يكتب القاص العراقي المرموق محرر باب سرد في (الكلمة) بلغته السردية العذبة تباريح التصاق العراقي بأرضه وتواريخه المأساوية المؤلمة. وكيف يشكل تضافر التواريخ الشخصية مع عرامة الوجد والشبق الفردي وتحولات التاريخ العراقي في سنوات النار المتلاحقة عليه، متاهة تجلو معدن الوطن ومواطنه الولهان بأرضه وتاريخه على السواء.

نخلة في غرفة

سلام إبراهيم

 

في زمن التباريح ... أنبثقُ من أغوار التراب. أتشكلُ من طراوة طين الزقاق. أنهضُ من الحجر المفخور، وأخطو في خرس الضجيج المرئي وسط لعب الأطفال. أخطو مصحوباً بلصيق مبهم يشاركني موضع قدمي المتأنية الهابطة على البلاط المحفر المنخور. أتغور في الصمت المكين، في الظلال المنبثة من الأبواب، من سماء التشوف، من النوافذ، من الأفق المسدود الخافق برفيف الطيور. أخوض في السكون شاعراً باللصيق، متسائلاً:

- أأصابني صمم يا إلهي؟ أم أنني لم أزل في مسافة ما قبل تخلق الأصوات؟.

أسير ... وأسير إلى أن تلفحني أنفاسه، فتوقظني، أجدني بباطن الضجيج، بين جداري زقاق قديم، بآجره الأصفر المتآكل المرطوب، فارقتُ الجنب الساخن والتفتُ إليه .. هذا صديقي المغني النشوان، أيكون طالعاً معي من روح التراب، همستُ له:

- أخبروني أنك مت في الحرب يا هاشم!.

جاوبني بضحكته الفريدة، النبرة نفسها، وتر الصوت المبحوح، المرتبك قبيل الكلام، ظللتُ أجوب بموج ضحكته الرانة في صخب الزقاق. فارقته مبتعداً نحو الجدار. عانقتُ الآجر القديم، ورحتُ أمسح بأصابعي فتاته الهش، المتهاوي بوقع مكتوم. الرائحة نفسها .. عبق مرطوب، والامتداد ذاته. الباب ذاتها يا زمن التباريح.

ناديتُ:

- هاشم ... يا هاشم أليست هذه دار عمتي أم صلاح؟.

- أنسيته حقاً؟.

أنا لست في أخيلتي، الحائط حائط، والتراب تراب، وهاشم شاخص أمامي وخلفه الباب، يتملاني بعينين ألقتين واثقتين من الحضور ... وينتظر الجواب ... فكل ما قيل إذن عن حرب وقتل حل بالعراق ليس سوى سراب تراءى حيناً وغاب.

في زمن التباريح وهاشم لفته يجاورني، وجدتُ نفسي ألج الدار من بابه الخشبي المشقق المفتوح، وأرفع ستارة القماش المسدلة واثقاً من وجود صلاح الذي قيل إنه غاب في أقبية المعتقلات. التفتُ إلى هاشم قبل مواجهة جوف الدار. كان يرمقني بود قدام الدار. اطمأننت وجاوزت العتبة محرراً القماش المدعوك من قبضتي، فسقط مهتزاً خلفي لأباغت بحوش مكشوف يختلف عن الباحة الصغيرة القديمة المسقوفة بقبة من نوافذ زجاجية، هذا حوش منخفض فسيح، متباعد الغرف. أشعرتني بالوحشة وجوه رجال ونسوة وأطفال غريبة، يتحلقون حول سفرة طعام، ويتطلعون صوبي وكأنني فرد منهم، غير آبهين لاقتحامي المنزل دون طرق الباب. في وقفتي الحائرة بادرتني الوجوه بانفراجة ظليلة، فسدرتُ بالقسمات المطلية بالضوء الأغبش المنبث من زوايا الباحة، من الغرف من التراب، من السماء الكابية، من اختلاط زمن وجدي وأشواقي. الملامح المنحوتة السمراء ساكنة حميمة، أشعرتني وكأن مقدمي مألوف ومنتظر كالمعتاد.

- هل كنت أزور الحوش والظلال باستمرار ... أم أنا في باطن الأخيلة الظنينة؟.

التفتُ أبغي هاشم، فصدتني الستارة المهتزة في صمت المجاز القصير. كدت أمد ساعدي وأزيح الستارة وأعود ... كدتُ ... وسقطتُ معطلاً في مجرى أنفاس حية اندفقت من باب وسط المجاز، ومثل مسحور استدرتُ بمواجهتها لأعب من الهبوب القادم من جوف الغرفة، وأتملى جسد الباب الأليف، بدرفتيه الضيقتين، وإطاره العلوي العالي المعلو بنافذة زجاجية مغبرة. شممتُ رائحة أحبة غياب، صلاح مهدي الصياح، أحمد حسوني، كفاح عبد سوادي، كريم مهدي عبود، رائحة عبقة ساخنة ... أيكونون كامنين خلف الباب؟ وما رأيته من فساحة الدار والوجوه الغريبة والغرف المتباعدة ليس غير وهم من أوهامي الكثار؟ بعثرتني الأنفاس القديمة الهاجمة من الباب نصف الموارب، ولمتني في غمرة صبيبها المسكر.

في الضوء الظليل المُتحلّب من أول المساء، في الضوء الفضي المعتم المُتحَلّب من آخر سحر معلول، في امتداد المجرى المفتوح خطوتُ نحو المنبع خطوتين. حاذيتُ العتبة، ودفعتُ براحتي الدرفة المنفرجة، كانت اليسرى محكمة الوصد بمغاليق معدنية أسفل وأعلى جسدها المقسم إلى ثلاثة قطع مستطيلة كلح طلاؤها الرصاصي، وتساقط من نتوءات الزخارف وخطوط التضليع. دفعتُ بأناة فأزت في الصمت وعصت، شددتُ الدفع فصخبت محتكة ببلاطات الأرضية المرطوب. تخافت صرير الباب وخلفتني في السكون، أنصتُ لصمت قلق احتشد بعد هنيهة بهسهسات متقطعات، وهمهمات مسموعة رغم شدة خفوتهن. أطبقتُ أجفاني، وتمسكتُ بعضادتي الباب حابساً لهاثي، فسمعتُ ذيول ضحكات مكتومة، أعقبها همس مدغوم، فتخيلتهم يختبئون خلف الباب، خلف الخزانة، خلف الأريكة الوثيرة، تحت سرير صلاح المركون في الزاوية كي يفزعونني بصرخة، بقفزة، بطق كيس ورقي منفوخ. أسكرني الخاطر، وهبطتُ من العتبة إلى الجوف المعتم. لبثتُ بمكاني أبحلق في أمواه الظلام ملاحقاً أخيلة تمور وتغور، تظهر وتذوب مخلفة حواشيها الموشاة برذاذ فضي يتوامض وينطفئ، واقفاً في غور الأنفاس والروائح، في العتمة الطافحة بالهمس. أحاول حدس أمكنة الاختباء. أشد أعصابي لمواجهة المباغتة المتوقعة حتى استكنت الكتل المتراقصة قليلاً ... قليلاً، فرأيتني محاطاً بأكداس أثاث قديم متروك، مكسر مبعثر، متراكم في الأنحاء والزوايا، أقف في فسحة ضيقة تستدير جوار العتبة. أمرر ناظري المهضوم على جدرانها، ونوافذها العالية المطلة على الزقاق، وركام الأثاث المغبر، الأريكة مقطعة الأوصال، الخزانة مخلعة الأبواب مترنحة في الزاوية خاوية ... بائسة. تسلقت عيناي الزاوية إلى السقف المقفع الجص. المروحة السقفية المعلقة بريشاتها الثلاث الميتة مطرزة ببراز الذباب الذي حولها إلى أذرع فحمية مغبرة. انصلبتُ مرفوع الرأس مبحراً في سماء السقف، والمروحة استيقظ مجدها القديم، فرأيتها تدور دورانها الحميم الدافق بأمواج الهواء المرطوب، المنعش في قيظ ظهاري أصياف الديوانية الحارقة. تلتفُ حول مركزها ناصعة البياض، وصوت اصطفاقها الرتيب دفعني إلى حافة الغفوة، حافة الصبا والمراهقة .. واحتدامي الصاخب المجنون الذي يجعلني أتهيج في انصاص الليالي، فأتسلل بعد هجوع أخوتي إلى سطح الدار لأهيم عابراً أسطح الجيران، متلصصاً على أجساد النسوة الغافيات في الغرف والباحات، مستغلاً الليالي المكتملة الأقمار، نصف القائظة، نصف الباردة. أجوب الأسطح إلى أن أقع على كنز في باحة، في غرفة لأشب بحريقي على وهج طلاوة الأفخاذ المكشوفة لبدر التمام وهو يغسل البشرات بمائه المسحور. في ليلة أغواني القمر الساقط بين فخذي جارتنا السمراء، زوجة نائب الضابط الذي لا يأتي سوى سبعة أيام في الشهر، يقضيها في الحانات مخموراً، تاركاً كل هذي الأنوثة للصمت والخواء ... للقمر وعيني. انحدرتُ في بئر السلم الداكن، اقتربتُ من العري المسفوح، فتململتْ وفتحت عينيها المرعوبتين مطلقة شهقة فزع أيقظتْ العجوز ... فاشتعل الليل بالفضيحة. لم أجد ملاذاً إلا تحت هذا الاصطفاق المخدر في رطوبة هذي الغرفة. أقضي جل الوقت وحيداً، فالبيت خال إلا من عمتي الأرملة القاضية يومها بين مدرستها حيث تعمل معلمة وبيت أختها البعيد. أقرض قلقي بين الجدران خائفاً، أتسقط من مخبأي القريب ما يدور من أنباء حول رجال عشيرة قدموا من الأرياف ليحاصروا أبي النجار المسكين. رجال يعتمرون العقُل مهتزين من غواية الليلة القمرية وطلاوة اللحم الأنثوي المسحور، المبتل بشهوتي وسكوب الفضة اللينة الفاضحة. كنت أتأرجح بين خوف وشعور بالعار سرعان ما يتواريان لتحل محلهما لذة تصعد من الأعماق تحت اصطفاق الريشات الضاج في صمت الظهيرة وخواء الدار، فأغمض عيني رائياً المشهد القمري بوضوح .. الساقين المتقلبتين، المرفوعتين تارة والممدودتين، ظلال جدار الحوش الزاحفة مع ميلان البدر، لهاث خوفي المكتوم، وسعير رغبتي الحائمة، الصاعدة النازلة من أصابع القدمين العارية وامتداد الساقين حتى الشعر المبعثر المنثور على الوسادة البيضاء. أستثارُ وكأنني في باحة القمر المسحور متوسداً جوارها التراب، فأهتز وأصل على إيقاع المروحة إلى الذروة المبهجة .. لأهبط بعدها فوراً إلى قيعان الندامة والقرف من نفسي والناس والدنيا.

في زمن التباريح .. أتوسط الفسحة الضيقة بين أكداس الأثاث القديم، مشبوحاً أتلقى أخيلة الاصطفاق الضاج، أمواه المروحة المستعيدة مجدها القديم، فيخدرني في القيلولة .. أتأرجحُ على حافة الغفوة في حجرة الأيام. وحده حنان الحجر والخشب ودوران السعفات الثلاث، وأنفاس عمتي الخافتة، غير السائلة يعاشرني في وحدتي .. تعد طعامي في صمت وتناديني بحنان .. لم تسأل، بل أحسستها فرحة بحضوري الطارد شيئاً من وحشة ترملها الطويل .. فرحة يشي بها صمتها المتواطئ رغم قصة سطوي المندلعة في المدينة.

في وقفتي الهضيمة، أتوسل صمت الجدران الحارزة بطيات آجرها هدجة أرواحنا المفرفحة، ولهاث أنفاسنا في ذعر اللذة المحرمة، همسنا الحالم لحظات بوحنا في قعر الليالي، ضحكنا النشوان، واحتدام نقاشاتنا السياسية الصاخبة الدائرة حول الإنسان، وتحالف الشيوعيين مع البعثيين، وضجيج الشعارات المقرف، حيث كانوا أحبتي الغياب متحمسين، حالمين باقتراب يوم الحلم حيث لا طبقات لا عسف لا جوع، وكنت أنتبذ في رؤاي اليائسة المحبطة .. فنغرق بالصياح كل في واد، حماس أوائل العشرينات، كنا في منتصف السبعينات، ولا تلغي ذلك الجدل المسدود إلا فيروز القادمة كعادتها عند الحادية عشرة مساء كل أربعاء من إذاعة الكويت، فيقوم صلاح يطفئ المصباح، ويسترخي قبالتي مثل سكران على الأريكة المغبرة الآن الحائلة اللون المختنقة بكسر الخشب، بالكتب القديمة، بالقمصان البالية.

وحدك يا جدران الأشجان تعرفين ما بنفسي القائمة من التراب، المتشكلة من طينه.

وحدكِ ... تذكرين كفي الخائفة المطبقة على حواف جرح نوافذك الثلاث المطلة على الزقاق، رجفة أصابعي، ارتعادي من ضجة قرب الباب، من صرخة مستنجدة تذكرني بصرخات الجنود الجرحى في ليل هور الحويزة .. صرخات موحشة، بالغة اليأس، تغور في ظلمة القصب، في غور الروح المذعورة وزناخة الهور الطافح بأشلاء الجنود الإيرانيين والعراقيين، ارتعادي المجنون ذاك المستعاد، لحظة قرع ملحاح .. ارتعاد يخض جسدي رافقني منذ عودتي من إجازتي الأخيرة .. أشلاء روح قلتُ لها:

- سوف لا ألتحق بالجبهة أبداً، بكل الأحوال ثمة موت .. والموت .. موت يا ناهدة.

وقتها لم أخبر بعد أهوال التخفي وصيرورة النفس فيه.

- لا يهمني من الدنيا يا نور عيني سوى وجودك، حيث أستطيع لمسك بأصابعي.

كانت تخنق عبراتها وهي تردف:

- لا تذهب .. يا ربي لماذا لا تفتح قلبي لأضمه فيه؟.

قالتها وبكت .. قالتها واحتوتني بذراعيها.

من يومها ضاع كل شيء، لا الأيام أيام، ولا للوجود معنى إلا في حالة شديدة البدائية، الرغبة في البقاء، مشاعر لا تختلف عن مشاعر غزالة شاردة في البرية هاجسة كل لحظة بمفترس ما، أسد، ضبع، فهد.

محاصر بوجوه الأحبة المتضايقة من مكوثي اللامجدي في عتامة الغرف، في الصمت، في سبوت يشبه سبوت الضفادع، لكن وسط البشر، ظللتُ أتنقل خجلاً من كينونتي، حتى عمتي الناضحة وداً والتي كانت فرحة بوجودي رغم فضيحتي وقتها، باتت الآن تخالسني النظرات المريبة وقت تواجدها النادر في البيت. صرت أكثر من يتيم، وحيداً مع الجدران القديمة، وحيداً أختض من قرع ملح، من طلقة تلعلع في الأسحار، ورعبي المقيم غار في روح آجرك وأنتَ تضمني من العيون، من الشرطة العسكرية، من رجال الأمن، من موت أكيد يجوب الشوارع والطرقات الضيقة، المدن والأرياف، سهوب الجبهة وجبالها. لم أجد إلاكَ ملاذاً يأويني. كنت أنصلب لصق آجرك في الأفجار والأظهار، في المساءات والعصاري أطولُ بناظري المحصور المكسور المارة من خلف زجاج نوافذك ومشبك سيمها المغبر الذي يغبش الأشكال ويدغم ملامحها، فيتعسر علي تشخيص وجه يبعد أكثر من بضعة أمتار. أحدقُ في الصبايا والنسوة، في وجوه أصدقاء أعزهم، في لعب الأطفال ومرحهم، وقتها كان لا أحد يعلم بمخبأي سوى وصفي ابن عمتي. ومرة .. أتذكرين كيف تبعثرت أصابعي اللينة المعروقة النازفة روحي من مسامها، على صلادة جسدك المشبوح لحظة مرور زوجتي التي كانت تحمل صغيري الوحيد كفاح، كيف التحمتُ بكِ عقب غيابهما عن نطاق الرؤية، كيف مرغتُ كل جسدي المتصحر في جصك المفتت، دعكتُ صدري وظهري ذائباً بطيني وصوتها العذب المنادي صديقتها عند ثنية زقاق جانبي وقعه أليماً عند التخافت والغياب .. ما هذا الغياب؟ ما ذاك التلظي؟ وكيف فقدتها بين رجال العصابات في الجبل. ضربتُ بكفي المضمومة صخور الوادي حتى أدميتها، ورحتُ أمرغ جسدي الموحل الوسخ بسيقان البلوط، بعشب الأرض، بالتراب، بالصخور. ضيعتُ نفسي ثلاثة أيام في غابة بكر دون طعام، عويتُ مثل ذئب جريح، صرختُ حتى بح صوتي، كانت الجميلة زوجتي قد تعلقت برفيق، وعبرت الحدود معه إلى الشام. ما هذا التلظي؟ وهل حقاً كل ما جرى .. جرى؟ هل حقاً أقف وسط ركام الأثاث المهجور؟ هل حقاً أقف في غرفة بدار عمتي القديم؟ هل أنا بين جدران صباي ومراهقتي .. نضجي وغيابي؟ أم أن مخيلتي المحمومة تعيشني في الحنايا والأمكنة، في الظلال القديمة والمنسية والمندثرة، والقائمة في النفوس والذاكرة والأحلام.. هل؟ ومات السؤال في صوت هاشم المنسل من النافذة، المتهدج ألماً:

أنا ناحل .. ناحل وأمشي مكابر

تراني

وأجلد .. خاف عدواني تراني

ليس ثمة مجال لأخيلة .. لوهم .. لحلم .. بل إنني في تباريح عودتي الملتبسة بعد غربة لا عد لأعوامها قضيتها في الدانمارك وحيداً، عارياً لا أحمل سوى ألمي وأشواقي .. كيف انقضتْ لا أدري؟ كيف عدتُ؟ لا أدري. لا أتذكر التفاصيل. ولا أدري ما سيكون. وما سأصير إليه. وما يحدث الآن. كل ما أحسه أنني شهقت من التراب نخلة تسير، نخلة وجدت طريقها إلى غرفة العمر والأيام، نخلة في غرفة تدرك ما حولها من وجوه وظلال، جدران وأصوات. فكرت بالعائلة الطيبة الملتفة حول سفرة الطعام الجاعلة من هذي الغرفة مخزناً لما تلف من أثاث، وشرعتُ باستحضار أشياء المكان. الأرائك .. الأفرشة .. السرير .. أدراج المكتبة .. الأصوات .. الروائح .. الأنفاس .. روازين الحيطان بأبوابها الخشبية .. عبق البخور .. ضوع الهيل .. الرطوبة .. الكتب والقمصان. أقف منتظراً انبثاق الغياب من التراب مثلما انبثقنا، مصلوباً في ضيق الفسحة جوار باب الغرفة .. باب الجنة. أنصت لهاشم يغني خلف النافذة .. أنصت مطبق الأجفان.