم، منوها بالإشراف التنظيمي "شاكرا كل الأيادي البيضاء التي مدت يدها للمهرجان، معتبرا أنه "الديوان الأول" للدار في أفق أعمالها الكاملة، ضاربا موعدا جديدا للحاضرين في الدورة الثانية أكثر ألقا". ويشكل مهرجان الشعر العربي لدار الشعر بمراكش، الدخول الثقافي لبرنامجها السنوي الجديد. ويأتي هذا المهرجان تأكيدا لمكانة مدينة مراكش الحضارية والثقافية، و تتويجا لمرور سنة على تأسيس دار الشعر بمراكش ولحضورها المتميز في الساحة الثقافية الوطنية من خلال العديد من الفقرات والأنشطة والندوات والورشات واللقاءات التي أشرفت على تنظيمها في فضاءات مختلفة بمدينة مراكش وبغيرها من مناطق المملكة، والتي اتسمت بانفتاحها على مختلف الفئات العمرية وباستقطابها لأسماء وازنة في مجالات الثقافة والفكر والإبداع.

ويشكل المهرجان لقاء استثنائيا جمع أصواتا شعرية لامعة، وتجارب نقدية رائدة، وفنانين وإعلاميين مميزين ينشغلون براهن الشعر المغربي وبقضاياه، كما يعد محطة للوقوف على راهن المشهد الشعري في المغرب. ولتجديد أسئلته وقضاياه. وتضمن فقراته، برنامجا ثقافيا وفنيا غنيا ومتنوعا، شمل قراءات شعرية بأصوات ولغات متعددة، وتكريم بعض الشخصيات التي طبعت الساحة الشعرية والإبداعية في المغرب الشعري ببصمة خاصة، وتنظيم عروض موسيقية وفنية ومعرض للفنون التشكيلية وندوة فكرية ومسابقات وجوائز تحفيزية للشباب في حوار شعري – فني خلاق. وتوزع برنامج المهرجان على فضاءات قصر الباهية وحديقة عرصة مولاي عبدالسلام.